بعد شد الحزام عاصفة لرفع أسعار البنزين: السنوات العجاف قادمة على السعودية

النظام السعودي يرفع أسعار البنزين على مواطنيه وتوقعات بانهيار اقتصادي وشيك

من الفشل والهزائم العسكرية والسياسية إلى الأزمات المالية.. السعودية بقرة عجفاء بلا حليب

الثورة/..
قرر النظام السعودي رفع أسعار البنزين المحلية لشهر يوليو/ تموز بنسب تصل إلى 31.6% ، وأصبح السعر الجديد لبنزين 91 هو 1.29 ريال بدلاً من 0.98 ريال، بنسبة زيادة بلغت 31.6%، وسيكون بنزين 95 بسعر 1.44 ريال بدلاً من 1.18 ريال، بنسبة زيادة 22%.
ومنذ مارس/ الماضي، بدأ النظام السعودي اتخاذ إجراءات تقشفية هي الأولى من نوعها ، حيث يتعرض لضغوط مالية كبيرة بفعل تداعيات العدوان المستمر على اليمن منذ ما يزيد عن خمسة أعوام ، وجائحة كورونا وتهاوي عائدات النفط ورغم الإنفاق الهائل على الحرب التي تشنها السعودية على اليمن ، تعيش أسوأ مراحل حربها سياسيا وعسكريا وأخلاقيا ؛ فلا هي قادرة على حسمها لصالحها (وهذا ما بات خارج النقاش أصلاً منذ زمن)، ولا هي مستعدة للمضي في مشروع حل سيُظهرها مهزومة أيّاً كانت درجة لياقتها بماء وجهها. تذبذبٌ هو ما يفسّر تعثّر الوساطات والتوصل إلى تسوية سبق وأن تحدثت عنها مملكة العدوان بأنها باتت قريبة وممكنة.
وافتتحت السعودية في اذار مارس الماضي فصلاً جديداً من التقشّف، وذلك مع بدء تنفيذ قرارها رفع الضريبة على القيمة المضافة من 5% إلى 15%. قرارٌ ينضمّ إلى آخر دخل حيّز التنفيذ مطلع شهر حزيران/ يونيو الماضي وقضى بإلغاء بدل غلاء المعيشة لنحو 1.5 مليون موظف حكومي ، ليأتي قرار رفع أسعار البنزين كمرحلة هي الأقسى على السعوديين ، بدأت مع تسلّم محمد بن سلمان، زمام الحكم، الذي يستمر في استنزاف الأموال الطائلة لصالح ترمب وعائلته ، وشراء الصفقات الطائلة من الأسلحة ، مستمرا في تسويق رؤيته التي كما يبدو ستحول السعوديين إلى فقراء فبالنظر إلى الإخفاقات المتتالية التي وقعت فيها برامج تلك الرؤية، واضطرار الرياض إلى خفض اعتماداتها بقيمة 26.6 مليار دولار، يغدو التقشّف مُهدّداً للعقد الاجتماعي، ونذيراً باضطرابات.
تفيد استطلاعات الرأي التي أُجريت في أعقاب مضاعفة الضريبة على القيمة المضافة بأن 38% من السعوديين «قلقون بشدّة» من ذلك الإجراء، وبأن 51% منهم سيعمدون إلى تخفيض مستوى استهلاكهم، وهو ما ينقض التوقعات بجني قرابة 26 مليار دولار من إجراءات خفض الإنفاق. هذه التوقعات تناقضها أيضاً تقديرات الخبراء في شأن الاقتصاد السعودي؛ إذ وفقاً لمؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية، فمع «إنهاء الإغلاق في البلاد في حزيران، برزت مؤشرات إلى أن النشاط الاقتصادي بدأ بالتعافي، إلا أن المتوقع أن يسير التعافي ببطء في ظلّ تدابير التقشّف المالي».
تشاؤمٌ يكاد ينسحب على جميع المؤشرات المتصلة بالاقتصاد السعودي، على رغم حديث محافظ البنك المركزي في المملكة، أحمد الخليفي، عن «رؤية أقلّ تشاؤماً» لدى بلاده، واستشهاده بـ”قفزة هائلة في الأسبوعين الأخيرين عقب إعادة الافتتاح ورفع القيود”، علما بأن جزءاً من تلك القفزة كان مردّه سعي السعوديين إلى استباق سريان قرار رفع الضريبة بالاستفادة من الحسومات. قبل يومين، أعلن «صندوق النقد الدولي» توقعاته في شأن اقتصادات المنطقة، متحدّثاً عن أسوأ أداء للناتج المحلي السعودي منذ ثمانينيات القرن الماضي بانكماش مقدّر بنسبة 6.8%. وأشار تقرير الصندوق إلى أن عجز الموازنة السعودية سيزيد بأكثر من الضعف عن العام الماضي ليصل إلى 11.4%.
أزمة مالية واستنزاف هائل في الحرب على اليمن
فيما تعصف الأزمة المالية بالنظام السعودي إلا إنه يستمر بسخاء في الإنفاق على الحرب العدوانية التي يشنها على اليمن ، فبحسب إحصائية نشرتها مؤسسة جيمس تاون الأمريكية، فإن «السعودية أنفقت شهريا 5 مليارات دولار منذ بدء الحرب (العدوان)، ما يعني 300 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة الماضية». ووفقا لمراقبين فإن «من ينفق هذا المبلغ على الحرب، لا يمكن أن يهتم بإنقاذ اليمنيين واستقرار دولتهم ونمائها».
وتكشف البيانات المالية لموازنات السعودية خلال (2015-2020) تجاوز مخصصات الإنفاق العسكري منذ 2016 حتى 2020، نحو 273 مليار دولار، بزيادة 71 مليار دولار عن مبلغ الإنفاق على قطاع الصحة، وتصدر الولايات المتحدة الأمريكية حصة الأسد في مبيعات السلاح، بما قيمته 110» مليارات دولار من أصل 470 مليارا على 10 سنوات».
وفقا لبيانات موازنة السعودية للعام الجاري، فقد «خصص النظام السعودي 18 % من موازنته للإنفاق العسكري، بقيمة 48.5 مليار دولار» بنقص نسبته 5 % عن 2019، البالغة 51 مليار دولار. لكن وثيقة الموازنة أظهرت «إنفاق 23.5 % من ميزانية الربع الأول على القطاع العسكري، بقيمة 14.2 مليار دولار، مرتفعة 6 % عن الفترة المناظرة من 2019».

