السودان يلحق بدول تحالفه في إشهار التطبيع السري مع الكيان الإسرائيلي

 

هرولة المطبعين تؤكد صهيونية العدوان وتثبت تحذيرات قائد الثورة
سفير أمريكا بمجلس الأمن: لا سلام في اليمن والمنطقة إلا بالتطبيع مع إسرائيل
عبدالسلام : لو قبلنا بطلبات إسرائيل لكانت أدوات العدوان تداس بالأقدام
صمود اليمن بوجه العدوان يجبر دوله على كشف أوراقها ونزع قناعاتها
* فصائل المقاومة الفلسطينية تؤكد ارتباط مجريات الأحداث في اليمن وفلسطين

الثورة / إبراهيم يحيى

أثبتت وقائع الأحداث، الاستشراف المبكر من الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي للمخطط الأمريكي الصهيوني المرسوم للمنطقة عموما واليمن خصوصا، كما أكدت تشخيص قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لهوية العدوان على اليمن وأهدافه، وأنه عدوان أمريكي لتأمين إسرائيل واحتلال اليمن وتقسيمه، وتصفية القضية الفلسطينية.
وأكد تقاطر دول تحالف العدوان على اليمن وهرولتها نحو إشهار تطبيعها السري وتحالفها الفعلي مع الكيان الصهيوني، حديث السيد القائد قبل 8 سنوات في خطاب ذكرى الشهيد، عن أن “أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، ومن يوالي أمريكا ويقبل بأمريكا ويتهاون مع أمريكا سيقبل بإسرائيل وسيخدم إسرائيل ويتعاون مع إسرائيل. هذه حقائق وسيثبتها الواقع”.
أخر شواهد هذا الإثبات، لحاق النظام الحاكم في السودان، الجمعة، بالنظامين الإماراتي والبحريني في إشهار التطبيع الكامل للعلاقات مع الكيان الإسرائيلي على جميع المستويات، وعبر الراعي الرسمي نفسه، الولايات المتحدة الأمريكية، وبشروط مهينة ومذلة للشعب السوداني، قايضت رفعه من “قائمة الدول الراعية للإرهاب” بالارتهان الكامل لواشنطن.
قطار التطبيع
وأعلن النظام الحاكم في السودان برئاسة رئيس “المجلس السيادي السوداني” الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك التطبيع الكامل للعلاقات مع كيان العدو الإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، مقابل رفع الأخيرة اسم السودان المدرج في قائمتها للدول “الراعية للإرهاب” منذ نحو 23 عاما، ومساعدات مالية سنوية.
جاء الإعلان في بيان مشترك للأربعة، قال: “‏بعد عقود من العيش في ظل ديكتاتورية وحشية، تولى شعب السودان زمام الأمور أخيرًا. لقد أظهرت الحكومة الانتقالية السودانية شجاعتها والتزامها بمكافحة الإرهاب، وبناء مؤسساتها الديمقراطية، وتحسين علاقاتها مع جيرانها. في ضوء هذا التقدم التاريخي، وبعد قرار الرئيس ترامب بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.
مضيفا: “اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على الشراكة مع السودان في بدايته الجديدة وضمان اندماجه بالكامل في المجتمع الدولي”. معلنا أن الاتفاق الخياني نص على “البدء بعلاقات تجارية واقتصادية،.. وأن تلتقي وفود من كلا البلدين لمناقشة اتفاقات تعاون في هذه المجالات إضافة إلى تكنولوجيا الزراعة، الطيران، وقضايا الهجرة ومجالات أخرى تخدم مصلحة الشعبين”.
واحتفى رئيس حكومة الكيان الصهيوني بكسر إرادة الشعب السوداني الحر، قائلا: “ياله من انفراج دراماتيكي. في العاصمة السودانية الخرطوم تبنت جامعة الدول العربية عام 1996، اللاءات الثلاث: لا للسلام مع إسرائيل، لا للاعتراف بإسرائيل، لا للمفاوضات مع إسرائيل”. مردفا: “لكن الخرطوم اليوم تقول نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف بإسرائيل، نعم للتطبيع مع إسرائيل”.
