من “الرحبة” شمال صنعاء.. خضروات بنكهة الصرف الصحي!!

مياه الصرف الصحي غير المعالجة تحتوي على أكثر من 15 مرضاً خطيراً ومميتاً
مختصون: نسب تلوث عالية في الخضروات المروية بمياه الصرف الصحي
خرجت عدد من الحملات لضبط المزارعين المخالفين.. لكنها فشلت في إيقاف هذا الاستهتار
مزارعون يجنون أرباحاً خيالية من إنتاج الخضروات التي يتم ريها بمياه المجاري.. والرقابة غائبة

لا يخفى على أحد الاستخدام الجائر لمجاري الصرف الصحي بأمانة العاصمة، والمكونة أساسا من المخلفات العضوية للإنسان، حيث يقطن العاصمة نحو 4 ملايين إنسان بالإضافة لسوائل ومخلفات ونفايات المستشفيات والمصانع التي تحتوي على السموم والمواد القاتلة، في ري وإنتاج محاصيل زراعية عديدة تشكل العنصر الرئيسي لغذائنا مثل الخضروات، حيث يستغل معظم المزارعين ضعاف النفوس غياب الرقابة وعدم تحرك الجهات المختصة فيغرقون الأسواق بالخضروات ويحصلون على أرباح خيالية لا تشبع نفوسهم الخبيثة ورغباتهم الجشعة فيستمرون في الزراعة وجني المحاصيل وتوزيعها على العديد من أسواق العاصمة وفي أحيان كثيرة على أسواق المحافظات الأخرى.. تفاصيل أكثر نقرأها من خلال السطور التالية:
الثورة/ حاشد مزقر

يقول احد المزارعين من منطقة الرحبة “شمال صنعاء”: كنا في السابق نقوم باستخدام الآبار الارتوازية في ري المحاصيل الزراعية ولم نكن نستخدم (المجاري) ويقصد بها مياه الصرف الصحي إلا نادراً غير أن السنوات الأخيرة جعلت المزارعين في منطقة ( الرحبة ) يتجهون إلى ري و زراعة المحاصيل عن طريق مياه الصرف الصحي وبكثرة نظراً للعائد المادي الذي يحصلون عليه بعد جني المحاصيل مقارنة بالمحصولات الزراعية التي يتم ريها بالآبار الارتوازية وذلك بسبب التكلفة الكبيرة للكمية التي تستهلكها من مادة (الديزل).
وعن المحاصيل التي تتم زراعتها يقول (خ. ل) من أهالي منطقة (الرحبة): أكثر المحاصيل إنتاجا هي الخضروات وعلى رأسها
(الطماط_والسبانخ_والكوبش_والجزر_والخيار_والفجل..وغيرها) وهي المحاصيل الأكثر استهلاكا من قبل المستهلكين.. ولزيادة عمليات جني المحصول وإعادة زراعته وإنتاجه يتم استخدام المبيدات فيه وبشكل كبير لا يراعي المزارعون معه انتهاء فترة الأمان للمبيد بل ويقومون ببيعه بعد رشَّه بالمبيد بفترة قصيرة، وهذه المبيدات تحسِّن من شكل المحاصيل بحيث لا تبدو وكأنها مروية بمياه نظيفة ويرفض المزارع ذكر اسمه ويختلق لذاته مجموعة من المبررات أولها أنه يقوم بري الخضروات من البئر الارتوازية بعد ريها من مياه الصرف الصحي ويعتبر ذلك عملية لتصفية الخضروات من التلوث الناتج عن مياه الصرف الصحي وثاني مبرراته أنه يقوم بهذا التصرف بسبب ارتفاع سعر مادة (الديزل)..غير انه لا ينكر حصوله على أرباح كبيرة كون الزراعة بهذه الطريقة لا تكلفه إلا القليل وهي نسبة ضئيلة أمام الأرباح التي يجنيها.

