رئيس الهيئة العامة للاستثمار ياسر المنصور في حوار شامل مع “الثورة “: أنجزنا خارطة عن الفرص الاستثمارية في مجال زراعة القمح

 

• تسجيل 6 آلاف مشروع استثماري في الهيئة .. ومشاكل الأراضي أكبر أسباب التعثر
• إيقاف العمل بأذون الخزانة والتحوّل إلى الاستثمارات في المشاريع قرارات حاسمة
نجدد الدعوة للقطاع الخاص لحل كافة الإشكاليات الضريبية من خلال تفعيل عضويته في مجلس إدارة الهيئة
نسبة من تمويلات البنوك سيتم توجيهها نحو دعم المشاريع الصغيرة والأصغر
خيارات العدوان مفتوحة على سياسات الإغراق وتدمير الصناعات المحلية
الزكاة تمثل إحدى أدوات الحماية للمستثمر عن طريق “مصرف الغارمين”

أوضح الأخ ياسر المنصور رئيس الهيئة العامة للاستثمار أن الهيئة تقدم التسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب والمغتربين عبر نظام النافذة الواحدة التي تعتبر أهم الأدوات لتسهيل الاستثمار.
وأشار المنصور في حديث لـ”الثورة” إلى أن الهيئة تعمل على منح المستثمرين في المشاريع الاستراتيجية الكبيرة التي لا يقل رأس مالها عن 50 مليون دولار حوافز خاصة، لافتا إلى أن ما يهم المستثمر الأجنبي هو الموقع الجغرافي لليمن.. مؤكدا أن الهيئة تعكف حاليا على إعداد نماذج لفرص استثمارية كمدخلات في مراحل اختيار الفرص وإعداد دراسات الجدوى، منوها بأن السياسة النقدية تتجه نحو برنامج الإنعاش والتعافي الاقتصادي وأن هناك نسبة مخصصة من تمويلات البنوك ستوجه نحو دعم المشاريع الصغيرة والأصغر وبفوائد ميسرة جدا.
المنصور تطرق إلى جملة من التفاصيل المهمة حول المحافظ الاستثمارية المزمع تفعيلها في مجالات عدة على رأسها الاستثمار في مجال زراعة القمح وجملة من القضايا المتعلقة بجوانب تحقيق الاكتفاء الذاتي في اليمن، وغير ذلك من التفاصيل حول آفاق ومعوقات الاستثمار في اليمن تجدونها في سياق الحوار التالي:

الثورة /
يحيى محمد الربيعي

في البداية نرحب بكم، ونود أن نطلع القارئ الكريم من خلالكم على نشاطات الهيئة العامة للاستثمار، والتسهيلات للمستثمرين في ظل ما تمر به البلاد من ظروف عدوان وما يفرضه من حصار؟
– الهيئة العامة للاستثمار تقدم المتاح والممكن من التسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب والمغتربين وأصحاب المشاريع الكبيرة أو الصغيرة والمتوسطة عبر نظام النافذة الواحدة كأهم أدوات تسهيل الاستثمار.. وحاليا نعمل في الهيئة على تقديم مجموعة من الحوافز الجمركية والضريبية من خلال العمل على استصدار القوانين المحفزة في قطاع الأدوية والمشاريع الصغيرة.. أما في بعض المشاريع الاستراتيجية الكبيرة التي لا يقل رأس مالها عن 50 مليون دولار فتعمل الهيئة على منح المستثمر حوافز خاصة يتم التدارس حولها مع الجهات ذات العلاقة وبرعاية شخصية من قبل الأخ رئيس الوزراء.
