وسام الفقيه ووسام الحكومة

 

حسن الوريث

تحت إصرار شديد من ابني وصديقي الصغير عبدالله حضرت احتفالات إيقاد الشعلة لثورتي 21 سبتمبر و26 سبتمبر في ميدان التحرير بالعاصمة صنعاء وخلال العرض الكشفي الذي كان قاسما مشتركا بين الاحتفالين عادت بي الذاكرة إلى قبل أكثر من 30 عاما حين كنت أنا احد أفراد الحركة الكشفية وشاركت أكثر من مرة في احتفالات إيقاد الشعلة وغيرها من الاحتفالات التي كانت الفرق الكشفية ركن أساسي فيها.
وبعد أن انتهى العرض وفي طريق عودتنا أنا وصديقي الصغير إلى البيت بدأت أحدثه عن تلك الذكريات وهو يسألني عن الحركة الكشفية وأنا أحدثه عن أدوارها المختلفة وبرامجها المجتمعية ومشاريعها الاجتماعية والشبابية وما كانت تقوم به في كافة الظروف من دعم ومساندة للجانب الرسمي والشعبي وبالطبع فقد أعادني بالذاكرة إلى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي حين كنت احد منتسبي الحركة الكشفية وتلك الأعمال التي كنا نقوم بها في حملات سواء مع المرور أو مع صحة البيئة أو مع الزراعة أو مع الصحة وتلك الجهود المتميزة والعظيمة التي قامت بها الحركة الكشفية في مساعدة المنكوبين في زلزال ذمار عام 1982م وزيارات كافة المناطق التي تعرضت للدمار جراء الزلزال وتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة للناس في تلك المناطق كما تذكرت كيف أننا قمنا بغرس الأشجار على مداخل مدينة ذمار ومشاركتنا في كافة المناسبات الوطنية وأهمها في نظري مشاركتي مع الكشافة في الاحتفال الذي أقيم في مدينة عدن يوم 22 مايو 1990م يوم إعلان الوحدة اليمنية.
قال لي صديقي الصغير: ماهي أبرز ذكرياتك عن الحركة الكشفية؟ طبعا كان ذلك الموقف الذي لم ولن أنساه حين كنا نقيم معسكراً تدريبياً في المقر الدائم للكشافة في العاصمة صنعاء وخلال مشاركتي أنا ومجموعة من الزملاء في حملة نظافة وأثناء مرور من أعتبره أنا “أبو” الحركة الكشفية الحديثة في اليمن المربي الفاضل المفوض الأسبق لجمعية الكشافة والمرشدات المستشار المرحوم محمد علي صالح الفقيه، التفت إلينا بنظرة الأب الحنون لأبنائه وقال: انتم تستحقون وسام الحركة الكشفية لما تقومون به من مبادرات لخدمة المجتمع وبالفعل تم منح الوسام لكافة أفراد المجموعة، فكان هذا الموقف ما زال عالقا في الذاكرة، لكن صديقي العزيز تدخل من جديد ليسأل عن الأستاذ محمد الفقيه وقال إنه يريد أن يعرف الكثير عنه؟.
قلت له يا صغيري العزيز – رحمة الله تغشاه – فقد كان فعلا هو الأب والمربي الفاضل لكل منتسبي الحركة الكشفية في اليمن حين تلقاه تشعر بأنه قريب منك وكان يعمل ليلا ونهارا ونادرا ما كنت ألقاه بدون الزي الكشفي حين كنا نذهب إلى مكتبه لم يكن يقف أمامنا أحد فقد كان مفتوحا أمام الجميع ويستقبلهم بتلك الابتسامة التي تخفي وراءها إنساناً رائعاً وراقياً وأباً حنوناً بالفعل وباختصار شديد فقد كان – رحمه الله -بعمله وجهده المتواصل أحد أهم الذين أسسوا كيان الحركة الكشفية اليمنية بالشكل الصحيح.
قال لي صديقي الصغير: لقد اشتقت كثيرا لمعرفة المزيد عن هذه الشخصية التي يبدو أنها رائعة من خلال وصفك وحديثك.. قلت له: للأسف يا صغيري العزيز ما زلنا نفتقر لعملية التوثيق لحياة مثل هؤلاء الأشخاص الذين كانت لهم بصمات حقيقية وإن وجدت فهي بسيطة وقليلة ولا تفي بالغرض.. فردَّ عليَّ بقوله: سمعت انك وعدداً من زملائك تقومون بعملية توثيق لتاريخ الحركة الرياضية والشبابية في اليمن، فلماذا لا يكون الأستاذ محمد الفقيه ضمن شخصيات الكتاب؟، بالتأكيد يا صديقي لا يمكن أن نغفل عنه لأنه كما قلت لك من رموز الحركة الكشفية ويستحق ذلك.. أما بالنسبة لي فهناك مواقف كثيرة شهدتها لهذا الرجل الإنسان لا يمكن نسيانها وإن كان أبرزها ذلك الموقف والوسام الذي كنت دائما أعلقه كلما ارتديت البدلة الكشفية واعتز وافتخر به كما أعتز وافتخر بشخصية الأستاذ محمد الفقيه.
وفي ختام الحديث عن الأستاذ الفقيه اتفقت أنا وصديقي الصغير أن نوجه رسالة إلى قيادة وزارة الشباب والرياضة وإلى الحكومة، أولا ضرورة تكريم الأستاذ محمد الفقيه، وثانيا: ضرورة الاهتمام بالحركة الكشفية على اعتبار أن الكشافة لها دور كبير وفاعل في المجتمع كحركة تربوية تطوعية غير سياسية تعمل على تربية وتنمية الشباب والارتقاء بقدراتهم المختلفة ليقوموا بخدمة وطنهم وبلدهم ويكونوا أفراداً ومواطنين مسؤولين في مجتمعاتهم المحلية والقومية والعالمية وأن يتم إطلاق اسم المقر الدائم للكشافة ليكون باسم الأستاذ محمد الفقيه تكريما وتقديرا له ولما قدمه للوطن في هذا الجانب وأن يتم منحه وسام الحكومة وتقديمه لأسرته كأقل واجب تجاهه.

قد يعجبك ايضا