في حين قوبل الإعلان باحتجاجات شعبية وسياسية ومدنية للقوى السودانية الوطنية، التي اعتبرت الاتفاق “خيانة وصادر عن سلطة انتقالية لا شرعية لها”. مؤكدة “التمسك بالموقف الثابت والمبدئي للشعب السوداني من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة في استعادة أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين”.
واعتبر زعيم حزب الأمة السوداني، الصادق المهدي، أن “التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي خيانة، ولا علاقة له بالحريات”. وقال نهاية سبتمبر الفائت: إن حزبه “سيقود حملةً للحد من خداع الشعب بالتطبيع”، فيما حذّر الحكومة من مغبة اتخاذ قرار بالتطبيع مع إسرائيل، حتى لا تدخل البلاد في مواقف خلافية”. مطالبا السلطات الحاكمة في السودان “الكف عن الاتصالات في اتجاه التطبيع”.
من جهته، أكد القيادي في حزب المؤتمر الشعبي السوداني إدريس سليمان، أن “الشعب السوداني بجميع اطيافه يرفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي”. وقال إن القضية الفلسطينية “هي القضية المركزية الأولى بالنسبة للشعب السوداني”. مشدداً على أن ”المفاوضات حول التطبيع هي مفاوضات خائنة وخائبة”. وتسائل في تصريحات صحافية: “أي ثمن يوازي القيم والمبادئ؟”.
هوان التطبيع
واستبق أستاذ العلوم السياسية المفكر الكويتي البارز الدكتور عبدالله النفيسي، إعلان النظام السوداني التطبيع مع العدو الإسرائيلي، بكشف تفاصيل صادمة عن شروط الولايات المتحدة الأمريكية لرفع العقوبات المفروضة على السودان منذ نحو 23 عاما. وقال: إن “الوفد السوداني الذي تفاوض مع الأمريكان حول التطبيع مع إسرائيل فوجئ بوضع الأمريكان 47 شرطاً لتحقيق التطبيع” مع الكيان الإسرائيلي.
ساردا في سلسلة تغريدات له على موقع التدوين المصغر “تويتر” مطلع أكتوبر الجاري: إن “من تلك الشروط توطين ملايين من اللّاجئين الفلسطينيين في السودان الشاسع وسيطرة الأمريكان على المياه الإقليمية السودانية بالبحر الأحمر”. بالتزامن مع كشف مصادر سياسية لقناة “الميادين” عن الشروط الأمريكية التي طرحت في الإمارات لرفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب وتطبيعها مع إسرائيل.
ونقلت قناة “الميادين”، عن تقارير ومصادر دبلوماسية، أن شروطا أمريكية وُصفت بأنها “مهينة ومذلة”، وجاء بينها “الإشراف الأمريكي الإسرائيلي على الموانئ والمياه الإقليمية السودانية لمحاربة الإرهاب، وتعديل المناهج التعليمية السودانية”، إضافةً إلى “منع الاستثمارات الصينية في السودان، وإمكانية توطين لاجئين فلسطينيين”. مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومنحها ملياري دولار سنويا.
الأمر الذي استفز السودانيين ومن تعليقاتهم على صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية”، نقرأ لعباد انس قوله: وعدكم الله بتاسيس دولة قوية ووعدنا نحن بتحطيم هذه الدولة افرحو الان انتم و عبيدكم لكن ليس كثيرا فستذلون في الدنيا قبل الأخرة”. وراشد سليمان غانم: “تطبيع مسروق، الحكومة انتقالية ما شرعية. سرقوا ثورتنا وثروتنا والآن سرقوا كلمتنا. إسرائيل مغتصبة وسوف تزول إن شاء الله، وهذا الوعد الصدوق”.
