الكل مطبِّعون.. الكل صهاينة ولكن..بعقالات عربية

 

كتب / المحرر السياسي
تتسابق أنظمة الخليج الملكية الوراثية نحو إعلان علاقاتها مع كيان العدو الصهيوني دون مواربة، وبلا تحرُّج، وببهرجة تكشف المدى المنحط الذي وصل إليه حكام ممالك النفط والصحاري الذين يتوارثون خيانة الأمة كابراً عن كابر منذ نشأتهم على خريطة صحراوية مترامية الأطراف في شبه الجزيرة العربية، وقد ابتدأ سيرك الخيانة بإعلان ترامب لاتفاق نظام أولاد زايد في الساحل العماني مع كيان العدو الصهيوني ، ليعلن أمس اتفاقاً مماثلاً بين نظام آل خليفة في البحرين وبين الكيان اليهودي نفسه، وقد يلحق النظام السعودي المجرم غداً بركب القطار الخياني، ولن تتأخر بقية الممالك المجاورة، وقد نشهد سقوط أنظمة عربية أخرى في مستنقع الخيانة والعار، خصوصاً أننا أمام محاولة محمومة لترسيخ الموقف الخياني باعتباره الموقف الطبيعي المفترض ، واعتبار الموقف الطبيعي والمفروض في مقاومة العدو الصهيوني نقيضاً شاذاً مستنكراً ومداناً، لدى الحكومات والأنظمة العربية، وهو ما أُريدَ ترسيخه في الموقف الأخير للجامعة العربية التي صارت تعمل بوقاً دعائياً رخيصاً لمحمد بن زايد وغيره من أمراء وملوك النفط والصحراء.
لا يمكن الصمت على وقاحة واستهبال ومروق حكّام الخليج في الساحل العماني وفي البحرين وفي الدرعية وفي غيرها، وهم يخونون المسلمين والعرب ويقدمون على نحر القضية الفلسطينية في مزادات ترامب الأرعن الذي يبتاع ويتاجر في القضايا ليكسب الانتخابات، على أن الأخطر من ذلك، هو أن قطار المنطقة يسير اليوم بدفع أمريكي في اتجاه إجباري نحو صهينتها من المحيط إلى الخليج، برعاية مباشرة من الجامعة العربية، وما كنا لنشهد هذا التردي لولا نكوص حكام العرب «سابقاً» عن حمل القضية الفلسطينية باعتبارها قضية الجميع، والانكفاء عن مواجهة الاحتلال لفلسطين بالسلاح، وتوقيع اتفاقيات ومعاهدات سلام ثنائية مع إسرائيل، ثم إطلاق مبادرات تصالحية مع الكيان الغاصب حول فلسطين ، واستخدام القضية من قبيل البرامج الحزبية والشعاراتية، وصولاً إلى ما نشهده اليوم من انحدارٍ وتردٍ واستسهال للخيانة من قبل الحكام «حالياً»، بعد أن صاروا يحكمون لأمريكا ولحسابها وباسمها وبرعايتها، وما كان لأمريكا أن تحكم بهم لو أنهم عرب ومسلمون فعلاً، يحملون قضايا شعوبهم وأمتهم، وما كان لأمثال حكام كهؤلاء الذين نشاهدهم أن يحملوا قضايا شعوبهم وأمتهم، فهم صنعة أمريكا، صُنعوا بها، وحكموا باختيارها ،وصعدوا إلى الحكم بقرارها، بعد أن أُخضعت الشعوب وأُدخلت في حالة استلاب القرار والوعي بتدجينها، وترويضها إعلامياً وسياسياً وثقافياً وفكرياً، إلى أن باتت خارج الحسابات.
وليكن في حسباننا بعد ما رأيناه من استسهال للخيانة وإعلانها على النحو الذي تتتابع به الممالك الوراثية في الخليج، أننا قد نشهد في الأيام القادمة مواقف خيانية مماثلة من أنظمة خارج الدائرة الخليجية التي أعلنت التطبيع كإعلان يُحصل الحاصل من العلاقات المشبوهة التي تجمعها مع كيان العدو الصهيوني، والتي ظلت تحت الطاولة سراً لوقت طويل، ولما بين هذه الممالك والكيانات، وبين كيان العدو الصهيوني من تشابه كبير يرتبط بالأهداف والأدوار الوظيفية التي تؤديها في المنطقة وما يجمع بينها وبينه من أهداف أكثر مما يفرقهما، لكونهما في المحصلة عبارة عن كيانات أنشأتها أمريكا وبريطانيا وخدمة لأهداف استعمارية حقيرة.
سنشهد تنسيقاً وعلاقات «عربية إسرائيلية» ضد فلسطين وضد الشعوب العربية وضد كل مواطن عربي مقاوم.. سيقولون بأن «إسرائيل دولة صديقة بل وشقيقة». وفلسطين «دولة مارقة».. لكن عليهم أن يدركوا أنه ما زالت هناك شعوب وهناك أمة، وهناك جماهير عربية كبيرة تهب من عواصم العرب جميعاً سوف تعيد إلى الأمة رشدها وحقها، ولفلسطين قدسها وسؤددها.. وليعلموا أن الساعة الزمنية لزوال إسرائيل قد بدأت ولن يتأخر الميعاد.. وحينها لن يجد المطبعون مكاناً يحتمون به إلا مزابل التاريخ.

قد يعجبك ايضا