سوريا تودع وزير خارجيتها وليد المعلم..رجل المهمات الصعبة

 

الثورة /متابعات

ودّعت سوريا يوم أمس رجل الدبلوماسية والمفاوضات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم ، بعد حياة حافلة بالعمل السياسي والدبلوماسي برز فيها كأهم الدبلوماسيين السوريين ، وحفر في ذاكرة السوريين والعرب جميعا تاريخاً من العمل السياسي والوطني الذي لم يخل من مواقف لافتة بلغته الدبلوماسية الهادئة والحاسمة معاً التي تحمل الثقة والشموخ والرفض لأي مساس بسورية وحقوقها.
وتوفي وليد المعلم فجر أمس ، وشُيِّع جثمانه يوم أمس في دمشق بمشاركة ممثل الرئيس السوري بشار الأسد وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام ووسط حضور رسمي وشعبي ، وشارك في التشييع وزراء سوريون وممثل عن الرئيس اللبناني ، وعدد من السفراء العرب والأجانب وممثلو البعثات الدبلوماسية المعتمدون بدمشق ورؤساء وأعضاء النقابات المهنية والمنظمات الشعبية وشخصيات رسمية وسياسية ودينية واقتصادية وأحزاب وطنية وفلسطينية.
والراحل الوزير المعلم دبلوماسي عريق عُرِفَ بمواقفه الوطنية المشرفة في مختلف ساحات العمل السياسي والدبلوماسي من مواليد دمشق عام 1941 ودرس في المدارس الرسمية من عام 1948 ولغاية 1960 حيث حصل على الشهادة الثانوية والتحق بجامعة القاهرة وتخرج منها عام 1963 بشهادة بكالوريوس اقتصاد والتحق بوزارة الخارجية عام 1964 وخدم في البعثات التالية.. “تنزانيا.. السعودية.. إسبانيا.. إنكلترا” وعين عام 1975 سفيراً لسورية في جمهورية رومانيا حتى عام 1980 حيث عين مديرا لإدارة التوثيق والترجمة في وزارة الخارجية من عام 1980 ولغاية 1984 ثم مديراً لإدارة المكاتب الخاصة من عام 1984 حتى عام 1990.
وعين سفيراً لدى الولايات المتحدة من عام 1990 حتى عام 1999 ثم معاوناً لوزير الخارجية مطلع العام 2000 وسمي نائباً لوزير الخارجية بموجب المرسوم رقم 8 تاريخ 9-1-2005 وشغل منصب وزير الخارجية منذ عام 2006 وتمت تسميته نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للخارجية والمغتربين منذ عام 2012، لديه أربعة مؤلفات “فلسطين والسلام المسلح 1970″، “سورية في مرحلة الانتداب من العام 1917 وحتى العام 1948″، “سورية من الاستقلال إلى الوحدة من العام 1948 وحتى العام 1958” ، “العالم والشرق الأوسط في المنظور الأمريكي”.
رجل المهام الصعبة
وخطت الدبلوماسية السورية خطوات واسعة أثناء وزارته، فالمعلم هو رجل المهام الدبلوماسية الصعبة، حيث تعامل مع ملفات عدة من أهمها إدارته لملف المحادثات السورية الإسرائيلية، في الفترة من عام 1990 حتى عام 1999، والتي شهدت تغيرا كبيرا في الوضع الدولي لسوريا.
كما تعامل بحنكة دبلوماسية فريدة خاصة مع ملف العلاقات السورية اللبنانية عام 2005، في الوقت الذي كانت فيه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تقف على المحك ، ومنذ بداية الحرب على سوريا في العام 2011 لعبت دبلوماسية المعلم دورا مهما، وقام بالدور الأبرز حيث قاد حملة كبيرة لإقناع العالم بصلابة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وعملت الدبلوماسية السورية منذ بداية الحرب على سوريا على دفع العلاقات الدولية لدمشق قدما، على الرغم من حالة الاستنكار الدولية ، وهو ما قام به «المعلم» حيث سافر إلى عدة دول وفي مقدمتها تلك التي تدافع عن الموقف السوري برمته، فقام بأكثر من زيارة إلى موسكو، إضافة إلى زياراته المستمرة إلى الصين، التي تتخذ نفس الموقف الروسي ، وكذلك تصديه الدائم لأمريكا واستنكاره للدور الأمريكي في بلاده، ووصل هذا الاستنكار إلى الحد الذي جعل «المعلم» يهاجم الولايات المتحدة الأمريكية في مقر الأمم المتحدة، في أكتوبر 2012، وقال بأنها تساعد الإرهاب وتتدخل بشكل سافر ، وخاطب وزير الخارجية الأمريكي حينها: لستم ناطقين باسم الشعب السوري.
ويتمثل الدور الدبلوماسي الهام للمعلم في قدرته على تحويل مسار الموقف الأمريكي في وقت كان وصل فيه إلى ذروته باتجاه إمكانية اتخاذ قرار بالتدخل لضرب سوريا، وهو ما تبدل كثيرًا بعد زيارات المعلم إلى روسيا والصين ، فيما تمثلت المهمة الأكثر صعوبة للمعلم في توضيح حقيقة الحرب التي تتعرض لها سوريا وتماسك شرعية الرئيس بشار الأسد وهو ما نجح فيه إلى حد كبير خاصة مع دعوة سوريا إلى مؤتمرات جنيف وتحول موقفها بشكل أكثر رسوخا على الأرض، في ظل الخلافات الدائمة والمعارك الدائرة في صفوف المسلحين واستعادة دمشق معظم الأراضي التي انتزعتها المعارضة.
الوزير المعلم واحد من الشخصيات التي استهدفها الأمريكيون والأوربيون وفرضوا عليها عقوبات ضمن الشخصيات الوطنية منذ عام 2011 ، ولاحقاً العقوبات الأمريكية نتيجة فضحه الدور الغربي في دعم الإرهاب ضد الشعب السوري لكنه لم يتوقف عن انتقاد السياسات الغربية وفضح الإجراءات القسرية ضد سورية ووصف المسؤولين الغربيين بـ “جوقة من الكاذبين” وقال خلال كلمة سورية أمام الدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة إن “قانون قيصر” يستهدف الضغط على الشعب السوري في لقمة عيشه وحياته اليومية ومحاولة لخنقه ، ولطالما ترجم المعلم الموقف السوري .
وعزّت شخصيات وأحزاب وطنية في وفاة وليد المعلم ، وعبّرت عن تعازيها الحارة بوفاة وليد المعلم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين السوري ، وأكدت أن رحيل المعلم يمثل خسارة للأمة العربية والإسلامية، مشيرة إلى ما كان يحمله من صفات رجل الدولة ودفاعه عن قضايا بلده وأمته بكل شجاعة وصلابة واقتدار ، وقدمت تعازيها لسوريا شعباً وقيادة.

قد يعجبك ايضا