نقطة الانطلاق الشامل

 

سند الصيادي

بالحديث عن دور الإعلام المقاوم في شيطنة التطبيع وأهله, وتكوين رأي عام عربي وإسلامي واسع محصَّن ضد التعبئة والضخ الإعلامي السلبي الذي يهيئ الشارع العربي والإسلامي إلى قبول ” إسرائيل” كدولة لا ككيان غاز ومحتل , لا بد من الوقوف على ركائز صلبة ومتينة في المواجهة , تتجاوز المقارعة الآنية والمباشرة للأنظمة المطبعة والمتصهينة ومن خلفها من طوابير المنظِّرين والمبخرين لهذه الروائح النتنة , إلى ما هو أبعد من ذلك , دراسة كل الظروف والمعطيات والمخططات التي أدت إلى تدجين الشعوب ونزع مخالب مقاومتها الثقافية شيئا فشيئا , ووفق خطط ممنهجة وطويلة المدى أفلحت إلى حد ما في خلق جيل بلا قناعات تاريخية وثقافية مسبقة ولا يمتلك مشروعاً ولا حتى الشعور بالمظلومية وتحديد الظالم , جيل يعاني أزمات أخلاقية سلوكية ويجدف في بحور آسنة من الطموحات والأماني الباهتة , وبالتالي أثر هذا على استفراد المتآمر – وأقصد به الصهيونية العالمية – بالقرار السياسي وقلل فاعلية وحضور الضغط الشعبي على الأنظمة التي صنعها..
صحيح أننا نظل نراهن في خطابنا السياسي والإعلامي على أن التطبيع الحادث هو تطبيع أنظمة وليس شعوباً , وهي لهجة حصيفة ومطلوبة لإعادة الثقة , لكن الحقيقة تنحصر فيها لبسبب واحد هو أن الشعوب لم تستشر ولم يؤخذ رأيها في هذه أو غيرها من القضايا والشؤون الداخلية لهذه البلدان بسبب الفجوة الحادثة بين الحاكم والمحكوم , وإلا فإن حالة الصمت وضعف الموقف الشعبي وردة الفعل كلها تعتبر شريكة في صنع هذا الموقف وغيره , وأحد معطيات بقاء هذه الأنظمة مطمئنة على سدة القيادة ..
إذن نحن أمام واقع أكثر تحدياً وصعوبة يتجاوز القدرة على التشهير بهذه الأنظمة وحتى النجاح العملي في إسقاطها , إلى إعادة توجيه بوصلة الشعوب نفسها وفرمتة رواسب فكرها التي طرأت في أزمنة الغفلة الوجودية للأمة والصحوة الخبيثة للمؤامرات , وإعادة برمجتها على فكر عميق ونظيف يتسلل إلى كل الإبعاد والزوايا الجانبية التي غزاها الفكر المناوئ وإعادة إصلاح وصيانة أرضيتها وفق منهجية كاملة مكتملة تتجاوز نزق المراحل وردة الفعل إلى ما هو أبعد من ذلك..
وفي البحث عن معالجات أو منطلقات للتغيير الذي ينكر بفاعلية الصهيونية وكيانها المحتل وأدواتها النافذة في مجتمعاتنا , وينتصر للقدس وفلسطين ويحرر الأرض والإنسان والقرار, ويصنع مفاصل القوة الأبدية والمتصاعدة في دولنا ومؤسساتها ومجتمعها وأفرادها , قد نتوه ونتشعب في الحلول والخطط والرؤى , وبين أيدينا الحل الشامل والكامل لكل التركيبة من المشاكل والطموحات القصيرة والطويلة المدى , مفتاحها إعادة تأصيل الهوية الإيمانية الحقة والخالصة للشعوب , وخزائنها الثمينة ” القرآن الكريم” , وإيقونتها البشرية ” أعلام الهدى” الذين لا يمكن أن نختلف في تبيان أشخاصهم في زمننا الحالي على الأقل , إذا ما فركنا من على أعيننا كل ما يعتم ويحجب عنها الرؤية الكاملة للحقيقة..
و كلما غرقنا في دوامة البحث عن حلول تناهت إلى مسامعنا كلمات الشهيد حسين الحوثي مقدمة لنا طوق النجاة بدون عقد أو تعقيد في المصطلحات أو توسيع في المقترحات , وتعززت في أعماقنا مفاهيمها القرآنية نظريا في خطب القائد الثائر عبدالملك الحوثي وعمليا في مخرجاتها وارتداداتها وردود الفعل الداعمة لجدوائيتها , موفرا علينا عناء البحث , تاركا لقناعاتنا التمحيص وحرية الاختيار.

قد يعجبك ايضا