انهيار اقتصادي ومآلات كارثية
يأتي هذا الإنفاق العسكري المتواصل للعدوان على اليمن، في وقت أمست السعودية تواجه أزمة اقتصادية كبيرة جراء تداعيات وباء كورونا المستجد على أسعار النفط عالميا، وتوقف إيرادات موسمي العمرة والحج، حتى أعلنت معه السعودية عن حزمة إجراءات تقشفية وصفتها بـ «القاسية لكنها ضرورية»، حسبما أعلن وزير المالية السعودي، محمد الجدعان.
وقرر النظام السعودي ، منتصف مايو الفائت، وقف صرف بدل غلاء المعيشة لمواطنيها بدءاً من يونيو المقبل، رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 % إلى 15 %، بدءاً من يوليو2020 كإحدى أدوات ترشيد الإنفاق الذي باشرت تطبيقه مؤخرا، لمواجهة العجز المتوقع في ميزانيتها جراء تراجع الإيرادات الناجم عن انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية ، في المقابل، نصح المحلل السابق في الاستخبارات الأمريكية، والزميل في مركز «القرن الحادي والعشرين للأمن والاستخبارات» ومركز «سياسة الشرق الأوسط»، بروس ريدل؛ السعودية التي تواجه أزمة اقتصادية بأن تباشر فورا تخفيض نفقاتها العسكرية. وقال في مقال نشره موقع مركز “بروكينغز” الأمريكي: إن «عاصفة تامة من المصاعب أمسكت بالسعودية».
وتابع في شرح أبرز هذه المصاعب التي باتت تجثم على السعودية، قائلا: «بعضها خارجة عن سيطرتها مثل وباء فيروس كورونا وانهيار الطلب العالمي على النفط. أما الأخرى مثل الحرب على اليمن والتوتر داخل العائلة المالكة هي نتيجة سياسات متهورة لولي العهد محمد بن سلمان. مؤكداً أن «على السعودية القيام بتغيرات هامة في سياساتها ووقف الحرب».
المحلل الأمريكي رأى أن «السعودية تحتاج إلى 85 دولارا كسعر لبرميل النفط، إلا أن الأسعار ظلت ومنذ سنين خارج هذا الرقم. وأصبح سعر البرميل الآن دون 25 دولارا بعدما كان سعره قبل ستة أشهر 65 دولارا. وكان السعوديون ينفقون من احتياطاتهم حتى يعوضوا النقص في الميزانية، بحيث انخفض الاحتياطي من 750 مليار دولار إلى 500 مليار».
وأفادت وكالة «رويترز» للأنباء، الأسبوع الفائت، نقلا عن حسابات أجرتها استنادا إلى بيانات من البنك المركزي السعودي بأن «الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك انخفضت في مارس الماضي بحوالي 27 مليار دولار على أساس شهري -وهي أسرع وتيرة في 20 عاما على الأقل- إلى نحو 464.5 مليار دولار، ولم تكن أرقام شهر أبريل متاحة».
الوكالة البريطانية للأنباء (رويترز) نقلت عن وزير المالية السعودي محمد الجدعان قوله، الجمعة: إن «المملكة حولت ما إجماليه 150 مليار ريال (40 مليار دولار) من الاحتياطيات الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) لتمويل استثمارات لصندوق الاستثمارات العامة -وهو صندوق الثروة السيادي- في مارس وأبريل الماضيين».