شكاوى
سليم الهبل أحد المواطنين الذين يقطنون في منطقة الرحبة يقول: تعتبر هذه المنطقة من أكثر المناطق الزراعية التي تنتج الخضروات وكونها تعتبر نقطة انتهاء شبكة الصرف الصحي فإن المزارعين يستغلون الفرصة ويقومون باستخدام مياه الصرف الصحي في ري العديد من المحاصيل الزراعية ودون مراعاة لخطورة هذه المحاصيل على المستهلكين حيث يدأب المزارعون على جني المحاصيل وتحميلها فوق شاحنات وسيارات نقل متوسطة ومن ثم تصديرها للأسواق في صنعاء وبعض المحافظات ويدعي الكثير منهم أنها محاصيل زراعية من مناطق زراعية نظيفة، وكون خالد يسكن في ذات المنطقة فإنه وكما يقول : لم يعد خافيا هذا الأمر على احد وسبق أن قدم العديد من المواطنين شكاوى للجهات المختصة وسبق وأن خرجت العديد من الحملات إلاّ انها لم تستطع إيقاف هذا الاستهتار الخطير بصحة وسلامة المواطنين.
ومن واقع إحدى القضايا المنظورة في إدارة أمن مديرية بني الحارث وجهت شكوى جماعية سابقة لسكان عدد من الأحياء بمنطقة (الرحبة) تتهم مزارعي المنطقة بالتسبب في انتشار البعوض والروائح الكريهة، وخلال نزول إحدى الحملات الأمنية لمعاينة المنطقة اتضح أن مساحات كبيرة من الأراضي تحوَّلت إلى مزارع لأصناف عديدة من الخضراوات، وكلها تروى من مياه الصرف الصحي الملوثة والتي أدت إلى تكاثر البعوض والذباب، مما سبب ذلك قلقا كبيرا لكثير من سكان المنطقة غير أن هذه المشكلة لم تجد طريقها إلى الحل وما تزال قائمة بحد ذاتها حتى اللحظة.

خطر ينهش الأجساد
مدير عام وحدة الطوارئ بوزارة البيئة المهندس ماجد الرفاعي حذَّر من خطورة استخدام مجاري الصرف الصحي في عملية ري المنتجات الزراعية، مبينا بالقول: الحد من خطر المنتجات الزراعية الملوثة واجب تتحمل مسؤوليته الدولة وفقاً للقانون والذي يجب أن يخضع من يقوم باستخدام مخلفات ومياه الصرف الصحي في الزراعة وبيع منتجاتها للمساءلة أمام القضاء لينال جزاءه الرادع.. وعن الأخطار الصحية التي تصيب المستهلكين والناتجة عن هذه العملية قال: هناك أخطار كثيرة وآثار وخيمة على الإنسان تسببها الخضروات والمحاصيل الزراعية التي يتم ريها بمياه الصرف الصحي والتي تؤدي في أغلب الأحوال إلى الأمراض المسرطنة وأمراض الفشل الكلوي لسمَّيتها الحادة وخطرها الكبير على الإنسان حسب تأكيدات الأطباء المتخصصين، كما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن مياه الصرف الصحي غير المعالجة تحتوي على أكثر من 15 مرضاً خطيراً مميتا نتيجة احتوائها على أنواع كثيرة من الكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والطفيليات والفيروسات وكذلك المعادن الثقيلة والمواد السامة المستخدمة في الغسيل والنظافة بالإضافة إلى أن ري المزروعات وخاصة تلك التي تؤكل طازجة (مثل الخضروات ) يعد وسيلة سريعة وخطيرة لنقل هذه البكتيريا كما أن معالجة مياه الصرف الصحي لا تؤمِّن مياهاً صحية لري المحاصيل الزراعية إلاّ أنها تحد من ضرر هذه المياه على البيئة المحيطة فقط.

 

قد يعجبك ايضا