نحو 35 صنفاً عالي الجودة من أصناف التمور موطنها اليمن

4.680 مليون نخلة، 67% منها مثمرة: اليمن تزرع 23.6 ألف هكتار من التمور بقدرة إنتاجية تبلغ 75 ألف طن سنويا

المنتج المحلي يشهد منافسة غير عادلة باستيراد ما يقارب 1.5 مليون طن سنويا
2.2 مليون شجرة نخيل في مناطق الساحل الغربي تتعرض لتدمير ممنهج بفعل العدوان والحصار
جفاف مزارع النخيل في وادي تهامة يهدد آلاف العاملين في هذه المزارع بالبطالة

تشتهر سهول اليمن تاريخياً بزراعة أشجار النخيل وإنتاج التمور، وتعتبر التمور والبلح من المحاصيل التقليدية في اليمن.. وتنتشر زراعة النخيل في المناطق الساحلية من اليمن، خصوصاً محافظتي حضرموت والحديدة، إضافة إلى محافظات أخرى في شرق البلاد وجنوبها.. وتتركز بكثافة في عدد من المناطق التهامية بالقرب من ساحل البحر الأحمر، وتحديداً في 3 مديريات هي: مديرية “التحيتا”، ومديرية “الدريهمي”، ومديرية “بيت الفقيه” التابعة لمحافظة الحديدة.
وتعد التمور سلعة رئيسية تتصدر اهتمامات الأسواق اليمنية في مواسم حصادها بغرض التجارة والاستهلاك.. إذ تعتبر فاكهة الموسم التمور من أهم السلع التي يحرص التجار على توفيرها بكميات كافية في هذا الموسم من سنوات العدوان الخمس التي تشهد فيها الأسواق في صنعاء ومعظم المدن اليمنية تراجعاً متزايدا من عام إلى آخر في عرض الاحتياجات الاستهلاكية من التمور التي يرتفع عليها الطلب في موسمها وخصوصا منها “المناصف”.
الثورة / يحيى محمد الربيعي

كحال بقية المحاصيل الزراعية في اليمن المتنوع بمناخه وتضاريسه فقد توقف تصدير التمور إلى الخارج بسبب العدوان والحصار ليخسر المزارعون اليمنيون موردا أساسيا.
وبموجب وزارة الزراعة اليمنية، فإن عدد أشجار النخيل في اليمن يبلغ نحو 4.680 مليون نخلة، منها ما يقرب من 67 % أشجار مثمرة، وجميعها تشغل رقعة زراعية تقدر بنحو 23.6 ألف هكتار، وبقدرة إنتاجية تبلغ نحو 75 ألف طن سنويا، وتحمل النخلة بين 30 و50 كيلوغراما، حسب إحصاءات رسمية من وزارة الزراعة والري.

مليون نخلة
كان لمنطقة “النخيلة” من اسمها النصيب الأوفر، لكن العدوان والحصار المفروضان على اليمن، وعلى الحديدة بشكل خاص، دمرت أجزاء واسعة من غابات النخيل، الأمر الذي زاد من حدة التصحر الذي يتمدد على أرجاء المنطقة.
وتقع بلدة “النخيلة” على شاطئ البحر الأحمر، على بُعد 15 كيلومتراً جنوب مدينة الحديدة، وهي تتبع إدارياً مديرية “الدريهمي”، وقد اشتهرت بغابات النخيل منذ القدم. حيث تمتد مزارعها على دلتا وادي رمان، ووادي سهام أحد أشهر الأودية الخصيبة في الجمهورية اليمنية، ومع استمرار العدوان والحصار منذ 26 مارس 2015م، تحولت أجزاء واسعة من هذه المزارع إلى خطوط النار، ومناطق خطرة على المزارعين.
يذكر أن مديرية الدريهمي كانت تشتهر وتوصف بأنها بلدة المليون نخلة، لكثرة مزارع النخيل فيها ووفرة المياه بها. ففي العام 2000 أصدرت وزارة الزراعة إحصائية أكدت فيها أن مزارع الدريهمي تحوي ما يقارب مليون نخلة مثمرة.