سابقا.. كان المستثمر الأجنبي حذراً من استثمار أمواله في اليمن بسبب فقدان النظام القضائي إلى الفاعلية والقوة، في الوقت الذي كانت تفشل فيه الوزارات الحكومية في التعامل مع مشاكل الفساد.. ما الذي تحقق من خلال ثورة 21 من سبتمبر في مجال تهيئة المناخ أمام المستثمر؟
– المستثمر الأجنبي بمجرد ما ينظر إلى موقع اليمن على الخارطة يتطلع في الحصول على فرصة استثمارية، فالاستثمار في اليمن يرتبط ارتباطا وثيقا بالموقع الجغرافي المتحكم بمنافذ خطوط الملاحة الدولية في باب المندب.. وتعتمد الهيئة في استراتيجية الترويج للمستثمر الأجنبي على الموقع الجغرافي، فتوافر السوق المحلية، ووجود موارد طبيعية لصناعات لا تتناسب إلا مع البيئة اليمنية، ليست صالحة مثلا أن تصنع في دبي أو جدة أو مصر أو غيرها من البيئات المنافسة.. ومع ذلك تواجه الهيئة العامة للاستثمار في اليمن العديد من المعوقات المنافسة غير الشريفة يأتي على رأسها أن هناك منافسات غير شريفة من قبل الإماراتيين الذين جاءت مشاركتهم في العدوان على اليمن على خلفية اقتصادية أكثر منها سياسية، وما المبررات السياسية إلا غطاء، ويمثل تغلب الموقع الجغرافي للمنطقة الحرة في عدن على منطقة جبل علي أحد هذه الأسباب.. وفي ما يخص ما تقدمه ثورة 21 سبتمبر أو مدى ثقة المستثمر الأجنبي في قيادتها فإن فترة ما بين قيام الثورة والعدوان كانت قصيرة جدا، ما يعني أن الثورة لم تستطع القيام بأي دور إيجابي لتحفيز الاستثمار لا بالتواصل مع المستثمرين ولا بعمل شراكات استراتيجية مع مستثمرين.. وبهذا يظل العدوان هو الحاجز أمامنا وأمام المستثمر الأجنبي.
هناك مستثمرون احتجزوا أراضي، واخذوا تراخيص بإقامة مشاريع عليها، هل من احصائية لهذه المشاريع المتعثرة، وما المزمع اتخاذه من إجراءات في هذا الخصوص؟
– يبلغ عدد المشاريع التي سجلت في الهيئة العامة للاستثمار في تاريخها قرابة 6آلاف مشروع بعضها حصل على مجموعة مساحات من الأراضي.. وبعضها لم يحصل.. وهناك من امتلك الأراضي بنفسه أو استأجرها من الأوقاف أو أخذها بعقود انتفاع مع مصلحة أراضي وعقارات الدولة.. نعم هناك بعض المشاريع التي أعطيت فيها للمستثمرين أراضٍ إلا أنهم لم يتمكنوا إلى اللحظة من بسط أيديهم عليها لأسباب تتعلق بطلب بعض الساكنين فيها أو المستوطنين لها لتعويضات.. وتعد مشاكل الأراضي من أكبر المعوقات التي تواجه التوجه الاستثماري في اليمن.
هل من دور للهيئة في حل مثل هذه الإشكالية؟
– شكلت الهيئة أواخر 2013م بالتعاون مع مصلحة أراضي وعقارات الدولة وبرعاية من رئاسة الوزراء لجنة مشتركة للنظر في الطلبات والتأكد من موضوعيتها.. وهذه اللجنة أوجدت آلية مشتركة وشكلت لجانا مشتركة وأخرى دائمة خلال الفترة القصيرة إلى ما قبل العدوان الذي مثل الحاجز الأكبر أمام الاستثمار في المرحلة الحالية.. أكيد ذلك لن يبقى مبررا يمنع اللجنة عن الاضطلاع بمهامها في حلحلة مشاكل الأراضي في المستقبل، فسنسعى يدا بيد مع مصلحة أراضي وعقارات الدولة إلى تفعيل دور اللجنة المشتركة وسيتم على ضوء ما تقدمه من تقارير أو تقره من توصيات التعامل مع المشاريع المتعثرة وفي حدود ما تنص عليه القوانين النافذة وما يستجد من حلول منصفة لجميع الأطراف.
هناك توجه بشأن المشاريع الصغيرة والأصغر التي وجه الرئيس بدعمها ..ما الذي انجزته الهيئة في هذا التوجه بصفة خاصة، وما الذي قيد التنفيذ أو ضمن برامج مستقبلية فيما يخص برامج التعافي الاقتصادي بشكل عام؟
– الهيئة ظلت خلال الفترة السابقة تركز كل نشاطاتها على رعاية المشاريع الاستثمارية الكبيرة فقط، ولا تعير اهتماما بالمشاريع الصغيرة والأصغر.. بتوجيه من الرئيس شخصيا تم ترسيخ مفهوم العدالة الذي تعكف الهيئة حاليا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة على وضع تلك المشاريع في عين الاعتبار وبدأنا فعلا خطوات عملية في هذا الجانب من خلال منح عدد من الإعفاءات وتذليل الكثير من الصعوبات أمام هذه المشاريع في يخص الضرائب والجمارك والمواصفات والمقاييس.. الجميع يتجه نحو التفاعل الجاد مع هذا النوع من المشاريع تطبيقا لمفهوم العدالة في توزيع الفرص الاستثمارية.. ونعمل في الهيئة على تحويل هذا المفهوم إلى قانون يتم تطبيقه بما من شأنه تحقيق التفاؤل وتعزيز الإصرار من خلال تخفيض الضغوط على أصحاب المشاريع الصغيرة والأصغر.