بينما عبر الناشط السوداني قاسم البله، عن موقف غالبية السودانيين، قائلا: “نقولها وبملىء فيهنا، هذا التطبيع لا يمثلنا كشعب، ستظل اللآءات قلادة شرف على جبين كل سوداني حر. أما برهان وحميدتي وحمدوك هؤلاء العملاء المرتزقين لا يعلمون بأنهم يتحدثون باسم بلد عرف عبر الزمان بالقيم والثبات على المبادئ والدفاع عن الحقوق والعدالة، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهؤلاء العملاء وكلاء المنظمات فاقدين لكل شيء”.
سلسلة المطبعين
في السياق نفسه، وقطار إشهار التطبيع السري مع الكيان الإسرائيلي، إلى العلن. تؤكد حكومة الأخير، أن التالي هو السعودية، والتي تتريث في إشهار علاقاتها مع العدو الاسرائيلي، لحين امتصاص ردود فعل الشارع العربي لإعلانات اتفاقات تطبيع كل من الأمارات والبحرين والسودان، واستكمال تهيئة الشارع السعودي، إعلاميا وعبر مشايخ الدين التابعين للنظام، لتلقي الحقيقة، بما لا ينتج عنه رد فعل يهز النظام.
وبعد أيام على الإعلان عن التطبيع مع الإمارات، قال مستشار وصهر ترامب، جاريد كوشنر، إن “السعودية ستكون الدولة القادمة التي ستوقع على اتفاق سلام مع إسرائيل، وسيحدث هذا بالفعل في وقت قريب”. الأمر الذي بدأ الترويج له سعوديا عبر الدراما السعودية وتلك الخليجية الممولة من السعودية، ثم عبر الثناء والإشادة على خطوات الإمارات والبحرين الخيانية لتوقيع “اتفاقات السلام” مع الكيان الإسرائيلي.
في هذا، كتب السياسي الصهيوني تسفي برئيل، مقالا نشرته صحيفة “هارتس” الصهيونية في 25 سبتمبر الماضي، تحت عنوان “ما الذي يؤخر السعودية في اللحاق بركب التطبيع مع إسرائيل؟”، قال فيه: “سيطول قليلا انتظار توقيع اتفاق التطبيع مع السعودية، متزامناً مع حبس الأنفاس. وهو تأخير ينسبه محللون ووسائل إعلام عربية وأجنبية إلى الخلاف بين الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد في مسألة النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني”.
مرجعا إعلان “الملك سلمان في خطابه بالجمعية العمومية للأمم المتحدة بأن السعودية تتمسك بالمبادرة العربية التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وانسحاباً إسرائيلياً كاملاً كشرط للتطبيع”، بأنه “انتظار تكتيكي لنتائج الانتخابات الأمريكية لفحص من فاز بالهدية السعودية وممن يمكن الحصول على مقابل أكبر من أجلها”، ومؤكدا بأن “ولي العهد محمد بن سلمان يدفع نحو تسريع هذه العملية كجزء من حلمه الاستراتيجي” للملك والبقاء.
لكنه نوه بأنه “أمطرت السعودية وابلاً من المكرمات على اتفاقات السلام الأخيرة، فأثنت على خطوات الإمارات والبحرين التي تمت بتنسيق ودعم من ابن سلمان، وفتحت سماءها أمام الرحلات الجوية من إسرائيل وإليها. وألقى أحد الفقهاء المهمين، عبد الرحمن السديس، إمام الحرم المكي، خطبة شجع فيها إدارة علاقات خارجية عن طريق الحوار حتى مع اليهود”. معتبرا ذلك “خطوة مخطط لها استهدفت تهيئة الرأي العام في السعودية والعالم الإسلامي”.