تلف وخسائر
إلى ذلك تشير مصادر محلية إلى أن مزارعين خسروا مزارعهم بالكامل، خصوصا تلك الواقعة في خطوط التماس ولم يتمكن من حصد ثمارها، فالنيران والقصف حالا دون وصولهم إلى مزارعهم لجني المحصول.. وأكدت أن خسائر المزارعين لا تتوقف عند تلف المحصول، بل تعدت إلى انهيار أشجار النخيل بسبب الجفاف.
وأوضحت المصادر أنه إذا كان المزارع محظوظا ولم تنل من مزارعه جائحة العدوان فإن عليه أن يتجاوز مشكلة تسويق منتجه، حيث قطع العدوان الطرقات، مما حال دون تسويق المحصول في الداخل فضلا عن تصديره إلى الخارج، خصوصا البلح الذي يتميز به اليمن والمسمى المناصف (80 % من أصناف البلح المزروعة)، فقد تحولت مزارع النخيل الكثيفة في مناطق السويق والمدمن والناصري والمجيليس والجاح الأعلى والأسفل، بالإضافة إلى مناطق الدريهمي والجراحي على الساحل الغربي لليمن إلى أهداف استراتيجية لطيران العدوان ومدافع مرتزقته.
ويعتمد أغلب سكان الساحل الغربي على زراعة النخيل، حيث يزرعون أكثر من مليونين ومائتي ألف شجرة نخيل في مناطق الساحل، بحسب آخر إحصائية صادرة عن هيئة تطوير تهامة.
ويبلغ الإنتاج السنوي التقديري للنخيل في سهل تهامة اليمن ما يقارب 35 ألف طن من البلح تقريبا، وفق الهيئة.. وتعود تلك الكمية بملايين الريالات حيث يباع الكيلو الواحد من البلح في اليمن بـ”1200-1000″ ريال يمني والسبب في الارتفاع يرجع إلى أن محاصيل أعوام العدوان يذهب أغلبها سدى بفعل حالات الخروقات والقصف التي يمارسها العدوان ومرتزقته.

توقف التصدير
تفيد إحصائيات رسمية أن حجم الإنتاج خلال السنوات العشر الأخيرة تراجع بنحو كبير عنه في العام 2009م، وأن جزءاً من إنتاج التمور كان يصدر إلى دول الخليج، لكن تدهور القطاع الزراعي بشكل متسارع حد من ذلك ايضا.
مزارعون أكدوا أن محاصيلهم الزراعية كانت لها سمعتها وجودتها في السوق الخليجي وكانت بعض الأحيان تصل إلى سوريا، لكن مع تدهور الأوضاع توقف التصدير وخسر البعض منهم مزارعهم بفعل الخروقات والقصف العشوائي الوحشي الذي لم يسلم منه شجر ولا حجر ولا بشر، بل ودفعت وحشية العدوان والحصار بالمزراعين في منطقة المدمن جنوبي الحديدة إلى رمي محصول التمور لأنهم لم يتمكنوا من تسويقها أو تخزينها.
تجار التمور من جهتهم يشكون من انعدام وسائل التخزين مع توقف الثلاجات المركزية عن العمل وكذلك المصانع، من بينها مصنع تابع لوزارة الدفاع اليمنية أغلق قبل العدوان بسبب الفساد.
وتؤكد مصادر عن وكلاء لتصدير التمور- أن المزارعين يستطيعون بالكاد أن يجمعوا المحصول إلى منطقة “السويق” لبيعه لوكلاء التصدير والتجار المحليين، لكن خروقات استمرار العدوان التي تقطع الطرقات تتسبب في كساد المحصول.
وقد كان للعجز في تسويق محصول التمور أثره السلبي بهبوط سعرها نحو 35 %، في حين هناك نوع من التمور (يسمى الخضري) لا يتحمل أن يبقى ثلاثة أيام، فإذا لم يتم بيعه يُرمى في السوق.

