صافر »السفينة العائمة« بين الضجيج البريطاني الأمريكي والجعجعة الأممية

بريطانيا تتعمد الابتزاز بها وأمريكا تدفع لانفجارها:اليمن إصلاح صافر وصيانتها لتفادي الكارثة

 

 

تحقيق..عن أكبر كارثة تهدد مياه وجزر وموانئ البحر الأحمر
سفينة صافر..من أهم مورد اقتصادي لليمن قبل العدوان..إلى خطر يهدد الإقليم بعد 5 أعوام من العدوان والحصار
لماذا على التحالف »السعودي البريطاني الأمريكي« أن يتحمل المسؤولية عن انفجارها؟

منذ شن التحالف “السعودي الأمريكي البريطاني” الحرب على اليمن في مارس 2015م بقيت السفينة النفطية العائمة “صافر” دون صيانة فنية ، حيث قام التحالف بمنع فرق الصيانة الفنية من الوصول إلى الناقلة “صافر” التي ترسو على بعد ” 7 كيلومترات من رأس عيسى” ، كما منع تفريغ السفينة من حمولتها المقدرة بنحو 1.1 من النفط الخام ، وقد مثل بقاء السفينة دون إصلاح ولا تفريغ كارثة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وتهديدا وشيكا ينذر بكارثة بيئية تدمر البيئة البحرية بشكل كلي وشامل..
تحمل “صافر” – المملوكة لشركة النفط اليمنية – 34 صهريج نفط خام بأحجام وسعات مختلفة، ليصل إجمالي سعتها إلى 3 ملايين برميل نفط ، لكن الكمية المتواجدة في السفينة حاليا تُقدَّر بنحو مليون و140 ألف برميل نفط..

الثورة / وديع العبسي

وترسو السفينة “صافر” أحادية الهيكل التي بنتها شركة يابانية في عام 1976م على بُعد 7 كيلومترات قبالة ميناء رأس عيسى ، ولم تخضع السفينة لأية صيانة منذ العام 2015م، حين شن التحالف الذي تقوده أمريكا الحرب العسكرية على اليمن وفرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على المنافذ والموانئ اليمنية ، واعتبر كل الموانئ اليمنية مناطق عسكرية مستهدفة ، ويحتوي الخزان “صافر” على مليون و140 ألف برميل من النفط الخام، تم تصديره من حقول النفط بمأرب شرقي البلاد عبر أنبوب النفط قبل قيام التحالف بمنع السفن من الاقتراب من الناقلة وتفريغها ، وظلت الكميات مخزنة منذ ذلك الوقت مع توقف الإنتاج وتوقف عملية البيع بعد سيطرة التحالف على الموانئ والأجواء كاملة..،
فما هو وضع السفينة “صافر” بعد خمسة أعوام من قيام تحالف العدوان بمنع صيانتها وتفريغها؟
أسميت “صافر” باسم الموقع الذي تم اكتشاف النفط فيه لأول مرة في اليمن ، و”صافر” منطقة نفطية في محافظة مأرب، والسفينة “صافر” هي عبارة عن خزان تفريغ عائم ومثبّت بشكل دائم وسط المياه الوطنية اليمنية المقابلة لميناء رأس عيسى، وتُعد ثالث أكبر ميناء نفطي عائم في العالم، وتضم نحو 34 صهريجاً، مخصصة لتخزين النفط الخام، ذات أحجام وسعات مختلفة ، ويبلغ وزنها نحو410 آلاف طن متري، ويربطها أنبوب نفطي مع حقول صافر في محافظة مأرب طوله نحو 428 كيلومتراً.. ويبلغ طول السفينة 360 مترًا (1181 قدمًا)، وفيها 34 صهريج تخزين.
منذ عام 2015م، توقفت الصيانة السنوية للسفينة بالكامل وتم سحب معظم أفراد الطاقم، باستثناء 10 أشخاص من السفينة بعد أن فرض التحالف بقيادة السعودية حظراً بريًا وبحريا وجويًا قبل شن حملة جوية واسعة النطاق على اليمن، وواشنطن تلحقها مسؤولية أكيدة في هذا الأمر لتوفيرها الغطاء السياسي والدعم العسكري لاستمرار العدوان والحصار..
وفيما يزداد وضع السفينة سوءا منذرا بمخاطر مختلفة على الإنسان والبيئة يعمد تحالف العدوان إلى محاولة التنصل من تحمل المسؤولية، ويعتبر محللون أن بيانات بريطانيا وأمريكا تعكس رغبتهما في الخروج بحجج وذرائع تحاول الحصول بها على براءة من المسؤولية عن الكارثة..
وعلى وقع التذاكي والابتزاز والضجيج الإعلامي البريطاني والأمريكي الذي برز مؤخرا ، بدأت أجزاء من الخزان بالتصدع والتلف وسط توظيف الكارثة الوشيكة في سياق الضغوط والابتزاز السياسي المتوازي مع التصعيد العسكري واستمرار التنصل عن تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة والموانئ اليمنية..
يؤكد مصدر لـ”الثورة” احتمال حدوث انفجار خزان النفط العائم “صافر” الموجود في البحر الأحمر، مع استمرار تصدعه مسبباً كارثة في الجزر اليمنية ، في وقت تحاول فيه بريطانيا وامريكا التذاكي والابتزاز والمناورة السياسية والإعلامية للتنصل من المسؤولية الناتجة عن أي أضرار قد تلحق بالمياه البحرية جراء تسرب النفط الخام من الناقلة..
وطبقاً لمختصين فإن الخطر يكمن في عملية التأكسد الذي يتسبب به الهواء الذي يشغل المساحة الفارغة في خزانات تخزين الناقلة، التي تستوعب قرابة 3 ملايين برميل من النفط الخام .. مصدر مطَّلع أفاد لـ”الثورة” أن “صافر” تعرضت لثقوب الشهر الماضي ، ووصلت المياه إلى داخل المحركات ، قبل أن تقوم الفرق الفنية التي ترابط داخلها بإصلاح مؤقت يمنع تسرب المياه ، كما قامت بتشغيل محركات شفط المياه بصعوبة بالغة ، وأشار إلى أن السفينة بحاجة إلى صيانة كاملة كونها متوقفة منذ خمس سنوات ما أدى إلى زيادة التآكل في محركاتها وفي الصهاريج التي تخزن فيها كميات النفط..
فماذا تحمل التصريحات البريطانية والأمريكية الأخيرة؟
تقتصر تصريحات البريطانيين والأمريكيين فقط على الجوانب المتصلة بالكارثة واحتمالية وقوعها ، لكن لا مؤشرات تحملها تلك التصريحات حول الإصلاح والحلول اللازمة ، ويعتبر مراقبون أن التصريحات الأمريكية والبريطانية مبهمة ، وهي مناورة سياسية الهدف منها التنصل عن الكارثة الوشيكة أولا ، وثانيا إثارة اللغط حولها لتحقيق ضغط سياسي وإعلامي على صنعاء ، إذ أن التحالف “الأمريكي السعودي البريطاني” يرفض السماح بإجراء الإصلاحات الفنية اللازمة للسفينة منذ خمسة أعوام ، مانعا تفريغها بذريعة أن الأموال التي تعود من عملية بيع كميات النفط تذهب إلى البنك المركزي في صنعاء ، فأبقاها كقنبلة موقوتة باتت تهدد بتدمير البيئة البحرية بشكل كلي..
وظلت أزمة سفينة صافر حاضرة منذ العام 2015م ، فيما حاولت قوى الاستكبار – وهي التي رفضت الانصياع للدعوات اليمنية المتكررة بشأن الكارثة فتسببت بإجراءاتها التعسفية في منع وصول فرق الصيانة ومنع التفريغ إيصال السفينة إلى وضعها الحالي..
وفيما استمر “تحالف العدوان على اليمن الذي تقوده أمريكا” رفض المطالبات المتكررة من جانب حكومة الإنقاذ في صنعاء بشأن بقاء السفينة دون صيانة ولا تفريغ لم تتعاط الأمم المتحدة مع قضية الناقلة ضمن الملفات الهامة رغم طرحها من قبل الوفد الوطني في مفاوضات السويد، وبالتالي وبحسب الخبراء فإن عدم إصلاح السفينة التي تضررت كثيرا وباتت تعاني من ثقوب عدة ، مع بقاء النفط داخل صهاريجها قد يؤدي إلى انفجارها في أي لحظة ، الأمر الذي سيكون بمثابة كارثة بيئية كبرى في البحر الأحمر، إضافة إلى تلوث عشرات الآلاف من الهكتارات الزراعية في محافظة الحديدة -حسب مراقبين..
واعتبر عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي حديث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول السفينة العائمة “صافر” تهديدا أمريكيا مبطنا باستهداف السفينة التي ترسو على مقربة من ميناء الحديدة ، وقال عضو المجلس السياسي الأعلى إن حديث بومبيو يحمل رسائل تهديد باستهداف السفينة..
ووصف محمد علي الحوثي تصريحات الخارجية الأمريكية بأنها “أكبر عملية تضليلية” ، وقال في تغريدة على حسابه في “تويتر”: أكبر عملية تضليلية في عالم السياسة اليوم دعوة الخارجية الأمريكية للحفاظ على (صافر) حفاظاً على الأسماك اليمنية.
دوافع سياسية وأهداف عسكرية
من جهته أوضح وزير الثروة السمكية محمد الزبيري في تصريح صحفي أن المساعي البريطانية المتعلقة بخزان صافر تنطلق من دوافع سياسية وليس من أجل الخطر الذي يشكله بقاء الخزان على حاله مهدداً البيئة البحرية اليمنية.. مستدلاً على ذلك بقوله “قضية خزان صافر تطرح للمرة الأولى منذ 5 سنوات، فأين كانت بريطانيا ومجلس الأمن عندما كنا نقدم المبادرة تلو الأخرى بهذا الشأن دون أن يسمعنا أحد؟”..
رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام قال “منذ وقت مبكر ونحن ندعو لصيانة ناقلة صافر النفطية قبالة الحُدَيْدَة وقوى العدوان المدعومة أميركياً تتعمد إعاقة ذلك”، مضيفاً “قوى العدوان المدعومة أميركياً تعمّدت بحصارها الظالم وضعَ العراقيل ومنع إجراء أي صيانة لناقلة صافر النفطية”..
من جانب آخر يعتبر مراقبون أن المحاولة البريطانية حول إحالة القضية إلى مجلس الأمن مؤشر على أن الهدف من الإثارة ليس إصلاح السفينة بل استخدام القضية في سياق الضغط السياسي الذي تمارسه دول تحالف العدوان على اليمن ، وتفيد معلومات بأن الهدف من الإثارة الإعلامية التي يمارسها البريطانيون والأمريكيون ليس إصلاح سفينة صافر وإجراء الصيانة اللازمة للناقلة التي يمكن أن تبقى فترات أطول ، بل يهدفون إلى تفريغها وتفكيكيها ، ويؤكد المصدر أن بريطانيا صرحت بأنها أصبحت خردة ومطلوب نقلها حتى بعد تفريغها..
‏نائب وزير الخارجية في صنعاء قال “تصريحات الخارجية الأمريكية والبريطانية بخصوص صافر، وتحميل حكومة الإنقاذ المسؤولية تندرج ضمن حملات التضليل وتمثل امتدادا لمواقفهم العدائية تجاه اليمن” وأضاف في تغريدة له على حسابه بتوتير “لقد أبلغنا الأمم المتحدة موافقتنا على التقييم والصيانة ومطالبتنا بفريق متخصص منذ فترة مبكرة وبقينا نجدد هذا الموقف عبر مذكرات رسمية آخرها قبل أسبوع”..
سبق تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بيان من الخارجية البريطانية تلى تصريحات السفير البريطاني في اليمن والمقيم في السعودية ، ويعتبر مراقبون التصريحات الأمريكية والبريطانية الأخيرة ابتزازاً سياسياً هدفه المساومة والابتزاز ، لا إصلاح السفينة التي تحمل أكثر من مليون برميل من النفط الخام ، إذ يرفض التحالف العسكري الذي تقوده أمريكا الموافقة على إجراء الصيانة اللازمة للسفينة منذ العام 2015م، وفي وقت سابق رفض التحالف دعوات اليمن المتكررة للسماح باجراء الصيانة الفنية من قبل الفرق المتخصصة، ففي مايو 2020م .عقدت وزارة المياه والبيئة مؤتمراً صحفيا عاما دعت فيه إلى ضرورة أن يسمح تحالف العدوان -الذي يعتبر منطقة رسو السفينة منطقة حرب يستهدفها – للفرق الفنية بالوصول إلى السفينة لإصلاحها ، وجاء المؤتمر الصحفي بعد رسائل ونداءات وبيانات عدة وجهتها الحكومة في صنعاء إلى للأمم المتحدة ودول التحالف بالسماح لفرق الإصلاح بالوصول إلى السفينة وضمان عدم استهدافها..
وفي وقت سابق دعت وزارة النفط في صنعاء الأمم المتحدة إلى الضغط على تحالف العدوان ليوافق على إصلاح السفينة صافر، وحمَّلت وزارة النفط والمعادن التابعة لها الأمم المتحدة ممثلة بمكتبها في اليمن المسؤولية وأن عليها الاضطلاع بدورها في حماية الباخرة صافر (الخزان العائم) في البحر الأحمر من أي استهداف حربي ، وطالبت الوزارة بإصلاح السفينة صافر وعمل الصيانة اللازمة لها لتفادي أسوأ كارثة بيئية قد تحدث في المنطقة ، وسبق لوزارة المياه والبيئة والخارجية أن وجهت رسائل وبيانات عديدة ، ففي نهاية ديسمبر من العام الماضي طالبت وزارتا المياه والثروة السمكية المجتمع الدولي بالقيام بدوره في إصلاح السفينة صافر وصيانتها محذرة في بيان مشترك من وقوع كارثة وشيكة…،
أكبر عملية تضليل وخداع
مع اقتراب الكارثة من الوقوع ظهرت الأصوات الأمريكية والبريطانية مدعية القلق على وضع الخزان النفطي العائم “صافر”، في ما يبدو أنها محاولة للتنصل من المسؤولية وهي التي صمّت آذانها أمام دعوات صنعاء المتكررة ، فعلى مدى خمس سنوات كرر المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ التحذير من كارثة بيئية سيتسبّب بها منع تحالف العدوان الذي تشارك فيه “بريطانيا وأمريكا” من صيانة السفينة دون أن تلقى أيّ تجاوب..
وفي أول ردّ على تلك الدعوات أوضح عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي – في سلسلة تغريدات على «تويتر»، خلال الأيام الماضية- أن الخلاف بشأن «صافر» ليس على نزول فريق التقييم، بل على ضمان قيامه بإصلاح السفينة، وقبل ذلك إقرار آلية لضخّ النفط، وتحويل قيمته إلى حساب خاص بمرتبات العسكريين والمدنيين وفق كشوفات عام 2014م..
من جانبها، ردّت وزارة الخارجية على الاتهامات البريطانية والأميركية بالتذكير بأنها سبق أن طلبت أكثر من مرة من الأمم المتحدة إرسال فريق تقييم وصيانة للخزان النفطي العائم، مُشدّدة على ضرورة التعامل مع هذا الملف بشكل فني بحت، كما ذكّرت أنها قدّمت بدائل للتعامل مع النفط المخزّن في السفينة، ومنها إفراغه تدريجياً وبيعه والاستفادة من عائداته في مجالات إغاثية وإنسانية، مُحمّلة «التحالف» كامل المسؤولية عن الأزمة، كونه هو من يؤخّر الوصول إلى حلّ..
ويرى مراقبون أن أزمة «صافر» أخذت أبعاداً سياسية خلال الشهرين الماضيين، وبدأ التعاطي معها كورقة ضغط على صنعاء لتقديم تنازلات، إذ حمّل كلّ من السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون، والخارجية الأميركية، ومجلس الوزراء السعودي، حكومة الإنقاذ المسؤولية عن الأزمة..
وحول التدليس الأمريكي بالتعبير عن مخاوف أو التحذير من انفجار السفينة يؤكد محمد علي الحوثي أن تهديد وزير الخارجية مايك بومبيو بانفجار سفينة صافر دليل على مؤامرة تحاك ضدها من قبل الأميركيين.
وأشار الحوثي في تغريدة له على “تويتر” إلى أنه “لا يستبعد أن يكون هناك توجيه بعض الإشعاعات لفحص سفينة صافر عن بعد من قبل الأميركيين أثّر عليها”.
وأضاف “اهتمام دول العدوان بموضوع سفينة صافر ومحاولة ظهورهم كناسكين وحمائم سلام خداع مفضوح، وواقع ارتكابهم للمجازر والحصار ضد أبناء اليمن شاهد قائم بذاته”.
إصرار “بريطاني أمريكي” على حدوث الكارثة
يعتبر متابعون أن تجاهل الأمم المتحدة النداءات التي وجهتها حكومة الانقاذ في صنعاء طيلة السنوات الماضية وحتى اليوم ، ورفض تحالف العدوان أيّ استجابة للمبادرات المعلنة بخصوص صافر وإصلاحها حتى اللحظة ، مع استمرار دول التحالف العسكري بقيادة أمريكا في استخدام ‬الحرب ‬الاقتصادية ‬وفرض الحصار ‬على ‬اليمن كل ذلك لا يعفي التحالف من مسؤوليته عن الكارثة..
ومنذ يوليو2016م سارعت حكومة الإنقاذ إلى التحذير من هذا الخطر عقب منع تحالف العدوان شحنة مازوت خاصة بالسفينة من دخول ميناء رأس عيسى، وهو ما أدّى إلى توقّف الغلايات الخاصة بها، ومع فشل جهود إدخال المازوت اللازم لتشغيل السفينة المتقادمة أصلاً تمّ إخلاء العاملين على متنها، ليبدأ العد التنازلي في اتجاه نقطة الكارثة..
ثم رفعت الهيئة العامة للشؤون البحرية رسالة في 9 نوفمبر 2016م تؤكد «حاجة سفينة صافر العائمة لتموينها بمادة المازوت لإعادة تشغيلها والقيام بأعمال الصيانة اللازمة لها تفاديا لحدوث تلوث كبير نتيجة تسرب النفط إلى البحر ما قد يؤدي إلى كارثة بيئية كبيرة لا تحمد عقباها»..
في 21 ديسمبر 2016م التقى وزير النفط والمعادن قيادات الهيئات والمؤسسات النفطية وشدد على ضرورة التحرك لوضع معالجات للخزان العائم (السفينة صافر) والآثار الكارثية التي قد تُخلفها السفينة العائمة نتيجة تقادمها وتوقف أعمال الصيانة بسبب استمرار الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان.. لم يلق الأمر أي تجاوب لتعلن هيئة الشؤون البحرية في أبريل 2017م أن «شلل معظم الأنشطة ومنها صيانة الخزان العائم ينذر بكارثة بحرية ستشكل تحدياً لليمن والدول المجاورة». واعتبرت الهيئة ممثلة بمديرها محمد معتوق أن «وضع الباخرة صافر في دائرة الاستهداف من قبل تحالف العدوان وبهذا الشكل يعكس صورة واحدة للابتزاز الكبير الذي يتعرض له اليمن».. وقال معتوق في تصريح صحافي «وضع الباخرة صافر والظروف المحيطة بها يمثل هاجسا يؤرقنا في الهيئة، نحن نتحدث عن خزان عائم ضخم دخل الخدمة في اليمن قبل ثلاثين عاما والكمية التي يحتويها كبيرة وفي حال حصل انفجار أو حريق قد تضرب الكارثة البيئية عددا من الدول وستتسبب بعواقب وخيمة ولفترة زمنية، ولن تكون المشكلة آنية».
لماذا تسعى بريطانيا وأمريكا للوصول إلى انفجار خزان صافر؟
تضمنت وثيقة الحل الشامل لإنهاء الحرب على اليمن المقترحة من قيادة ‏الجمهورية اليمنية في صنعاء، في الثامن من أبريل الماضي إجراءات لضمان سلامة ناقلة النفط ‏صافر، من خلال قيام تعثة فنية بقيادة الأمم المتحدة بتقييم أوضاع الناقلة وإجراء الإصلاحات ‏المبدئية، وتقديم التوصيات الفنية اللازمة، وإجراء الإصلاح والصيانة..‏
كما تضمنت الاتفاق على ضوء توصيات الفريق الفني على خطة لاستخراج النفط من الناقلة بطريقة ‏آمنة بما فيها عودة ضخ النفط إلى الناقلة عبر أنبوب صافر – رأس عيسى..
أيضا كانت نداءات ودعوات مجلس النواب حاضرة، فقد استنكر أعضاء مجلس النواب استمرار تعنت دول العدوان في منع الفرق الفنية من الوصول إلى الباخرة لإجراء الصيانة اللازمة لها منذ 2016م، خاصة بعد تزايد التشققات والتآكل في خزاناتها..
وأشاروا في جلسة لهم إلى أن ما يٌنذر بالخطر البيئي هو تزايد المخاوف بعد حدوث ثقب في أحد الأنابيب وتسرب مياه البحر إلى غرفة محركات السفينة، ما يهدد بغرقها أو حدوث تسرب أو انفجار السفينة في أي لحظة .. لافتين إلى أن ذلك يضع السفينة في مرحلة الخطر، ما يدعو للتعجيل بإجراء التقييم والصيانة وتفريغ المخزون النفطي قبل حدوث كارثة بيئية قد تكون أحد أكبر الكوارث البيئية والاقتصادية في الإقليم والعالم..