هوية العدوان
وبجانب إعلان بدء شن العدوان على اليمن من العاصمة الأمريكية واشنطن على لسان سفير السعودية حينها عادل الجبير، وتأكيد الأخير أن قرار الحرب “جرت دراسته منذ أشهر مع حلفائنا ومؤسسات الدفاع في واشنطن ولندن”، وإعلان الرئيس الأمريكي، حينها، أوباما، ورئيسة وزراء بريطانيا مايا تريزا، دعم بلديهما الكامل للتحالف السعودي الإماراتي، عسكريا ولوجستيا، وتحقيق أهدافه.
أقر، مؤخرا معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بخلفيات قديمة لما سماه “المؤامرة في اليمن”. وأكد أنها لم تبدأ في عام 2015م، بل تعود إلى سنوات عدة، بقوله: “إن خطوط المؤامرة الظاهرة في اليمن اليوم لم تبدأ في عام 2015، ولن تنتهي معظمها عندما تنتهي الحرب الحالية”. مرجعا الأسباب إلى “الصراع الخارجي لإشراف البلد على الممرات المائية الرئيسية للتجارة العالمية” حد زعمه.
وهو ما سبق إلى إعلانه السيد القائد عبد الملك الحوثي، في كلمة له في اليوم التالي لشن العدوان 26 مارس 2015م، قائلا: “إن هذه القوة الظالمة وعلى رأسها جار السوء، هذا النظام الظالم الغشوم، وهي ترتكب هذه الجرائم بحق شعبنا اليمني العظيم، وتنفذ هذا العدوان، إنما هي تنفذ إرادة أمريكية، ورغبة اسرائيلة”. وظل السيد القائد يؤكد هذه الحقائق في خطاباته المتتابعة بدلائل أجلى وضوحا.
في وقت ظلت دول تحالف العدوان ترفع شعارات وأهداف مضللة وخادعة لحربها، تحصرها في “إعادة الشرعية واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب والوجود الإيراني في اليمن” حسب زعمه. بينما أظهرت مجريات حربه أنه لا يدعم “شرعية” هادي، واجهز على الدولة اليمنية مؤسسات وسيادة، ودعم تأسيس مليشيات انقلابية على هادي في مناطق سيطرة التحالف، ولم يثبت أي وجود إيراني في اليمن.
وبرز لافتا، أمام فشل تحالف العدوان في تنفيذ أهدافه المضمرة، وسقوط أهدافه المعلنة، تصاعد وتيرة المجاهرة بالخيانة، من جانب حكومة فنادق الرياض” على صعيد التفريط بسيادة اليمن وجزره، وعلى صعيد التسويق للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، عبر فصائل مليشيا وقوى تحالف العدوان، في الساحلين الجنوبي والغربي لليمن ومئات الجزر اليمنية المتناثرة في مياه البحرين الأحمر وبحر العرب.
مساومة علنية
في هذا، سبق أن اعلن وزير الخارجية الأمريكية جون كيري عن مساومة اليمن على حريته واستقلاله وسيادته مقابل وقف العدوان، واعلن في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية السعودية عادل الجبير في عام 2016م، عن شروط تصدرها “ضمان جعل السواحل اليمنية منطقة معزولة السلاح والصواريخ”.
ولا يتوقف انكشاف أوراق العدوان على اليمن عند هذا الحد، بل امتد أمام صمود اليمن ومحور المقاومة، إلى التصريح رسميا بمساومة علنية من جانب قائدة العدوان الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان مندوبتها في مجلس الأمن، الثلاثاء الفائت، على وقف العدوان مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني.
المندوبة الأمريكية كيلي كرافت، قالت على نحو فاضح في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء الماضي 20 أكتوبر الجاري: إن “لا سلام في اليمن والمنطقة إلا باعتماد خيار إقامة العلاقات مع إسرائيل: على شاكلة اتفاق الخيانة بين دول تحالف العدوان بدءا بالأمارات ثم البحرين وأخيرا السودان، وقريبا السعودية.
وتحت عنوان “الحفاظ على السلام والأمن الدوليين: مراجعة شاملة للوضع في منطقة الخليج (الفارسي)”، قالت المندوبة الأميركية خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي كرست لبحث تطورات في مارب والجوف، الثلاثاء، بشكل واضح وصريح: أن إقامة العلاقات مع العدو الإسرائيلي هو بوابة السلام في المنطقة.
جاء حديث المندوبة الأمريكية كيلي كرافت بينما كان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، منشغلاً بتقزيم أسباب الحرب العدوانية على اليمن بحديثه على نحو لافت عن مأرب والجوف والحديدة، وانتصارات الجيش واللجان الشعبية على قوات تحالف الغزو والاحتلال والعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي.
ويشكل تشخيص كرافت لأسباب الصراع في المنطقة “اعترافا واضحا بأن المشروع الأميركي في المنطقة هو جر الدول المتمسكة بفلسطين إلى الأحضان الصهيونية على النحو الذي تشهده المنطقة من إعلان الخيانة في البيت الأبيض وما تلاه من خطوات مكشوفة” حسب مراقبين في حديث لقناة “العالم” الخميس.
موقف مبدئي
هذا الإعلان الأمريكي الصريح، يأتي بعد أسابيع على كشف رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام، عن طلبات أمريكية وإسرائيلية لوقف العدوان على اليمن، في سياق تعليقه على توقيع النظامين الإماراتي والبحريني اتفاقي الخيانة لقضية الأمتين العربية والإسلامية، والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي الصهيوني.
عبد السلام قال: إن “من أبدى حرصه على سلام مزعوم مع إسرائيل، التي لا حرب لهم معها، لم يذهبوا من أجل السلام والاستقرار في اليمن”. وأكد أن “الدول التي تحركت باتجاه إسرائيل لم تكن في اي معركة مع العدو الإسرائيلي ولا يمكن أن تغير شيئا على الواقع فهم قد أعطوا الكيان الصهيوني كل شيء أثناء التطبيع السري”.
مضيفا: إن “المواقف التي تتحرك بها الشعوب ستبقى، ولن يستطيع أي طرف أن يجعل من المغصوب حلالا ومن المنكر معروفا، وموقفنا هو في الاتجاه الصحيح بكل الاعتبارات”. مردفا: “نؤكد على موقفنا الثابت والراسخ تجاه القضية الفلسطينية ورفض التطبيع بكل أشكاله كموقف ديني وأخلاقي وإنساني”.
وتابع: إن “القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية وهي قضية الحق في مواجهة الباطل ولا يمكن قبول أي تحرك للاعتراف بالكيان الصهيوني”. مردفا: “لا نعتبر قضية التطبيع مع العدو الصهيوني خاضعة للمصالح السياسية بل قضية دينية أخلاقية أمام كيان غاصب صادر أرض الفلسطينيين وشردهم ويعتقل الآلاف منهم”.
مؤكدا: “الكيان الصهيوني لن يتوقف كما لم يتوقف من قبل عند مساحات محدودة في فلسطين بل توغل أكثر لأنه كيان غاصب ومحتل لمقدسات الأمة ومشرد لشعب فلسطين”. وقال مردفا: “لو نقبل بجزء بسيط من مطالب إسرائيل وأمريكا لداسوا على مطالب من لازالوا يعتدون على اليمن بالأحذية”.
إنجازات الصمود
يتزامن هذا الكشف لأوراق العدوان ودوافعه وأهدافه، مع كشف أجهزة الأمن في العاصمة صنعاء، عن وثائق مراسلات وتقارير رسمية صادرة عن السفارة الإماراتية في صنعاء وعن جهاز الأمن القومي أبان حكم علي صالح، تظهر اللجوء للعدوان على اليمن بعد فشل تمرير وتحقيق الأهداف الصهيونية في اليمن، سياسيا.
وكشف المتحدث العسكري العميد يحيى سريع، كشف في مؤتمر صحفي مطلع أكتوبر الجاري، عن مجموعة وثائق رسمية لمراسلات وتقارير، يرجع تاريخها إلى العام 2004م، توثق زيارات ولقاءات دبلوماسية بين إسرائيل والنظام السابق تناولت تعاونا سياسيا وتجنيس آلاف اليهود بالجنسية اليمنية وتعاونا أمنيا وعسكريا.