ما الذي تم إنجازه في هذا الإطار؟
– تعكف الهيئة حاليا على إعداد نماذج لفرص استثمارية.. هذه النماذج لا ترتقي إلى مستوى دراسات الجدوى المتكاملة، وإنما يمكن أن نطلق عليها مصطلح النماذج الإرشادية في الفرص الاستثمارية على هيئة عينات ودراسات مصغرة كخطوط ارشادية يمكن للمستثمر أن يستعين بها كمدخلات في مراحل اختيار الفرص أو إعداد دراسات الجدوى.
البنك المركزي اتخذ قرارات حاسمة بوقف الفوائد وتحويل أموالها لدعم المشاريع”.. هل من توضيح أكثر حول دور الهيئة في هذه القرارات؟
– تتجه السياسة النقدية نحو برنامج الإنعاش والتعافي الاقتصادي بشكل عام من خلال محددات عامة، وضمن هذه المحددات هناك نسبة مخصصة من تمويلات البنوك سيتم توجيهها نحو دعم المشاريع الصغيرة والأصغر وبفوائد ميسرة جدا، وربما تأتي بصيغة إسلامية.. السياسة النقدية السابقة للاستثمار في البنك المركزي كانت تعتمد على استثمار أموال الصناديق والشركات الرابحة التي تمتلكها الدولة من خلال السندات المالية أو في أذون الخزانة.. وهناك توجه جاد نحو إيقاف هذا النوع من الاستثمار والتحول إلى الاستثمارات في المشاريع وهذه قرارات حاسمة في مجال التغيرات الطارئة على السياسة النقدية لدى البنك المركزي وعلى مستوى جميع البنوك وعلى مستوى الاستثمار الحكومي للفائض النقدي في الصناديق أو في الشركات.
المحفظة الاستثمارية المعلن عنها مؤخرا من قبل الهيئة.. ما هي محددات وأولويات الهيئة العامة للاستثمار في هذه المحفظة؟
– المحفظة الاستثمارية مفهوم استثماري قد ينظر إليه كمصطلح جديد في السوق المحلية، ولكنه- في الحقيقة- مصطلح معمول به في العديد من دول العالم حتى أن هناك بنوكاً إسلامية لديها محافظ استثمارية، والمحفظة الاستثمارية تقدم نفسها على هيئة قطاعات كقطاع العقارات، قطاع السلع، قطاع التصنيع، قطاع الزراعة، ويخصص لكل قطاع من هذه القطاعات رأسمال محدد يتم تدويره في مشاريع خاصة بهذا القطاع أو ذاك.. من ميرات المحفظة أنه إذا حصلت خسائر في قطاع من القطاعات تحملها أرباح القطاعات الناجحة لتبقى المحفظة ككل رابحة.. هذا المفهوم يحتاج إلى ترسيخ ومن أجل ذلك عقدنا اجتماعاً مع الاخوة في جمعية البنوك والصرافين الذين أبدوا استعدادا لإقامة هذه المحافظ.. المحافظ عادة تقام كشركات مملوكة لأصحاب رؤوس الأموال سواء أكانت بنوك أو تجار، وهي أشبه ما تكون بالشركات المساهمة.. وتدار بطريقة احترافية وبمعايير وضوابط أشبه ما تكون بضوابط ومعايير أسواق الأوراق المالية التي تسمح برغبات المساهمين في التخلي عن مشروعات معينة من خلال بورصة بيع الأسهم والسندات المالية لآخرين.. الفكرة تحتاج إلى بعض الدراسات المتأنية من قبلنا ومن قبل الأخوة في البنوك كما أن هناك حوافز أمام البنوك ورؤوس الأموال لإقامة المحافظ الاستثمارية.. هناك فجوة التحول من الاستثمار في سندات وأذون الخزانة.. الآن، توقف هذا المجال وأصبح لدى أصحاب رؤوس الأموال حافز لأن يوجهوا أموالهم التي أودعت من قبلهم إلى المحافظ الاستثمارية.
