الحرب الناعمة والسياسة الأمريكية القذرة

 

إكرام المحاقري

لا يوجد شرخ على الواقع البشري في الأرض إلا و”أمريكا” هي من قامت به، سواء كان شرخاً سياسياً ـ اجتماعيا ـ أو اقتصاديا، وما حالة التفكك التي وصلت إليها البلدان العربية والإسلامية إلا أنموذج واحد للثمار الحامضة التي انتجتها السياسة الأمريكية القذرة، ومهما كثرت المسميات وتنوَّعت خشبات العرض، إلا أن الحقائق باتت وأضحة وجليَّة، ولنا نقاش في الحالة التي وصلت اليها الأمة العربية اليوم، ولماذا؟!
لم يكن التحرك الأمريكي تحركاً ملموساً منذ زمن، حيث وقد قامت الأنظمة العربية العميلة بتأدية الدور على أكمل وجه، لكن جائحة الصراع في الآونة الأخيرة قد أزاحت الستار عن حقيقة من يقومون بتأدية دور الأصوات، ولتكن الخيالات واسعة بالنسبة للسياسة الأمريكية التي عاثت في الأرض الفساد، وجعلت من العالم لقمة سائغة للأكل دون أن تدفع ضريبة واحدة، فالعرب باتوا اليوم يدفعون الضرائب من جيوبهم، بينما حازت أمريكا على نعيم دائم، وكل ذلك في إطار تلك السياسة.
”الحرب الناعمة“ تلك الحرب التي انتهجتها السياسة الأمريكية لتحريك أحجار لعبة الشطرنج حتى تتمكن من الساحة العربية كـ خطوة “كش ملك”، فالحرب الناعمة الباردة والتي ولدت من رحمها الحرب الخشنة هي تبعات لنعومة المصطلحات والأهداف، فعندما تمكنت السياسة الأمريكية من تشويه ثقافة الشعوب العربية والإسلامية، وعندما انتزعت منهم الغيرة والحمية، وزرعت في نفوسهم حب السلام الوهمي والذي يمثل في حقيقته ” الذل والامتهان للعدو”، بعدها تحرَّك العدو تحركاً عسكرياً واسعاً في المنطقة، للسيطرة على الرقعة العربية دون أن يطلق رصاصة واحدة، فمن يطلقون الرصاص هم أدواته من الأعراب، الذين وضعهم في المنطقة العربية منذ القدم وقدموا أنفسهم كـ”عرب” لكن لا عروبة لهم، ومن أجل تقديم الدين ركيكاً ولا كرامة لأهله.
كانت السياسة الأمريكية وما زالت تستهدف الأسرة المسلمة وتعمل على تفريقها بمختلف أنواع الأسلحة الثقافية الفتاكة، منها طرح مشروع الانفتاح والتطوّر عبر المسلسلات المدبلجة، ومنها ما يأتي عبر برامج شاذة تحت عنوان ” لازم تعرف” ومن يقدم هذه البرامج هم مذيعون عرب!! حتى يسهل للمجتمعات المسلمة بلع الطعم في لحظات، قضايا كثيرة تدخَّلت فيها السياسة الأمريكية حتى وصلت لطمس الهوية العربية الإسلامية بشكل نهائي، وأصبح التمدُّن هو من يقود المشروع الأمريكي نحو بر الأمان.
وما صرَّح به الرئيس “الفنزويلي” (مادورو) بأن المبعوث الأمريكي الخاص لإيران وفنزويلا “إليوت أبرامز” عرض على زوجته سيليا الطلاق منه والعيش في رخاء في أي بلد تختاره، فهذه السياسة الأمريكية ليست خاصة بـ “خلط” الأوراق واستهداف رأس الهرم في فنزويلا فقط، بل هي السياسة نفسها التي تمارسها “الأمم المتحدة” في اليمن وغيرها من البلدان العربية، ولا ننسى ذلك الفليم الوثائقي لوزارة الداخلية اليمنية “خطوط حمراء ” والذي كشف الواقع الحقيقي للمنظمات المحسوبة على الأمم المتحدة ودورها في استقطاب الفتيات ورميهن في مستنقع الشذوذ والانحلال الأخلاقي ضمن قائمة ” خلية الدعارة” وهذا العمل الرئيسي لتواجد تلك المنظمات الأمريكية في المنطقة، والهدف ليس فتيات اليمن وزوجة مادورو، بل إن الطعن في كرامة الإسلام وتلطيخ تاريخ العرب هو الهدف الرئيسي، فالحرب الناعمة التي عشعشت في كل بيت هي من أوصلت العرب لهذه الحالة المزرية من الهوان والذل والانكسار، بينما الثلة الأمريكية الحقيرة هي من تحكم وتتحكم في العالم، فـ “أين هم العرب اليوم؟”، نجدهم في عالم التيه يبحثون عن فتاوى من هنا وهناك لتحليل الخمر والزنا وجميع أنواع الشذوذ والإنحلال!!
فـ”الحرب الناعمة” ليست محصورة في كل ذلك، بل إن لها مجالات واسعة، منها نشر الفكر الوهابي في المنطقة، وتحويل منطق الإرهاب من إرهاب للعدو إلى إرهاب يجسِّد واقع الإسلام والمسلمين، وهذا ما قامت به الأدوات التكفيرية التابعة للأنظمة الإرهابية، والتي تبنَّت “كُلينتون” صناعتها علنا، فعندما تقول أمريكا نحن من صنعنا الإرهاب ونجد العرب لم يعودوا يعون خطورة ذلك، فعلى الدنيا السلام، فشعار “بسمتي سلاحي” هو من لعب الدور الأبرز في احتلال واستيطان الأراضي الفلسطينية قبل أن يكون شعار سلام في اليمن وغيرها، فبينما تاه العرب وغرقوا في مستنقع الحرب الناعمة الباردة، حملت أمريكا جميع أنواع الأسلحة واتقنت التضليل الإعلامي، وتنفنَّنت في صياغة المناهج الثقافية وتوريدها للعرب للتعلم منها !! وما جنوا بعد ذلك؟! فـ”الإجابة الشافية” هي في تلك الوثائق التي تنص على بنود التطبيع والخضوع للسلام الصهيوني!!
نعم، هم لا يستحون من فعل أي شيء، فهم لا يحترمون دستور دولة، ولا كرامة أسرة، ولا شرع دين، يمتلكون المكر وأجادوا استعماله، بينما العرب يمتلكون الحق وأضاعوه، فـ”الوعي” هو من سيهزم هذه الحرب ومن سيحرِّر الأوطان من الاستيطان، وهو من سيرد للعرب كرامتهم، ولتذهب السياسة الأمريكية القذرة إلى الجحيم.

قد يعجبك ايضا