التعليم العالي مكبل بقيود ضعف الميزانية ومحدودية البنية التحتية


لقاء: فتحي الطعامي –
23 ألف طالب وطالبة يدرسون بالجامعة و700 عضو هيئة تدريس و600 موظف يعملون بها

, الأصل أن تكون الجامعة مرتبطة بالمجتمع وتسعى إلى الإسهام في حل مشاكله وهذا ما نركز عليه

,إضراب الموظفين يعطل التعليم .. والمشكلة مع الخدمة المدنية

يلعب التعليم العالي دورا بارزا في عملية التنوير والإسهام في التنمية الاقتصادية والسياسية في بلدان العالم.. ومن خلاله وبواسطة أبحاث الأكاديميين والمتخصصين تستطيع الدول رسم سياساتها الاقتصادية والعلمية والتعليمية .. ولهذا تولي الدول التعليم العالي اهتماما بالغا ودعما كبير إلا في دولنا العربية .. ومنها دولة اليمن والذي يعاني فيه العاملون في قطاع التعليم العالي من ضعف الميزانيات المالية الممنوحة للجامعات التي هي بحاجة إلى افتتاح الأقسام المتعددة والمختلفة والعمل على دعم مشاريع البحوث .. إلا أن العكس هو الحاصل فما يعطى لا يفي بمتطلبات العمل الجامعي.. هكذا قال رئيس جامعة الحديدة الدكتور حسين القاضي .. والذي أضاف: جامعة الحديدة والقائمون عليها عملوا خلال الفترة الماضية على أن يسهموا في أن ترتبط الجامعة بالمجتمع وتعمل على إيجاد شراكة حقيقية مع القطاعات التجارية والخاصة بما يعود بالنفع على المجتمع في محافظة الحديدة ..
وتحدث رئيس جامعة الحديدة في لقاء مع “الثورة” عن التوسع الذي شهدته الجامعة في الفترة الأخيرة من حيث فتح تخصصات نوعية مثل كليات الطب والصيدلة وكلية باجل وكلية ريمة وغيرها بالرغم من الإمكانات المحدودة التي تمتلكها الجامعة وكذا العمل على فتح مبنى المعمل والمكتبة والاستعداد لفتح القاعة الكبرى ..
وقال القاضي إن مشكلة التعليم العالي في اليمن تكمن في أمرين أساسيين هما: عدم اكتمال البنية التحتية للتعليم العالي في البلاد وعدم وجود ميزانيات كفيلة بتشغيل العملية التعليمية بما يحقق جودة التعليم وجودة المخرجات .. إضافة إلى العجز في الكوادر والكفاءات التدريسية سواء من اليمنيين أو من الوافدين نتابع تفاصيل أكثر:

قال الدكتور حسين القاضي رئيس جامعة الحديدة إن التعليم في اليمن يعاني من قلة الدعم الحكومي الممنوح له خاصة التعليم العالي لأن ما يقدم ميزانية ضئيلة لا تفي بتغطية الاحتياجات المهمة في العمل الجامعي والذي يحتاج إلى دعم للمشاريع والبحوث والتوسعات في المباني لأن التعليم الجامعي بحاجة إلى تطور مستمر ونمو مضطرد ولا يمكن أن تزدهر أي دولة وهي لا تولي التعليم الجامعي والبحوث الأكاديمية اهتماما خاصا .. الأمر الذي يحتم على الدولة والقائمين عليها إعادة النظر في تلك الميزانيات التي تمنح للتعليم الجامعي خاصة إذا كان في طور النشأة والتأسيس..
وأكد أن مشكلة التعليم الجامعي في اليمن تكمن في أمرين أساسيين هما (عدم اكتمال البنية التحتية للتعليم العالي في البلاد والأمر الثاني عدم وجود ميزانيات كفيلة بتشغيل العملية التعليمية بما يحقق جودة التعليم وجودة المخرجات .. إضافة إلى العجز في الكوادر والكفاءات التدريسية سواء من اليمنيين أو من الوافدين).
