الذكرى 1496 لمولد الرسول الأعظم مناسبةٌ استثنائيةٌ لِحَدَثٍ استثنائيٍّ في ظروفٍ استثنائية

 

صلاح محمد الشامي

يحتفي اليمن هذا العام بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، في ظل أجواء خاصة لم يشهدها العالم الإسلامي منذ 14 قرناً ،أجواء تكالب فيها العالم أجمع على الإسلام والمسلمين (كما تتكالب الأكلة على قصعتها)، وتنكَّرت أنظمة عربية للإسلام والمسلمين ، وانقلبت على أعقابها، أو لنقل تساقطت أقنعتها فظهرت وجوهها الحقيقية ، فإذا بها يهودية صهيونية ، خدمت اليهود الصهاينة بتقديم كل أرضٍ وعرض وثروة وكرامة ، وسفكت دماء المسلمين لتمهِّد للصهيوني موطئ قدم على الأرض العربية والمقدسات الإسلامية ، وهي تنفق من ثروات الأمة ،ما تقتل به الأمة لا يثنيها عن ذلك وازع ولا يردها رادع، وحين تتعرض أقدس مقدسات الدين للإهانة من قبل صهاينة أوروبا لا تنبس ببنت شفة، بينما تضج بالصراخ إن تعرَّض يهوديٌّ صهيونيٌ حاقدٌ لئيمٌ لحادثٍ عَرضي..
هنا يتحيّرُ الوعي، وهنا تتكشف الحقائق صارخة باللا منطقي واللا معقول ، وهنا وجب علينا الرجوع إلى أهل الذكر ، امتثالاً لقول الله تعالى ” فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ “.
في الذكرى 1496 بالسنة القمرية لمولد علم الهدى الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والعالم الهمجي يحث الخطى نحو نهايته باستهداف الإسلام (القبس الوحيد في ليل البشرية الدامس) والمؤمل منه خلاصها مما تعانيه من تكالب قوى الشر بقيادة (إبليس) وجنوده الصهاينة والماسونية الذين خدموه كما لم يُخدم من قبل، وساروا بالبشرية نحو نهايتها ، تنفيذاً لرغبة الملعون في الانتقام من بني (آدم) الذي رفض السجود له طاعة لربه، هذه الرغبة المليئة بالغل والحقد والحسد التي بها شطن (ابتعد وشذ) عن الهدى وأَبْلَسَ (يئس) من رحمة ربه، ولم تكن له حجة في عصيانه ، وقل خيره، لذلك فقد (أَبْلَسَ) غيره من البشر و(شَطَنَ) بهم عن الحق والدين والصراط المستقيم ولم ينج من مثالبه إلا من رحم الله.
لهذا نرى بني الإسلام وتموج بهم بحار الحيرة، وهم في شتات من الرأي تحت حكومات باعت لجنود الشيطان كل أرضٍ وكرامة ،ورفضت كل قبس باقٍ من نفس الرحمن، رغم شهودها معاجز آيات الله في نصرة المستضعفين، واليمن يلقِّن أساطين الاستكبار العالمي ما يلزم من دروسٍ لا يقرأها إلا العاقلون.
في هذه الظروف الاستثنائية لمناسبة مولد الرسول الأعظم ، يجب أن يكون الاحتفاء بالمناسبة استثنائياً أيضاً، فهي مناسبة استثنائية لحدث استثنائي ، في ظروف استثنائية ، ففي الوقت الذي يتم فيه استكمال مرحلة خطيرة من مراحل التجهيل والدخول في مرحلة جديدة أخطر منها، على يد أعداء البشرية، وجب على حملة الدين والمنهج القائم بإنقاذ البشرية الوقوف في وجه هذا التيار ،والمواجهة بالتعريف بمن أرسله الله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً ، والتعريف برسالته الحقة ، والتعريف بمدى حبنا له ومدى التفافنا حوله ومدى تمسكنا به.
التعريف بأنه جاء لإنقاذ البشرية جمعاء من ضلال الجهل برب العالمين، وبأهمية الحياة الخالدة بعد الموت ،وكيف يمكن جعلها نعيماً لا جحيماً ، وكيف نصلح حياتنا هذه باتباع هذا النبي العظيم صاحب الخُلُقِ العظيم في أخلاقه وسيرته وحبه للخير ورفضه للظلم والطغيان ، ثم كيف نصلح واقعنا بالعلم والمعرفة ، وحسن السياسة بالشورى التي هي أرقى من كل مبدأ ديمقراطي عرفته البشرية ، ثم كيف نتعايش كبشر ، بغض النظر عن التباينات في الأديان والاعتقادات والمبادئ والعرقيات والقوميات.
ولمن لا يدرك أهمية الاحتفاء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الغرب المتصهين يسيء إلى الله وإلى رسول الله بغية القضاء على ما يتهدَّد طموحاتهم في الاستيلاء على مجمل الخارطة العالمية ، هذا الذي يتهدَّد هذه الطموحات الجشعة التي لا تحفل بقيمة الإنسان كإنسان، لذلك لا بد من التعريف برسول الله لدى العالم الذي لا يعرف عنه إلا ما تنشره صحفه وتبثه إذاعاته المسموعة والمرئية ،ولأنهم أيضاً في ذمة كل مسلم، سَيُسْأَلُ يوم الدين عن تقصيره بالتعريف بالدين وبالله وبرسوله الذي شهد له عقلاءُ الغرب ومفكروه ، وعَدُّوه أعظم شخصيات التاريخ.
فلماذا نُقَصِّرُ بالتعريف بنبينا العظيم ونُحْجِمُ عن التصدي للحملة الصهيونية التي تريد حجب النور عن العالم وقيادته لإبادتنا بالحروب، وهو سلاحنا وعدّتنا ومددنا في مواجهة أعدائنا .. صلى الله عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا