الشعب اليمني..والرسول الأعظم

علاقة حميمية عنوانها الحب والإيمان والوفاء الذي لا يبلى
اليمنيون مستمرون في الاحتفال بالنبي الكريم منذ فجر التاريخ الإسلامي
الاحتفاء بذكرى المولد النبوي جزء هام من عادات وتقاليد وأخلاقيات اليمنيين عبر العصور
العدوان الغاشم على اليمن زاد من ارتباط اليمنيين برسولهم وبنهجه الرباني العظيم

احتفاء اليمنيين بمولد سيد الخلق أجمعين محمد بن عبدالله بن هاشم عليه وآله افضل الصلاة وازكى السلام ليس وليد اللحظة أو مرتبطا بحدث ما أو بمرحلة معينة وإنما كان منذ فجر التاريخ الإسلامي سلوكا متجذرا في أخلاقيات وتقاليد هذا الشعب الكريم الذي تربطه بخير البرية علاقة حميمية عنوانها الحب والإيمان والوفاء المتجدد الذي لا يبلى مهما تقادمت الأيام والسنين بل ولا يزيدها مرور الزمن إلا أصالة وتألقا وجمالا.
الثورة / حمدي دوبلة

ويجمع المؤرخون على ان اليمنيين هم أول من ابتهج برسول الهدى والنور وهم أول من استقبل رسول الله بالفرح والابتهاج وصدحت حناجرهم بأبيات عظيمة لا تزال تتردد إلى اليوم بذلك النشيد الخالد “طلع البدر علينا” عندما وصل عليه وآله افضل الصلاة والسلام إلى المدينة طريدا من مكة وكفار قريش الأشرار طغاة ومستكبري ذلك الزمان.. بل أن بعض المؤرخين والمرجعيات الدينية تؤكد بان اليمنيين هم الوحيدون في هذه الدنيا من انتظر مولد النبي الخاتم ومبايعته قبل مولده بـ 500 ذلك لأنهم كانوا أهل كتاب وعرفوا بمولده الشريف وانتظروا قدومه بشوق كبير.
هذه الحقائق التاريخية حول الارتباط الوثيق بين الرسول الأعظم عليه وآله افضل الصلاة والسلام وبين شعب اليمن تثبتها اليوم المعطيات الجلية على ارض الواقع فالاحتفالات الاستثنائية بمولده الشريف تأخذ مسارا تصاعديا مع تعاقب السنوات وهذه الفعاليات الاحتفائية لا يقيمها اليمنيون من أجل الذكرى فحسب بل من أجل التأسي والاقتداء وإحياء السنة النبوية والتذكير بسيرته العطرة والامتثال لأوامره واتباع سنته ومنهجه والاقتداء بهديه والاتخاذ من منهج النبوة نبراسا لمواجهة كل الخطوب والتحديات.
إن الاحتفاء بذكرى مولد الرسول الأعظم عليه وآله افضل الصلاة وأتم التسليم تبقى بالنسبة لأبناء الشعب اليمني محطة سنوية هامة للتذكير بصفاته ونهجه وسيرته العطرة واستلهام الدروس والعبر في القوة والصلابة والثبات والصبر والإخلاص والحكمة في كل جوانب الحياة.
وذلك لإيمانهم العميق بأن الرجوع إلى سيرته العطرة ماهي إلا استخلاص لكل احتياجاتهم في سبيل النجاح والفلاح والتغلب على كافة المحن والشدائد فهو عليه وآله افضل الصلاة والسلام مدرسة ربانية خالدة لتعلم الصبر والصمود والثبات على الحق ومواجهة قوى الشر والطغيان في كل زمان ومكان وبالتالي التأسي بنهجه للوصول إلى اعلى مستويات النجاح في كل جوانب الحياة.
لقد حظي اليمنيون بمكانة رفيعة في قلب الرسول المصطفى منذ اللحظات الأولى من فجر الدعوة المحمدية إذ كانت لهم مواقف مشهودة في مناصرة النبي الكريم الذي كانت علاقته باليمنيين علاقة محبة ووجدان ووفاء وهو القائل صلى الله عليه وآله وسلم “اني لأجد نفس الرحمن من اليمن ” والعشرات من الاحاديث النبوية الشريفة التي كرست لتعداد فضائل ومكانة أهل اليمن في هذه المسيرة الربانية الخالدة وكان لابد لهذه الأمة التي حظيت بكل هذا الشرف والمكانة العظيمة عند الله ورسوله أن تحتفي برسول الهدى والحق تجسيدا لقول المولى العظيم في القران الكريم ” قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ “.
مظاهر الفرح والابتهاج
يؤمن اليمنيون كما كانوا منذ القدم بأن ذكرى المولد النبوي الشريف تبقى مناسبة دينية عظيمة تستوجب الفرح والسرور وإبراز المظاهر الإحتفائية اعترافا بمنة الله وفضله على عباده.. وانطلاقا من حقيقة أن الأمة لا يمكنها التقدم والتطور إلا بإتباع منهاج رسول الله صلى الله عليه والتأسي بنهجه القويم وان أي ابتعاد عن هذا النهج هو السبب الأول والوحيد في انهزام وانحطاط وانحرافات الأمة وان البوابة المثلى للعودة إلى الصراط المستقيم يتمثل في إحياء سنة النبي الأعظم والاقتداء بصفاته وأخلاقه.