وعن رؤيته حول استقلالية التعليم العالي قال القاضي إن استقلالية التعليم العالي مطروح كمشروع في المجلس الأعلى للجامعات اليمنية وهناك توجه لأن تكون الاستقلالية ماليا وإداريا حتى تتمكن الجامعات اليمنية من بناء نفسها بعيدا عن المركزية التي أصبحت تشكل مشكلة أكثر منها حلاٍ ..
تخصصات جديدة
وعن جامعة الحديدة لفت القاضي إلى أن الجامعة يدرس بها ما يربو على 23 ألف طالب وطالبة ويعمل بها 700 عضو هيئة تدريس و600 موظف وعند النظر إلى أعداد الطلاب تدرك حقيقة قلة المقبلين على التعليم الجامعي في محافظة تستقبل خريجي 5 محافظات (حجة والمحويت وريمة والحديدة) كما ندرك كثافة الطلاب (23 ألفاٍ) مقارنة بالإعداد القليلة من أعضاء هيئة التدريس ..
وتابع أن الجامعة عملت خلال الفترة القليلة الماضية على فتح العديد من التخصصات النوعية حيث شرعت الجامعة لفتح العديد من التخصصات والأقسام في الفترة الأخيرة تلبية لاحتياجات المجتمع وفق دراسات علمية .. كما فتحت كليتا الطب والصيدلة إضافة إلى فتح المعمل المركزي والمكتبة الكبرى كما قامت الجامعة بفتح كلية باجل شرق المدينة وريمة المحافظة كون هذه المناطق يصعب على بعض أبنائها الوصول إلى مدينة الحديدة ..
وأضاف: ومع ذلك التوسع التخصصي فإن حال الجامعة كحال كل الجامعات اليمنية تعاني من نقص المشاريع للبنية التحتية في الجامعة فالعديد من تلك التخصصات أو الأقسام التي تم فتحها وضعت في مباني أقسام وتخصصات أخرى كما هو الحال مع كلية الطب التي تم إنشاؤها في مبنى كلية التربية والتي تحوي أيضاٍ على كلية التعليم المستمر والحاسوب ومركز المعلومات .. نفس الحال مع كلية الحاسوب التي تم افتتاحها في كلية التجارة ..
المجتمع والجامعة
ومضى الدكتور القاضي يقول: إن الأصل أن تكون الجامعة مرتبطة بالمجتمع وتسعى إلى الإسهام في حل بعض مشاكله من خلال البحوث والدراسات مؤكداٍ أنه لا خير في الجامعة ولا في القائمين عليها إن لم يكرسوا عملهم من أجل ذلك ..
وأضاف: ونحن توجهنا من أول يوم إلى ربط الجامعة بالمجتمع في المحافظة وعملنا على تكوين شراكة حقيقية مع كل الجهات ذات العلاقة ومن ضمن تلك الجهات الغرفة التجارية بالحديدة والتي نفذنا معها برامج التعليم الالكتروني والممول من البنك الدولي وكان بتكلفة 75 ألف دولار كما عملنا على تشكيل هيئة استشارية .. وأطلقنا الكثير من برامج الدراسات العليا “الماجستير” بحسب احتياجات المجتمع في المحافظة .. ونحن الآن بصدد تنفيذ توجيهات الأخ الرئيس بتأهيل مدرسي التربية والتعليم .. كما قمنا بتنفيذ دراسات دبلومات إدارة صحية تمهيدي بدعم من الاتحاد الأوروبي .. إضافة إلى ما يقوم به مركز التعليم المستمر والذي يمنح دبلومات يحتاجها سوق العمل في محافظة الحديدة وبحسب الاحتياجات ..
كما قامت الجامعة وعن طريق الأكاديميين فيها بالنزول إلى بعض المناطق التي تعاني من وجود ظواهر بيولوجية مثل النزول الذي نفذته الجامعة إلى منطقة المراوعة قرية الطور والتي وصل إلينا أخبار عن تسرب بعض الغازات من الأرض كما نفذت الجامعة العديد من المؤتمرات وورش العمل التي من شأنها دراسة بعض احتياجات المجتمع ووضع الحلول لها.
