استثمار الرياضة غياب وتغييب

 

حسن الوريث

في أحد اللقاءات مع الكابتن علي الشيبة وهو أحد المدربين المعروفين في كرة القدم على مستوى الوطن حيث درب في عدد من الأندية الرياضية وكانت ومازالت له بصمات متميزة وقد كان الحديث حول نقطة مهمة جداً تتعلق بغياب الاستثمار الرياضي في الكثير من الأندية واقتصاره على القليل منها حيث يتركز أصحاب رؤوس الأموال في الأندية الكبيرة بل أنهم يتكدسون فيها بينما الأندية الأخرى تفتقر حتى إلى داعم واحد وهذه من المشاكل التي تعاني منها الرياضة اليمنية.
تحدث الكابتن علي الشيبة بمرارة عن معاناة نادي العروبة ومثله الكثير من الأندية التي تستعد الآن للمشاركة في الاستحقاقات القادمة ولم تتمكن من توفير مواصلات للاعبيها لحضور التدريبات اليومية بسبب قلة الموارد وعدم وجود إمكانيات أو داعمين كما بعض الأندية الكبيرة مثل الأهلي صنعاء والتلال ووحدة صنعاء والصقر تعز وهلال الحديدة وشعب إب، أما بقية الأندية فهي عاجزة فعلاً عن تأمين أبسط الإمكانات بما فيها حضور اللاعبين إلى التدريبات وهذه مشكلة بل وكارثة حيث يتركز الدعم لعدد محدود من الأندية في ظل أيضاً غياب لدور وزارة الشباب والرياضة التي ربما أنها على مدى سنوات طويلة لعبت دوراً في إفراغ الأندية الصغيرة من الدعم وكانت قوانينها لا تمنح هذه الأندية سوى الفتات من دعمها بينما يذهب الدعم الكبير والدسم إلى الأندية الكبيرة والدسمة التي تمتلك الأموال والاستثمارات والمسؤولين الداعمين والتجار ورجال الأعمال وهذه بالفعل كانت وما تزال نظرة قاصرة فعملية النهوض بالرياضة لن تتحقق في ظل سياسة رياضية هوجاء وعوجاء تمنح الغني كل شيء وتفرغ الفقير من كل شيء.
هذا الحديث مع الكابتن علي هو نفس الحديث الذي يدور وهي نفس المعاناة التي تعانيها أنديتنا واتحاداتنا ورياضتنا بشكل عام فالنظرة ما تزال قاصرة جداً جداً حول الاستثمار في الرياضة فرجال المال والأعمال مازالوا -كما قلنا- من قبل مجرد أمناء صناديق عند بعض الأندية ولم يتطوروا إطلاقا حتى صندوق رعاية النشء والشباب تحول إلى مجرد خزينة لصرف الأموال والأندية بالتأكيد مازالت تعتمد في تمويل أنشطتها على وزارة الشباب والرياضة والصندوق وبعض الهبات والتبرعات المشروطة من جهات وشخصيات وبالتالي فمازلنا متخلفين رياضياً وأنشطتنا شبه موسمية غالباً وبعض الاتحادات والأندية تكون غائبة تماماً عن المشهد لأن موضوع الاستثمار في الرياضة مازال هو الغائب الأبرز عن المشهد.
والتساؤلات التي برزت خلال الحديث مع الكابتن على الشيبة وصلت إلى موضوع عن أين موقع رياضتنا في اليمن من كل هذا؟ وهل يعي مسؤولونا سواء في وزارة الشباب والرياضة أو الاتحادات أو الأندية أهمية الاستثمار والتسويق ويستفيدون منه أم أنهم مازالوا يعيشون ويعملون بعقلية العقود الماضية ويديرون المؤسسات الرياضية بهذه العقلية التي جعلت رياضتنا محلك سر بل وتتأخر عن الركب يوماً بعد يوم؟ وهل آن الأوان لأن نعمل جميعا برؤية جديدة ويكون لدينا في وزارة الشباب والرياضة والاتحادات والأندية عقليات منفتحة وكذا في القطاع الخاص الذي يفترض أن يكون لديه فهم ووعي بمتطلبات الاستثمار في الرياضة على اعتبار أن الاستثمار والتسويق الرياضي صار فناً وعلماً يستند إلى أسس وقواعد لتلبية احتياجات ورغبات المستهلك الرياضي من خلال عمليات متعددة ومتشابكة ومترابطة ويتطلب أن يكون لدينا كوادر مؤهلة تأهيلاُ عالياً لتستطيع تطوير جوانب التسويق والاستثمار الرياضي وتسهم في الارتقاء بالرياضة، فهل من يسمع ويعقل أم أننا سنظل ندور في الحلقة المفرغة التي تبقينا في أسفل السلم الرياضي في العالم؟.
وفي ختام النقاش والحديث خرجنا بفكرة إقامة ندوة أو ورشة عمل تنظمها وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب حول الاستثمار الرياضي ماله وما عليه بحضور كافة المعنيين والخبراء من الجهات الرسمية والقطاع الخاص والاتحادات والأندية الرياضية والإعلام الرياضي بحيث تخرج هذه الندوة برؤى جديدة تنطلق مما وصل إليه العالم في مجال الاستثمار الرياضي.. فهل يمكن أم أن الوضع سيبقى كما هو ويظل الاستثمار الرياضي غائباً نتيجة جهل أو مغيب نتيجة مصالح؟.

قد يعجبك ايضا