المبـيـدات تواصـل التسلـل إلـى أجسادنـا


الثلاثي القاتل في القات: الديموتويت والدورسبان وكريستال
دراسات:
زيادة أمراض السرطان ناجم عن مركبات تحتويها المبيدات المهربة
تجــار:
نحن نشتري المبيدات من مستوردين معروفين لماذا لا يتم ضبطهم
ســوق المبيدات يزدهـــر.. والرقابـة لاتــرى.. لاتسمـع.. لاتتكـلـم
أخطار كثيرة وآثار وخيمة تسببها المواد الكيميائية والسامة التي تحتويها المبيدات المهربة والمستخدمة في رش المحاصيل الزراعية, أخطار يكمن وراءها غول كبير من الفساد والتهريب للعديد من المبيدات المحظورة والممنوع استيرادها وتداولها لسميتها الحادة وخطرها الكبير على الإنسان والتي تؤدي في أغلب الأحوال إلى الأمراض المسرطنة حسب تأكيدات الأطباء المتخصصين وهو ما تعاني منه اليمن كثيراٍ بسبب تعاطي المواطنين للقات الملوث أصلاٍ بهذه المبيدات والسموم الخطيرة ونظراٍ للإقبال الكبير على هذه الشجرة الخبيثة استعان الكثير من المزارعين بأنواع خطيرة من المبيدات لغرض زيادة الإنتاج مما جعل محصول القات المستهلك الأول للمبيدات والأسمدة ولا يخفى على أحد الاستخدام الجائر لهذه المواد القاتلة في محاصيل عديدة تشكل العنصر الرئيسي لغذائنا مثل الخضروات وبالذات خلال أيام فصل الشتاء وبذلك يصبح الطلب من قبل المزارعين كبيراٍ وهنا يستغل بعض التجار ضعاف النفوس الذين لا تطالهم يد الرقابة الفرصة فيغرقون الأسواق بالمبيدات المهربة والمغشوشة ويهدفون بذلك الحصول على الأرباح التي تشبع نفوسهم الخبيثة ورغباتهم الجشعة.

من المعروف أن التنمية المستدامة هي إحدى الضمانات الرئيسية لحاجات الأجيال القادمة والتي ترتكز على البيئة الصحية السليمة التي توفر في نفس الوقت لجيل الحاضر مقومات الأمن والسلامة في الحياة فمن غير المعقول أن نبني جيل تنتشر فيه الأمراض ويعيش في بيئة ملوثة لذلك تعتبر قضية البيئة والمحافظة عليها من مختلف أنواع التلوث واحدة من أهم القضايا الرئيسية ومحوراٍ هاماٍ لحياة كل الكائنات بما فيها الإنسان وتهيئة البيئة الصحية وبالتحديد حماية المواطن من خطر المبيدات المهربة واجب تتحمل مسؤوليته الدولة وفقاٍ للقرار الوزاري رقم (26) لسنة 2007م والذين حدد (349) مادة فعالة لمركبات مبيدات الآفات التي يمنع تداولها في الجمهورية اليمنية ويخضع من يقوم باستيرادها وبيعها للمساءلة أمام القضاء لينال جزاؤه الرادع.
المزارعون وعدم الالتزام
المتضرر الأول من المبيد الكيماوي المزارع وأفراد أسرته وخصوصاٍ النساء والأطفال الذين يقومون برش الأشجار لأنهم يصبحون عرضة للكثير من الأمراض اقتربنا منهم وتحدث إلينا محمد رسام وهو أحد المزارعين في محافظة صنعاء الذي يقول: كنا في السابق نقوم باستخدام المعارف التقليدية والمتوارثة عن الآباء في مكافحة الآفات الزراعية مثل رش العنب والقات بالرمل الخفيف ولم نكن نستخدم المبيدات إلا نادراٍ غير أن السنوات الأخيرة جعلت من بعض المزارعين يتجهون إلى زراعة القات بكثرة نظراٍ للعائد المادي الذي يحصلون عليه من هذه الشجرة مقارنة بالمحصولات الزراعية الأخرى مثل الفواكه والخضروات لذا فإن القات يعتبر المحصول الأول ولزيادة عمليات قطفه وإنتاجه يتم استخدام المبيدات فيه وبشكل كبير لا يراعي المزارعين معها انتهاء فترة الأمان للمبيد بل ويقومون ببيعه بعد رشه بالمبيد بيومين أو ثلاثة أيام وهذه نعرفها نحن المزارعين كما نعرف العديد من المبيدات الخطيرة والممنوعة والتي تباع في المحلات وهنا نسأل من الذي سمح لها بالدخول فاللوم والاتهام يجب أن يوجه لوزارة الزراعة والدولة في الأساس.