موضحا، أن الزيارات واللقاءات شملت الحديث عن الجزر اليمنية في البحر الأحمر والبحر العربي، تحت عنوان إقامة مشاريع اقتصادية استثمارية للتغطية على سيطرة العدو الإسرائيلي عليها. وأكد “امتلاك أدلة أخرى على المشاركة العسكرية الإسرائيلية في العدوان على اليمن، سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب”.
وقوبل الكشف عن وثائق زيارة مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي للعاصمة صنعاء في عهد النظام السابق برئاسة علي عبدالله صالح، بتأكيد إسرائيلي، لوجود لقاءات وتبادل زيارات مع نظام عفاش في مجالات عسكرية واقتصادية وثقافية، على لسان الصحافي الإسرائيلي المتخصص بالشؤون العربية، جاكي حوجي.
حوجي أكد زيارة مساعد وزير الخارجية الإسرائيلي بروس كشدان، أكثر من مرة للعاصمة صنعاء منذ 2005م ولقائه صالح وكبار مسؤولي الدولة، وبحث علاقات تعاون سياسي وعسكري وامني واقتصادي وتجاري بين النظام السابق والكيان الإسرائيلي، مؤكدا في تغريدة على حسابه أن “مصداقية هذا الخبر عالية”.
وأضاف بتغريدة ثانية: إن “بروس كاشدان (الذي زار صنعاء مرات عدة) عمل دبلوماسياً لإسرائيل” وأنه “عمل سراً في دول الخليج في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين خلال نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح”. في سبيل إقامة علاقات تعاون تحت شعار “حماية امن البحر الأحمر وباب المندب”.
الأمر نفسه، واصله بصورة اكثر علنية النظام السابق برئاسة المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، قبل العدوان على اليمن، وبعد فشله في تحقيق أهدافه. ومن أبرز شواهد ذلك، لقاء ما يسمى وزير خارجية “حكومة فنادق الرياض” خالد اليماني مع رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو في مؤتمر بمدينة وارسو.
وقبل هذا، كشف رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، نهاية سبتمبر الماضي، عن خفايا هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ووصايتها على اليمن ونظامه الحاكم ما قبل العدوان، وأنها تجاوزت اختيار رئيس الحكومة ومسؤولي البلاد إلى “البحث مع الرئيس هادي وحكومة بحاح، مسار التطبيع مع إسرائيل”.
مؤكدا في لقاء مع قناة المسيرة: “قادة أطراف الحوار كانوا يجتمعون في بيت هادي بصنعاء، بحضور علي محسن الأحمر وحميد الأحمر والسفير الأمريكي، ولم يكن يجرؤ هادي على عقد اجتماع دون حضورهم”. مردفا: “الأمريكيون وصلوا إلى درجة البحث مع الرئيس هادي وحكومة بحاح، عن مسار للوصول إلى التطبيع مع إسرائيل”.
كما أعاد إعلان المسؤولة الأميركية شرط وقف العدوان على اليمن، إلى الأذهان مشهد جلوس ما يسمى وزير خارجية “حكومة فنادق الرياض” خالد اليماني إلى جوار رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو، خلال افتتاح مؤتمر “السلام والأمن في الشرق الأوسط” في العاصمة البولندية وارسو في 14 من فبراير 2019م.
وهو المشهد الذي بدا غير عفوي لتباعد الترتيب الابجدي بين اليمن و”اسرائيل” واستحالة المصادفة في تجاور المقاعد، وقد أكد ذلك رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حينها على حسابه في “تويتر”، بنشر صورة المدعو “خالد اليماني” بجواره، معلقا عليها بالعبرية “نصنع التاريخ”. في إشارة لما خلف الكواليس.
