إساءات »ماكرون« للإسلام.. تطرف متدثِّر بثوب الحرية

ردود أفعال عربية وإسلامية غاضبة.. وحملات مقاطعة اقتصادية تتصاعد

 

اليمن ترد عملياً على الإساءة للإسلام بإحياء ذكرى مولد الرسول الأعظم ومؤتمر علمائي عن نهجه القويم وعالمية دعوته

عرض فرنسا التي تعد نفسها قلعة العلمانية والحريات الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد -مرة أخرى- هو من أبشع أشكال الابتذال
الإساءة لدين عالمي كالإسلام لا تندرج تحت حدود الحرية، بل تعد معاداة للإسلام بشكل صارخ

التعصُّب تجاه المسلمين أصبح علامة تجارية ناجحة في فرنسا، لأنه يُتيح فرصة تسليط مزيد من الأضواء على السياسيين

الثورة / عبدالله محمد

 

يتحقق الرد العملي على إساءات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للإسلام وكل متنطع على دين الإسلام العظيم، من اليمن بحرص أبنائه على إحياء ذكرى مولد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي تشهد زخما كبيرا يسطره اليمانيون ويلونونه بألوان الفرح وحب رسول الله المتأصل في قلوبهم ومنهاج حياتهم .
وفيما تتصاعد ردود الأفعال عالميا على الإساءات الفرنسية للإسلام، عقدت صنعاء أمس مؤتمر علماء اليمن بعنوان” محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأسوة الحسنة”.”
وفي السياق أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في اليمن والدول الإسلامية، حملة إلكترونية رافضة للهجوم المنظم من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإسلام، مطالبين إياه بالتراجع عن التصريحات المسيئة للإسلام ومحاولة ربطه بالإرهاب.
ودشن النشطاء هاشتاق (#مقاطعه_المنتجات_الفرنسيه و #ماكرون_يسي للإسلام)، رفضاً لكل تصريحاته بشأن الإسلام، مطالبين بمقاطعة المنتجات الفرنسية كردّ على إساءات الرئيس الفرنسي للإسلام.
وتشهد فرنسا تحت قيادة رئيسها إيمانويل ماكرون، تزايدا في العنف والتمييز ضد المواطنين من أصول أجنبية، تجلت في مداهمات نفذتها على المساجد والجمعيات الإسلامية.
وتزايد استهداف المسلمين من قبل الشرطة الفرنسية في الآونة الأخيرة، بعد حادثة قطع رأس مدرس شمال غربي باريس، الجمعة الماضية.
الرئيس الفرنسي -سيئ الصيت- يتواجد في بلده نحو ستة ملايين مسلم وصفهم بأنهم أقلية قد تُشكِّل “مجتمعا موازيا” داخل فرنسا، وهو أمر بالغ الخطورة كما وصف الإسلام [نفسه] بأنه يُواجه “أزمة” في جميع أنحاء العالم. وقد جاء هذا التصريح قبيل كشف ماكرون النقاب عن خطته التي يسعى من خلالها للتصدي لما سمّاه ظاهرة “المجتمع الموازي” في فرنسا.
ووفقا لمراقبين تُعتَبر مثل هذه الاتهامات أمرا جديدا في فرنسا، التي تحتضن أكبر عدد من المسلمين في أوروبا الغربية، إلا أنهم يرون أن لماكرون -هذه المرة- هدفا آخر فريدا يسعى لتحقيقه من وراء هذه الاتهامات، وهو التلويح باستخدام خطاب مُتشدِّد تجاه الإسلام، يُضحِّي بالأقلية الفرنسية المسلمة والمحاصرة أصلا مقابل اعتماد أوراقه داخل المشهد السياسي الشعبوي في فرنسا.
وفي هذا السياق، تقول ريم سارة علوان، الباحثة القانونية في جامعة تولوز (كابيتال): “إن التعصُّب تجاه المسلمين أصبح علامة تجارية ناجحة في فرنسا، لأنه يساهم في تعزيز نسبة المشاهدة على شبكات الأخبار التي تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويُتيح فرصة تسليط مزيد من الأضواء على السياسيين. وحتى إن لم يكن اليمين المتطرف على هرم السلطة الآن في فرنسا، فإن أفكاره بالتأكيد تسري في أروقتها”.
مجلس النواب يدين الإساءة للرسول الأعظم
محليا أدان مجلس النواب في جلسته أمس برئاسة رئيس المجلس الأخ يحيى علي الراعي، تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المسيئة للإسلام والمسلمين وكذا الإساءات المتكررة للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأكد نواب الشعب، في سياق نقاشاتهم أن مثل هذه الإساءات تأتي في إطار المخطط الصهيوني للنيل من المسلمين ومقدساتهم وتُعد استفزازاً لمشاعر المسلمين الذين يزيد عددهم عن مليار ونصف مليار مسلم.. مطالبين البرلمانات العربية والدولية إلى إدانة واستنكار هذه الإساءات وأي أعمال تسيء للأديان والمعتقدات.
واعتبر نواب الشعب، تلك التصريحات الاستفزازية، أحد العوامل التي تحث على الكراهية وتأجيج العنف والتطرف، وتقويض كل جهود التعايش السلمي والحضاري بين أمم وشعوب العالم.
كما أكدوا أن مثل هذه الإساءات لن تنال من الرسول الكريم وما جاء به من قيم ومبادئ، ولا من عظمته صلى الله عليه وآله وسلم .. مشيرين إلى أن مثل هذه الأعمال تعبر عن مدى انحطاط من يقفون ورائها.
وحيا أعضاء مجلس النواب، الروح الحضارية التي تتحلى بها الجالية الإسلامية في فرنسا في التعامل الراقي مع غير المسلمين إزاء ذلك.
عربيا وإسلاميا.. ردود الأفعال تتصاعد
فيما ندد المواطنون في مختلف المدن الإيرانية قبل أيام بجريمة إساءة صحيفة شارلي أبدو” الفرنسية إلى شخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، مطالبين الحكومة الإيرانية بالتصدي لمثل هذه الإجراءات.
وردد المحتجون في هذه التجمعات هتافات منددة بالممارسات المسيئة إلى قدسية النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله والدين الإسلامي الحنيف من قبل الصحيفة الفرنسية مطالبين حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيما الخارجية بالتصدي الجاد لمثل هذه الإجراءات.
وتلى رئيس المجلس التنسيقي للدعوة الإسلامية “حجة الإسلام سيد محسن محمودي” بيان إدانة المحتجين ضد الصحيفة الفرنسية وإساءتها إلى مقام نبي الرحمة محمد صلوات الله عليه واله وسلم.
واكد رئيس المجلس التنسيقي للدعوة الإسلامية أن هذه الخطوة الحمقاء من قبل قوى الاستكبار مدانة على لسان أبناء الشعب الإيراني جميعا.
شعوب الخليج.. تقول كلمتها
وفي السعودية، تفاعل مواطنون كثيرون مع الوسم نفسه منادين بمقاطعة البضائع الفرنسية، نُصرة للنبي الكريم والدين الإسلامي، ومن عناوين الدعوة للمقاطعة “عندما قاطعنا الدنمارك خسرت ١٧٠ مليون دولار في وقت قصير، ونريدها هذه المرة أشنع على فرنسا “.
وفي قطر، أعلنت شركات تجارية (حكومية وخاصة) مقاطعة المنتجات الفرنسية بعد موجة الإساءة للنبي الكريم وإيذاء مشاعر المسلمين.
وقررت شركة الميرة (حكومية، تدير أكبر شركة بيع بالتجزئة في قطر) سحب المنتجات الفرنسية من جميع فروعها، وقالت في بيان نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي “بدأنا على الفور بسحب المنتجات الفرنسية من جميع فروعنا وحتى إشعارٍ آخر.”
كما انضمت شركة ألبان الوجبة لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، وقالت في بيانها على منصات التواصل “من مبدأ الرفض والاستنكار لما يُنشر من إساءة لنبينا الكريم ودفاعًا عنه؛ فإننا نعلن انضمامنا لحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية، كما أننا نتعهد بتوفير منتجات مماثلة وبديلة.”
كما انضمت جامعة قطر لحملة المقاطعة، وعلّقت الأسبوع الثقافي الفرنسي إلى أجل غير مسمى.
وقالت الجامعة في تغريدتين على تويتر “عطفًا على مستجدات الأحداث الأخيرة، والمتعلقة بالإساءة المتعمّدة للإسلام ورموزه؛ فقد قررت إدارة جامعة قطر تأجيل فعالية الأسبوع الثقافي الفرنسي إلى أجل غير مسمى.”
وفي هذا الصدد، تؤكِّد إدارة الجامعة أنَّ أيَّ مساسٍ بالعقيدة والمقدَّسات والرموز الإسلامية هو أمرٌ غير مقبول نهائيًا، فهذه الإساءات تضُرُّ القيم الإنسانية الجامعة والمبادئ الأخلاقية العليا التي تؤكد عليها كافة المجتمعات المعاصرة.
