لِتَكُنْ مَعْرَكَةَ الجَمِيْعِ دُوْنَ استثناء

افتتاحــــــــــــــــية الثورة

 

عبدالرحمن عبدالله الأهنومي
رئيس التحرير
من جديد يأتي تأكيد الرئيس مهدي المشاط- رئيس المجلس السياسي الأعلى، على مواجهة الفساد باعتبار ذلك معركة مستمرة لا تتوقف عند مسؤول أو وزير بعينه، وهذه المعركة بحسبانها معركة قانون ومعركة قيم وأخلاق ومعركة آمال وتطلعات الشعب وتضحياته الجسيمة ، يجب على الجميع أكانوا مواطنين أو مسؤولين أن يبتعدوا بها عن المناكفات والتسييس والاحتراب الكلامي المشحون بالمجازفات والأحاديث التي تشوه توجه الدولة والرئيس والقيادة في محاربة الفساد ومواجهته ، والرئيس حينما يعلن عزمه الصارم على خوض هذه المعركة فإنه ينطلق من إيمان راسخ بأن الانتصار في معركة البناء مرهون بدرجة أساسية بالقضاء على الفساد وتطهير المؤسسات منه ، وبوجود مسؤولين ووزراء يتحلون بالصدق والنزاهة ، ورسائل الرئيس للمسؤولين واضحة أيضاً ؛ فإما اعتدال أو اعتزال ، إما كانوا دعائم للصمود وخداماً للناس وقاموا بما عليهم من مهام ومسؤوليات وفقاً لمقتضيات الظروف والمرحلة وحجم المعاناة التي يعيشها الشعب جراء العدوان والحصار ، وإلا فالاعتذار أفضل.
على أنه لا يجب التذرع بالعراقيل والصعوبات الناتجة عن الحرب العدوانية والحصار الغاشم ، وإن كانت مؤثرة فعلاً فإن الأبواب ليست مسدودة، وكل في إطار الممكنات قادر ويجب عليه أن يعمل ، لكن طرح هذه الذريعة بغية التنصل من المسؤولية سيكون مكشوفاً ولن يعذر أحداً، وإذا كنا نواجه عدواناً وحصاراً فإن المسؤولية الملقاة على عواتقنا أكبر ، ولن نستطيع فعل شيء إلا ببذل أقصى الجهود والطاقات ، وتلك الهمم لا يمتلكها ولا يحملها إلا من ابتعد عن الشبهات ونأى بنفسه عن الفساد وتحلى بفضائل الأخلاق والقيم الحميدة.
محاربة الفساد بحسبانها المخرج اللازم لمواجهة التحديات التي يفرضها استمرار العدوان العسكري علينا واستمرار الحصار أيضاً بات من أولويات القيادة الحكيمة ، وبالإضافة إلى ما يحظى به هذا الموضوع من أهمية عملية لما يسبب استمراره من ضعف للجبهة الداخلية ، فإنه يعتبر معركة مقدسة من اللازم إبعادها عن المناكفات والتسييس والتحزيب والتصنيف ، ومن اللازم أيضاً النأي بها عمّا يحاول البعض جرها إليه من السياقات ، ومحاولة بوتقتها وفق تصورات غير صحيحة تمنح الفاسدين فرص الاستمرار في الفساد ، وفرصاً للنجاة من الحساب ، وفي هذا الصدد يجب الإشارة إلى ما حدث من جدل خلال الأيام القليلة الماضية عندما قامت أجهزة الدولة بإيقاف وزير ومسؤولين آخرين على ذمة تحقيقات في شبه الفساد ، وكلّنا تابع الهجمة التي تعرّضت لها هذه الإجراءات والتي كادت أن تُفشلها وتوقفها وتمنح الفاسدين طوق نجاة.. ومن الغريب أن يصطف الكثير في مواجهة هذه الإجراءات ويقف الكثير إلى جانب الفاسدين بحجج يعلمون أنّها واهية وغير صحيحة.
محاربة الفساد مشروع أخلاقي قيمي بامتياز ، وهي منازلة بين الفساد وبين الاستقامة ورفعة الأخلاق ، وهذه المعركة لن تكون ناجعة ما لم يتعاون الجميع ، وما لم تكن مسنودة بموقف الجميع ، يجب أن يشترك البرلمان والقضاء والإعلام إلى جانب مؤسسات الرئاسة والرقابة سيكون الجميع حتماً أقدر على حمل الإصلاح وتحقيق أهداف الثورة المباركة ، والمواطن كذلك يعد شريكاً فاعلاً في هذه الحرب من خلال موقفه ونشاطه ، وفي الإجراءات الأخيرة ما يعكس الصورة الناصعة لمصداقية التوجه والمسار الذي يمضي به ومن خلاله الرئيس المشاط.
هذه المعركة تُخاض اليوم بحق وحقيقة ، وهي ليست من قبيل الدعايات الانتخابية كما كنا نسمع ونرى سابقاً، ولا هي من باب دعايات الأحزاب الشعاراتية ، إنها إرادة الإصلاح والتغيير المنطلقة من القيم ومن صميم القناعات ، وهذه الحرب التي تشير كل الدلائل إلى أنّها ستكون ضروساً.. تأتي ضد منظومة وثقافة ووعي مرحلة من الحكم كان عمادها الرئيسي الفساد الذي نخر في كل جزء في هذا الوطن وتسلّل إلى اللوائح والنصوص القانونية.. فأغلب الفساد الذي يضرب البلاد اليوم يتمّ بشكل قانوني بعد أن وقع تطويع المنظومة القانونية لتكون في خدمة الفاسدين.
لقد غدت محاربة الفساد ضرورة حتمية بغية تحسين مستوى الأداء ، وترشيد الإنفاق وتقليل النفقات ورفع مستوى الكفاءة وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية وتمتينها في مواجهة العدوان الغاشم ، والرئيس حينما يعلن عزمه الصارم على مواجهة الفساد والمضي في هذه المعركة ، بخيارات واضحة تقوم على محددات واضحة منبثة من القيم والمبادئ والأخلاق ، وانطلاقاً منها ومن الضرورة الحتمية التي تقتضيها الظروف الحالية ، وحجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني ، بالإضافة إلى ما تتطلبه إجراءات بناء الدولة ، فإنه عازم على اتخاذ إجراءات بحق الفاسدين والمقصرين والمهملين ، ويجب أن يعي جميع المسؤولين أنهم أمام اختبارات حقيقية ، فإما وكانوا دعائم للإصلاح والتنمية والبناء والتصدي للعدوان ، أو عبئاً على الشعب والدولة وعلى المعركة برمَّتها ، وأنه لا مجال لأحد في النكوص عن الثوابت الوطنية ومبادئ وقيم ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة .
وما يجب أن نعرفه أن هذه المعركة محمية بإرادة الشعب التي هي تجسيد لإرادة الله ، وهي امتثال لأوامر الله بالإصلاح ، واجتناب لنواهيه عن الإفساد ، وهذا المسار الذي يعلنه الرئيس ويجدد التأكيد عليه هو المسار القويم الذي سيحافظ عليه كل أبناء اليمن الشرفاء ولن يحيدوا عنه أبداً ولو كره الفاسدون.

قد يعجبك ايضا