سوق سوداء وبطالة
وأوضحت مصادر محلية أن مزارعي النخيل يجدون صعوبة بالغة في توفير مادة الديزل، خاصة منذ بدء العدوان في اليمن والحصار المفروض، ما تسببت في انعدام مادة الديزل وازدهار السوق السوداء وأسعارها الخيالية التي تفوق قدرة المزارعين على شراء الديزل، مشيرة إلى أن ذلك دفع المزارعين إلى إيقاف مضخات المياه العاملة بالديزل، وأن الآلاف من أشجار النخيل تلفت في المزارع حيث تعرضت للجفاف، نتيجة توقف مضخات المياه العاملة بالديزل، وعدم قدرة اصحابها على شراء الديزل بمبالغ كبيرة، وتفيد المصادر أن المساحات الجافة في اتساع مستمر نتيجة الجفاف.
وعزت ذات المصادر اتساع رقعة جفاف المساحات المزروعة بالنخيل إلى تداعيات المشاكل التي يواجهها مزارعو النخيل في اليمن، والتي من أهمها غياب الدعم عن مزارعي النخيل من خلال دعم مادة الديزل، وتوفيرها لهم بأسعار مناسبة تمكنهم من ري مزارعهم بمضخات المياه العاملة بالديزل.
وأكدت مصادر محلية أن جفاف مزارع النخيل في وادي تهامة يهدد آلاف العاملين في هذه المزارع بالبطالة وبالتالي سيجعل آلاف الأسر عرضة للفقر بعد توقف مصادر دخلهم، التي تعتمد بشكل رئيسي على العمل في زراعة النخيل، خصوصا وأن مزارعي النخيل بدأوا باقتلاع أشجار النخيل الجافة واستبدالها بأشجار الليمون، التي تتطلب كميات أقل من المياه لريها، ناهيك عن جدواها الاقتصادية في ظل إغراق السوق المحلية بالتمور المستوردة.
وعلى الصعيد ذاته يشكو مزارعون في حضرموت من هدر كميات كبيرة من إنتاج التمور نتيجة تعرض أشجار النخيل في العديد من المزارع للتلف وتساقط الأغصان.
وترجع مصادر مطلعة أسباب ذلك إلى جلب بعض “غرسات” النخيل من دول في شرق آسيا مصابة بحشرة “دبس النخيل”، رغم علم مزارعي النخيل بوجودها، بحجة أن التربة والطقس في حضرموت لن يكونا عاملين مساعدين لبقاء هذه الحشرة، واتضح لهم عكس ما اعتقدوا.
إذ بدأت هذه الحشرة، حسب تقارير الخبراء في التأثير على “الغرسات” بعد أشهر قليلة من زراعتها لتقضي عليها في ظل عدم وجود وسائل ومبيدات مساعدة للتعامل معها.
وتوضح مصادر محلية أن مشكلة المياه تشكل معضلة شديدة تحد من عملية التوسع في زراعة النخيل وإنتاج التمور ومنتجات زراعية موسمية أخرى، إضافة إلى ندرة الأصناف الجيدة للتسويق.
وبالرغم من الجهود الحثيثة التي تم بذلها لكنها تفتقد، للإمكانيات اللازمة التي تحقق الأثر الملموس في تغليب الطرق الزراعية الحديثة وتطوير العملية الإنتاجية.
ورغم العديد من المشاكل المزمنة التي تعانيها زراعة النخيل في اليمن “إلا أن هناك بالمقابل أصنافا عالية الجودة من التمور تتم زراعتها في بعض المناطق الزراعية اليمنية، مثل حضرموت ووادي سردد في تهامة”.
وتؤكد مصادر اعلامية امتلاك اليمن نحو 35 صنفاً عالي الجودة من أصناف التمور ومصنفة من قبل منظمة الزراعة والأغذية (الفاو).
وحسب خبراء زراعيين فإن هناك أصنافا عديدة من المستوى الأول للتمور يجد المزارعون صعوبة بالغة في إنتاجها نظراً للاعتماد على الطرق الزراعية البدائية وكذا عدم القدرة على التعامل مع بعض الاَفات التي تهاجم أشجار النخيل في بعض المناطق الزراعية من وقت لآخر، وهو ما يؤدي إلى هدر وإتلاف كميات كبيرة من المحصول.

التمور المستوردة
مختصون في مجال التسويق الزراعي أشاروا إلى أن من بين التحديات التي يواجهها مزارعو النخيل فتح السوق المحلية أمام منتجات التمور المستوردة، والتي أغرقت الأسواق، مشددين على ضرورة حماية المنتج المحلي من التمور من خلال توفير الحماية القانونية لتنظيم عملية الاستيراد بحيث يجد المنتج المحلي طريقة للسوق المحلية بدرجة أولى، لافتين إلى أن المنتج المحلي يشهد منافسة غير عادلة، تتمثل في استيراد التمور بكميات كبيرة.
مصادر بوزارة الصناعة والتجارة أكدت أن كمية التمور المستوردة لليمن من الخارج تقدر بمليون وخمسمائة ألف طن سنويا.
وأشارت المصادر إلى انه يتم استيراد التمور من السعودية بدرجة أساسية تليها الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى إضافة الى ما ينتج محليا من التمور والمقدر بـ 75 ألف طن سنويا.

قد يعجبك ايضا