المصالحة الوطنية.. قاب قوسين أو أدنى من الحلحلة


استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
ياسر الرعيني :
حل قضيتي العزل السياسي والحصانة ضمان لتجسيد المصالحة والتعايش السلمي

د.عبدالعزيز بن حبتور :
لم يعد في مصلحة الوطن هذا التشظي الحزبي والسياسي ولا بد من تضييق دوائر الخلاف عبر رؤية وطنية شاملة

علي البخيتي :
لن تتحقق المصالحة الوطنية في ظل تراخي سلطة الدولة

د.ياسين سعيد نعمان :
الصراعات السياسية الطائفية والاغتيالات والانفلات الأمني من معوقات مسار المصالحة الوطنية

أكد سياسيون وأعضاء من مؤتمر الحوار الوطني على ضرورة تجسيد المصلحة الوطنية عبر مخرجات مؤتمر الحوار الوطني باعتبارها سلم الوصول إلى دولة النظام والقانون والعدالة المنشودة مستنكرين المحاولات الفاشلة لعرقلة مسار المصالحة والتي تدل على قمة الإفلاس السياسي والأخلاقي.

الدكتور ياسين سعيد نعمان نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني وأمين عام الحزب الاشتراكي يرى أنه وعندما تحقق العدالة الانتقالية نتائجها المطلوبة شعبيا ستتحقق معها مبادئ المصالحة الوطنية لكل الأطراف المعنية ولهذا فالتطلعات والآمال تتحدد من خلال مخرجات فريق العدالة الانتقالية.
وأوضح نعمان : إن الانفلات الأمني والاغتيالات والصراعات السياسية والطائفية وما حدث مؤخرا في دماج لا شك يلقي بظلاله على الحوار وعلى مشروع المصالحة ودعا إلى تكاتف كل مكونات المجتمع لوقف الصراع والاقتتال في منطقة دماج خاصة وأن البلد أمام مرحلة حرجة لا تتحمل أي مهاترات سياسية أو طائفية.
تهيئة المصالحة
علي البخيتي ممثل أنصار الله في الحوار يقول: هناك صراع سياسي داخل القوى التقليدية لإعاقة مسار المصالحة الوطنية التي يفترض تطبيقها بعد مؤتمر الحوار بعد إقرار مخرجاتها النهائية في الجلسة العامة بصورة قانونية وقد لعبت الصراعات والحروب وضعف قدرة الدولة في السيطرة التامة على شئون البلاد دورها في عرقلة وإعاقة مشروع المصالحة الوطنية والذي لا بد من تهيئته من وقت مبكر قبل الحوار أما في ظل الأوضاع الراهنة فأي مصالحة وطنية ستتحقق !!
التشظي السياسي
من جهته يقول القيادي في المؤتمر الشعبي العام عضو مؤتمر الحوار الوطني الدكتور عبد العزيز بن حبتور: إن المصالحة الوطنية تحمل مغزىٍ وطنياٍ عميقاٍ فنحن الآن بعد ثلاث سنوات من بدء الأزمة السياسية ينبغي أن نراجع حساباتنا كنخب سياسية وقيادات فلم يعد في مصلحة الوطن هذا التشظي الحزبي والسياسي فلا بد من تضييق دوائر الخلاف من أجل رؤية وطنية شاملة تسمو على الجراح ولا تقف عند الصغائر وتضع المستقبل أمامها لا النبش في خلافات الماضي فإذا ظللنا متمترسين في معطيات الماضي فنحن نصنع الأزمات من جديد ولا نحل التحديات التي تعرقل مسيرة المصلحة والمصالحة الوطنية.
وأضاف بالقول: ينبغي أن نخلق لهذا الاتجاه جواٍ من الوئام والتسامح بين مختلف الأطراف والقوى السياسية في البلاد بالرغم من وجود صعوبات موضوعية وذاتية وتمسك بعض العقليات بفكرة الصراعات بل إنها تعيش على هذه الصراعات اعتقاداٍ منها بأنها ستكون في منأى عن معركة طاحنة لا قدر الله.
ودعا قيادات الأحزاب إلى أخذ خطوات صادقة وجريئة نحو المصالحة الوطنية الكبرى والاستفادة مما يجري في المنطقة العربية حالياٍ بعد الربيع العربي.
العدالة الانتقالية
ياسر الرعيني – نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني وقيادي في التجمع اليمني للإصلاح يقول: ليس هناك أي عوائق أمام تحقيق المصالحة الوطنية التي تمضي الآن مصاحبة لمخرجات العدالة الانتقالية في الحوار إلا أن هناك بعض الإشكاليات في الفريق في ما يخص بعض القرارات حول العزل السياسي والحصانة والتي من المتوقع البت فيها خلال الأيام القادمة أو إحالتها إلى لجنة التوفيق ومن ثم الشروع بتجسيد المصالحة الوطنية لتحقيق مبدأ التعايش السلمي والذي لن يتحقق إلا بحل كل القضايا الحقوقية واستتباب أسس المواطنة المتساوية فلا مصالحة وطنية إلا بعدالة انتقالية.