اضطرابات مرتقبة
وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، يرى المحلل بمركز «القرن الحادي والعشرين للأمن والاستخبارات» ومركز «سياسة الشرق الأوسط»، بروس ريدل، أنه «لن ترتفع أسعار النفط إلا في حالة تعافي الاقتصاد، وردّ الملك على الأوضاع بمضاعفة ضريبة القيمة المضافة، وقطع الدعم وفرض إجراءات تقشف، هي إجراءات تضر بالفقراء وبطريقة غير متناسبة».
متوقعا في حال استمرت الأزمة الاقتصادية للسعودية وأنفاقها العسكري على الحرب، اندلاع اضطرابات شعبية، قائلا: «ولا تستبعد اضطرابات خاصة بعد رفع حظر التجوال. ووسط هذه الأزمة، لا تزال السعودية متورطة في مستنقع اليمن رغم زعمها وقف إطلاق النار، وتخلي كل حلفائها عن الحرب على اليمن، حتى البحرين التي لا تزال السعودية تمولها وتحتلها”.
وقدم مقترحا بديلا عن ذلك، بقوله: «السعودية بحاجة للتركيز على إجراءات التقشف ووقف الحرب على اليمن وتخفيض الميزانية المتضخمة للنفقات العسكرية». منوها بأن «السعودية أنفقت بمعدل 3 أضعاف عمّا أنفقته إسرائيل، وشجع دونالد ترامب السعودية على شراء السلاح، وكان باراك أوباما عقد أكبر صفقة سلاح مع السعودية. ودعم كلاهما الحرب الكارثية في اليمن».

