في القرية

هناك في تلك البقعة من الأرض¡ البعيدة عن الشرق والغرب¡ القريبة من بقايا الحياة¡ يقطن الناس بالأجناس¡يصطحبون معهم تقاليدهم¡ أفكارهم ورؤى من حياة لا يقبل طقوسها إلا هم¡ ولا يألف تعقيداتها إلا هم !
تدور ساعاتهم الأولى على مادة يشتغل عليها أفراد القرية¡ هذه المادة عندهم عكس ما نفكر به أو نألف عليه في المدن¡ فتضاريسهم القاسية الخالية من البساطة المليئة بالتراكيب المقدسة¡ تقودهم دون تردد أو مراجعة إلى سلوك لا يقبل التعديل أو التغيير .
فهم لم يسألوا أنفسهم إذا كانت تلك الطقوس قابلة للتغيير أو التعديل ¿
رغم تغير الوقت وتجدد الحاجة¡ إلا أن ساعات التغيير لديهم بطيئة جدا¡ فلا يدركون الحاجة إليها إلا عندما ينتقلون إلى مناطق أخرى أكثر تقدما◌ٍ وتغيرا◌ٍ¡ المهم أن الصواب والخطأ لديهم متشابهان في الكم والكيف والجدل يحتدم في أبسط النقاط وأكثرها وضوحا¡ فتدرك أن الغرابة ليس في البشر إنما في عقولهم التي رضعت من قسوة البيئة ما يكفي أن تظل صلبة لا تسمع أو تتكلم إلا بالصوت الجهور المرتفع .
كذلك الحال عند نسائهم فهن على درجة أعلى من الجهل والإصرار على بقائه, فليس ليهن سعة للتفاهم أو الإصغاء¡ ولا يقبلن المناقشة في فرضيات باتت لديهن قواعد ثابتة لا تقبل النقاش أو التغيير أو الحذف .
في مجتمع كهذا لا تقوى على تعديل كل سلوكياته مرة واحدة¡ يلزمك ثقافة الوقت والزمن والمكان الذي تقيم فيه¡ ولن تصل إلى نتائج سريعة أو بسيطة إلا بعد سنوات عديدة ¡ وبعد أن يعيش أفراد هذه القرية سلسلة من الظروف والمعارك المتداخلة وثقافات متعددة وواقع مختلف عما اعتاد عليه الفرد في منطقته .
فمثلا مسألة تنظيم الأسرة لا تزال قضية غير قابلة للتعديل والمواليد يولدون هناك بالأطنان إن أردتم العبارة الأمثل¡ ولا يقبل الرجل أن تهتز مكانته عند قلة الإنجاب فذلك قد يقلل من هيبته ورجولته¡ ولا يشعر بالقوة والسعادة إلا عندما يكثر عياله!!
هذا العدد الذي يكسب المرأة أيضا السيطرة والتكرار للحمل دون أن تشكو من شيء¡ فرضاؤها التام هو العامل المشترك في زيادة الأعداد¡ فلا يحسبون للتربية والرعاية الصحية والتغذية أي حساب¡ رغم معاناتهم اليومية في توفير لقمة العيش إلا أن القدرة على التغيير لا تظهر مطلقا¡ وقد يفقدون أرواحهم أيضا◌ٍ دون أن يتعظوا ويؤمنوا بالتغيير من أجل البقاء في مأمن لهم ولبقية أفراد عائلتهم¡ فنظام القرية غير قابل للتعديل¡ حتى الثقافة الدينية ينقصها الكثير من التطبيق والاعتدال . فمرحلة الوعي لديهم لا زالت متأخرة ومن الصعب تغيير نمط التفكير عندهم أو تحويل مساراته المتعرجة¡ لا أعرف طريقة واحدة تضمن لنا قيادة مجتمعات كهذه ولكن آمل أن يكتشفها الآخر ليحظى الإنسان في رعاية الله عز وجل.

قد يعجبك ايضا