وعقب خالد الجيلاني من أهالي بني حشيش بقوله: تعتبر مديرية بني حشيش من أكثر المناطق الزراعية في صنعاء بل وفي اليمن إنتاجاٍ لمحصول العنب وفي بعض الحالات يتطلب استخدام المبيدات في مكافحة الآفات الزراعية غير أن الخطر الذي يحدق بالعديد من المزارعين هو الاستخدام العشوائي للمبيد الكيماوي ووصوله إلى الرئتين مما يجعله سبباٍ أكيداٍ لأمراض خطيرة جداٍ فالمزارعون لا يحملون الوعي الكافي وتابع: وما يتردد عن السموم الخطيرة والأسمدة الخارجية كالسماد الحديدي وما يقال عنه السم الإسرائيلي ليس خفياٍ على الجهات المسئولة ويشتريها المزارعون من الأسواق ونحن لا نخلي مسؤوليتنا هناك بعض المزارعين يستخدمونها دائماٍ وبالتحديد لتحسين إنتاج القات وهؤلاء لا يتقون الله ولا يهمهم إلا الربح المادي وبصراحة أغلب ما نستهلكه من الخضروات للأسف أصبحت تلوثه هذه المبيدات.
لا أحد يطالهم
لا ندري كيف تباع الكثير من المبيدات في المحلات رغم أنها ممنوعة وعلى مرأى ومسمع من وزارة الزراعة والإدارة العامة لوقاية النبات فمن المسؤول¿ علماٍ بأن أغلب المزارعين لا يملكون الوعي الكافي وما يهمهم زيادة الإنتاج لا غير وبذلك يخلون مسؤوليتهم كونها تباع في الأسواق .. طرحنا أسئلتنا على بعض أصحاب محلات بيع المبيدات لنجدهم يخلون مسؤوليتهم كونهم يشترونها من وكلاء معتمدين فإلى أين سنصل¿ إنه حبل طويل لمجموعة أثرت مصلحتها المادية على صحة وسلامة المواطنين وهنا نمتلك الدليل القاطع : ومن واقع إحدى القضايا المنظورة في محكمة شمال الأمانة حيث وجهت تهمة بيع مبيد غير قانوني لأحد أصحاب محلات بيع المبيدات وخلال معاينة إحدى علب هذا المبيد أتضح أنها لأحد المستوردين الرسميين هنا قال صاحب المحل : نحن نشتري المبيدات من وكلاء ومستوردين مرخص لهم من قبل وزارة الزراعة ولسنا معنيين إذا كانت مهربة فهذا يعود لجهة الاختصاص فهي المسؤولة عن ضبط هؤلاء الموردين ومثلما نخضع للرقابة والتفتيش لما لا يخضع هؤلاء للرقابة فهم من يدخلون هذه المبيدات للأسواق.
وخلال جولتنا إلى العديد من محلات بيع المبيدات اتضح لنا أن من يشتغلون في بيع المبيدات. هنا تتضح جوانب القصور الكبيرة فيما يخص دور وزارة الزراعة والري والرقابة على بيع تلك المبيدات ومن يبيعها أيضاٍ.

أين الرقابة
من المعروف أن الرقابة والتفتيش في وزارة الزراعة هي المعنية بمراقبة دخول المبيدات والتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات وأنها دخلت بتصريح رسمي من قبل الجهات المختصة كما أنها المخولة بالقيام بحملات التفتيش على جميع مراكز ومحلات بيع المبيدات والسؤال لو طبقت هذه الإجراءات هل كنا سنرى هذه الفوضوية والاستهتار بحياة الناسُ¿ سؤالنا هذا طرحناه على رئيس الرقابة والتفتيش في وزارة الزراعة والري المهندس عبدالله حمود الحاج والذي قال: قبل أن يتم الحكم علينا بأننا مقصرون يجب أن يدرك الجميع أننا نقوم بواجبنا على أكمل وجه غير أن التهريب هو الآفة التي لانستطيع مواجهتها بمفردنا لذا سعينا جاهدين إلى التنسيق مع الأجهزة الأمنية في الموانئ بعد أن اجتمعنا مع مجلس الوزراء وقيادة الأمن القومي والأمن السياسي والنائب العام ووزير العدل وقمنا بتشكيل لجنة متابعة بالتعاون مع القوات المسلحة والأمن وتمخض عنها ضبط عدد من الحاويات في ميناء المخا وكذلك في ميناء عدن وهذه الحاويات تحتوي على مبيدات مغلقة بإحكام ويمنع تداولها في الجمهورية اليمنية ومنها مبيد (الديموثويت) و(الدورسبان) ومبيد كريستال وهذه تستخدم لرش محصول القات.