صوابية المسار
هذه الوقائع والأحداث المتوالية في سياق تكشف هوية العدوان على اليمن وحقيقة دوافعه وأهدافه، تؤكد في مجملها صوابية مسار المقاومة والتصدي والصمود بوجه تحالف العدوان، ونجاحات هذا المسار المتحققة طوال نحو ست سنوات، وفي مقدمها إجبار تحالف العدوان على كشف أوراقه ونزع الأقنعة، الخادعة والمضللة.
ومن ذلك ما قاله السيد القائد عبدالملك الحوثي قبل نحو ثماني سنوات ماضية: “من أساسيات ما تسعى إليه أمريكا ومن الأولويات لدى الأمريكيين خدمة إسرائيل والعمل لمصلحة إسرائيل، وأمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، وأينما يكون لأمريكا موطئ قدم سياسيا أو عسكريا أو استخباراتيا، سيكون لإسرائيل موطئ قدم أخر”.
مضيفا في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد عام 1433 بثقة تعكس الدراية وتجسد اليقين: “ومن يوالي أمريكا ويقبل بأمريكا ويتهاون مع أمريكا سيقبل بإسرائيل وسيخدم إسرائيل ويتعاون مع إسرائيل. هذه حقائق وسيثبتها الواقع”. وهو بالفعل مع حدث، واثبتته مجريات الأحداث ووقائع العدوان على اليمن وما كشفته من حقائق.
ظل هذا اليقين يتعزز بشواهد ووقائع جلية، فعلق السيد القائد في كلمة له في اليوم التالي لشن العدوان 26 مارس 2015م، قائلا: “إن هذه القوة الظالمة وعلى رأسها جار السوء، هذا النظام الظالم الغشوم، وهي ترتكب هذه الجرائم بحق شعبنا اليمني العظيم، وتنفذ هذا العدوان، إنما هي تنفذ إرادة أمريكية، ورغبة اسرائيلة”.
ومؤخرا، جدد السيد القائد تأكيد دوافع العدوان قبل كشف المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن لها صراحة، قائلا في خطابه بمناسبة ذكرى استشهاد إمام الجهاد، الأمام زيد عليه السلام، في 14 سبتمبر 2020م، قائلا: “الآن اتضحت الأمور وتجلت أكثر فأكثر، كان البعض لا يستوعبون عندما كنا نتحدث في بداية العدوان ونقول لهم هؤلاء يتأمرون على اليمن”.
مضيفا: “هؤلاء لهم أهداف ظالمة وسيئة وتخريبية وعدوانية في اليمن، هم يريدون احتلال اليمن والسيطرة على الشعب اليمني، وهم يريدون من وراء ذلك أن يمكنوا الأمريكي والاسرائيلي، ليأتي من خلفهم فيسيطر على هذا البلد، وهم مجرد أدوات يتحملون الحمل الثقيل ويدفعون الكلفة الباهظة في سبيل أن يمكنوا الأمريكي وأن يمكنوا الإسرائيلي من احتلال هذا البلد والسيطرة على هذا البلد”.
ويظهر واضحا أن الصمود بوجه العدوان والتصدي له ومخططاته وأهدافه في اليمن، والانتصارات المتحققة على حلف الشر “الانجلو صهيوني” في اليمن وباقي دول محور المقاومة، قد افشل وأعاق تنفيذ المخطط سياسيا، واضطر دول الحلف إلى اللجوء للحرب والعدوان ومحاولة كسر إرادة الشعوب في دول محور المقاومة العربية والإسلامية.
يتجلى هذا في كل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وفي عدد من الدول الإسلامية تتصدرها جمهورية ايران، وعلى نحو يؤكد ما قاله السيد القائد عبدالملك الحوثي، في خطاب بمناسبة ذكرى الشهيد، قبل شن العدوان: “لا يخيفنا مجلس الأمن ولا الدول العشر، ولا أي قوة طاغية أو مستكبرة، لأننا نحمل ثقافة ورؤية ورقي وعزيمة هيهات منا الذلة”.

قد يعجبك ايضا