من «هول» إلى « تولر » مروراً بـ «فايرستاين» .. سفراء الإرهاب وحلفاء داعش و القاعدة

الحرب الأمريكية على الإرهاب.. حبل الكذب الطويل

الأمريكيون حاولوا إقامة “منطقة خضراء” في حي سعوان على غرار بغداد
الدعم على الطريقة الأمريكية .. إضعاف للدولة وتقوية للتنظيمات الإرهابية

تظل الولايات المتحدة الأمريكية العدو الحقيقي للبشرية جمعاء، وهي الداعم الأكبر للجماعات الإرهابية في اليمن والمنطقة بهدف خلق الفوضى وزعزعة أمن واستقرار الأوطان من أجل الهيمنة على القرار السياسي والسيطرة على ثروات الشعوب.. الإدارة الأمريكية وشركاؤها الخاضعون والخونة في المنطقة مستمرون في تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش وغيرها. فالولايات المتحدة الأمريكية لها تاريخ حافل في دعم الإرهاب بأشكاله المختلفة، وفي مناطق متعددة في العالم بما فيها بلدان أمريكا الجنوبية وجزر المحيط الهندي. أمريكا لا تلتزم بالقوانين ولا بالأعراف ولا المواثيق الدولية، وإنما تسعى لتحقيق مصالحها الذاتية، وبسط هيمنتها على دول العالم. وقد اتخذت من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011، فرصة لزيادة نفوذها وتدخلها في العديد من البلدان بذريعة مكافحة الإرهاب.
الثورة / قاسم الشاوش


وقد كانت اليمن إحدى ضحايا الأطماع والسياسات الأمريكية الخبيثة
التدخل الأمريكي في اليمن،ليس وليد لحظة العدوان، بل يمتد إلى عقود سابقة، شهدت اليمن خلالها اضطرابات سياسية وأمنية وفتن وحروب كانت أمريكا شريكا رئيسيا فيها. وكان هدفها ولايزال هو إيصال اليمن إلى حالة من الفوضى تنتهي بتمزيقها وشرذمتها وبالتالي إضعافها لتكون خاضعة مطيعة ذليلة تسير في فلكها ضدا على مصالح الشعب اليمني.

حقيقة الدعم والشراكة
بالتوازي مع تنفيذ المخططات الأمريكية، يجري تزييف الحقائق والواقع وإظهار عكس ما يجري. ومن يتابع تصريحات السفراء الأمريكيين بصنعاء، فتصريحات السفراء الأمريكيين والبريطانيين وبعض أذنابهم من دول الخليج في المنطقة عن تقديم الدعم الكامل لليمن في مجال التنمية والأمن ومكافحة الإرهاب كانت أحاديث كاذبة ومحض افتراء حيث كانت تنشر في وسائل الإعلام آنذاك إخبار شبه يومية عن دعم أمريكا لليمن في مختلف المجالات. هذه الأخبار كانت عبارة عن يافطات يتستر وراءها الأمريكي المتحكم الرئيسي بالقرار والذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة داخل اليمن.
وعلى سبيل المثال، السفير الامريكي السابق لدى صنعاء بين 2010و 2014، جيرالد فايرستاين، لم يكن يمارس مهامه كسفير دولة، يلتزم الأعراف الدبلوماسية، بل تجاوز كل الأعراف، وكان بمثابة مندوب سام يجتمع بالوزراء والضباط والمشائخ ويصدر توجيهاته للجميع، بمن فيهم الرئيس.
وكان يحضر الأعراس ويشارك مقايل العديد من الشخصيات، ويجول في المحافظات و المدن اليمنية بكل حرية.
وما يحدث اليوم من عدوان على اليمن بقيادة السعودية، ما كان ليتم لولا الموافقة والرعاية والدعم الأمريكي. وهذا ما أكد عليه قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في أكثر من مناسبة منذ أول خطاب له بعد انطلاق العدوان في مارس 2015.
وقد وجدت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على اليمن فرصة لإنقاذ التنظيمات الإرهابية المهددة بالزوال بعد قيام ثورة 21 سبتمبر 2014. وهي تعد أذرعا لأمريكيا، وعملت على زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن طيلة العقود السابقة.

مخطط للهيمنة
وضمن المخطط الأمريكي الواضح للهيمنة والسيطرة على اليمن، استغلت أمريكا العديد من الأحداث كذرائع للتغلغل في اليمن، وبحجة مكافحة الإرهاب، نفذت الولايات المتحدة عمليات عسكرية مختلفة في اليمن، وكان أولها في العام 2002 في محافظة مأرب، عقب استهداف المدمرة ( يو اس اس كول) في خليج عدن، لتتوالى بعدها العمليات العسكرية في اليمن من خلال الغارات التي تشنها طائرات الدرونز، أو بعمليات الإنزال العسكري، أو من خلال الصواريخ الباليستية من نوع كروز كما في عملية المعجلة بمحافظة أبين في ديسمبر 2009 التي راح ضحيتها العشرات من المدنيين بينهم 21طفلا و 14 امرأة.
عمل سفراء أمريكا المتعاقبون لدى صنعاء على إقامة علاقات واسعة مع رجال دين وشيوخ قبليين من معظم محافظات الجمهورية، وكشفت تقارير صحفية وإعلامية تردد السفير الأمريكي الأسبق إدموند هول، على زيارة قيادات في تنظيم القاعدة في محافظة مأرب، ويتم ذلك في الوقت الذي يدعون فيه زورا محاربة الإرهاب.

أمريكا وعلاقاتها بالإرهاب
علاقة الأمريكيين بالجماعات الإرهابية موثقة ويشهد عليها الكثير من الإعلاميين والسياسيين داخل أمريكا نفسها، وليست تهماً باطلة يرميها عليهم أعداء الرأسمالية، بل حقائق جلية تكشف عن نفسها بنفسها، ففي الوقت الذي أعلنت فيه عناصر تنظيم القاعدة سيطرتها على أجزاء واسعة من محافظة مأرب في صيف 2006، كان السفير الأمريكي يتجول في مديريات المحافظة برفقة عدد كبير من السياح والصحفيين الأجانب، ولم يعترضهم أحد.

المارينز في سعوان
وصلت التجاوزات الأمريكية حد استقدام قوات من المارينز إلى العاصمة صنعاء، وامتلأت مباني السفارة الممتدة على مساحة شاسعة من حي سعوان شرق العاصمة صنعاء بأعداد من المارينز، وتم استيعاب اعداد أخرى في فندق شيراتون القريب من السفارة الأمريكية، بالإضافة إلى بعض الفلل والمباني في حي حدة جنوب العاصمة.

تأكيدات رسمية
قبل أيام أكد مساعد وزير الدفاع اللواء علي محمد الكحلاني، أن الرئاسة وقيادات الأجهزة الأمنية في النظام السابق كانت تمضي بخطوات تطبيعية مع الكيان الصهيوني.
وقال: إن الزيارات المتبادلة بين النظام السابق والعدو الإسرائيلي كانت سرية ومحصورة في مستويات معينة، لافتا إلى أن الأهداف الأساسية للتطبيع مع العدو الإسرائيلي هي احتلال المنطقة عسكريا أو اقتصاديا.
وقال اللواء الكحلاني “بعد العام 2006 جاء السفير الأمريكي وطلب منا أن نعطيهم ما يقارب ثلث المدينة السكنية لتكون مقراً للقاءاته وأنشطته ورفضنا ذلك تماما“.
وأضاف “بعد مغادرتي للمؤسسة الاقتصادية تم فتح مقر تابع للسفارة الأمريكية في المدينة السكنية لأعمال لم تكن معروفة وهذا يوحي بتنسيق عالٍ.
استقدام المارينز إلى صنعاء، زادت من سطوة السفير الأمريكي، وجعلته صاحب القرار الأول في اليمن بلا منافس.
وقد كان السفير فايرستاين هو المشرف الأساسي على مؤتمر الحوار الوطني الذي أراد من خلاله تمزيق اليمن إلى ستة أقاليم. ولعل التصريح الذي أدلى به المستقيل هادي في 25 فبراير 2012، أثناء تأديته لليمين الدستورية أمام البرلماني اليمني، أكبر دليل على التغلغل الأمريكي في اليمن، حيث أكد هادي “استمرار الشراكة مع الأمريكيين في الحرب ضد القاعدة باعتبارها واجباً دينياً ووطنياً”. هذا التصريح أعقبه تصريح آخر ولكن للسفير الأمريكي السابق “جيرالد فايرستاين” قال فيه “أنا لست مراقباً للمشهد اليمني وإنما شريك”.