فكان احتفال اليمنيين قديما وحديثا بمولده الشريف بمثابة التأكيد على مكانته في قلوبهم وأدراكهم العميق لما تمثله هذه المناسبة من محطة ضرورية للتقييم وإعادة الحسابات وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة وبالتالي الرجوع إلى القرآن وآياته الكريمة التي فيها الدروس والعظات عن أمور الدين والدنيا والآخرة والى السيرة العطرة والنهج الرباني الذي جاء به خاتم الأنبياء وسيد الخلق أجمعين.
لم تغب أبدا من التاريخ اليمني خلال العقود والقرون الماضية الاحتفالات البهيجة بمولد النبي الكريم وان خبت على المستوى الرسمي في بعض فتراتها بسبب الأنظمة السياسية التي ارتهنت في أدائها لإملاءات القوى الخارجية المتربصة بالأمة وما أدخلته من بدع وأباطيل في أمور الدين خدمة لرغبات وأطماع أعداء الأمة إلا أنها ظلت حاضرة بقوة في عادات وطقوس الشعب اليمني جيلا وارتبطت هذه المناسبة العظيمة بإقامة مجالس الذكر وترديد الأهازيج الدينية المعبرة عن حب رسول الله وموالاة أهل بيته وكذا بنحر الذبائح تقربا إلى الله وامتنانا لفضله وكرمه على البشرية جمعاء بالرحمة المهداة والذي استطاع خلال فترة بسيطة من إخراج الناس من ظلمات الكفر والظلم والطغيان إلى أنوار الهدى والخير والحق وهداية الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد كما كانت تقام المسيرات الفرائحية في مختلف المحافظات والمناطق إلى جانب تزيين البيوت والمساجد باللونيين الأبيض والأخضر لقباب المساجد وغير ذلك من مظاهر الفرح والسرور بهذه المناسبة التي أصبحت اليوم في عهد المسيرة القرآنية اهم واعظم مناسبة على الأطلاق وتحظى باهتمام غير مسبوق على مختلف الأصعدة والمستويات انطلاقا من بعد إيماني عميق بأهمية إحياء هذه المناسبة لتحقيق العودة المظفرة للإسلام والانطلاق صوب المستقبل المنشود على أسس صحيحة ونهج رباني.
أهمية الاحتفال
اليوم تتخذ الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف في حياة الشعب اليمني أشكالا ومظاهر اكثر ألقا وزخما شعبيا ورسميا وأخذت هذه المظاهر مسارا تصاعديا منذ أن شنت دول تحالف الشر والطغيان عدوانها الغاشم على اليمن انطلاقا من حقيقة أن السبيل الأمثل والا نجع بمواجهة جحافل العدوان الذي اجتمع في تحالفه المشئوم معظم دول وإمبراطوريات المال والسلاح في التاريخ الحديث وان لا سبيل للانتصار إلا العودة القوية لنهج النبوة والاقتداء بسيرة النبي الكريم في مواجهة التحديات فقد زرع الرسول الكريم زرع في نفوس أمته العزة والكرامة والمنعة وترك فيها الأسباب الكافية لتكون أمة قوية.
وهاهم اليمنيون اليوم يحظون بشرف وعزة الاحتفاء برسول الهدى والرحمة من خلال احتفالاتهم الاستثنائية وغير المسبوقة بمولد خير البرية وأشرف خلق الله من أجل التأسيس به والتذكير بسيرته العطرة والامتثال لأوامره واتباع سنته ومنهجه والاقتداء بهديه، وتوجيه رسالة لأعداء الأمة بأن اليمنيين سائرون على درب الرسول الأعظم حتى تحقيق النصر.
إن الزخم الشعبي والرسمي الكبيرين في إقامة الفعاليات والاحتفالات بهذا الشكل المبهر والمشرف يؤكد عمق الوعي المجتمعي والارتباط القوي لليمنيين بالرسول الأعظم، وحبهم له وتمسكه ويؤمنون بشكل يقيني بأن الحديث عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو حديث عن العزة والكرامة للأمة وان تكالب الأعداء لن يزيد أبناء اليمن إلا قوة وصلابة وتمكينا ،وان حملات أعداء الأمة الإسلامية لطمس الهوية الإيمانية عن شعب الإيمان والحكمة بشهادة خير البرية لن يكون مصيرها إلا الهزيمة والخسران المبين.

قد يعجبك ايضا