وطالب نواب الشعب بالضغط على دول تحالف العدوان للسماح ببيع النفط الخام الموجود فيها، والاستفادة من العائد في إنشاء خزانات نفطية بديلة، لتهالكها وعدم إجراء أي صيانة لها .. محمِّلين الأمم المتحدة ودول العدوان مسؤولية حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر تصل إلى قناة السويس وتتسبب في إتلاف الأحياء البحرية..
واعتبر أعضاء مجلس النواب الأمم المتحدة ومجلس الأمن المسؤول الأول عن التبعات المترتبة عن انفجار أو تسرب نفط سفينة صافر إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية ودول تحالف العدوان..
ويعتبر المحلل السياسي محمد أحمد أنه ما كان للتحالف العدواني أن يتمكن من المغالطات والتضليل لولا موقف الأمم المتحدة التي تعد هي الأخرى شريكة في الجرم بالتباطؤ في تنفيذ اتفاق السويد ، وعدم اتخاذ موقف واضح بشأن إصلاح السفينة وصيانتها ، والتي باتت قنبلة قد تنفجر اليوم أو غداً.
وزارة النفط تناشد الأمم المتحدة بالتدخل لإصلاح صافر
في منتصف مايو الماضي ناشدت وزارة النفط والمعادن الأمم المتحدة ممثلة بمكتبها في اليمن بالاضطلاع بدورها في حماية الباخرة صافر (الخزان العائم) في البحر الأحمر من أي استهداف من قبل دول العدوان..
وعبَّرت الوزارة -في بيان لها- عن قلقها من الكارثة والأضرار التي قد تتعرض لها البيئة والحياة البحرية والشعب المرجانية نتيجة أي تسرب أو استهداف للناقلة لن تكون مخاطره على اليمن فقط وإنما على جميع الدول المطلة على البحر الأحمر من باب المندب إلى قناة السويس..
وأشار البيان إلى أن وزارة النفط والمعادن وجهت العديد من المخاطبات وأصدرت البيانات وطالبت بإجراء التقييم والصيانة للباخرة صافر..
ولفت إلى أن الوزارة ما تزال تكرر مناشداتها للأمم المتحدة والمنظمات الدولية للسماح ببيع النفط الخام الموجود في الباخرة صافر والاستفادة من العائد في إنشاء خزانات نفطية، كون الباخرة صافر أصبحت متهالكة وأعمال الصيانة فيها متوقفة بسبب العدوان ولو حدث تسرب نفطي فسيؤدي إلى كارثة بيئية في البحر الأحمر..
وفي نهاية يونيو الماضي استنكر عضو المجلس السياسي الأعلى- عبر تغريدات له على تويتر- الدور ‏البريطاني بشأن الخزان صافر، فقال “إذا كنتم تعتقدون أن الأحياء السمكية أغلى لديكم من ‏الشعب اليمني، فأنتم كبريطانيين تؤكدون تبعيتكم المطلقة للخارجية الأمريكية التي أعلنت قلقها ‏على الجمبري اليمني سابقا، في حين شاركتما كدولتين وأعلنتما رسميا الحصار وقتل المواطن ‏اليمني باشتراككما في قيادة العدوان عليه”.‏.
وأضاف “ما فعله العدوان والحصار اقتصاديا وبيئيا باليمن أشد ضرراً من أي تسرب قد أخلينا ‏مسؤوليتنا عنه”.‏.
ووجه محمد علي الحوثي انتقادات للسفير البريطاني “مايكل آرون” على خلفية تصريحاته خلال ندوة عن ‏خزان صافر نظمها ما يسمى الائتلاف اليمني للنساء المستقلات عبر منصة زوم الإلكترونية، ‏وقال “لستَ راسم سياسة بل ناقل أخبار وتقارير”، لافتاً إلى أن “السلام في اليمن ‏لا يحتاج إلى تفصيل بحسب ما تريده دول العدوان، ولا يمكن أن يأتي من ندوات ومؤتمرات ‏مع غير الفاعلين من طرف الجمهورية اليمنية في صنعاء وطرف دول العدوان”.‏.