محطات من العربدة أمريكية
بحسب مسؤول عسكري أمريكي “اضطرت القوات الأمريكية، إلى تنفيذ عملياتها العسكرية في اليمن ضد القاعدة بنفسها من خلال اعتمادها برنامج ضربات الطائرات بدون طيار، إذ بلغ عدد ضرباتها منذ 2002م وحتى أواخر 2014م، نحو 234 عملية، تشمل القصف بالطائرات والـ “درونز” و”بريدا تور” وإطلاق الصواريخ من بارجات حربية تبحر في خليج عدن، ولم تقدّم السلطات اليمنية ولا الأمريكية أيّ إحصائية لعدد ضحايا تلك الغارات، لكن مصادر موثوقة تشير إلى أن نحو 2000 قتيل سقطوا نتيجة تلك الغارات، معظمهم مدنيين أبرياء، بينما يزعم الأمريكان أن عملياتهم تستهدف تنظيم القاعدة وليس المدنيين، وهو ما نفاه تحقيق استقصائي لـ “بي بي سي” مطلع العام الجاري، حيث أكد أن الولايات المتحدة شنت غارات على أهداف مدنية في العام 2017، في العملية التي نفذت على قرية يكلا بمحافظة البيضاء، راح ضحيتها 30 مدنياً معظمهم نساء وأطفال.
في 17 أبريل/ 2013م: قامت طائرتان بدون طيار بإطلاق ما لا يقل عن ثلاثة صواريخ من طراز “هيلفاير” على سيارة في وصاب العالي، وهي بلدة بمحافظة ذمار وسط اليمن. تسببت الصواريخ في قتل رجل يشتبه في أنه من القادة المحليين للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهو حميد الردمي، واثنين من حراسه. ويبدو أن الغارة لم تمتثل لخطوط إدارة أوباما الإرشادية لأنه كان بالإمكان على ما يبدو أسر الردمي بدلاً من قتله. كان الردمي من أبرز شخصيات وصاب العالي، فكان يتنقل جهاراً للتوسط في النزاعات بين السكان، ويقابل مسؤولين أمنيين وسياسيين بانتظام. ورغم ارتباطه بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية إلا أنه لا توجد أدلة على قيامه بدور في عمليات عسكرية، كان من شأنها أن تجعله هدفاً عسكرياً مشروعاً. ·
وفي 23 يناير/ 2013م: تسبب صاروخ أو أكثر من طراز “هيلفاير”، تم إطلاقه من طائرة دون طيار، في قتل جميع الأشخاص الأربعة الذين كانوا يستقلون شاحنة في قرية المصنعة مسافرين إلى بلدة سنحان القريبة، على بعد 20 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة صنعاء. كان اثنان من الركاب من أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية المشتبه بهما، بينما كان الآخران، السائق وابن عمه، مدنيين استأجرهما عضوا القاعدة المشتبه بهما لقيادتهما إلى سنحان. وبحسب الأهمية العسكرية لعضوي القاعدة في شبه الجزيرة العربية المستهدفين، يمكن أن تكون الغارة قد تسببت بموجب قوانين الحرب في ضرر غير متناسب للمدنيين. برّأ وزير الداخلية اليمني ابني العم من أي ارتباط بالهدفين في خطاب لعائلتهما، لكن أقاربهما قالوا إنه لا الحكومة اليمنية ولا الأمريكية قد قدمت أي تعويض للعائلة. ·
في قرية بيت الأحمر، جنوب شرق صنعاء، تسببت غارة أمريكية لطائرة بدون طيار في 7 نوفمبر 2012 بقتل المقدم عدنان القاضي، أدت الغارة أيضاً إلى قتل أحد حراسه، وتشبر الأدلة أنه كان من الممكن أسر القاضي بدلاً من قتله رغم عدم وضوح قيامه بدور عسكري عملياتي لحساب القاعدة.
قرية حمة صرار، في 2 سبتمبر 2012: قامت طائرتان بمهاجمة سيارة تتجه شمالاً من مدينة رداع، تسببت الغارة في قتل 12 من الركاب، بينهم 3 أطفال وسيدة حامل، وهو ماعتبرته منظمات حقوقية دولية انتهاكا جسيما للحظر الذي تفرضه قوانين الحرب على الهجمات التي لا تميز بين المدنيين والمحاربين. نجا السائق والراكب الثالث عشر. أما هدف الغارة الظاهري، الزعيم القبلي عبد الرؤوف الذهب، فلم يكن في السيارة،. وقد أثارت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى القضية مع الولايات المتحدة، بيما قامت السلطات اليمنية بتعويض العائلات عن الوفيات.
ومنذ بدء عملياتهم في 2002م في إطار ما يسمونه محاربة الإرهاب في اليمن، ظل الإرهاب في تصاعد مستمر. وبات واضحا للعيان أن حربهم على الإرهاب مجرد كذبة كبرى يحاولون عبثا تمديد حبلها القصير.

قد يعجبك ايضا