إذا كان ترامب شيطاناً بالتأكيد بايدن ليس المخلّص ؟

 

د.حبيب الرميمة

يظن البعض أن رحيل إدارة ترامب الشيطانية، ومجيء بايدن بإدارته الحالية سيدخل العالم بسلام واستقرار، وهذا اعتقاد خاطئ ، فهناك نقاط إجماع تحكم استراتيجية السياسة الأمريكية مهما اختلفت الوجوه…أبرزها:
– استمرار الهيمنة العالمية للولايات المتحدة
– ضمان أمن إسرائيل.
ودون الخوض في النقطة الأولى. فإن هذا المقال يناقش النقطة الثانية – ضمان أمن إسرائيل – باعتبار أنها تتعلق بشكل أساسي بالصراع داخل منطقتنا العربية.
المراقب لاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي، يجد أنها تقوم على تقسيم الوطن العربي إلى قسمين كبيرين، يعكسان توجهات الحزبين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي).
إذ لا يخفى انتعاش دور قطر والإخوان وتركيا في عهد أوباما كتعبير واضح عن سياسة الحزب الديمقراطي، وعلاقة هيلاري كلينتون في دعم “ثورات الربيع العربي” لتمكين تيار الإخوان من السيطرة على الحكم في معظم البلدان العربية…
وما إن انتهى عهد أوباماـ وفوز الجمهوريين(إدارة ترامب) ، وجدنا انتعاش تيار آخر يتشكل ،ويعكس سياسة الحزب الجمهوري (محمد بن سلمان، محمد بن زايد، السيسي) وهو محور مناهض تماماً لسياسة المحور الأول..
ودون الدخول في التفاصيل لإثبات هذا التوجه كاستراتيجية أمريكية، نضرب مثلاً بسيطاً لإيضاح الصورة والمتجسدة في اتفاق (العلا) والذي –باعتقادنا- لا يمكن أن يقرأ إلا من خلال هذه الرؤية، ورضوخ الأنظمة التي تعكس توجه سياسة الحزب الجمهوري للمصالحة مع قطر -بعد فوز بايدن- بدون أي شروط ، هو تعبير عن اعتراف بفوز محور الأنظمة التي تمثل سياسة الحزب الديمقراطي.. وعمل التدابير للحد من وطأتها مستقبلاً..
لذلك من الخطأ التكهن أن المنطقة ستشهد في ظل إدارة الحزب الديمقراطي بقيادة بايدن – مستشار أوباما سابقا- حلحلة ملفات الصراع في المنطقة. وإنما فقط تغيير منهجية الصراع بما يتوافق مع سياسة الحزب الديمقراطي عن طريق أدواته في المنطقة ، من خلال عودة مشهد التظاهرات “المدنية” من جهة يرافقها سياسة التفجيرات – كما هو الحال في عهد اوباما- مع فارق جوهري هو أننا قد نشهد بروز سلالة جديدة من التنظيمات الإرهابية لداعش، وتدخل من جانب دول مثل تركيا، وإسرائيل – بعد أن مهد لها ترامب في آخر أيام حكمه 15 /1 /2021م انضمامها إلى عمليات القاعدة المركزية “سنتكوم” المتواجدة في قاعدة العيديد بقطر، بالإضافة إلى الدول المطبعة مع إسرائيل أو بالحد الأدنى استخدام مجالها الجوي- لمساندة تلك التنظيمات بشكل مباشر.
ونرى أن ترجمة ذلك بدأ مبكراً من خلال التفجيرات الدموية التي هزت بغداد بعد يوم واحد من تنصيب بايدن، واللهجة التي خرج بها اردوغان بالأمس بتهديده صراحة بالتدخل في سنجار. هذا المسمى – سنجار- الذي يعيد للذاكرة جرائم داعش الإرهابي في فترة اوباما، تكثيف الهجمات الصهيونية على سوريا.. واستمرار العدوان على اليمن..
كل هذه المعطيات تجعلنا نُلخّص المشهد المقبلة عليه المنطقة، بقول واحد ” إذا كان ترامب شيطاناً، بايدن ليس المخلص “. وما على الشعوب الحرة وحركات المقاومة للمشروع الصهيوامريكي في المنطقة إلا الاعتماد على نفسها في مواجهة التحديات.

قد يعجبك ايضا