وكان عضو السياسي الأعلى قد حمِّل دول العدوان المسؤولية الكاملة عن أي نتائج كارثية ‏بشأن الخزان العائم، وقال في تغريدات له “نخلي مسؤوليتنا ‏عن أي تسرب في خزان صافر، وندعو إلى المضي قدما في التفاوض حول الموضوع بشكل ‏جدي، وأي نتيجة كارثية تحصل -لا سمح الله- فنحمِّل المسؤولية الكاملة أمريكا والسعودية ‏وتحالفهما بسبب استمرار الحصار وعدم السماح ببيع النفط المخزن في صهريج صافر العائم، ‏وسبق أن حملناهم المسؤولية عن ذلك”.
الرئيس الشهيد الصماد يطلق مبادرة لإصلاح السفينة
في مطلع العام 2017م، التقى رئيس «المجلس السياسي الأعلى» (سابقاً) الشهيد صالح الصماد نائب المبعوث الأممي إلى اليمن معين شريم، مطالِباً إياه بتصدير المخزون النفطي في السفينة واستخدام عائداته في شراء أدوية للمحافظات الخاضعة لحكومة الإنقاذ.. لاحقاً تلقّى المبعوث الأممي “مارتن غريفيث” أكثر من مبادرة من قيادة صنعاء، من بينها تخويل المنظمة الدولية تصدير حمولة السفينة مقابل صرف مساعدات للفقراء، أو صرف رواتب الموظفين، أو إنشاء خزانات نفطية. في المقابل، إلا إن الرد كان دائما التجاهل..
وفي مقابلة لقناة “الميادين” مطلع 2017م قال رئيس المجلس السياسي الرئيس الشهيد صالح الصماد “الأمم المتحدة لم تلعب دورا في هذا السياق وقد عجزت عن العمل على السماح بتصدير هذه الكمية وبيعها مقابل أدوية يحتاجها الشعب اليمني في هذه الفترة العصيبة”.
وبالتزامن مع التحرك الجاد لمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ لاحتواء المشكلة كان هناك تحرك احترازي لأسوأ الاحتمالات، فكرس اجتماع للهيئة العامة لحماية البيئة بداية سبتمبر 2017م لمناقشة المخاطر البيئية في حال حدوث تسرب نفطي من السفينة العائمة صافر..
وشدد الاجتماع على أهمية إفراغ حمولة السفينة صافر من النفط الخام وعمل الصيانة اللازمة لها لتفادي أسوأ كارثة قد تحل بالمنطقة.. وأوضح الاجتماع أن كثافة النفط أقل من كثافة الماء وعند حدوث تسرب فإن النفط يطفو على سطح الماء مكونا طبقة رقيقة عازلة بين الماء والهواء وتنتشر هذه الطبقة فوق مساحة كبيرة من سطح الماء..
وأكد أنه في حال حدوث انفجار للسفينة صافر فإن حمولتها من النفط الخام ستغطي مساحة 939 ترليون متر مربع، ما يعني أن آثار الكارثة ستمتد لتشمل البحار المجاورة.
تواطؤ أممي
في الرابع من نوفمبر 2018م تضمنت رسالة وزير الخارجية هشام شرف للأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيرس) مبادرة على الأمم المتحدة وطالبتها بالضغط من أجل «السماح باستخدام الوقود الموجود في الباخرة “صافر” في رأس عيسى لتوليد الطاقة الكهربائية للمدن اليمنية وبما يساهم في التخفيف من الأوضاع الإنسانية وتجنب الكارثة البيئية التي قد يتسبب بها أي تسرب من الخزان المتهالك»..
وفي الأول من مايو 2019م أطلق عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي مبادرة جديدة، حيث قال في تغريدة له على «تويتر» : ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنه نفط خزان صافر العائم مقابل توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي كونها مواد ضرورية للمواطنين، وإعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرف مرتبات الموظفين التابعين لنطاق سيطرتهما..
كما جددت وزارة النفط والمعادن في 5 مايو 2019م مطالبتها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية السماح ببيع النفط الخام الموجود في الباخرة صافر والاستفادة من العائد في إنشاء خزانات نفطية بديلة..
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن الباخرة صافر أصبحت متهالكة وأعمال الصيانة فيها متوقفة بسبب العدوان، وفي حال حدوث تسرب نفطي سيؤدي إلى كارثة بيئية في البحر الأحمر تمتد من باب المندب إلى قناة السويس وإتلاف الحياة البحرية، داعية إلى تحييد المنشآت النفطية كونها مؤسسات حيوية لخدمة المواطنين وملكاً للشعب.. مؤكدة أهمية احترام دول العدوان الأعراف والمواثيق الدولية حول إبعاد المؤسسات والمرافق الخدمية عن النزاعات والحروب..
