وآتوا حقه يوم حصاده !!

 

العلامة / الحسين السراجي

يقال إن بركة الأمطار التي أنعم الله بها على بلادنا العام الماضي والأرض التي تفجرت ينابيع بشكل لم يعهده الآباء والأجداد في قرنٍ مضى على الأقل ،والآبار التي فاضت والسدود التي تنسح والغيول التي جرت.. يُقال إن مردُّ ذلك كله إلى الزكاة وتسليمها وتصريفها في مصارفها ..
هناك من يستهبل المسألة وهناك من يجعلها محل تندر عجيب وممقوت في الشريعة كدلالة على جهل عميق ومفرط يعاني منه المستهبلون والمتندرون !!
من يجهل الشريعة الإسلامية والأحكام الربانية يقع في مستنقع تلك الجهالات، فالله سبحانه وتعالى ربط بين العبادات وفي مقدمتها الصلاة وإتيان الزكاة كمتلازمتين لا فكاك لإحداهما عن الأخرى، وهي علاقة خفية بين العبد وربه وامتحانها يظهر حقيقة تلك العلاقة ،أما النبي الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله فقد شدَّد على المسألة بما أجمعت عليه الأمة ولم تختلف حوله ففي موطن يربط بين نزول قطر السماء والزكاة ربطاً واضحاً لا جدال حوله، (( ما منع قوم الزكاة إلا منع الله عنهم قطر السماء )) وفي رواية زيادة (( وابتلاهم بالسنين )) ..
ومما يجب أن يعيه الناس جميعاً أن البركة كل البركة في إخراج الزكاة متى حصل الحصاد تنفيذاً لقول الحق سبحانه (( وَهُوَ الَّذي أَنشَأَ جَنّاتٍ مَعروشاتٍ وَغَيرَ مَعروشاتٍ وَالنَّخلَ وَالزَّرعَ مُختَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيتونَ وَالرُّمّانَ مُتَشابِهًا وَغَيرَ مُتَشابِهٍ كُلوا مِن ثَمَرِهِ إِذا أَثمَرَ وَآتوا حَقَّهُ يَومَ حَصادِهِ وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ )) لأنعام 141 .
فمتى حصل الحصاد في مزروع مأكول أو للتجارة وبلغ النصاب وجبت الزكاة سواء كان المحصود ثمراً، حبوباً أو فاكهة أو خضروات أو قاتاً أو … إلخ تم إخراج الزكاة وفق مراد الحق سبحانه وتعالى وبالتالي فـ: ((طالب رضا الله يخرجها وطالب البركة يخرجها وطالب العافية يخرجها والباحث عن الصلاح يخرجها ومبتغي الرزق يخرجها ..
سأتجاوز مانع الزكاة لحسن الظن ،كي لا يكون من أهل ((وَوَیلٌ للمشركين ٱلَّذِینَ لَا يؤتون الزكاة وَهُم بالآخرة هم كافرون)) فصلت 6 – 7 ومن كان كذلك استحق لعنة الله ولا من المنافقين الذين قال عنهم عز وجل (( وَلا يُنفِقونَ إِلّا وَهُم كارِهونَ )) التوبة 54 وما أكثر ما ورد من نهي وزجر ووعيد !! ولذا سنعترف أن هناك متساهلين !! (( سَيُطَوَّقونَ ما بَخِلوا بِهِ يَومَ القِيامَةِ )) آل عمران 180..هناك متلاعبون !! (( وَآتوهُم مِن مالِ اللَّهِ الَّذي آتاكُم )) النور 33 ..هناك مخادعون (( يُخادِعونَ اللَّهَ وَالَّذينَ آمَنوا وَما يَخدَعونَ إِلّا أَنفُسَهُم وَما يَشعُرونَ )) البقرة 9 ..
من حقيق القول إن الهيئة العامة للزكاة خطت خطوات كبيرة لم تكن موجودة، وحققت نجاحات طيبة بتصريف الزكاة في قنواتها، ومع أنها لم تبلغ الدرجة المطلوبة، لكن لا يجوز إجحاد ما تقوم به وإنكاره تحت أي يافطات أو دعاوى، فالهيئة ناشئة ومشوارها طويل، والمعول عليها المضي في رسم خطط واستراتيجيات مزمَّنة للوصول إلى الأهداف الكبيرة وفي مقدمتها التمكين الاقتصادي لمصارف الزكاة.

قد يعجبك ايضا