الضرع الحلوب
قبل أيام نشرت وكالات أن بريطانيا باعت صفقة أسلحة جديدة للسعودية الغارقة في الحرب على اليمن ، تزامن نشر الخبر مع إعلان أرامكو رفع أسعار البنزين المحلي داخل المملكة السعودية ، بريطانيا كما الإدارة الأمريكية بقيادة «دونالد ترمب» لا تنويا التوقف عن استنزاف أو كما يسميه مراقبون «حلب» السعودية، وتسعى إلى شحذ استمرار العدوان، وأثناء الرياض عن توجهات وقف الحرب عبر إبرام صفقة تسليح جديدة توصف بأنها «ضخمة». حسبما أعلن السيناتور الديمقراطي في مجلس الشيوخ بوب مينينديز، وكشفه موقع إخباري أمريكي، نهاية الأسبوع الفائت.
وقال السيناتور بوب في مقال نشره موقع شبكة «سي إن إن»، الأربعاء: «إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى لإبرام صفقة تسلح جديدة مع السعودية بعد صفقة ضخمة بمليارات الدولارات أبرمتها قبل عام، وجرى تمريرها رغم رفض الكونغرس لها». مضيفا: «تحاول إدارة ترامب حاليا بيع آلاف القنابل الإضافية دقيقة التوجيه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان صديق الرئيس.
بوب مينينديز، وهو نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، أنه «يجري العمل على الصفقة الجديدة في وقت يقول فيه السعوديون إنهم يريدون إنهاء حربهم الفاشلة والوحشية في اليمن» حسب تأكيده. ونقل موقع «ديلي بيست» الأميركي عن مصدرين أميركيين أن «إدارة ترامب تقوم بصياغة طلب آخر لبيع حزمة أسلحة جديدة للسعودية تتضمن ذخائر دقيقة التوجيه».
ووفقا للموقع الإخباري الأمريكي، فإن القنابل المزمع تمرير صفقة بيعها «مماثلة لتلك التي وافق عليها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو العام الماضي». موضحا أن «ممثلين سعوديين يضغطون منذ أشهر من أجل صفقة أسلحة الجديدة، وإن المساعي بهذا الشأن تكثفت خلال أبريل الماضي بعدما أبدى الرئيس ترامب غضبه من الحكومة السعودية لدورها في انهيار أسعار النفط مؤخرا».
متوقعا أن «تلقى الصفقة الجديدة معارضة قوية في الكونغرس». منوها بأن «الكشف عنها يأتي بعد أسبوعين من إقالة ترامب المفتش العام لوزارة الخارجية ستيف لينيك الذي كان يحقق في إجراء الطوارئ الذي جرى الاستناد إليه لتمرير صفقة الأسلحة السابقة للسعودية». وناقلا عن مصدر مقرب من الأسرة السعودية الحاكمة قوله «تجري محادثات مع الصين لشراء ذخائر موجهة بدقة وأسلحة أخرى».

ارتباك وهزيمة
وتجسد مملكة العدوان ، ما يصفه مراقبون «حالة تخبط» فهي تجد نفسها مجبرة على وقف حربها على اليمن ، لكنها تكابر تفاديا للاعتراف بالهزيمة ، وتتحرك بين الخيارات القسرية مرتبكة ، فهي إذ تنفذ إجراءات تقشف مالي جراء انهيار أسعار النفط وخسائرها المتعاظمة ، تستمر في إبرام صفقات شراء الأسلحة ، أمر يفسره مراقبون بأنه «شاهد افتقاد السعودية وارتباكها في اتخاذ قرار يتيح لها بعضا من المخارج الممكنة.
ومع التطورات الميدانية فقد بات على بن سلمان الإدراك بأنه كلّما طال أمد ورطته في العدوان على اليمن أصبح الفكاك منها أكثر صعوبة وأكبر كلفة، إذ إن المواقع التي كانت متبقّية لمرتزقته في مارب تتهاوى أمام الجيش واللجان الشعبية، وفي الجنوب، فلا تكاد السعودية تطفئ نيران معركة حتى تشتعل أخرى بوجهها، فيما الاتفاق الذي رعته بين وكلائها من جهة ووكلاء أبو ظبي من جهة أخرى لا يزال مستعصياً على التنفيذ، كاشفاً عجزها عن إدارة تناقضات جبهتها، فكيف بتوحيدها للمساومة بها وجني مكاسب من ورائها؟.

قد يعجبك ايضا