وأوضح الحاج: أن التوعية لا تصل إلى المزارعين بشكل تام بسبب الجانب الديمغرافي للجمهورية اليمنية وبالتالي نحاول ضبط المخالفات التي في الأسواق إلا أن العديد من النافذين وأصحاب المحلات يقومون بالاعتداء على فرق الرقابة والتفتيش كوننا نستطيع توجيه الجهات الأمنية باستخدام القوة ضد المخالفين كما أننا نأسف لعدم قيام وزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك بتقديم معلومات دقيقة وصحيحة عن الحالات المرضية التي تسببها المبيدات.
المهربون لا يطالهم القضاء
القاضي باسم نعمان حمدين قاضي المخالفات والمبيدات في محكمة شمال الأمانة أكد بأن هناك عدد من القضايا البعض تم الفصل فيها والبعض لا زال محل النظر وقال: ما نعانيه نحن هو وجود قصور من الإدارة العامة لوقاية النبات وكذلك وجود قصور خلال مرحلة التحقيق لدي النيابة وعدم ضبط الموردين الرئيسيين الذين يدخلون هذه المبيدات إلى الجمهورية اليمنية والسبب أن هؤلاء أصحاب نفوذ ومسؤولية ضبطهم تخص مأموري الضبط وزارة الداخلية وهناك قضايا لدينا لبعض التجار المتهمين بتداول مبيدات محظورة دولياٍ ومبيدات مسرطنة كما أن هناك مبيدات تضر بالنبات والتربة وتتعدد القضايا باختلاف نوع المبيد وأثاره الجانبية والمباشرة وأخطرها المبيدات المسرطنة والتي تدخل إلى اليمن بطريقة غير مشروعة عن طريق التهريب.
ويضيف القاضي حمدين: من يقدم إلى المحاكمة هم التجار أما من قام بإدخال المبيدات وبيعها لهؤلاء التجار لم نحاكم منهم أحد ولم يصل إلينا أي واحد منهم ونحن لا نحاكم إلا من وصل إلينا والمفترض أن يتم ضبطهم من قبل الإدارة العامة لوقاية النبات بوزارة الزراعة ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع علماٍ بأنه قد جرى التنسيق بين النائب العام ووزير الداخلية ووزير الدفاع ووكيل جهاز الأمن القومي ووكيل جهاز الأمن السياسي في الفترة الأخيرة وتم تشكيل لجنة مشتركة من أجل ضبط المبيدات التي تدخل عن طريق السواحل والموانئ والمنافذ الحدودية وإحالة مورديها إلى النيابة العامة وقد تم التعميم علينا من قبل التفتيش القضائي الاهتمام بسرعة الفصل في قضايا المبيدات ونحن ننظرها أسبوعياٍ بمعدل يوم في كل أسبوع.
مبيدات مجهولة وقاتلة
أكدت مؤسسة الأبحاث العلمية SRF التأثيرات السلبية للمبيدات على الإنسان كما أوضحت أن تحديد أعراض الإصابة بالتسمم الحاد الناجم عن المبيدات ليس بالأمر السهل إذ أن تلك الأعراض تشبه الأعراض العامة التي تعتري الإنسان في حياته اليومية كالصداع والغثيان والتشنجات غير أن لها القدرة على إحداث السرطان وإحداث التشوهات الخلقية والأورام بالإضافة إلى التسمم المزمن نتيجة تراكم المبيدات في الجسم بكميات قليلة وعلى فترات طويلة خاصة وأن معظم المبيدات المهربة غير المرخصة دولياٍ تحتوي على مركبات مصل DDT والأندرين والديلدرين إضافة إلى مركبات الزرنيخ ومركب الامينوترأيازول والتي ثبت علمياٍ تسبب أنها بداء سرطان الكبد والجلد وسرطان الغدة الدرقية.
وفي نفس السياق كشفت دراسة زراعية هامة أعدها المهندس الزراعي هاشم العيدروس: أن هناك المئات من المبيدات غير المصرحة في الأسواق المحلية وهناك مبيدات مجهولة المصدر مما يعني أن هناك مخاطر كبيرة عند استخدامها الدراسة التي تحمل عنوان (المبيدات وأثرها على البيئة والإنسان) أشارت إلى أن بعض المزارعين لا يلتزمون بفترة (التحريم) وهي فترة ما بين الرش وجني المحصول والتي لا يزال المبيد خلالها ساماٍ وفعالاٍ.
هذه الدراسة والواقع الزراعي الملوث بالسموم القاتلة إضافة إلى الوضع الصحي والذي جعلنا من أكثر الدول إصابة بأمراض السرطان يجعلنا ندق جرس الإنذار لكل مواطن ومزارع حريص على صحته ولكل مسؤول لم يحرك ساكناٍ
في الموضوع رغم خطورته.
 مازن رشاد

قد يعجبك ايضا