الأمة.. والدور السعودي المشبوه..!

أحمد يحيى الديلمي

 

أحمد يحيى الديلمي
مع مرور الأيام تتأكد حقيقة هامة مفادها أن النظام السعودي لعب دوراً سلبياً منذ نشأته وتآمر على الأمة والعقيدة منذ انطلاقته الأولى، فمن يتابع النتائج التي تمخضت عنها الاجتماعات المفترضة لما يُسمى بمنظمة التعاون الإسلامي في العاصمة النيجيرية، يلاحظ كيف تمت صناعة هذا التآمر وكيف بدأ !؟ وسيجد أن هذا النظام ظل يلعب دور المتلقي المطيع المنفذ للتوجيهات في كل الظروف والأحوال، لذلك جاءت النتائج ميتة في هذا الكيان الذي تولى إنشاءه لغرض في نفس يعقوب، ولم تحمل أي مفاجأة بل جاءت بنفس الصيغة المعروفة التي ألفناها وتدنت أكثر في المستوى والتعاطي مع قضايا الأمة الأساسية وفي المقدمة قضية الشعب العربي الفلسطيني التي هبطت إلى مستوى لا يُذكر بعد أن كانت قضية الأمة الأساسية لسنوات، فجاءت النتائج بالفعل لتعكس حالات التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتقهقر الحضاري الذي وصلت إليه الأمة بفعل تآمر هذا النظام، وكان الجديد في البيان فقط هو الإعلان عن استبدال الأمين العام السابق بآخر نيجيري، إنها مفاجأة بالنسبة للجانب السعودي الذي ألف على فبركة هذه الأمور ووضعها في النصاب الذي يريده لا كما تريده الأمة، وفي الغالب بعيداً عن إرادته الذاتية وإنما ترجمة لإرادة الأمريكيين والبريطانيين والصهاينة .
إذ يكفي أن نُشير إلى أن القضية الأكثر إثارة والتي ألهبت حماس الجماهير الإسلامية واستفزت مشاعر المسلمين بفعل الإساءة القذرة إلى نبي الأمة والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم من قبل عدد من الصحف الأوروبية والزعماء منهم “ماكرون” الرئيس الفرنسي، مع ذلك لم تحظ هذه القضية بأي اهتمام ممن تداعو إلى هذه الاجتماعات وكأن الأمر لا يعنيهم، وكأن هذه المنظمة ليست منظمة التعاون الإسلامي وإنما منظمة التعاون الصهيوسعودي .
في هذه الأثناء استعدت إلى الذاكرة تلك المرارة وحالة الانسحاق التي عبر عنها الدبلوماسي المخضرم التونسي الحبيب الشطي أول أمين عام للمنظمة، عندما تناهت إليه حركات الكولسة والأعمال الخفية في أروقة مؤتمر صنعاء عام 1984م التي لم يكتف بها الأمير السعودي سعود الفيصل لكنه سرب إلى وسائل الإعلام خبراً مفاده أنه تم استبدال الحبيب الشطي بآخر وهو كمال الدين أوغلو بعد أن شعر بتكتل جديد يظهر في المؤتمر ويُمثل دول الصمود والتصدي آنذاك التي كانت ترى أهمية استمرار الحبيب الشطي على رأس المنظمة، لأنه عاصرها منذ البداية وأن مواقفه باتت أكثر ميلاً لمناصرة القضايا العربية والإسلامية، ما جعل سعود الفيصل يلعب بأساليبه الدنيئة ويوظف قدرات النظام الخبيثة لكي يحقق الغاية التي لم يحضر إلا من أجلها وهي استبعاد الشطي وإبداله بآخر، بعد التصريحات النارية التي أصدرها الأخير ضد حركة التطبيع مع العدو الصهيوني، فكانت هذه هي القاصمة التي جعلت النظام السعودي يستبعده من رفوف أرشيفه الخاص ويُقرر استبداله بغيره، قال الشطي أنا من البداية كنت أشعر بأني شاركت