فيما وجه رئيس مجلس الشورى محمد حسين العيدروس منتصف ديسمبر 2019م رسائل إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والممثلة المقيمة للأمم المتحدة منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، تضمنت الإحاطة بالكارثة البيئية المتمثلة بوجود خزان صافر النفطي العائم، وأشارت الرسائل إلى تعذر تفريغ شحنة الخزان النفطي العملاق في حينه بسبب تعنت قيادة تحالف العدوان بقيادة النظام السعودي، مع أنه يحتاج إلى أعمال صيانة عاجلة..
ولفت رئيس مجلس الشورى في الرسائل إلى عرقلة تحالف العدوان تفريغ تلك الكمية من النفط الخام بدافع المزايدة والابتزاز، ورفضه دخول الفريق الفني الموكلة إليه أعمال الصيانة بنظر الأمم المتحدة في أوقات سابقة..
وتطرق إلى تكرار المناشدات الرسمية والشعبية بالتدخل السريع لتجنب الكارثة البيئية، والتي تشكل خطراً على الدول المطلة على البحر الأحمر، محذرا من كارثة بيئية وشيكة على المنطقة بما في ذلك باب المندب والمياه الدولية وصولاً إلى البحر المتوسط والبحر العربي إزاء بقاء الخزان دون أعمال صيانة، لما لذلك من تأثير على الجوانب الاقتصادية والبيئية، وحركة الملاحة البحرية في المنطقة.. داعيا إلى تشكيل فريق أممي بإشراف الأمم المتحدة توكل إليه مهمة زيارة الخزان النفطي والتقصي حول وضعه الكارثي والسماح بتصدير شحنة النفط في السفينة صافر، وعمل الصيانة اللازمة لها لمنع خطر انفجاره أو تسرب نفطه، بسبب تهالكه..
وجدد رئيس مجلس الشورى مطالبته الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالضغط على تحالف العدوان لمنع تكرار احتجاز السفن النفطية وكذا سفن الغاز وتسهيل إجراءات دخولها بصورة مستمرة إلى ميناء الحديدة لتفريغ حمولتها وفقا للمواثيق الدولية والاتفاقات التي تمت بهذا الشأن بنظر الأمم المتحدة..
لماذا على “أمريكا وبريطانيا والسعودية”أن تتحمل مسؤولية انفجار الخزان صافر؟
منذ أن شن التحالف “السعودي الأمريكي البريطاني” الحرب على اليمن في مارس 2015م ظلت السفينة النفطية العائمة “صافر” دون صيانة فنية ، ومنذ ذلك الحين عمد تحالف العدوان -المكون من السعودية وأمريكا وبريطانيا بصفة رئيسية إلى جانب دول أخرى مشاركة في الحرب على اليمن- إلى منع فرق الصيانة الفنية من الوصول إلى الناقلة صافر التي ترسو على بعد ” 7 كيلومترات من رأس عيسى” ، ومنع تفريغ السفينة من حمولتها المقدرة بنحو 1.1 من النفط الخام .. إن بقاء الخزان العائم “صافر” دون إصلاح ولا تفريع بمثل كارثة يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتهديدا وشيكا ينذر بكارثة بيئية تدمر البيئة البحرية بشكل كلي وشامل..
ومنذ ذلك الحين رفض تحالف العدوان كل الدعوات والمبادرات والحلول التي تقدمت بها اليمن بصيغ متنوعة وفي مناسبات متعددة ، متجاهلاً مخاطر استمرار تخزين النفط دون تفريغها ، ومتجاهلا بقاء السفينة دون إصلاحات وصيانة فنية ، وهو إذ يعيد الحديث عنها وفق سياقات متعرجة فإنه لا يستطيع إخفاء حقيقة جرمه الذي صنعه والذي قد يقود إلى كارثة كبرى تهدد البحر الأحمر بأكمله..
ومع بلوغ “صافر” مرحلة حرجة من التهالك، فإن تحالف العدوان يعد مرتكبا لجريمة انتهاك القانون الدولي الإنساني، إذ أن موقف التحالف “الأمريكي السعودي البريطاني” لم يتغير بالتصريحات المبهمة حول الكارثة، ويعتبر مطلعون أن بريطانيا وأمريكا والسعودية تعد بذلك مُصِّرة على انفجار السفينة وحدوث الكارثة البيئية والإنسانية والاقتصادية في المنطقة.

قد يعجبك ايضا