الدبلوماسية اليمنية تنجح في إقناع الأمم المتحدة بالتحرك

خزان صافر في الواجهة مرة أخرى

 

 

اللجنة الاقتصادية العليا: المسؤولية تحتم السير مع هذه الانفراجة تفاديا لوقوع كارثة
منذ العام 2016 الجانب الوطني يناشد وقوى العدوان تخلق العراقيل

هل تصدُق الأمم المتحدة هذه المرة بالوفاء بالتزامها تجاه ما يتعلق بخزان صافر النفطي العائم؟
السؤال فرض نفسه عقب التوقيع أمس الأول على اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان «صافر العائم» مع الأمم المتحدة.
توقيع هذا الاتفاق – في حد ذاته – يعد انتصارا للدبلوماسية اليمنية وتعامل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ مع هذا الملف بحكمة، متجاوزة بذلك نوايا الشر لقوى العدوان التي دأبت على وضع العراقيل والإشاعة بعرقلة الجانب الوطني الوصول إلى الخزان لعمل الصيانة اللازمة.

الثورة /إدارة التحقيقات

أمس الأول أوضح مصدر مسؤول في اللجنة الاقتصادية العليا أنه وبعد نقاشات فنية بين الفريق الوطني الاستشاري الخاص بالخزان العائم صافر ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، وفريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، تم التوصل إلى اتفاق بشأن الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان «صافر العائم».
وأشار المصدر، إلى أن وزارة الخارجية وجهت رسالة للأمم المتحدة بهذا الخصوص، عبرت فيها عن الترحيب بفريق الخبراء المكلف بأعمال التقييم والصيانة العاجلة للخزان العائم.
وقال المصدر « إن الجانب الوطني ينتظر في الوقت الحالي رسالة من الأمم المتحدة للإبلاغ عن موعد وصول فريق الخبراء، بعد أن تم منحهم التأشيرات اللازمة للدخول إلى اليمن، والبدء بتنفيذ الأعمال الموكلة إليهم إلى جانب الفريق الفني الوطني».
غير أن المثير في الأمر هو تعمد الأمم المتحدة كعادتها على ترك الأمور ناقصة، إذ رفض فريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع الموافقة على توفير مولد النيتروجين كبديل مناسب لمنظومة الغاز الخامل ضمن المعدات التي سيتم إحضارها للقيام بعملية التقييم والصيانة العاجلة، والذي يضخ الغاز الخامل إلى الخزانات النفطية لمنع انفجارها، خلافاً للمزاعم التي كانت تؤكد حرص الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على عدم حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، حيث اقتصر تركيز فريق مكتب المشاريع للأمم المتحدة على إجراء الصيانة التي تمنع حدوث تسرب للنفط من الخزان العائم.
مع ذلك فإن المسؤولية تحتم السير مع هذه الانفراجة تفاديا لوقوع أي كارثة.. يقول المصدر» إنه ورغم رفض فريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع توفير مولد النيتروجين، إلا أننا نرحب بالخطوات التي تحققت، انطلاقاً من حرصنا الشديد على منع حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، ونأمل أن تسارع الأمم المتحدة في تنفيذ الخطوات بموجب الاتفاق، وإرسال فريق الخبراء لمباشرة مهامه على وجه السرعة».
صنعاء تنجح
الثلاثاء الماضي أكد مصدر في حكومة الإنقاذ لـ «سبوتنيك»، نجاح صنعاء في إحراز خطوة إيجابية في هذا الملف، وقال «نجحت السلطات في صنعاء في أن تنتزع إمكانية قيامها بصيانة هذه السفينة، بعد أن كان توجه دول العدوان يسير نحو تفكيك وتدمير تلك السفينة التي تعتبر أحد مكتسبات الشعب اليمني المظلوم الذي يعاني منذ سنوات بعد أن دمرت كل ممتلكاته».
وأضاف: «كان التحالف يريد تدمير وتقطيع تلك السفينة بعد أن حال دون صيانتها منذ سنوات، لكن الدبلوماسية اليمنية استطاعت مواصلة الضغط حتى وصلت إلى اتفاقات مع الأمم المتحدة بأن يتم إعادة تأهيل تلك السفينة التي هي ملك للشعب اليمني».