مشروعية الدولة
مطيع دماج – من فريق الحقوق والحريات يقول : مفهوم المصالحة الوطنية في بلد متشظي مثل اليمن لا بد أن تبنى على عدالة انتقالية لأن العدالة ستتجاوز ما تراكم من أحقاد وضغائن بين الناس وأجهزة الدولة كما أنه لا بد من إعادة تعريف تلك القوى ضمن مشروعية الدولة الحديثة فالمصالحة ستتم بعد معالجة آثار الاستبداد السياسي الذي تمظهر بمظاهر القمع والعنف لأن هناك الكثير من القوى لا تزال راغبة في تجديد دورات العنف وغير قابلة للمصارحة بالجرائم التي ارتكبتها في عقود سابقة ولهذا ترى أن قانون العدالة الانتقالية يجب أن يعطل لأنه خطر على مستقبلها وماضيها على حد سواء .
وتطرق دماج إلى العوائق التي تعيق مبادئ المصالحة الوطنية المتمثلة في تشظي مشروعية الدولة وسيادتها الناتج عن عدم الرضى الشعبي وشكل الدولة القائم اليوم ووجود مناطق عدة في البلاد خارج سلطة الدولة ووجود ميليشيات وأجهزة عنف أقوى من الدولة وتغطرس مراكز القوى والنفوذ التي تقوم بممارسات فوق القانون تنتج نمطاٍ من العلاقات والممارسات وضيفتها الأساسية قطع الطريق على إنتاج التغيير ضمن بنية الدولة الحالية وبنية الحوار الوطني .
تعطيل المصالحة
الدكتورة نجيبة مطهر إحدى قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام ترى أنه لن تتحقق المصالحة الوطنية مادام هناك قوى سياسية داخل الحوار تفرض أجندتها بقرارات لم تأت بها المبادرة الخليجية ولم تدعو إليها قرارات مجلس الأمن كمحاولة إقرار العزل السياسي الذي إن تحقق سيجمد شريحة كبيرة من الأحزاب وسيسهم في تعطيل مبادئ المصالحة الوطنية.
فيما تقول الأكاديمية والسياسية الدكتورة سعاد السبع : لم نعرف بعد القرارات التي ستحدد مصير الوطن والمصالحة الوطنية فما ظهر لنا إلى الآن هي نتائج الحوار في مجال التنمية والحقوق والحريات وهي نتائج ثانوية في مسألة المصالحة الوطنية فالمصالحة لن تتم إلا بعد التوافق على تحديد شكل الدولة والنظام السياسي ومعالجة آثار النزاعات المسلحة ورد المظالم في الجنوب والشمال.
وأشادت السبع بنتائج لجنة الحقوق والحريات واصفة إياها بالقرارات الشاملة مكتملة الطرح التي تعد بمثابة دستور مستقل في الحقوق والحريات .
كما تطرقت إلى العراقيل التي تقف أمام المصالحة الوطنية والمتمثلة بتمترس كل فريق خلف مصالحه الشخصية وعدم الوعي بأن مراعاة المصلحة العامة فيها الخير للجميع ولن تستمر المصالح الشخصية إلى الأبد فالذي سيبقى هو الوطن الذي هو وطن الجميع وينبغي أن توزع ثرواته على الجميع وأن تتاح الفرصة للكفاءات من جميع الأطياف منوهة أنه لن تتم المصالحة الوطنية إلا إذا تخلص كل فريق من الأنا المتضخمة وآمن أنه من عباد الله له ما لهم وعليه ما عليهم .
التغني بالمدنية
ويقول الدكتور السياسي عبد الرزاق الأغبري : الجميع يتغنى بالدولة المدنية الحديثة كـأنشودة الصباح في طابور المدرسـة فإذا افترضنا أن الدولة المدنية أو المجتمع المدني موجود في أغلب الجنوب وجنوب الشمال فلماذا لا يطبقها ذلك المتغني بها في مناطقه هو وفي مركز نفوذه ومحافظته وقريته وقبيلته ! ويضيف: المنابر الإعلامية تؤجج الخلاف بين الأطراف لإعاقة مسار المصالحة الوطنية سواء في ما يخص القضية الجنوبية أو قضية صعدة.
أضف إلى ذلك ما حملته الاغتيالات اليومية لضباط الجيش والأمن وتفجير المعسكرات وتفجير مخازن الأسلحة والاختطافات وتخريب المنشآت الاقتصادية الحيوية وما يدور مؤخراٍ في منطقة دماج صعدة وما يلعبه بعض المتحاورين في قبة الحوار من أجل تحقيق مكاسب ذاتية جديدة لهم تضاف إلى سجلهم عندما شعروا أن البعض من قرارات مخرجات الحوار سوف تنزع منهم القليل مما يمسكون به.
وختم حديثه بالقول : عندما يشب حريق في إحدى البيوت فإنه يتم استدعاء رجال الإطفاء ورجال الإطفاء يأتون من خارج البيت ليخمدوا النيران المستعرة فهل نحن سائرون لاستدعاء الخارج لكي يطفئ أحقادنا وحروبنا المستعرة.