في جريمة وانقدت لنزوات مسؤولين ضمائرهم معطوبة فأصبت بالإحباط وخيبة الأمل خاصة عندما علمت أن السعودية وظفت حادثة حريق الجامع الأقصى لإقامة كيان يكون بديل للجامعة العربية، واستخدمت من أجل هذه الغاية كل ما تملك من إمكانيات حتى وصلت إلى ما أرادت وتحولت المنظمة كقدر محتوم يسير في فلك هذه الدولة، وهكذا استطاعت السعودية أن تُربك الأمة على مدى عقود من الزمن وتتحول إلى رأس حربة لأمريكا تُبشر بالخير القادم مع هذه الدولة “أي أمريكا” وتسهم في دعم وتأييد وتمويل ماسُمي بالحرب الكونية ضد مزعوم الإرهاب، وهو كيان وهمي لا وجود له إلا في أذهان آل سعود والأمريكان لأن أساسه في الواقع الطاغوت الأمريكي وجهالة الحكام العرب، الذين صدقوا بالفعل أن أمريكا ستحررهم من الاستبداد السياسي والتخلف الاجتماعي وتنقلهم من التخلف إلى التحضر .
للآسف هذه هي الأسطوانة الضآلة التي وظفتها أمريكا ومن بعدها تحولت إلى دعاية تتصدر أجهزة الإعلام العربية وأفلام السينماء ومسلسلات الأطفال والبرامج الموجهة، لتصبح ثقافة مقبولة لدى العرب والمسلمين وتقنعهم بأنهم أدنى مستوى من غيرهم بالذات في أمريكا والغرب، هذه الدعايات الكاذبة والشاذة هي التي أمعنت في تشويه صورة العرب والمسلمين، وصبت جام غضبها على العقيدة باعتبارها مصدراً دائماً للشر والفتنة، يالها من مسميات ويالها من أفكار غريبة !! وكما قال الحبيب الشطي فكرة المنظمة من الأساس كانت مجرد نزوة ومدخلٍ لاستهداف مقومات الأمة الأساسية ممثلة في المبادئ والقيم والأخلاق وتوجهات الانتماء، وها هو كلام الرجل يصدق وتتحول المنظمة إلى كلام يتضاءل مع الأيام ويفقد معناه، وهذا هو حال كل شيء يبدأ من الفراغ وبلا جذور، وهو مؤشر هام وخطير يتطلب من الأمة أن تُراجع حساباتها وتُعيد دراسة ماضيها وحاضرها على أساس سليم تعرف من خلاله من هو عدوها ومن هو صديقها، وهنا ستجد أن الإخوة في الإسلام هم الأكثر قرباً والأكثر حمية والأكثر استعداداً للتضحية من غيرهم، وأن الصهاينة هم الصهاينة سيظلون أكبر أعداء للأمة كما وصفهم القرآن الكريم في محكم آياته، لأنها عداوة متأصلة ومتجذرة في نفوس اليهود لا يمكن أن تنمحي وأن أظهر هؤلاء الناس الصداقة تحت ظرف ما ولحاجة ما فإنها مجرد أساليب ملتوية للوصول إلى غايات مُبهمة تتحول في النهاية إلى حلقات تآمر حقيقية يُدرك معها العرب والمسلمون أنهم مخدوعون، وأن العد التنازلي بدأ لهذه الأمة إن لم تتنبه وتتدارك أمرها خاصة أنها وافقت على التحول من صاحبة قضية إلى مجرد أجير يُؤمر فينفذ، وهذا ما يريده لنا الآخرون وعلى يد أبناء جلدتنا من آل سعود ونظامهم المزروع في جسد الأمة من قبل بريطانيا، شأنه شأن دولة الكيان الصهيوني ..
أرجو أن تتنبه الأمة لهذه المخاطر المحدقة وتُدرك أن الأمور وصلت إلى أسوأ ما يمكن أن تصل إليه، وأنها بحاجة إلى صحوة تبدأ بتحرير مقدسات الأمة في مكة والمدينة وتنتهي بتحرير ثالث الحرمين الشريفين الجامع الأقصى في فلسطين المحتلة إن شاء الله .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا