عضو لجنة المصالحة الوطنية – عضو الهيئة العليا لحزب الرشاد لـ (الثورة ): جمهور العلماء والفقهاء مجمون على مشروعية الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف

 

 

أنظمه وظيفية مرتبطة بالغرب تحاول تطويع الدين لتتوافق مع سياساتها
وصول اليمين المسيحي للحكم في الغرب شجع التطرف والإساءة إلى رموزنا الدينية
دُست أخبار وروايات وأحاديث مكذوبة لصرف الأمة عن دينها ونبيها العظيم
ركز مؤلفو كتب السيرة الأولون والحاليون على (المغازي) .. وهذا خطأ
حصل تحريف وتشويه للسيرة النبوية من قبل جهات معادية للإسلام

 


* بداية.. ما الذي يعنيه الاحتفاء وإحياء ذكرى مولد خير الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بالنسبة للأمة المحمدية؟
– مناسبة دينية طيبة ومباركة والاحتفاء بالمولد النبوي الشريف هي عادة إسلامية قديمة تقوم الأمة بالاحتفاء بها في كل زمان وعصر. وبلد كتعبير عن النعمة العظيمة التي أنعم الله بها علينا بمولد خير الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهي أمر طيب وإيجابي
* تميزت علاقة نبينا الكريم بأهل اليمن (أنصاراً وملبين وفاتحين وناشرين للدين) بمواقف وروابط خاصة, ومكانة رفيعة, كذلك كان حال اليمنيين .. حدثنا عن هذه العلاقة والروابط المتميزة ؟
– منذ فجر الإسلام كان لليمنيين محبة وانسياق لهذا الدين, تمثل ذلك في إيمانهم السريع بالنبي صلى الله عليه وسلم بمجرد أن وصلت الرسل ووصل المبعوثون من النبي إلى اليمن – إلى عدد من المناطق- دخل اليمنيون في الإسلام, وأرسلوا وفودهم في السنة السابعة والثامنة من الهجرة إلى الرسول في المدينة المنورة, معلنين إسلامهم ودخولهم في هذا الدين, من دون حرب ولا مواجهة لهذا الدين, ومن قبلهم كان الأوس والخزرج من مناصري النبي صلى الله عليه وآلة وسلم – في المدينة المنورة- وهم من القبائل اليمنية.. من قبيلة الأزد اليمنية القديمة التي هاجر كثير منها إلى مناطق كثيرة بعد انهيار سد مآرب.
علاقة اليمنيين بالإسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وآلة وسلم علاقة قديمة.. علاقة محبة وولاء وانتماء وتعظيم وتعزير وتوقير لشخص النبي العظيم.
– اختلف الفقهاء في شأن أحياء ذكرى المولد النبوي الشريف (وجوبها – جوازها – فضلها – عدم الجواز- استحسانها.. الخ) كيف تقرؤون هذا الاختلاف؟ وما مرده ؟
جمهور الفقهاء والعلماء المسلمين على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومشروعية إحياء هذه المناسبة والذكرى الإحياء الإيجابي الطيب بذكره ومحبته والتعبير عن هذه المحبة وقراءة سيرته وتعليم الدين وفضائل هذا النبي العظيم ومكانته.
هناك القليل من الفقهاء في المذهب الحنبلي, أو من بعض المنتمين لمدرسة أهل الحديث حسب التسمية السابقة, أو ما يسمى اليوم بالسلفية, هؤلاء يرون عدم جواز مشروعية الاحتفال وتخصيص وقت معين للاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من منطلق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة وأهل البيت في القرن الأول والثاني لم يكن لديهم احتفال في تاريخ معين وإنما كانوا يقتدون بسيرته ويحتفون به في كل وقت وحين, لكن هذا القول لنسبة قليلة من الفقهاء, ولا بأس من هذا الاختلاف, والمهم أن لا يؤدي إلى التنابز بالألقاب, وإلى العداء والكراهية, فمن أراد أن يحتفل فله من سلف الأمة من احتفل, ومن أراد أن لا يحتفل فيمكنه أن يتلو سيرة النبي في أي وقت ويهتم بإبراز محاسن هذه الشخصية العظيمة ويحمد الله على مكانته.
