الحسين رمز للبطولة والإنسانية والأمل

 

يعيش العالم العربي والإسلامي ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام وما يمثله هذا اليوم من علامة فارقة في حياة تحرر الشعوب وانطلاقتها، لقد سطر الإمام الحسين أعظم الدروس في التضحية والفداء لنصرة الحق والمستضعفين وإحياء هذه الذكرى في الوقت الراهن يكتسب أهمية استثنائية للاستفادة منها والتزود بقوة الإرادة وصلابة الموقف والثبات والعزم في مواجهة أعداء الإسلام المحمدي الأصيل(السعودية والإمارات).
في السطور التالية إجابة عن أسباب اهتمام المسلمين بهذه الذكرى:
موقعة الطف كانت وما زالت أبرز وأظهر مأساة عرفها التاريخ على الإطلاق، فلم تكن حرباً وقتالاً بالمعنى المعروف للحرب والقتال وإنما كانت مجزرة دامية لآل الرسول كباراً وصغاراً فلقد أحاطت بهم كثرة غاشمة باغية من كل جانب ومنعوا عنهم الطعام والشراب أياماً، وحين أشرف آل الرسول على الهلاك من الجوع والعطش انهالوا عليهم رمياً بالسهام ورشقاً بالحجارة وضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح، ولما سقط الجميع صرعى قطعوا الرؤوس ووطأوا الجثث بحوافر الخيل مقبلين ومدبرين، وبقروا بطون الأطفال، وأضرموا النار في الأخبية على النساء، فجدير بمن والى نبيه الأعظم وأهل بيته أن يحزن لحزنهم وينسى كل فجيعة ورزية إلا ما حل بهم من الرزايا والفجائع معدداً مناقبهم ومساوئ أعدائهم ما دام حياً.
حين نكث اللعين يزيد ثغر الحسين بالقضيب قال له رسول قيصر المسيحي : “إن عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى -عليه السلام- نحجّ إليه في كل عام من الأقطار ونهدي إليه النذور ونعظّمه كما تعظمون كتبكم، فاشهد أنكم على باطل”.
لقد شاء الله وقدر أن تكون حادثة كربلاء أعظم وأخلد من كل حادثة عرفها التاريخ كما أنها أفجع وأوجع مأساة مرت على وجه الأرض.
إن الحسين عند شيعته والعارفين بمقاصده وأهدافه ليس اسماً لشخص فحسب وإنما هو رمز للبطولة والإنسانية والأمل، وعنوان للدين والشريعة وللفداء والتضحية في سبيل الحق والعدالة، كما أن يزيداً رمز للفساد والاستبداد والتهتك والرذيلة، فحيثما كان ويكون على الحاكم الظالم وأعوانه وعلى كل مسرف يعبث بمقدرات الشعوب ويغرق في لهوه وملذاته وينطلق مع شهواته ومآثمه كيزيد وأعوان يزيد.
أراد ابن معاوية من التنكيل بأهل البيت أن يطفئ نور الله وأن تكون الكلمة العليا للشر والظلم، وظن أنه انتصر وتم له ما أراد بقتله الحسين، ولكن انتصاره كان زائفا وإلى أمد، فسرعان مازالت دولة الأمويين وظلت ذكريات كربلاء ومبادئ الحسين حية إلى يوم يبعثون وقد جابهت السيدة زينب يزيداً بهذه الحقيقة حيث قالت من كلام تخاطبه فيه “أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على الله هواناً وبك علينا كرامة؟! فمهلاً مهلاً فو الله ما فريت إلا جلدك وما حززت إلا لحمك.. ولئن جرت على الدواهي مخاطبتك أني لا ستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك، ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا.. ولا تميت وحينا ولا يرخص عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد”.
وصدقت نبوءة السيدة العظيمة، فقد سقط يزيد وخلفاء يزيد الواحد بعد الآخر وانهارت دولة الأمويين بعد مصرع الحسين بنصف قرن وظل المسلمون يلعنون يزيداً ويحتفلون بذكرى الإمام الشهيد يوم مقتله ويوم مولده من كل عام.

قد يعجبك ايضا