إضراب الموظفين
وعن الإضراب الذي تنفذه نقابة موظفي الجامعة منذ ما يقارب 3 أشهر وعمل على تعطيل العمل بصورة شبه كاملة في الجامعة قال الدكتور حسين القاضي إن الموظفين هم أصحاب حق ومطالبهم مشروعة ونحن سعينا منذ اليوم الأول لتبني تلك المطالب خاصة المتعلقة بالمادة ( 106) والتي تقضي بإعطائهم مستحقاتهم التي يطالبون بها والحوافز وكذالك ما يتعلق منها بتعيين أمين عام الجامعة ومساعديه وقد قمنا بطرح تلك المطالب على المجلس الأعلى للجامعات لتبني تلك المطالب المشروعة للموظفين ..
وقال: إن المشكلة بدأت في شهر ديسمبر من العام الماضي حيث بدأ موظفو الجامعات اليمنية إضرابا للمطالبة بتنفيذ المادة ( 106 ) وفعلا صدر قرار من رئاسة الجمهورية لتنفيذ أو لتفعيل تلك المادة لكن جاء بعد ذلك مشروع على طاولة مجلس الوزراء وألغيت منه المادة المذكورة ليستأنف بعدها موظفي الجامعات الإضراب باستثناء جامعتي عدن وصنعاء إلا أن مشروعاٍ آخر تم إعداده من قبل المجلس الأعلى للجامعات بالاشتراك مع وزارة التعليم العالي وتم عرضه على وزير المالية والخدمة المدنية وكان هناك تفهم لهذه المطالب وشكلت لجنة لدراسة الأثر المالي لهذه المطالب .. وفعلا أعدت تلك الدراسة وكان يفترض أن يجتمع المجلس الأعلى للجامعات لمتابعة ذلك ولكن للأسف لم يجتمع المجلس الأعلى منذ ذلك الوقت .. ونحن الآن بصدد الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء .. والمشكلة القائمة اليوم هي بين النقابات وبين الخدمة المدنية .. فالأخيرة وافقت على %90 من الحوافز والزيادات بينما تطالب النقابات بـ%105.
ويضيف بالقول: ونحن في رئاسة الجامعة ومعنا مجلس الجامعة نؤكد على مشروعية تلك الحقوق وسنعمل على مساندتها لكن كل ما نتمناه من الموظفين في الجامعة أن يعطوا الحكومة مهلة وأن يعلقوا الإضراب الذي أضر بالجامعة والعاملين فيها وبالطلاب الدارسين ..
مناهج موحدة
وعن المناهج التعليمية التي يدرسها الطلاب والتي كانت عبارة عن ملازم يعدها مدرس المادة يقول الدكتور القاضي “مما لا شك فيه أن مدرسي المواد التي تدرس في الجامعة من أصحاب الكفاءة وعلى دراية كبيرة بتلك المواد لكننا عملنا على توحيد تلك الجهود وتنظيمها فعملنا على توحيد الكتاب الجامعي من خلال وضع خطة منهجية عن طريق الأقسام حيث قامت بتثبيت %75 من المادة الدراسية ويبقى %25 من الكتاب أو من المنهج الدراسي خاضع لابتكارات مدرسي تلك المواد” .. وأضاف هناك الآن جهود كبيرة تبذل من أجل توحيد الكتاب الجامعي وتطويره وعقد العديد من الورش العلمية لذلك العمل وشارك العديد من أعضاء هيئة التدريس في مؤتمرات داخلية وخارجية من أجل هذا الشأن لكن الأمر يحتاج إلى كثير من الجهود ..
التعليم الموازي
وعن التعليم الموازي في جامعة الحديدة يشير الدكتور القاضي إلى أن التعليم الموازي أنشئ لتكون عائداته عوناٍ للجامعات اليمنية التي تعاني محدودية الميزانية التي تمنحها الدولة للجامعات ولا تلبي الاحتياجات المهمة والأساسية للتعليم العالي ولا تعين بشكل كبير على إنجاز المشاريع البحثية للجامعة .. إلا أن هذا النوع من التعليم والذي جاء أيضا ليمكن عدداٍ من الطلاب الذين ل-ا يسمح لهم معدل الثانوية من الالتحاق علميات الجامعة والالتحاق بتلك التخصصات لكن عبر نظام الموازي وبدفع رسوم مالية توزاي ما يدفعه الطلاب من رسوم في الجامعات الخاصة.