وكان نائب وزير الخارجية حسن العزي، أكد في أغسطس الماضي، أن صنعاء الطرف الوحيد الذي طالب بصيانة خزان صافر العائم منذ عام 2016 وحتى اليوم من منطلق الواجب، وجدد اتهام الأمم المتحدة بأنها من تقف وراء عرقلة صيانة ناقلة النفط «صافر» الراسية قبالة ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، على بُعد 8 كيلو مترات / 4.8 ميل بحري من الساحل.
وأوضح خلال مؤتمر صحفي، أن اليمن خاطبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بخطابات رسمية ومناشدات إعلامية خلال كل اللقاءات بالمسؤولين الأمميين لتحييد لوازم صيانة صافر من الحصار.
وقال حسن العزي: طالبنا بإجراء إصلاحات عاجلة للحفاظ على البيئة البحرية وإرسال المعدات اللازمة تزامنا مع إجراء أعمال التقييم..
وأشار إلى أنهٌ في عام 2016م كانت سفينة صافر بحالة سليمة والسلطة في صنعاء كانت أكثر حرصا على سلامتها، لكن تحالف العدوان منع دخول قطع الغيار ودخول المازوت لإجراء الصيانة الدورية لسفينة صافر .. وصنعاء ناشدت العالم من أجل ذلك.
وقال “نحن المستفيد الأول من إصلاح وصيانة سفينة صافر ونحن المتضرر الأول من وقوع أي كارثة قد تحصل، وبذلك لا يمكن لنا أن نتراجع عن التزامنا أو نعيق أعمال الصيانة”.
العزي ذكر حينها ما تضمنته أجندة الأمم المتحدة بهذا الشأن، وقال «أجندة الأمم المتحدة قالت إنها غير معنية بالصيانة وإطالة عمر السفينة، والمبعوث وجد أن هناك مخالفة جسيمة، وعلى العالم أن يدرك أن التباطؤ في صيانة سفينة صافر من الأمم المتحدة ليس من السلطة في صنعاء”.
وقال: خاطبنا السويد وروسيا والصين بخصوص السفينة بعد أن لمسنا المماطلة والتباطؤ الأممي في صيانتها، وقد استجابت هذه الدول لكنها اشترطت مشاركة أممية.. وأشار إلى أن الأمم المتحدة تصر على الزيارة الشكلية لسفينة صافر لرفع تقرير معد مسبقا لا يتضمن حتى التقييم.. وقال ” فريقنا الفني قدم جملة من الملاحظات بخصوص تقييم وإصلاح السفينة والأمم المتحدة أدركت ضرورتها وأهميتها، لكنها أصرت على الزيارة الشكلية لسفينة صافر لرفع تقرير معد مسبقا لا يتضمن حتى التقييم”.
تلاعب العدوان
يكشف مسار مشكلة الخزان العائم، الروح العدائية لدى قوى العدوان التي عمدت باستمرار إلى خلق العراقيل دون الوصول إلى حل في هذا الجانب بشيء من الـ «الساديّة»، إذ أن كل دول المنطقة ستتأثر بكارثة تسرب المادة النفطية أو كارثة انفجار الخزان لا سمح الله.
إلا انه كان واضحا – حسب مراقبون ومحللون دوليون – أن قوى العدوان كان لها غايات من هذه السياسة، ويرى مراقبون أن أزمة «صافر» أخذت أبعاداً سياسية خلال الشهرين الماضيين، وبدأ التعاطي معها كورقة ضغط على صنعاء لتقديم تنازلات.
يؤكد ذلك وضوحية التحرك من قبل حكومة الإنقاذ والمناشدات المستمرة منذ بدء المشكلة.
وهو ما عبرت عنه صراحة مختلف الفعاليات السياسية خلال الفترة الماضية، فأكد رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام «منذ وقت مبكر ونحن ندعو لصيانة ناقلة صافر النفطية قبالة الحُدَيْدَة، وقوى العدوان المدعومة أمريكياً تتعمد إعاقة ذلك»، مضيفاً أن «قوى العدوان المدعومة أمريكياً تعمّدت بحصارها الظالم وضعَ العراقيل ومنع إجراء أي صيانة لناقلة صافر النفطية».
مسارعة حكومة الإنقاذ
البداية كانت عام 2016، ففي شهر يوليو سارعت حكومة الإنقاذ إلى التحذير من هذا الخطر، عقب منع تحالف العدوان شحنة مازوت خاصة بالسفينة من دخول ميناء رأس عيسى، وهو ما أدّى إلى توقّف الغلايات الخاصة بها، ومع فشل جهود إدخال المازوت اللازم لتشغيل السفينة المتقادمة أصلاً، تمّ إخلاء العاملين على متنها، ليبدأ العد التنازلي في اتجاه نقطة الكارثة.
ثم رفعت الهيئة العامة للشؤون البحرية رسالة في 9 نوفمبر 2016م، تؤكد «حاجة سفينة صافر العائمة لتموينها بمادة المازوت لإعادة تشغيلها والقيام بأعمال الصيانة اللازمة لها، تفاديا لحدوث تلوث كبير نتيجة تسرب النفط إلى البحر، مما قد يؤدي إلى كارثة بيئية كبيرة لا يحمد عقباها».
