أمريكا “المهزوزة”.. عندما تستثمر ورقة الإرهاب في وجه الخصوم والحلفاء

 

 

الثورة /عبدالله محمد

من الواضح أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته خرج من البيت الأبيض على مضض وقد ترك تركة كبيرة وإرثا سيصعب على خلفه بايدن تحمّله، في ظل ما خلقه في الداخل الأمريكي من انقسام اجتماعي، سيشكل نواة حالة أمريكية فريدة وفق ما يراه محللون متابعون للشأن الأمريكي الداخلي.
لا يمكن للعالم أن ينسى ما كشفه ترامب في حملته الانتخابية 2016م، وما تطرق له من محظورات الساسة الأمريكيين، وحمّل خلاله الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون مسؤولية خلق جماعة داعش الإرهابية، وتمكن من خلال هذا الطرح وجرأته في طرح مثل هذه المسائل من حصد فوز في ولايته الأولى.
والشواهد تقول أن ترامب هذا بدا وكأنه يحمل في عنقه خطيئة مشابهة لحالة أسلافه، بما قدّمت يديه من تقسيم للمجتمع الأمريكي، وإذكاء حالة الإرهاب الداخلي، التي ازدهرت في عهده.
ربما حالات إطلاق النار في الولايات المتحدة التي تنامت بشكل مضطرد ليست بالحالة الجديدة على المجتمع الأمريكي، ولكن أن تصبح هاجسا ومصدر قلق على المستوى الرسمي، وأن تُفرض من أجلها حالة من الطوارئ في البلاد، فرض حالة استنفار أمني في 50 ولاية في البلاد، وأن تخرج مراسم التنصيب الرسمية لرئيس البلاد عن الحالة المرسومة عبر عقود من الزمن، إلى حالة استثنائية، فهذا يعني الكثير لبلد مثل أمريكا تحاول دائما فرض نموذجها السياسي والاجتماعي على بقية دول العالم، باعتبار نفسها “النموذج الأرقى”.
ويلوح في أفق المشهد بعد خروجه المذل من سباق الرئاسة الأمريكي ولجوئه إلى حيل ضعيفة من نوعية تصنيف أنصار الله ضمن قائمة الإرهاب أن المستقبل الذي أسس قواعده ترامب في البلاد، من خلال تهوّره وعنجهيته، يبدو أنه سيكون قاتما أكثر من الأيام التي عاشتها أمريكا في عهد ترامب، فالإرهاب الأمريكي الذي أرعب العالم، وبقيت هي بعيدة عنه، بات يضربها اليوم في الصميم، وليس الإرهاب الذي حاولوا جاهدين ربطه بطريقة أو بأخرى بالإسلام عبر إمبراطورياتهم الإعلامية، وقراراتهم الأحادية الاستكبارية، بل الإرهاب الحقيقي، الإرهاب الذي أسس لجميع حركات وأشكال الإرهاب في العالم، وكان الداعم الأساس، والمنشيء الرئيس لهذا الإرهاب، وفقا للرئيس ترامب نفسه، والذي عجزت جميع مؤسسات بلاده عن تكذيب ودحض ما قاله..
ومن هنا تتأكد عمليا يقينية أن أمريكا هي رأس الإرهاب واستخدامها لعصاها الطويلة ضد الشعوب الحرة ما هو إلا فزاعة تستلب بها كرامة الشعوب وهذا محال مع الشعب اليمني الذي أثبت الاثنين الماضي بخروجه الكبير إلى الساحات أنه لن يلين ولن يركع وأن أنصار الله كمكون يمني أصيل هو في متن المشهد اليمني وعنفوانه في مجابهة الاستكبار والغطرسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
الباحثة الدكتورة حسناء نصر الحسين تؤصل لدعم أمريكا للإرهاب في العالم بالقول : منذ وقت مبكر من تاريخ الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بسياساتها الخارجية، لمعت فكرة الاستثمار بالجماعات الإرهابية لتدمير خصومها الدوليين فكانت أولى مسارات دعم الجماعات “الجهادية ” في أفغانستان للنيل من عدوها الأكبر المتمثل بالاتحاد السوفيتي من خلال دعم هذه المجاميع الإرهابية بغية استهداف القوات العسكرية السوفياتية المتواجدة في أفغانستان والتي ترى فيها أمريكا خطرا كبيرا وجديا على مصالحها في العالم، ومع نجاح هذه الجماعات في تحقيق هذا الاستهداف وما نتج عنه من انهيار للاتحاد السوفيتي عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تكريس هذا الاستثمار لورقة الإرهاب وحافظت عليها ودعمت قادتها لتشكل هذه الجماعات إحدى أهم الأوراق الأمريكية في وجه الخصوم والحلفاء .
وتضيف :تحت عنوان صناعة الأعداء وجدت الولايات المتحدة الأمريكية في تنظيم القاعدة الإرهابي الذي افتعل أحداث ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١م الصديق والعدو في آن معا بعد خسارتها لعدوها الأبرز المتمثل بالاتحاد السوفيتي وبدأ قادتها بعملية الاستثمار الأمثل لهذا التنظيم بما يلبي خدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فكانت حربها على العراق واحتلالها لأراضيه أحد أهم إنجازات استثمار هذه الورقة مستكملة استراتيجيتها في هذا الاستثمار تحت مسمى محاربة الإرهاب للنيل من الدول التي تعارض سياساتها وترفض الإذعان للهيمنة الأمريكية .
لتأتي مرحلة العدوان على سوريا واليمن ويصبح ملف الإرهاب الدولي أحد أهم ركائز هذا الاستهداف، حيث كان الحضور لهذه المجاميع الإرهابية حاضرا بثقل منقطع النظير عن كل سابقاته من الدول التي عانت من وجوده على أراضيها وبتحريك وتشغيل ودعم وإشراف أمريكي.
وترى الحسين تفنن الأمريكان في إدارة الجماعات الإرهابية حيث يظهر ذلك في تعدد الأعلام والرايات الإرهابية في المنطقة فكثرت هذه الفصائل وتكاثرت مع وجود عامل مشترك فيما بينها هو التفنن بالقتل والذبح والاعتقال وأساليبها القتالية وعتادها العسكري المتطور وحضور إعلامي إرهابي مهمته نشر هذه الأعمال لبث الرعب في نفوس الناس لإجبارهم على ترك مناطقهم وإفراغها بالتالي من أهلها ليحل محلهم هذا الإرهاب الظلامي أو البقاء في دياره والانصياع لأحكام وقوانين هذه الجماعات الإرهابية.
فيما يرى مراقبون تأكيدا لذلك النهج الأمريكي أن مقولة أمريكا أولا “حاضرة في أذهان كل رئيس أمريكي يصل لسدة الحكم وأمام هذه المقولة يتم بناء الاستراتيجيات في مراكز صنع القرار الأمريكي مع عدم الاكتراث بكل المواثيق والأعراف الدولية التي تقيد العدوان على الدول ذات السيادة لنجد في هذه الاستراتيجيات احتلالا للدول بشكل متطور وبأذرع إرهابية تارة وأخرى بأذرع أمريكية وصهيونية كما هو حاصل في الحالة اليمنية من تدخل سعودي إماراتي بإدارة أمريكية .
وما يؤكد التخبط الأمريكي في موضوع تصنيف أنصار الله هو ارتفاع أصوات الداخل الأمريكي قبل أصوات العالم ضد هذا القرار..
حيث وصف جيرالد فيرستين، سفير الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق إلى اليمن، إدراج جماعة أنصار الله في اليمن على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بـ”الخطأ الكبير”.
وقال بأن الإقدام على هذه الخطوة يعتبر “مشكلة لأمريكا أكثر من أنه مشكلة بالنسبة لأنصار الله “، موضحا: “أنصار الله نوعا ما لن يكونوا متأثرين بذلك…”
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فقال فيرستين: “سيجعل ذلك الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة لأمريكا من ناحية لعب دور إيجابي في محاولات حل النزاع”.
واستطرد فيرستين قائلا: “لدينا إدارة ترامب تقول إن هؤلاء إرهابيون، هذا يتطلب من إدارة بايدن القول إنهم ليسوا كذلك، وهذا أمر ليس بالسهل ويتطلب قرارا سياسيا قد لا يكونوا راغبين باتخاذه..”
في الإعلام تعهّد فريق الرئيس الأميركي الجديد “جو بايدن” بإعادة النظر فوراً بقرار تصنيف حركة أنصار الله اليمنية منظمة إرهابية، ويتطلع مستشاروه إلى إنهاء حرب اليمن، وهي نوايا طيبة لكن آلية التنفيذ محاطة بهالة كبيرة من علامات الاستفهام والتعجب والغموض.؟
ولأن قرار التصنيف يزيد من معاناة اليمنيين، وعرقلة كـل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب خرج من أجله اليمنيون وخرجت عواصم عدد من دول العالم لتقول لـ”بايدن” وإدارته كفى عدوانا على اليمن في كل مناحي الحياة وهم بانتظار إلغاء القرار في أقرب وقت دون تلكؤ.

قد يعجبك ايضا