نفقات العيد في زمن كورونا

 

أحمد ماجد الجمال
فرضت جائحة فيروس كورونا -الذي أطلق عليه “المستجد”- نفسها على جميع اقتصاديات العالم وعلى صحة الإنسان، نظراً لخطورة الآثار المترتبة عليه والتي أجبرت جميع الدول على اتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية التي تخالف الطبيعة البشرية (كالتباعد ,والحظر, ولبس الكمامات والقفازات وغسل اليدين والنظافة على مدار اليوم, وتعطيل الأعمال وإغلاق المدارس والجامعات, ومنع السفر …..إلخ).. لقد شكلت هذه الإجراءات صداً أولياً للوقاية من الفيروس وعدم انتشاره بين الناس ,وكانت الجائحة ضيفاً ثقيلاً على العالم عامة وعلى المسلمين خاصة قللت فرحتهم باستقبال عيد الفطر المبارك وحرمانهم من صلاة العيد جماعة وأجبرتهم على الاحتفال وسط تدابير عزل مشددة.
فترة العزل والحجر المنزلي كانت من أصعب وأهم الدروس وجاء قرار الحكومة في عيد الفطر، الحجر الصحي حظر الحركة الطبيعية، حفاظاً على المجتمع ولصالح سلامته الصحية والحد من آثار الوباء وكان من المهم تعلم الاقتصاد وإدارة المال بكفاءة عالية, فقد ظهر بالفعل تراجع في معظم الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية وذلك بانخفاض الإنتاج والاستهلاك والتجارة والتشغيل.
نحضر انفسنا للعودة إلى الحياة، ما قبل كورونا، حيث يمكن لأفراد المجتمع ممارسة الأنشطة التسويقية والهوايات والعادات المحببة والمشروعة في العيد كزيارة الأهل والأصدقاء والسفر بعد صدور قرار حكومي بالعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية وتخفيف الحجر الصحي الذي تزامن مع حلول عيد الأضحى المبارك شريطة استمرار التزام الجميع بكافة الإجراءات الاحترازية المعتمدة بمزيد من الحيطة والحذر, كعدم التزاحم في الأسواق والمراكز التجارية والصالات وصوالين الحلاقة وحمامات البخار والمطاعم والاستراحات والحدائق والمنتزهات وغيره، وتحديد مسافات آمنة , فمرحلة مكافحة الوباء لا زالت مستمرة، ولايزال العدو اللدود متربصاً، ولاتزال البشرية كلها في مرحلة مقاومة لهذا الوباء والأزمة فلا يتعين أن نترك لهذا الفيروس أي فرصة للنفاذ. فالعيد أن نكون سالمين من عوارض الوباء.
ولأن الجائحة ماتزال مستمرة فإن من المفترض علينا اتباع السلوك الإيجابي وسبل التوفير والتجويد في الاقتصاد، في أثناء شراء ما يلزم الأسرة من مواد غذائية وتموينية وفي أثناء شراء الملابس، إضافة إلى المستلزمات الأخرى للاحتفال بالعيد كالأضاحي والمكسرات والمشروبات المتنوعة والأنواع المختلفة من الحلويات، وبذل العيدية للأطفال والنساء والصدقات ومساعدة الفقراء والضعفاء والمحتاجين و في أعمال الخير وصلة الرحم، والتراحم والتعاون بحيث يكون لدى الجميع حسن إدارة وتوظيف أمثل للإنفاق دون تبذير وإسراف، ودون البخل الزائد .
من المعروف أن الإنفاق يتعلق بسلوك الانسان، وهو الأمر الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وذلك من خلال التوازن في الإنفاق والقدرة الشرائية الحقيقية وعدم تحميل الفرد فوق إمكاناته المادية الحقيقية ,ولينتشر مفهوم الترشيد في شراء المتطلبات، فالإدراك والاقتناع بالتقنين في الشراء والاستهلاك هو المدخل الرئيسي لاستهلاك رشيد ليرتفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع ,خصوصا في مواسم الأعياد الدينية, لأنه يخلق بيئة صالحة وقادرة على تحقيق المنافع على مدار العام , مما يؤدي بالضرورة إلى تحسين حال المجتمع، وإلى أن تتفتح عوامل النضج فيه، وينعكس ذلك على ممارسة النشاط التجاري وتحقيق المكاسب المشروعة لممارسيها من خلال متابعة الجهات الرسمية المعنية بمراقبة الأسعار كأساسيات عملها للحد من ارتفاع الأسعار دون مبرر منطقي لمواجهة تأثيراتها المضرة اجتماعياً حتى تكون أسعاراً معتدلةٍ وتتناسب مع جميع فئات المجتمع.
* باحث في وزارة المالية

قد يعجبك ايضا