هذا يومٌ يمانيٌّ لتجديد العهد والولاء

رئيس التحرير

 

يحتفي يمن الإيمان والحكمة اليوم بمولد خير الرسل محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، بفعاليات واحتفالات لا نظير لها بين كل مناسبات الدنيا، مظهر يجسد الولاء والوفاء والانتماء اليماني لنبي الرحمة والإنسانية جمعاء، وللدين العظيم الذي جاء به صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ، وغير مستغرب أن يحيي اليمنيون اليوم هذا الاحتفاء المتميز والكبير في ظل معاناة وصعاب يواجهونها، فقد حملوا لواء الرسالة المحمدية سابقا وقدموا من أجل ذلك الغالي والنفيس.
نفس الرحمن الذي وجده الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم من اليمن في آخر الزمان ، هذا مبعثه العظيم ، ووسط هذه الجموع المحتشدة في طول اليمن وعرضه نفس يماني عظيم فيه الولاء والوفاء والتآسي والانتماء ، وفيه الأنصار الذين هتفوا بلبيك يا رسول الله في العقبة الأولى والثانية ..

وفيه يمانيون وجدوك يا رسول الله بينهم وفيهم ومنهم ووجدتهم كذلك.
لا شرف ولا فضيلة ولا وفاء ولا ولاء ولا انتماء إلا شرف وفضل ووفاء وولاء اليمانيين لنبيهم وحبيب قلوبهم وأسوتهم وقدوتهم محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، يشهد بذلك التاريخ ، ويشهد بذلك الحاضر، شهد الرسول صلوات الله عليه واله وسلم على ذلك بنفسه ، وفي أكثر من مناسبة ، ففي الأثر أن الأنصار وجدوا في أنفسهم أثرة على خلفية توزيع أعدل الخلق وأفضل الرسل بتوزيع غنائم حنين ، فدخل سعد بن عبادة على صاحب المقام الرفيع صلوات الله عليه ، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عِظامًا في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء، قال: «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال: يا رسول الله، ما أنا إلا امرؤ من قومي، وما أنا من ذلك، قال: «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة»، قال: فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة، قال: فجاء رجال من المهاجرين فتركهم، فدخلوا وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا أتاه سعد، فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.. قال: فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال: «يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم تكونوا ضُلالًا فهداكم الله، وعالة -فقراء- فأغناكم الله، وأعداء فألَّف الله بين قلوبكم؟»
قالوا: بل الله ورسوله أمنُّ وأفضل، قال: «ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟».. قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المنُّ والفضل، قال: «أما والله لو شئتم لقلتم، فَلَصَدَقْتُمْ، وَصُدِّقْتُمْ، أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائِلًا فآسيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألَّفتُ بها قومًا ليُسلِموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟ فو الذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنتُ امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبًا، وسلكت الأنصار شعبًا لسلكتُ شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار»، قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسمًا وحظًا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرَّقوا” .هذا الموقف يعكس العلاقة التي تشكلت بين الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم ، وبين اليمانيين الأنصار آنذاك ، وما قاله يعد وساما نبويا للأنصار آنذاك ، والأوسمة والنياشين التي منحها رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ، لليمانيين كثيرة ، في كل غزوة وكل حدث كان يمنح أنصاره أوسمة نبوية لم ينلها غيرهم ، واليوم وفيم يتجه الجميع نحو التطبيع المعلن والمكشوف مع كيان اليهود الصهاينة يجدد اليمنيون عهودهم وولاءهم بهذا الاحتفاء العظيم بمولد رسول الله صلوات الله عليه وعلى اله وسلم ، فمحمد هو القدوة والأسوة وهو القائد والحبيب الذي تهفو إليه القلوب والأفئدة اليمانية ، وهو عهد نجدده كل عام وفي كل صلاة وكل يوم حتى الرمق الأخير نشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
مناسبة المولد النبوي، إنها موسم لننهل من النبع النبوي الطاهر ، إنها موسم لتجديد ولائنا وعهدنا وارتباطنا بالنبي الأعظم ،والتمسك به قدوة ومنهاجا ، وبأهل بيته قادة وأعلاما ينيرون دروبنا بين كل هذا الظلام المحدق بالعالم… وفي هذا المقام لا أجد وصفا لهذا الوفاء أجمل وأعظم مما قاله السيد القائد يحفظه الله في خطابه الآخير ” نحن في يمن الإيمان والحكمة منهجنا، مشروعنا، مسارنا هو هذا الدين العظيم، هويتنا هي هذه الهوية الإيمانية، قدوتنا وأسوتنا وقائدنا وحبيب قلوبنا هو رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، والمنهج الإلهي هو منهج الحرية الحقيقية، وهو أيضاً المنهج الحضاري الراقي، وهو أيضاً منهج العزة والاستقلال والكرامة والإباء، عليه نحيا، وعليه نموت، وعليه نبعث- إن شاء الله- يوم القيامة بالفوز العظيم ، وبكل محبة، بكل شوق، بكل لهفة سنستقبل ذكرى المولد النبوي الشريف، سنجعل منها مناسبةً متميزةً- بإذن الله- لا نظير لها في كل مناسبات الدنيا، وسيعبر شعبنا اليمني من جديد عن ولائه العظيم لله ولرسوله، ولأنبياء الله، ولهذا الدين العظيم، كما نعبر عن ذلك في كل صلاةٍ نصليها، وفي كل يومٍ من أيام حياتنا، وكما هو تعبيرنا حتى في الرمق الأخير من حياتنا (أشهد ألَّا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله).
فأهلا بك يا رسول الله بيننا ، وسهلاً بمولدك الأغر ، ولبيك يا مهوى القلوب والأفئدة لبيك..

قد يعجبك ايضا