الاحتفاء أو الاحتفال من الأمور المهمة التي تحيي ذكرى نبينا في نفوس الناس ونشجع عليها, ولكننا نحذر من بعض المخالفات التي تؤدي إلى ردات فعل سلبية تجاه الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا الأمر والحمد لله لا يحصل في اليمن, وقد يحصل في بعض بلاد الأعاجم والبلاد البعيدة .. بحيث أنه يحصل في بعض الاحتفالات بالمولد شيء من التجاوزات والأخطاء والغلو وغيرها من التصرفات السلبية – الاختلاط بين الرجال والنساء في بعض الموالد وحدوث بعض التصرفات السلبية وهذا مرفوض ولكنه لا يضر بأصل المسألة من أساسها في ما نراه أو نذهب إليه مع جمهور علماء الأمة والفقهاء من مشروعية الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
* تعرضت العقيدة والرسالة المحمدية للكثير من التحريف والتشويه وكانت السيرة النبوية وصاحبها (ص), أبرز المداخل لضرب الأمة الإسلامية .. حدثنا عن أبرز التبعات المتجلية في واقعنا اليوم؟
– نعم حصل نوع من التحريف والتشويه بعضه كان غير مقصود من بعض الناس في عرض سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصرفاته وأخلاقه وتعليماته وبعضه ربما كان مقصودا من جهات معادية للمسلمين حاولت أن تدس أخبارا سلبية وروايات مكذوبة وأن تصرف الأمة عن إتباع هذا النبي العظيم.
من الأمثلة على ذلك أن كثيرا من كتب السيرة التي كتبت بطريقة غير مقصودة كانت تتحدث عن غزوات النبي يعني يقوم كتاب السيرة كاملا في كثير من الكتب على غزوات النبي وكيف أنه في السنة كذا غزا النبي كذا وفتح كذا وقتل من المشركين كذا واستشهد من المسلمين في سنة كذا.. يعني أصبح عرض السيرة في كثير من الكتب القديمة والحديثة للأسف الشديد عرض للغزوات وهذا خطأ وربما تأثر بعض المؤرخين بأول من بدأ يؤلف في السيرة في القرون المتقدمة مثل ابن إسحاق وابن هشام.. بل أن بعضهم ألف كتاباً سماه (المغازي).
كان لا يقصد ذكر سيرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ولكنه خصص كتابا لغزوات النبي فجاء بعض المؤرخين من بعده وصاروا ينسجون على منواله – وهذا العمل غير صحيح – وأصبح الأمر عادة عند كثير من المؤرخين يكتب كتابا عن سيرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ويركز على الغزوات والقتال وهذا الأمر جزء بسيط من السيرة ربما يصل إلى 10% أو 20% هناك أخلاق النبي وتعامله وحكمته ورحمته.. علاقته بأهله بأقاربه بأصحابه فينبغي أن يهتم بالكتب التي تدرس سيرة النبي صلى الله عليه وآلة وسلم بشكل أوسع وأكثر تفصيلا.. وكذلك بسنته صلى الله عليه وسلم.
هناك طرفان ووسط هناك من أخذوا كل الروايات وفيها المكذوب والمدسوس في بعض كتب الحديث وأصبحوا يرفضون أي نقد حتى لبعض الأحاديث في البخاري ومسلم وهذا خطأ.
ينبغي أن ينقد أي شيء يكون مخالفاً للقران الكريم أو للعقل والمنطق أو للأخلاق الإسلامية المعروفة وهناك من قالوا أنه لا يوجد شيء من الأحاديث الصحيحة ونكتفي بالقرآن وكأن الله عز وجل أرسل نبيا أبكما لا يتكلم فقط أوصل القرآن وهو ساكت طوال فترة 23 سنة فنحن بين طرفين ووسط.
* التطبيع وصفقة القرن مصطلحات وجدت من يروج ويمهد لتقبلها جماهيريا ومن أولئك مشائخ يوصفون بعلماء أو فقهاء ودعاة .. كيف نستطيع كأمة فهم هذا التحول وما قول الشرع في ذلك؟
– للأسف هذه سياسات دول وظيفية عربية وإسلامية مرتبطة بالغرب مثل النظام السعودي والإماراتي وهذه الدول تحاول أن تطوع المؤسسة الدينية الرسمية فيها لتتوافق مع سياسات النظام فيجدون للأسف الشديد بعض المشايخ المرتبطين بالمؤسسة الدينية والخطباء والدعاة من ينساق مع الدولة ونظامها الذين يستلمون منها الراتب والمكافآت فينحدرون إلى هذا الأسلوب وهذا المستنقع في تطويع الأمة لسياسات التطبيع والتواصل مع اليهود والصليبيين وهذه أمور متوقعة وحصلت كثيرا عبر التاريخ في الأمة الإسلامية أو في الأمم السابقة وقد حذر آلله عز وجل من سلوك هذا الطريق وقال( إن كثيراً من الأخبار والرهبان لياكلون أموال الناس بالباطل) يعني أن كثيراً من أولئك العلماء والفقهاء أحيانا يبيعون دينهم ومبادئهم من أجل أموال الناس بالباطل سواء من الحاكم أو من بعض الناس الذين يدفعون لهم من التجار أو الشخصيات الاجتماعية الكبيرة ولذلك ينبغي الحذر من سلوك هذا الطريق.
* هل من علاقة بين عدم تبجيلنا لرموزنا الدينية واستمرار الإساءة لرموزنا الدينية وفي مقدمتها نبينا محمد صلى آلله وسلم عليه وعلى آله أم أن هذا الأمر أصيل في ثقافة الغرب المسيحي؟
– غير صحيح بأننا لا نبجل رموزنا الدينية فالأمة المسلمة أعظم أمة في التاريخ تبجل رموزها الدينية وفي مقدمتها نبينا محمد صلى آلله عليه وسلم والقرآن الكريم وأهل البيت والصحابة وأمة محمد أمة مرتبطة بنبيها ونرى غضبتها في كل مكان في حال الإساءة لأي رمز من رموزها.
ونعم فهذا الأمر له علاقة بالروح الصليبية لدى بعض الدول المسيحية آلتي لها علاقة تاريخية وصراع سيطرة مع المسلمين على بيت المقدس وخسارة الصليبيين لتلك الحروب في القرن الثاني والثالث عشر الميلادي وخسارتهم لفلسطين وانتصار المسلمين على يد القائد صلاح الدين الأيوبي ثم على يد المماليك هذه الخسارة أثرت ولا تزال مؤثرة على الفكر الصليبي المسيحي أو الفكر اليميني المتطرف الذي وصل للحكم مؤخرا في عدد من الدول الأوروبية وهذا الأمر للأسف لا زال يؤثر على تفكيرهم ومواقفهم من المسلمين ويدفعهم لمثل هذه الإساءات والاستفزازات والأساليب الرخيصة في العمل السياسي والصحفي والإعلامي والاجتماعي وغيره.
* ما حقيقة وجذور الموقف السلفي من الاحتفاء بالمولد النبوي؟
– الموقف السلفي هو امتداد لمذهب أهل الحديث وهو مذهب قديم وموجود عبر التاريخ منذ القرون المتقدمة الثالث والرابع والخامس وكذلك المذهب الحنبلي جزء من السلفيين وجزء من الحنبلية كذلك لا يرون أن يشرع الاحتفال بالمولد في موعد محدد لأنه لم يكن موجودا في العصر الأول في عصر الصحابة وأهل البيت في القرن الأول والثاني وأنهم لم يفعلوا هذا الشيء وينبغي تذكر النبي بشكل دائم وهذا قول فقهي لا يجوز التشنيع عليه ولا اعتباره خطأ كما أنه لا يجوز للمتشددين من السلفيين أو من الحنبلية أن يعتبروا من يحتفل ضالا أو مبتدعا أو منحرفا.
هذه المسألة خلافية من أراد الاحتفال فيوجد من العلماء والأئمة من فعل ذلك وهو مقتد بهم ومن لا يريد فيوجد أيضا من لم يخصص يوما للاحتفال وهو مقتد بهم.
أهم شيء أن لا تكون هذه المسألة مسألة عداء وكراهية وتبديع وتضليل للآخر.. هنا يكمن الخطر في التبديع والتضليل للذي يحصل للأسف الشديد من كثير من المتطرفين وخاصة من الوهابية في هذا العصر أولئك الذين يتعاملون مع الناس بقسوة وعنف ويسفهون الأقوال الفقهية لمخالفة لهم وهذا أمر منكر وخاطئ.