تحقيق عوائد أكبر مع درجة أدنى من المخاطرة.. كيف يمكن ترجيح كفة العائد في ظروف كالتي تمر بها البلاد من عدوان وحصار؟.. وهل من تدابير أعدتها الهيئة لمواجهة احتمالات من هذا القبيل؟
– تظل معادلة الربحية هي أهم معادلة لاتخاذ قرار الاستثمار من عدمه، فإذا كان هناك مشروع لا يحقق أرباحا كبيرة بمخاطر أقل يظل في قائمة المشاريع غير المفضلة.. دائما ما يفضل المستثمر هذه المعادلة.. في هذا السبيل قامت الجهات المعينة بوضع استراتيجيات قطاعية في مجال الأدوية، وأخرى في مجال الدواجن، وفي الصناعات الغذائية، وفي مجال المعادن، ومواد البناء.. خمس استراتيجيات قطاعية لقطاعات واعدة من ضمن 12 استراتيجية تم تحديدها كأولويات بناء ضمن مجموعة الأهداف الاستراتيجية التي تواجهها اليمن بشكل عام.. ومن هذه الأهداف تخفيض فاتورة الاستيراد وتخفيض الطلب على العملة الصعبة من خلال استغلال الموار المتوفرة محليا، وكذلك الاتجاه نحو تصدير الفوائض وهذه الأهداف الاستراتيجية لها محددات لعملنا في الدراسات القطاعية آنفة الذكر.
كيف تمت عملية الاحتساب هنا؟
– عملية الاحتساب هنا ركزت على الفجوة الاستثمارية مثلا في قطاع الدواجن وجدنا أن الفجوة الاستثمارية تعادل 40 % وقمنا بترجمتها إلى مجموعة من المشاريع والفرص بعد أن حددنا الكميات المطلوبة على مستوى كل مشروع.. فمثلا وجدنا أن هناك فجوة في مشاريع تصنيع منتجات الدواجن والدجاج اللاحم والبيض.. حددنا الكميات بالضبط كم تحتاج المجموعة من المشاريع في كل جزئية وأقمناها كبطائق مشاريع حدد فيها مجموع المعطيات والمفردات؛ كالبطاقة الإنتاجية- الاحتياجات للموارد البشرية- الاحتياجيات للوقود- الاحتياجات لمدخلات الإنتاج واحتياجات الطاقة الكهربائية والاحتياجات لمساحة التي سيقام عليها المشروع.. جميع هذه المعطيات هي مدخلات دراسة جدوى ستعرض في الوقت المناسب من هذا العام, لأن هكذا موضوع تسويقي يتطلب اختيار التوقيت المناسب بالتنسيق مع بقية الشركاء كالزراعة والصناعة واللجنة الاقتصادية العليا والهيئة العامة للمعادن ووزارة النفط حيث سنحدد معهم موعد إطلاق الاستراتيجية مع الفرص الاستثمارية المتاحة في كل قطاع من القطاعات التي سننسق معها لإقامة حفلات ترويجية لكل جزء من هذه الأجزاء.
عن مشاريع القطاعات التي ذكرتم آنفا.. هل ستكون على حساب رؤوس الأموال القائمة حاليا أم أن ستكون منافسة؟
– تساؤل مهم، نحن عندما نقول حددنا الفجوة الاستثمارية للتخلص من الاستيراد وقدمنا كمية الاحتياج المستقبلي لمدة خمس سنوات سابقة فإن ذلك يعني أننا نخلق مفهوما جديدا يمكن التعبير عنه بالتساؤل عن نسبة التشبع بهذا المجال أو ذاك حتى لا يحصل إغراق في السوق.. يهمنا حماية المستثمر عندما نتخذ القرار أما عن كيفية القيام بحمايته من التوقف؟ وهل سنسمح بنسبة معينة للاستيراد أم أننا سنغلقه بشكل نهائي؟.. فهذه سيناريوهات ستقدمها السياسة الاستثمارية في الحكومة اليمنية من خلال الإجابة على تساؤل مهم وهو: هل هذا أمن قومي أم ليس أمنا قوميا؟ هل الغذاء أمن قومي أم مجرد مسألة ترف؟، ستكون هناك مجموعة من الأدوار التي تتكامل ما بين المواصفات والمقاييس وما بين الهيئة العامة للأدوية الجهة المعنية بتنظيم هذه المواضيع وعمل الحماية اللازمة وفق نسب التشبع.. نسب التشبع مصطلح يجب أن نهتم به كثيرا خاصة في مسألة توفير الحماية للمستثمرين من مسألة الإغراق.. وتظل خيارات الحصار والعدوان في الحرب الاقتصادية مفتوحة على سياسات الإغراق وتدمير الصناعات المحلية، وهذا احتمال وارد يجب أخذه بعين الاعتبار من خلال تحديد نسب التشبع بعناية لحماية المستثمرين المحليين.
