فاجعة لبنان.. بين إظهار الحقيقة ودعوة الهروب للتدويل!

عبدالعزيز البغدادي
بين هوس السلطة وطريق الجهاد في سبيل العدالة والحرية والمساواة ومحاربة الفساد بون شاسع ، الطريق الأول يُضيع الدين ويُفقد الدنيا بهجتها مهما ظن البعض خلاف ذلك ، أما الطريق الثاني فهو طريق إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة !!؛
والجهاد المقصود بمعناه الأكبر يرفض منهج التكفير وهو طوق النجاة من عبث العابثين ومكر الماكرين ، لذلك فمعركة حزب الله وحلفائه وشركائه ضد العدوان الصهيوني وضد الفساد وقواه المحلية والدولية في لبنان مستمرة بأشكال متعددة وهو طريق واضح لهذا النوع من الجهاد ضد رموز الفساد وتجار الموت والحروب والأزمات الذين لم ولن يحصدوا سوى الفشل والهزيمة والخزي ، لأن الطرف الجهادي يسعى ويجاهد في سبيل تحقيق العدالة والحرية والحياة الكريمة لكل الشعب اللبناني بعيداً عن الطائفية والمذهبية والمناطقية ، وليس مهووساً بالسلطة وفي كل محطة نضالية يثبت حرصه التام على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أجندة المهووسين بالحكم والفساد ولهذا بقيت لغة قائد المقاومة والرؤساء الثلاثة رئيس الجمهورية ، ورئيس مجلس النواب ، ورئيس الحكومة مع كارثة مرفأ بيروت على نفس المستوى من القوة بل وبدوا أكثر تماسكاً وأقرب الى التوحد من أي وقت مضى ؛
وحَّدتهم المأساة وأدركوا حقيقة أن الفساد هو المتهم الأول قبل أي تحقيق وهل تحتاج الحقيقة لتحقيق ؟!، وما عساه يكون التحقيق الجاد والسريع أو الذي ينبغي أن يكون سريعاً وليس متسرعاً إذا لم يؤد للكشف عن بقية المتهمين الذين هم جزء من كيان الفساد بأبعاده وأدواته الداخلية والخارجية ، وهي بالتالي جزء من جسد النظام المرتدي ثوب الحرير منذ عقود وله مخالب وأنياب ظاهرة وخفية ومستعد لارتكاب أي جريمة مهما كانت بشاعتها ، هذا التفجير الذي طالت آثاره كل لبناني بل كل إنسان يؤمن بالحرية والكرامة والعدالة ، لما تعنيه من استهانة بالموت والمعاناة ، نعم الفساد هو المتهم الأول في هذه الجريمة الشنعاء وفي كل جريمة سواء في الوطن اللبناني أو في أي وطن يبحث أبناؤه عن الكرامة والعدالة والحرية والسيادة الوطنية ، ومن الطبيعي أن الفاسدين المهووسين يضيقون من ترديد هذه الحقيقة ، وقد رأينا كيف لجأوا إلى الفوضى للتشويش على التحقيق الجاد ، وسواء أثبتت التحقيقات أن الجريمة الكارثة ناتجة عن اعتداء خارجي أو إهمال داخلي متعمد ، فإن المسارعين إلى اتهام حزب الله وتحريك الزعران (البلاطجة) أو (الدنق) هم مرتكبو الجريمة سواء بالفعل المباشر أو بالإهمال وجريمة الإهمال المتعمد لا تقل خطورة عن جريمة الفعل المباشر لأن الإهمال المتعمد مصنع لجرائم متكررة ومتعددة ومستمرة مادام مُتعمِّد الإهمال ممسكاً بمواقع السلطة ، تدعم بقاءه فيها قوى الفساد في الداخل والخارج !؛
وهؤلاء المهووسون مثلهم مثل غيرهم في بلدان كثيرة يشكلون عصب الدولة العميقة في البلدان المكلومة بهم ، وقد رأينا في لبنان كيف سارعوا فور التفجير للمطالبة بتدويل التحقيق لا بل وبوقاحة دعوا رئيس الدولة الاستعمارية الزائر (ماكرون) لإعادة الوصاية على لبنان ، ولأنه أدرى منهم بمعرفة ما يريد وما يخدم مصلحة بلده ، فقد أظهر رفضه للتدويل واستنكاره لتفريطهم بسيادة وطنهم المفترض مدركاً أن موازين القوى في لبنان بفضل المقاومة لم تعد تسمح بتحقيق طموحات المستعمر التي تلتقي مع طلب المفرطين ، فكتلة المقاومة بجهودها وجهادها صارت أصلب عوداً وأكثر تماسكاً وقدرةً على الخروج من الكارثة وتحويلها إلى فرصة لإعادة بناء لبنان والانطلاق به نحو التحرر الحقيقي والتخلص من كابوس الإفساد الممنهج الذي يمثله دعاة تدويل كل الجرائم التي هي من صنعهم أو صنع حلفائهم ، هكذا كان الحال سابقاً وهكذا هو الآن !!، لذا فإن دعوتهم للتدويل هي دعوة المجرم المحلي لشريكه الدولي لتولي التحقيق بهدف إخفاء الحقيقة وطمس معالم الجريمة بل ونسبتها كالعادة لحزب الله وحلفائه وشركائه الذين يجاهدون في سبيل التخلص من هؤلاء المفسدين المهووسين بالسلطة بكل تفرعاتها ومنها سلطة الدين والمال والحكم كما صنعوا في قضية الحريري ، هذا الهوس هو رأس كل الخطايا وأساس استمرار دوامة العنف في أي بلد عند من يعقل !
لبنان بتماسك أحراره وشرفائه قادر على الخروج من التحريض على العزلة والحصار واستهداف مقاومته وهي العرق الذي يمده بالحياة إلى التضامن وقادر على التمييز بين التضامن الحقيقي والزائف الذي يستخدم الإنسانية بوابة لإعادة إنتاج التدخل في شؤونه بعناوين جديدة ، وعلى معرفة بمن أيقظ روح القومية فيما يسمى (جامعة الدول العربية)، ومن حرك أمينها الخاص للمشاركة في المهمة المستحيلة : إنقاذ قوى الفساد اللبناني وإعادة تدويرها !
ومن العجائب أن التحرك الخارجي في كارثة مرفأ بيروت سبق التحرك الداخلي ففي اليوم الثاني لزيارة ماكرون الاستباقية خرج (الزعران) كما يطلق عليهم اللبنانيون لاقتحام مجلس النواب وبعض الوزارات وإحراق بعض وثائقها والهدف إظهار فشل الدولة اللبنانية والمطالبة بتدويل التحقيق هروباً من انكشاف الحقيقة من خلال تحقيق وطني جاد كما أشرنا !؛
(صباح اليوم الاثنين 10/ 8/ 2020 أكدت “شبكة فولتير الفرنسية” أن إسرائيل هي من نفذت تفجير مرفأ بيروت بسلاح جديد وأن الموقع الذي انفجر هو نفس الموقع الذي حدده نتنياهو على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27/ أيلول 2018على أنه مستودع أسلحة لحزب الله)، ما أوردته الشبكة الفرنسية سالف الذكر يكشف حقيقة المهووسين بالسلطة والمفسدين في الأرض ، وهدف هذا الادعاء الكاذب التمهيد للتفجير سواء كان بصواريخ صهيونية أو نتيجة الإهمال المتعمد!.
مثلما تزرعونْ يكون الحصادْ
فازرعوا الحبَّ كي تحصدوهْ

قد يعجبك ايضا