وأضاف رئيس الجامعة أن الميزانية التي تصرف لهم من الدولة يتم خصم المبالغ المالية التي تتحصلها الجامعة من التعليم الموازي وتحسين على الموازنة حتى ولو لم تتمكن الجامعة من تحصيل تلك المبالغ خاصة وأن بعض الطلاب في الفترة الماضية كانوا يحصلون على إعفاءات تصل إلى %100 وأحياناٍ إلى %50
وأكد القاضي أن الجامعة استفادت خلال الفترة الماضية من تلك المبالغ المالية في إنشاء العديد من المشاريع وفتح العديد من الأقسام والتخصصات الجديدة خاصة من التخصصات النوعية والتي جاءت لتلبية احتياجات مجتمعية ملحة..
منجزات رغم العقبات
وفيما يتعلق بالمنجزات التي حققتها الجامعة خلال السنوات القليلة الماضية قال: هناك العديد من المشاريع والتي قمنا بتنفيذها بالرغم من قلة الإمكانات ومحدودية الميزانية إلا أنه بتضافر جهود كل العاملين في الجامعة تم تحقيق العديد من تلك الإنجازات التي نراها كبيرة بالرغم من قلتها ولقد سعينا من خلال تلك المشاريع إلى تطوير الأداء العلمي وتحسين العملية التعليمية والتربوية في الجامعة .. بالإضافة إلى فتح العديد من الأقسام والتخصصات التي تم افتتاحها وجاءت على خلفية الاحتياجات المجتمعية فقد شرعت الجامعة إلى فتح أقسام نوعية أخرى منها دبلومات طبية وماجستير واعتماد برنامج الدراسات العليا .. وتطبيق نظام البريد في تحصيل رسوم الطلاب كما وسعت الجامعة من صلاحيات عمداء الكليات فيما يتعلق بالقبول والتسجيل الخاص بالطلاب .. كما شرعت رئاسة الجامعة في تطبيق التأمين الصحي لكافة العاملين من أعضاء هيئة التدريس والمواطنين .. وإطلاق عدد من المشاريع مع البنك الدولي والمنظمات الأجنبية لما من شأنه الإسهام في تطوير الأداء في الجامعة وكذا التوقيع على العديد من الاتفاقات مع جامعات عربية وعالمية ومع منظمة الصحة العالمية وتنفيذ العديد من المشاريع المجتمعية ..
ويواصل حديثه قائلاٍ: عملنا على استخراج توجيهات رئاسية بمنح أراضُ لهيئة التدريس وكذا المتابعة لاستخراج أراضُ لموظفي الجامعة .. وغيرها من المشاريع التي تم تنفيذها وكلها لم تكن لتتحقق لولا جهود جميع هيئة التدريس والعاملين في الجامعة.
وأخيراٍ
هذا وتبقي جامعة الحديدة أحد أهم الجامعات اليمنية وأحد الرموز المعنية بالتعليم العالي لكن وضعها هو نتاج للوضع اليمني الذي يعاني فيه التعليم الجامعي من عدم اكتمال البنية التحتية وعدم اعتماد موزانة كفيلة بتشغيل العملية التعليمية وغياب جودة التعليم والمخرجات إضافة إلى العجز في الكوادر والكفاءات العلمية من أعضاء هيئة التدريس والذين يعول عليهم النهوض بالعملية التعليمية في الجامعات اليمنية وإلى حين يتم التركيز على هذه الجوانب ووضع الحلول لها ستبقى الجامعات اليمنية ترزح تحت الظروف القائمة…. ومع ذلك يظل الأمل معلقا على تلك الجهود التي تبذلها رئاسة الجامعة وكل المعنيين من هيئة التدريس والموظفين للارتقاء بالعملية التعليمية في جامعة الحديدة.

قد يعجبك ايضا