وما الجدوى الاقتصادية المتوقع تحقيقها من المشروع على مستوى التنمية الوطنية والمساهمين؟
– يظل الحصار والعدوان على رأس قائمة الصعوبات التي تواجه الاستثمار في اليمن، وهناك العديد من الصعوبات التشريعية والتنسيقية والترويجية، فمثلا التغيير في السياسات الاقتصادية كظهور قوانين جديدة وهيئات ومؤسسات جديدة من شأنها خلق نوع من الإرباك في بداية التأسيس ،الأمر يحتاج إلى تكييف السوق معها تدريجيا.. فمثلا هيئة الزكاة نتوقع أن ينتهي الإرباك مع مرور فترة من الزمن وخلق التفاهمات اللازمة لنشاط الهيئة وعلاقاتها برؤوس الأموال.. هذا بالإضافة إلى الصعوبة الأم وهي مشاكل الأراضي ناهيك عن مسألة الأمن.. ولا ننسى التنويه إلى المشكلة الطارئة المتمثلة في مسألة الإمداد بمدخلات الإنتاج التي يتسبب بها العدوان مما يرفع كلفة الإنتاج وينعكس ذلك سلبا على أسعار الاستهلاك بالارتفاع.. والاهم من ذلك كله مشكلة انعدام المشتقات النفطية المشكلة التي تهدد بتوقف الإنتاج وخلق معاناة غير مستدامة وتحتل أهم المعوقات الطارئة.
بمناسبة ذكر الهيئة العامة للزكاة.. هل من دور ستلعبه هذه الهيئة في قطاع الاستثمار، وما هو؟
– من أجمل ما في الزكاة أنها تمثل إحدى أدوات الحماية للمستثمر خاصة إذا ما وجد تعثر في مشروع من خلال رعايته وإقالة عثرته وتتمثل هذا الأداة في مصرف “الغارمين”.. هناك مستثمر أفلس ولديه مشروع ناجح.. كيف نقيل عثرته ليعود مرة أخرى للسوق؟ الزكاة تؤدي هذا الدور.. وهذا شيء إيجابي يعطي المستثمر تطمينات بأن هناك أداة حماية من مصائب الإفلاس لا قدر الله.. هذا بالإضافة إلى دور الهيئة الاعتيادي في إنفاق موارد الزكاة على الرعاية الاجتماعية في بقية مصارف الزكاة، كما أن للزكاة مردودا اجتماعيا له ارتباط بمفهوم العدالة من خلال ما تقوم به من “التمكين الاقتصادي” في تمويل مشاريع الأسر المنتجة.
ما مدى الاستجابة المتوقعة من قبل القطاعين العام والخاص كهدف.. اقصد، هل هناك تنسيق مسبق من قبل الهيئة مع أي من الطرفين أو كلاهما؟ وما طبيعة هذا التنسيق؟
– تحقيق الاستجابة يتطلب توفير الفرص الاستثمارية وعرضها في قوالب تحوي خيارات كثيرة ومتعددة أمام الراغبين الاستثمار في اليمن.. نحن في الهيئة العامة للاستثمار بصدد وضع مجموعة من كتالوجات الفرص الاستثمارية في اليمن… ويتم بناء هيكل هذه الفرص انطلاقا من مفهوم سلسلة القيمة.. وقد بدأنا بالمستويين الأول والثاني.. وجار العمل- أيضا- لوضع سياق قابل للتطور والنمو نزولا إلى المستويين الثالث والرابع من سلاسل القيمة إلى أن تشمل جميع المستويات في الفرص الاستثمارية الصغيرة والأصغر.. أما في ما يخص التنسيق فأعتقد أنه يكفي التأكيد على أن القطاع الخاص شريك فاعل في الهيئة العامة للاستثمار من خلال عضويته في مجلس الإدارة بنسبة 40 %، وهي نسبة كافية للمشاركة في صنع القرار الاستثماري ووضع استراتيجيات الحماية المطلوبة.