* هل الوهابية مذهب أم حركة سياسية؟
– الوهابية حركة دينية سياسية وليست مذهبا الذي استقر في نجد كما أن له بعض الامتدادات في بعض دول الخليج مثل قطر والكويت وبنسبة بسيطة في سوريا مصر.
الوهابية جزء من الحنابلة _ الجناح المتشدد من الحنابلة _ فهي ليست مذهبا فقهيا مستقلا وإنما حركة دينية وسياسية داخل المذهب الحنبلي حركة سياسية نشأت على أساس ديني متشدد في التحريم والغلو في بعض الأشياء وعداء المخالفين ورميهم بالشرك والبدع والضلال ثم تحالفت لاحقا متحالفة مع حركة سياسية وهي حركة آل سعود حين كونوا الدولة قبل 260 أو 270 سنة تقريبا وما زال هذا التحالف قائما إلى وقت قريب بعد أن بدأت أسره آل سعود بزعامة سلمان وابنه محمد سعيهما للتخلي عن الوهابية كحركة دينية مشاركة في السلطة بشكل أو بآخر لكنها تبقى حركة دينية وليست مذهبا فقهيا.
* حدثنا عن جذورها ورموزها وامتدادها الفكري (العقائدي) وعلاقتها الثقافية بالجماعات والحركات السلفية المتطرفة؟
– الحديث عن الوهابية طويل وقد يحتاج إلى محاضرات كثيرة وكتب وقد تحدث الكثيرون عنها لكن باختصار الحركة الوهابية تنسب لمحمد بن عبدالوهاب النجدي الحنبلي الذي توفي سنة 1206 هجرية في نجد كان شخصا عاديا من طلبة العلم وكان أبوه عالما وأخوه لكنه ذهب إلى العراق للدراسة- البصرة – وبدأ يتلقى أفكارا متشددة متطرفة ثم انتقل إلى الحجاز للمدينة للدراسة فترة وتنقل بين أكثر من منطقة منها مكة ثم عاد وقد بدأت تنشأ لديه هواجس وأفكار متشددة متطرفة ويرى أن أي مسلم يذهب إلى الأولياء والصالحين وقبور بعض الصحابة وأهل البيت التي كانت موجودة في نجد على أنه كافر ومشرك ويجب التبرؤ منه وقتاله وكذلك الذي يحلف بالنبي أو الذي يفعل بعض الأشياء من المخالفات التي يعتبرها بعض الفقهاء من الحنابلة خطأ لكنهم لا يوصلونها إلى درجة الشرك أو الكفر والبدعة.
الرجل أوصلها إلى تلك الدرجة وكون مجموعة من الأتباع وبدأوا في ممارسة أعمال متطرفة ومن ثم وجد شخصا سياسيا طموحا يريد حركة دينية تدعمه وهو محمد بن سعود جد آل سعود فاتفقا على أن يكون لهذا أمر السياسة وهذا الأمور الدينية ويكونا دولة وهذا ما حصل تقريبا في سنة 1187هـ.
بدأ في تكوين الدولة وبدأت تتوسع وتنتشر الحركة الوهابية نتيجة التعاون بين محمد بن عبدالوهاب (النجدي) ومحمد بن سعود (النجدي) وتوفي محمد بن عبدالوهاب وقام أولاده من بعده بالأمور الدينية ولا يزالوا حتى اليوم – وهم من يسمون حالياً بأسرة آل الشيخ-.
هذا استعراض مختصر عن الحركة الوهابية التي اصطلح الناس على تسميتها بالوهابية وإن كان الوهابية أنفسهم لا يقرون بهذه التسمية ويقولون بأننا لسنا وهابية نحن حنبلية ومن أتباع المذهب الحنبلي من السنة, لكن الواضح جدا تطرفهم وتشددهم في كثير من المسائل العقدية والسلوكية وفي العبادات والمعاملات ولهذا أصبحوا منبوذين من قبل الأمة.
هؤلاء الوهابية اليوم يحاولون التأثير على السلفيين في كل مكان في حين أن السلفيين امتداد لمدرسة أهل الحديث, بينما الوهابية امتداد للمذهب الحنبلي, وهناك اختلاف يعرفه المتخصصون في المذاهب, لكن الوهابية وبالمال السعودي الكبير حاولوا خلال (40) سنة أن يجيروا السلفية لصالحهم, وللأسف استطاعوا استقطاب نسبة قد تصل إلى 60-70% عن طريق الجامعات الدينية السعودية والمحاضرات والكتب والأشرطة وغيرها من الأشياء التي يرسلها السعوديون إلى اليمن ومصر وسوريا وباكستان والهند ودول كثيرة.
عن طريق المال السعودي والخليجي أثروا على الكثير من الناس وسحبوهم بأفكارهم تلك, لكن ما يزال يوجد في كل مكان من يقاومهم ويقاوم هذا الانحراف والأفكار الوهابية المتشددة.
* ما رأيكم في ما يطرح اليوم من آراء تقول بأن السيرة النبوية تمثل عصر الرسالة ومتطلبات الأمة حينها, وأن ما كان مناسباً حينها لا يتناسب مع عصرنا الحالي؟
– لسنا مع هذا الرأي.. الله عز وجل أرسل نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكل الناس وإلى قيام الساعة ولذلك فلابد أن تكون سيرته وتصرفاته وأعماله من الأمور الإيجابية التي يستفيد منها المسلمون في كل مكان وفي كل زمان أما إذا كان لذلك العصر فقط فهذا يعني أننا نحتاج نبيا في كل عصر وزمان يناسب ذلك العصر وهذا يخالف القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فإرسال الله عز وجل لنبيه أمر نحتاجه للاقتداء بسيرته وأخلاقه وتصرفاته ولكل أعماله الإيجابية في هذا العصر وفي كل عصر.
نعم قد تكون هناك بعض المسائل الفقهية التي تناسب ذلك الوقت وربما لا تناسب بعض الأوقات ولكنها ربما لا تمثل 10% من الأحاديث النبوية أو السيرة المطهرة ولكن معظم ما وصلنا عنه هي أخلاقيات.. خلق بر الوالدين الطاعة العبادة قيام الليل الصدق الأمانة الشجاعة الجهاد وكل هذا يحتاجه الإنسان في كل وقت وحين ولا تختلف العصور باختلافه.
* لماذا غاب الفقهاء والعلماء المعروفون وخفت دورهم التنويري في أهم مراحل الصراع؟
– ربما لهذا الأمر عوامل كثيرة وأسباب متعددة.. نعم خف دورهم وتراجع.. كانت الأمة في القرون المتقدمة الثاني والثالث والرابع والخامس تتحرك ويقودها العلماء والفقهاء للجهاد والحضارة.. نعرف أن كثيرا ممن كانوا يوصفون بالعلم علم الرياضيات والعلوم التطبيقية أو التاريخ أو الفكر والاجتماع كان لهم مساهمات فقهية وعلمية فكانت الأمور متداخلة وكانت الأمة ملتفة حول العلماء والفقهاء حين كانوا إيجابيين ولأنهم كانوا يأخذون الإسلام كجملة واحدة.
من أكبر الأشياء السلبية المذهبية لأن المذهبية فككت العلماء والفقهاء حولت صراعهم من الصراع بين الحق والباطل بين الإسلام والكفر بين أمة محمد والمشاركين والكفار تحول بسبب المذهبية إلى صراع داخلي وهذا الأمر أدى إلى عزوف الكثير من الناس عن بعض العلماء والفقهاء بسبب أنهم رأوا أن الصراع لا يستحق الإتباع والتمسك بهؤلاء الأشخاص الذين يتصارعون في ما بينهم وهم أصحاب قبيلة واحدة وكتاب ودين واحد.
وهناك عوامل أخرى منها اختلاف طبيعة الحكم بسبب النظريات المعاصرة.. فبعد أن كان الحكم بسيطا يقوم على نظرية أهل الحل والعقد والعلماء وكبار الناس من الملء أصبح يقوم على الديمقراطية, واختيار الشعب, والناس يبحثون عن مشايخ القبائل والأعيان فابتعدوا قليلاً.
كذلك هناك بعض الأمور مثل وجود بعض الأفكار الليبرالية والعلمانية التي غزت الأمة وزهدت الناس من دور العلماء- العلمانية المتطرفة أقصد- وهناك عوامل أخرى لا يتسع المجال لسردها والتفصيل فيها.
* برز مؤخرا عدد من الباحثين الشباب أثروا الكثير من الأمور الشرعية بالنقاش, وطرحوا رؤى جديدة في ما يخص التفسير والحديث, وأعادوا القراءة للكثير من المسائل .. برأيكم هل هذه ظاهرة إيجابية؟ وهل سينجحون في بعث الاجتهاد وتحريك ما ركد لقرون؟
– بالتأكيد هذه ظاهرة إيجابية نحتاج إلى التجديد والدين يحتاج إلى التجديد وقد جاء في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله يرسل كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها.
التجديد في قراءة الفقه والتفسير واستخراج النظريات من القرآن الكريم بما يطابق الكتاب والسنة النبوية وغيرهما من المسائل أمر إيجابي من وجهة نظري ونحن نشجعه ونفرح به.
الكثير من المجددين الذين يحاولون ربط الأمة في كل عصر بكتاب ربها وبسنة نبيها ويربطون الشباب بهذا التدين والإسلام وفق رؤية عصرية وإيجابية وحديثة ومتوافقة مع العلم في كل عصر وزمان أمر عظيم وإيجابي ومرغوب ونحن نشجع عليه ونتمنى أن يستمر في كل وقت وحين.
* ما الفائدة التي نأملها من الاحتفال بمولد النبي محمد عليه وآله الصلاة والسلام في ظل هذا الكم من المصائب والمشاريع الهادفة لإضعاف الأمة وفصلها عن إرثها ورموز عقيدتها؟
– الفائدة من استذكار سيرة النبي عليه افضل الصلاة والسلام سواء في يوم مولده أو في ذكرى هجرته أو في الإسراء والمعراج أو في غيرها من المناسبات هو ربط الأمة بالنبي وبصفاته وسيرته وأخلاقه وجهاده وتضحيته وهذا من الأمور الجيدة التي ينبغي أن يهتم بها في خطب الجمعة وفي المحاضرات والمناهج التعليمية وفي مثل هذه المناسبات وكذلك في المهرجانات والاحتفالات والبرامج التلفزيونية سواء في هذه المناسبات أو في غيرها وهذا الأمر جيد يربط الناس بالذكرى العطرة لنبيهم محمد صلى آلله عليه وآله وسلم ومثل هذه المناسبات مهمة أيضا في مواجهة مشاريع إضعاف الأمة ومن أساليب المواجهة ربط الأمة بنبيها والاهتمام بهذا أمر محمود ومشكور عليه من يقوم به.
* أين يكمن الخلل؟ ومن أين يجب أن يبدأ التصحيح؟
– من وجهة نظري .. يكمن في نقطة مهمة وحساسة وهي تفرق وتفكك الأمة بسبب المذهبية والحزبية وغيرها من الأمور, ويبدأ التصحيح من الدعوة إلى وحدة الأمة .. وحدتها بالمشاريع الكبيرة, بالعمل على نهضتها وتقويتها, وصب جميع الجهود في مقومات نهضتها وبنائها وتنميتها, ومواجهة الأعداء والذين يخربون وينشرون الفتن, هذا هو الطريق الصحيح.
* نصيحة أو كلمة أخيرة تودون قولها في ظل هذه الأجواء الملبدة, ولمن؟
– ادعو أمتنا بقياداتها السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والعلمية والفقهية إلى الدعوة إلى وحدة المسلمين وترك التنابز بالألقاب والتعصب المذهبي والإغراق في الخلافات.
أدعوهم إلى ما من شأنه أن يشعر المسلمين بأنهم أمة واحدة, يجمعها المصير المشترك, ودين وكتاب ورب واحد, وقبلة واحدة, وأن عليهم أن يتعاونوا ويتآزروا ويتناصروا من أجل نهضة وقوة وعزة أمتهم, وردع من يحاول التخريب سواء كان من الكفار الأصليين غربا كانوا أو في أي مكان ممن يعاون الكفار الأصليين وأولياهم من الدول والزعامات التي تنشر الفتن والبغضاء والكراهية بين المسلمين..
وأسأل الله عز وجل أن يوفق شعبنا وأمتنا إلى العمل الصالح وإلى الخير.

قد يعجبك ايضا