ديمقراطية القهر والاستبداد

حمدي دوبلة

 

يزعم الرئيس الأمريكي جو بايدن أن إدارته ستعيد بناء السياسة الخارجية على أساس التحالفات مع الشركاء بما يعزز مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم والتصدي للأنظمة الديكتاتورية القمعية.. لكنه يعود في الخطاب ذاته ليؤكد التزام بلاده بحماية النظام السعودي وسيادة وسلامة المملكة وكل أخواتها من أنظمة القمع والاستبداد في المنطقة.
-لعل النظام السعودي يبدو لبايدن نظاما ديمقراطيا يقدس الحقوق ويدعم الحريات ويتيح المشاركة السياسية لشعبه ويحترم الإنسان وحقه في الحياة والتعبير عن آرائه وتطلعاته وليس ذلك النظام القمعي الفاسد الذي لا يؤمن إلا بالقتل والسحل والتقطيع بالمناشير والسواطير لكل منتقديه وكانوا من ذوي القربي ومن أقرب المقربين منه.
-تتشدق أمريكا على الدوام بدعمها الديمقراطية وحرية الشعوب ومكافحة الإرهاب والفساد وتتباهى بالقيم الأمريكية الفاضلة في احترام حقوق الإنسان وكثيراً ما تحاول إيهام الآخرين بأن سياستها تحرص على التماشي والتناغم مع هذه القيم والمبادئ لكنها في الوقت نفسه تدعم أطغى وأعتى أنظمة الظلم والفساد والاستبداد ولا تجد حرجاً في دعم ورعاية أنظمة ودول لا دساتير فيها ولا حريات ولا انتخابات وتحرم كل صوت ورأي لا يروق لجلالة الملك وصاحب السمو ولي العهد أو التعرض للنظام ولو بقدر يسير من النقد والاعتراض.
-لم يعد سراً بأن حديث الساسة الأمريكيين سواء كانوا من صقور الجمهوريين أو من “حمائم” الديمقراطيين وأحاديثهم عن الديمقراطية والانتخابات والتداول السلمي للسلطة ومحاربة الإرهاب والفساد وتشجيع حرية الشعوب وما إلى ذلك من هذه المفردات الممجوجة ليس إلا أكاذيب وأضاليل وشعارات زائفة وإنها ترى في مثل هذه القيم مجرد أسلحة ووسائل رخيصة لتحقيق أطماعها ونهب خيرات الشعوب وتعزيز هيمنتها على العالم وإخضاع البشر لإرادتها وجعلهم عبيداً لا يملكون من أمرهم شيئا إلا التسبيح بحمدها ومباركة جرائمها.
-اليوم يتحدث الرئيس بايدن ومسؤولو إدارته عن نواياهم لوضع حد للحرب العدوانية على اليمن التي تدخل بعد أسابيع عامها السابع وإنهاء واحدة من أكبر أنواع المعاناة الإنسانية في التاريخ البشري قديمه وحديثه لكنهم وبدلاً من أن يتخذوا قراراً واضحاً وصريحاً في هذا الشأن راحوا يتحدثون عن وقف المشاركة العسكرية الأمريكية في العمليات الهجومية التي ينفذها تحالف العدوان في الداخل اليمني ناسين أو متناسين بأن العدوان حين اتخذ قراره في واشنطن قبل ست سنوات رفع أكذوبة الحرب الدفاعية الاستباقية من مخاطر غيبية اعتقدوا أنها تشكل خطراً على النظام السعودي، كما أعلنوا إدانتهم لما أسموه استهداف المدنيين في السعودية وعميت عيونهم عن رؤية عشرات الآلاف من القتلى المدنيين في اليمن بسلاح أمريكي خالص وهاهم يؤكدون أن حظر صفقات السلاح على السعودية والإمارات يتوقف على ما يتصل بحرب اليمن فقط وأن الصفقات في غير ذلك مستمرة في كذبة جديدة تؤكد استمرار الإرهاب الأمريكي في اليمن ولكن هذه المرة بصورة ناعمة وبدبلوماسية أكثر خداعاً ومكراً.

قد يعجبك ايضا