وفي الكويت، قررت السلطات مقاطعة البضائع الفرنسية ردًا على استفزاز مشاعر المسلمين والإساءة للرموز الإسلامية.
وكانت الكويت أول من أعلنت عن مقاطعة البضائع الفرنسية عمليا ثم أتبعت ذلك ببيان من وزارة الخارجية استنكرت فيه الإساءة إلى مقام النبي الكريم صلى الله عليه وعلى اله وسلم.
واستمرت ردود الفعل المنددة بالسلوك الفرنسي، فقد استنكر رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم نشر بعض الصحف الفرنسية وغيرها رسوما مسيئة عن الرسول الكريم.
ودعا الغانم، في تصريح صحفي، الحكومة الكويتية إلى استنكار الإساءات المقصودة لرموز الإسلام، والتحرك العملي ضمن المحيط الدبلوماسي لحظر الإساءة لكافة المعتقدات حول العالم.
كما طالب النائب في مجلس الأمة الكويتي أحمد الفضل وزارة الخارجية بتحرك دبلوماسي دولي لكبح جماح هذا التطرف المتدثر بثوب الحرية.
بدورها، أدانت الحركة الدستورية الإسلامية في الكويت تصريحات ماكرون حول تمسكه بالرسوم المسيئة للرسول الكريم، ودعت الحكومة الكويتية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والغيرة على عقيدة الأمة.
وفي لبنان، أكدت دار الإفتاء ، أن الإساءة التي يغطيها الرئيس ماكرون، للنبي محمد خاتم المرسلين، ستؤدي إلى تأجيج الكراهية بين الشعوب.
وقال الأمين العام لدار الإفتاء أمين الكردي إن مفهوم الحرية الذي يمارسه البعض في حق رسول الإسلام ويسوق له ويغطيه ماكرون، سيؤدي لتأجيج الكراهية بين الشعوب والنزاعات الدينية، معتبرا أن إدانة حادثة قتل الأستاذ الفرنسي لا إنصاف فيها دون إدانة موجبها.
وفي تركيا قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحاجة لاختبار قدراته العقلية، عقب تصريحاته العنصرية الأخيرة بشأن الإسلام.
وتساءل أردوغان في كلمة له -خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في ولاية قيصري- ماذا يمكننا القول لرئيس دولة لا يفهم حرية العقيدة، ويعامل الملايين من أتباع ديانة مختلفة (المسلمين) في بلاده بهذه الطريقة؟
وأردف قائلا “ما مشكلة المدعو ماكرون مع الإسلام والمسلمين؟ إنه بحاجة لعلاج عقلي”. ”
وتابع: إن فرنسا ستشهد انتخابات بعد نحو عام، وستحدد مصير ماكرون حينها، “وأعتقد أن نهايته ليست بعيدة، لأنه لم ينفع فرنسا بشيء، فكيف له أن ينفع نفسه؟.
اقتحام مسجد برلين
وبشأن اقتحام الشرطة الألمانية مسجدا في العاصمة برلين، أكد أردوغان أن هذه الحادثة تعد دليلا على انتقال الفاشية في الدول الأوروبية إلى مرحلة جديدة.
وأكد أن تصاعد معاداة الإسلام في أوروبا وصل إلى مستويات تدعو للقلق، وقال إن مشاركة مئات الشرطة في عملية دهم لمسجد أمر بعيد عن الاحترام، ولا يمكن تفسيره بغرض الدواعي الأمنية، أو أي شيء آخر سوى معاداة الإسلام بوجه واضح.
وشدّد على أن عرض فرنسا -التي تعد نفسها قلعة العلمانية والحريات- الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد مرة أخرى، هو من أبشع أشكال الابتذال، ولا يندرج تحت حدود الحرية، بل يعد معاداة للإسلام بشكل صارخ.
وتشهد فرنسا مؤخرًا، جدلًا حول تصريحات قسم كبير من السياسيين، تستهدف الإسلام والمسلمين عقب حادثة قتل مدرس وقطع رأسه.
وخلال الأيام الأخيرة، زادت الضغوط وعمليات الدهم، التي تستهدف منظمات المجتمع المدني الإسلامية بفرنسا، على خلفية الحادث.
وكانت مجلة “شارلي إبدو” الفرنسية قد نشرت 12 رسما كاريكاتوريا مسيئا للنبي محمد، عام 2006م، ما أطلق العنان لموجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي، وهي الرسوم ذاتها التي عرضها باتي على تلاميذه قبل مقتله.

قد يعجبك ايضا