إشكالية الضرائب مع القطاع الخاص.. هل يمكن مناقشتها من خلال هذه العضوية؟
– القطاع الخاص عضو في مجلس إدارة الهيئة وعليه أن يقدم أجنداته وأن يمارس صلاحياته كاملة في عرض المقترحات، وقد سبق مناقشة هذا الجانب مع نائب رئيس الغرفة التجارية وطلب من الغرفة عرض أجندة تتضمن مقترحات لإصلاح طرق التعامل مع الضرائب.. ونحن هنا- ومن خلال صحيفتكم الموقرة- نجدد الدعوة للقطاع الخاص إلى العمل المشترك مع الهيئة ومصلحة الضرائب لحلحلة كافة الإشكاليات المتعلقة بهذا الجانب وغيره والعمل على إزالة المعوقات ووضع اجندة مزمنة وواضحة حول كل الاشكالات التي تقف حجر عثرة أمام المستثمر.
رفع انتاجية محصول القمح بصورة ملحة والتوجه الزراعي بشكل عام أصبح التحدي الأكبر والأهم خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بسبب العدوان والحصار.. ما الدور الذي يمكن للهيئة أن تلعبه في هذا الجانب؟
– الهيئة العامة للاستثمار تتولى سلسلة ما بعد توافر القمح وتحيط العملية بتقديم الحوافز المشجعة للتوسع في الصناعات الغذائية التي يعد القمح أحد مكونات تصنيعها كالمخبوزات والبسكويت وغيرها من المعامل والمصانع.. والهيئة حاضرة بعضوية نائب رئيس الهيئة في اللجنة الزراعية العليا وتتابع عن كثب نشاطات اللجنة وتحركاتها في مجال زراعة محصول القمح في الجوف وفي تهامة، كما أن الهيئة بالشراكة مع اللجنة تمكنت من إنجاز خارطة بالفرص الاستثمارية التي تحوي العديد من المشاريع التي ستعرض على المحافظ الاستثمارية في هذا الجانب.. وقد تم في الخارطة وضع محددات الاستثمار في مجالاتها وفق معادلة عائد أكبر بمخاطرة أقل.. هناك مدرستان أو- بالأصح- طريقتان في التفكير تؤمن أولاهما بمبدأ التفاؤل وترى- بناء على ذلك- إمكانية زراعة القمح في اليمن.. أما الأخرى فتقول بنظام السلة؛ تصدير البن في مقابل استيراد القمح.
في صف أي المدرستين تقف الهيئة؟
– الهيئة تفضِّل أن تكون راعية للتوجهين إيمانا منها بأن لكل توجه مبررات وجود تخصه وتدخل ضمن معادلة عائد أكبر بمخاطر أقل.ِ. لهذا ستبقى الهيئة تدعم التوجهين كلا بما يناسبه من حوافز وتسهيلات.. بل وسنحاول في الهيئة ايجاد سياسات متوازنة تتخذ من حقيقة أن ما لا يمكن زراعته هنا يمكن مقايضته بما لا يمكن زراعته هناك وهو ممكن هنا.. المحفظة ستموِّل المشاريع ذات العائد الأكبر والمخاطر الأقل.. أما بالنسبة للمشاريع ذات المخاطر العالية فهناك محاولة لإيجاد صيغ أخرى بعيدا عن سمعة المحافظ الاستثمارية.
هل يفهم من هذا تصنيف زراعة القمح في اليمن ضمن المشاريع ذات المخاطر العالية، ولماذا؟
– لابد أن يبقى النقاش في حدود الموضوعية لا يحدد القمح أو غيره من المحاصيل.. فالتفكير المنطقي يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن الشروع في زراعة مادة القمح في المناطق الوسطى يعد مغامرة تندرج ضمن المشاريع ذات المخاطر العالية والعائد الأقل بيد أن زراعة القمح في مناطق الجوف وتهامة تندرج ضمن المشاريع ذات العوائد الأكبر بمخاطر أقل.. وتظل المعادلة متحركة وغير ثابتة فقد يمكننا الامتناع عن زراعة القمح قي الموسم الأكثر عرضا والأقل طلبا، فيما يجدر بنا زراعته في الموسم الأقل عرضا، والأكثر طلبا.