في 21 ديسمبر 2016م، التقى وزير النفط والمعادن قيادات الهيئات والمؤسسات النفطية وشدد على ضرورة التحرك لوضع معالجات للخزان العائم (السفينة صافر) والآثار الكارثية التي قد تُخلفها السفينة العائمة نتيجة تقادمها وتوقف أعمال الصيانة بسبب استمرار الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان».. لم يلق الأمر أي تجاوب لتعلن هيئة الشؤون البحرية في أبريل 2017م، أن «شلل معظم الأنشطة ومنها الصيانة على الخزان العائم ينذر بكارثة بحرية ستشكل تحدياً لليمن والدول المجاورة».. واعتبرت الهيئة ممثلة بمديرها محمد معتوق أن «وضع الباخرة صافر في دائرة الاستهداف من قبل تحالف العدوان وبهذا الشكل يعكس صورة واحدة للابتزاز الكبير الذي يتعرض له اليمن».. وقال معتوق في تصريح صحافي: «وضع الباخرة صافر والظروف المحيطة بها تمثل هاجسا يؤرقنا في الهيئة، نحن نتحدث عن خزان عائم ضخم دخل الخدمة في اليمن قبل ثلاثين عاما والكمية التي يحتويها كبيرة، وفي حال حصل انفجار أو حريق قد تضرب الكارثة البيئية عددا من الدول وستتسبب بعواقب وخيمة ولفترة زمنية، ولن تكون المشكلة آنية».
تنامي الضغط وإخلاء المسؤولية
وكان عضو السياسي الأعلى، قد حمل دول العدوان المسؤولية الكاملة عن أي نتائج كارثية ‏بشأن الخزان العائم، وقال في تغريدات له «نخلي مسؤوليتنا ‏عن أي تسرب في خزان صافر، وندعو إلى المضي قدما في التفاوض حول الموضوع بشكل ‏جدي، وأي نتيجة كارثية تحصل لا سمح الله فنحمل المسؤولية الكاملة أمريكا والسعودية ‏وتحالفهما بسبب استمرار الحصار وعدم السماح ببيع النفط المخزن في صهريج صافر العائم، ‏وسبق أن حملناهم المسؤولية عن ذلك».‏
في مراحل متعاقبة كان التخاطب من قبل الجانب الوطني يأخذ مسارا متناميا، إذ لم تكتف بالمناشدات، وفي الأول من مايو 2019، أطلق عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي، مبادرة جديدة، وقال في تغريدة له على «تويتر» : «ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنه نفط خزان صافر العائم مقابل توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي، كونها مواد ضرورية للمواطنين، وإعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرف مرتبات الموظفين التابعين لنطاق سيطرتهما».
في الرابع من نوفمبر 2018، تضمنت رسالة وزير الخارجية هشام شرف للأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيرس) مبادرة للأمم المتحدة وطالبتها بالضغط من أجل «السماح باستخدام الوقود الموجود في الباخرة “صافر” في رأس عيسى لتوليد الطاقة الكهربائية للمدن اليمنية وبما يسهم في التخفيف من الأوضاع الإنسانية وتجنب الكارثة البيئية التي قد يتسبب بها أي تسرب للخزان المتهالك».
وتضمنت وثيقة الحل الشامل لإنهاء الحرب على اليمن المقترحة من قيادة ‏الجمهورية اليمنية بصنعاء، في الثامن من أبريل الماضي، إجراءات لضمان سلامة ناقلة النفط ‏صافر، من خلال قيام بعثة فنية بقيادة الأمم المتحدة بتقييم أوضاع الناقلة وإجراء الإصلاحات ‏المبدئية، وتقديم التوصيات الفنية اللازمة، وإجراء الإصلاح والصيانة.‏
كما تضمنت، الاتفاق على ضوء توصيات الفريق الفني على خطة لاستخراج النفط من الناقلة بطريقة ‏آمنة، بما فيها عودة ضخ النفط إلى الناقلة عبر أنبوب صافر – رأس عيسى.
وإلى ذلك كانت نداءات ودعوات مجلس النواب حاضرة، فقد استنكر أعضاء مجلس النواب استمرار تعنت دول العدوان في منع الفرق الفنية من الوصول إلى الباخرة لإجراء الصيانة اللازمة لها منذ 2016م، خاصة بعد تزايد التشققات والتآكل في خزاناتها.
وطالب نواب الشعب بالضغط على دول تحالف العدوان للسماح ببيع النفط الخام الموجود فيها، والاستفادة من العائد في إنشاء خزانات نفطية بديلة، لتهالكها وعدم إجراء أي صيانة لها .. محملين الأمم المتحدة ودول العدوان مسؤولية حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر تصل إلى قناة السويس وتتسبب في إتلاف الأحياء البحرية.

قد يعجبك ايضا