انتصار الحوار
منير الوجيه – عضو فريق الحقوق والحريات بمؤتمر الحوار يقول : الحوار الوطني جسد قيم المصالحة الوطنية فاجتماع كل الفرقاء على طاولة واحدة بمجرد انعقاده في أول أيامه واستمراره بالرغم من الصعوبات والتحديات الجسيمة التي تواجهه ماهو إلا دليل على أنه استطاع أن يحتضن بنجاح كل الأطراف على اختلافاتها مما يتضح للجميع أن كل الأطراف ايقنت أنه لا يمكن أن ينجح إلا مشروع وطني يجمع عليه الجميع وأن انتصار أحد الأطراف بغير الحوار لن يسهم إلا في دمار الوطن.
نزعات الانفصال
السياسي هاشم علوي يقول : مؤتمر الحوار الوطني كان وما يزال الطريق الآمن لخروج اليمن من الأزمة التي تخنقه منذ عقود حيث مر المؤتمر بمنعطفات كثيرة كادت أن تعصف به منذ البداية ولكن بإصرار المتحاورين ورئيس مؤتمر الحوار والمبعوث الأممي ورعاة المبادرة كانت تحل الكثير من العوائق ومن خلال التقاء كافة الفرقاء السياسيين بكافة انتماءاتهم ومشاربهم وتغليبهم للحكمة.
موضحاٍ: حتى هذه اللحظة مازال مؤتمر الحوار الوطني لم يصل إلى مرحلة المصالحة الحقيقية على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية في ما بين الفرقاء السياسيين فمازالت هناك قوى تعمل على إفشال مؤتمر الحوار باستخدام أطراف مشاركة بمؤتمر الحوار تحاول جر الحوار إلى حروب تحت عناوين طائفية ومناطقية وعنصرية وحزبية وقبلية وهذا يدل على أن بعض القوى تسيطر على المشهد السياسي وكلما حست بخطر مخرجات الحوار الوطني على مصالحها تفتعل الأزمات وتشعل الحروب وتحرك أيادي التخريب والمنظمات المشبوهة للاعتداء على المصالح العامة ونشر الفوضى والاغتيالات والتفجيرات الإرهابية والحروب القبلية والتقطعات والحرابة والاختطافات التي تفتقر للقيم الإنسانية والوطنية والدينية.
وتطرق علوي إلى نزعات الانفصال التي قال إنها تعلن تارة وتخفت تارة أخرى وكلا يغني على ليلاه في استقطاب الشارع الجنوبي رغم أن الجميع دخل الحوار تحت سقف الوحدة ويجب أن يكون من أهم مخرجاته معالجة آثار حرب 94 وحروب صعدة كما أن من المفارقات العجيبة إذكاء الحروب الطائفية والتحريض عليها من قوى كانت يوماٍ ما في خندق الثورة وتضع رجلاٍ في موفمبيك ورجلاٍ بأرض المعركة.
الشعور بالغبن
ومن جهته يرى فهد كفاين – فريق استقلالية الهيئات بمؤتمر الحوار أن مشروع العدالة الانتقالية يعني إيجاد صيغة لمصالحة وطنية بمعايير دولية لكن الصعوبة التي تعترض مشروع المصالحة الوطنية تحتاج لفعاليات أخرى تتمثل بمؤتمر خاص بالمصالحة الوطنية كمخرج من مخرجات فريق العدالة الانتقالية .
ويرى جمال الحمادي – محلل سياسي أن المصالحة الوطنية تأتي نتيجة دراسة واعية لأسباب نزاع أو مظالم أو إجحاف أشخاص نحو مجتمعهم أو شعوبهم سواء كانوا جهة عرقية أو حْكام أو أطراف سياسية أو جهوية تم فيها إلحاق أضرار كبيرة وصلت إلى انقسامات حادة أو حتى حروب وصدامات أو تركت بشكل أو بآخر أضراراٍ في النسيج الاجتماعي أو الوطني أو خلافه لتأتي المصالحة الوطنية نتيجة لذلك لجبر الأضرار وتداوي الآلام النفسية والاجتماعية وتعويض خسائر لحقت بهذه الفئات أو الشرائح كل هذا يستلزم الجلوس ومعالجة كل تلك الإشكاليات.
وأوضح أن هناك صعوبات في تحقيق مبادئ المصالحة الوطنية من خلال الحوار ولا بد من تجاوزها عبر استكمال حزمة المعالجات المطروحة للقضايا الشائكة.
ومضى يقول : وبالرغم من كل ذلك فإن تجربة اليمن في الحوار الوطني وضعت الأصبع على الجرح وبدأت بحل المشكلات ليتحقق بذلك إنجازاٍ مثيراٍ في إطار غير مباشر يجسد المصالحة الوطنية من خلال تلك المعالجات ومن خلال وضع أسس الدولة اليمنية الحديثة التي كان لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الفضل في وضع أسسها وتحديد ملامحها ووضعها في قوالب قانونية وتشريعية ستجعل كل فئات المجتمع اليمني تخرج من دوائر الشعور بالغبن ووطأة الشعور بالتسلط والهيمنة التي هي السبب في وصول الأزمات إلى ذروتها في هذا البلد .

قد يعجبك ايضا