يشاع أن اليمن تندرج ضمن قائمة الدول المحظور عليها زراعة القمح، وأن هناك اتفاقيات موقعة في هذا الخصوص، ما هو تعليقكم؟
– نسمع أن هناك اتفاقيات من هذا القبيل تم التوقيع عليها في فترات سابقة.. وفي حال وجدت مثل هذه الاتفاقات فإن ذلك سيمثل تحديا بستوجب على الجميع مواجهته والتصدي له والتغلب على تبعاته بعزيمة الرجال وإرادة القيادتين الثورية والسياسية اللتين جعلتا من هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي أمرا حتميا ودربا مصيريا لا رجعة عنه.
نظام السلة؛ هل يقصد به ما بين الداخل والخارج أم ما بين الداخل والداخل؟
– التوجه الذي عرض علينا أنه ما بين تصدير البن مقابل ما نستورده من قمح؛ إذا وصلنا إلى إنتاج يحقق فائضاً من البن بما يعادل كمية ما نستورده من القمح، فهذا في حد ذاته يعتبر أمناً غذائياً يصنف ضمن الفكرة الإيجابية، لكننا وفي منتصف الطريق الآخر نسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، ونتطلع إلى التصدير بأية صيغة بما ذلك السلة.. المهم هو وجود الرجال والإرادة السياسية.
بأي الرجال تعتقد؛ ذوي العقول أم ذوي السواعد؟
– الإرادة السياسية كما سبق أن ذكرنا عازمة وبإصرار على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي مهما بلغ حجم المخاطر.. أما أي الرجال نعتقد؟ فالأمر واضح وجلي أن هناك رجالاً يفكرون وهناك رجال ينفذون ونتمنى تكامل جميع الجهود والأدوار من بزوغ الفكرة إلى المزارع البسيط وأفراد أسرته مرورا بأكبر رجل في الاقتصاد والسياسة وصولا إلى حصد أرباحها وتوزيعها.
وماذا عن رأس المال؟
– إذا وجد الرجال والإرادة السياسية بالتأكيد سيتوفر رأس المال.. إما إذا ترهلت عزائم الرجال، وغابت الإرادة السياسية، فإن ذلك بالتأكيد سيمثل عامل الإحباط الأشد فتكا، بل ومن غير المحفز في ظله المغامرة برأس مال حتى لو توافرت دراسات جدوى تسهم في تحقيق النجاح بنسبة تفوق 200 %.
ماذا عن استراتيجية إدارة المحفظة، هل ستتولاها الهيئة بصورة مباشرة أم أن هناك استراتيجيات أخرى من التداخل في الاختصاصات بين الجهات ذات العلاقة؟
– المحفظة ملك أصحاب رؤوس الأموال، وعليهم تقع مسؤولية اختيار المشاريع وتنفيذها وإدارتها.. الهيئة تقوم بدور عرض الفرص الاستثمارية.. وتقوم بدور إيجابي في تحديد مقدار رأس مال المحفظة المتوقع من خلال دراسات قطاعية حول الفجوة بين حجم الاستثمار والاستيراد.. الهيئة ستشارك في الإدارة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حالة واحدة وهي أن تكون مساهمة بشراكة فعلية في رأس المال.
هل تقصد أن الهيئة سترفع يدها تماما عن المحافظ الاستثمارية ولن تقوم بأي دور رقابي أو حتى إشرافي أو خلافه؟
– الهيئة تتابع المشاريع وتتابع كل جزء من جزئياتها.. وهذه المتابعة يتم تفعيلها بصورة أبحاث وإحصائيات عن احتمالات الخسائر وعن وسائل تغطية هذه الخسائر قبل وقوعها، وكذلك ماهية الحوافز التي يتطلب منحها لتحسين سمعة المحافظ الاستثمارية كرهان نراهن عليه في المستقبل.. وسنعمل على تحسين بعض التجارب السلبية في الشركات المساهمة التي تستجمع رؤوس الأموال ولا توظفها التوظيف الجيد والإيجابي.. سنشدد على جزئية السمعة ومركز المحفظة.

قد يعجبك ايضا