أحفاد بلال: السيد القائد أعاد لنا الإعتبار

في أولى الخطوات العملية لتوجيهات سيد الإنسانية تزويج 300 معسر من أحفاد بلال
مراقبون: المفاهيم المجتمعية المتوارثة صنفت أحفاد بلال من فئة “البدون”

فئة “أحفاد بلال”، درج المجتمع على تسميتهم بـ “الأخدام” كانوا عرضة للإهانة والنظرة الدونية من المجتمع تحت مبرر أنهم “خدم” .. ذوو البشرة السوداء لا ظهر لهم ولا سند، لا يجدون لأنفسهم مأوى ولا سكناً.. فمنهم من يعيش على إحسان الناس.. وآخرون يقومون بأعمال بسيطة أو شاقة المهم أن تسد رمق جوعهم ..
معاناة عديدة يحكيها لنا المهمشون وسط تفاؤلات بتوجيهات قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي .
تحقيق / رجاء محمد الخلقي

البداية مع العم محمد – أحد المهمشين – الذي عبَّر عن سعادته والدموع تنهمر من عينيه بعد سماعه توجيهات السيد بالاهتمام بأحفاد بلال قائلا: شرف لنا دعوة سيدنا وقائدنا عبدالملك الحوثي أن تكون لنا في المجتمع قيمة ومقدار مع أننا مهمشون مكاننا كما ترون بين القمامات والأوساخ، ويكفينا فخرا أن يتم دمجنا في المجتمع كأي مواطن له حقوق وعليه واجبات، سواء في الحقل التعليمي أو الصحي أو الوظيفي .
وأضاف العم محمد : نحن أحفاد بلال الذي قال كلمته الشهيرة أمام أعداء الله “أحد أحد” ونحن نقول اليوم أمام أعداء الله والبشرية “الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام “.

حديث الإنسانية
وبعد أن سافرت الإنسانية في أرجاء المعمورة شرقاً وغربا وشمالا وجنوبا علّها تجد لها موطئ قدم في مكانٍ ما، إلا أنها عادت تجرّ أذيال الخيبة والخسران وبالأخص بعدما لفظت أنفاسها الأخيرة عندما فاضت روح المواطن الأمريكي جورج وهو يصرخ “لا أستطيع أن أتنفس” تحت أقدام من تدعي أنها الراعي والحارس الأول لها، لينطبق عليها وبكل جدارة المثل القائل “حاميها حراميها”.. بهذا استهلت حديثها الناشطة والإعلامية زينب الشهاري “هي أمريكا التي اختزلت كل مواقف جرائمها وعنصريتها التي لطخت بها تاريخ الإنسانية طوال عقود من الزمن في مشارق الأرض ومغاربها في مشهد قتل من يفترض أنه من أبناء شعبها لأن بشرته سوداء، فكيف سيكون الحال بمن هو ليس من أبناء شعبها”.
وأضافت “لم تكن هذه المرة الأولى التي تُداس فيها الإنسانية بهذه القسوة ولن تكون الأخيرة، بيد أن المشهد يُقدم صورة مختزلة عن قرون زُيفت فيها الحقائق وتم تغطية وجوه مغتصبي الإنسانية وقاتليها بأقنعة لم تكن لتنسجم يوما مع بشاعة ما انطوت عليه سرائرهم وما ظهر في العلن من فظائع جرائرهم”.
واسترسلت بالقول “رغم الصورة القاتمة والمشهد السوداوي لم تيأس الإنسانية وما فتئت تفتش في هذا الكون الفسيح عن مكان تتوارى فيه عن أعين المجرمين، حتى تسنح لها الفرصة لتشرق شمس نورها في العالمين، وفي لحظة يأس تتصاعد منها آهات تحسر مُرة تلمح عيناها بصيص شعاعٍ وضاء يهديها لمكانها الذي أخيرًا وجدته في قلب رجلٍ يقطن بلدا في أقصى اليمين يُقال عن أهلها أنهم أهل رقةٍ وإيمانٍ ولين، فطافت حول قلبه وصلّت وقيل ادخلي_”بسم الله” من الآمنين”.. موضحة : بعيدا عن كل صور العنصرية والتمييز التي باتت وباء فتك بقلوب الملايين، ورغم كل التحديات والمخاطر المحدقة به وببلده، رمى ببصره أقصى القوم إلى فئةٍ ظلّت طوال عقود يُنادى أهلها بالـ” مهمشين”، فلم يرق له حالهم ولم يكُ عنهم من الغافلين، تقدم السيد إلى قومه معاتبا وموجها ومن الناصحين، أنّ هؤلاء – أحفاد بلال- أخوة ٌ لكم في الإنسانية والوطن والدين، وإنهم لأكرم الناس شرفا وفي الميادين، فما باعوا أنفسهم يوم فعل أناسٌ ذلك وما كانوا يوما من الخائنين، ومنهم الأسرى والجرحى والشهداء، وفي مقدمة جند الله الميامين، وإن حبهم للوطن لأشد من حب الخونة لديارهم السلاطين، وقد ظُلموا في هذه الدنيا عقودا، وإني لمن ظَلمهم لمن القالين، وفيهم يقطن الفقر والحرمان وهم أشد المحتاجين، وإني “والله” لستُ على ذلك من الراضين، وقد نذرتُ لربي أن أخدم شعبي وإني لهم لأول الناصرين.
وأكدت أن وصية سيد الإنسانية في زمنٍ يتكالب فيه الأدعياء على تشويهها ووأدِّها، هو أصدق الناس قولاً وعملاً وأعداؤه على ذلك أول الشاهدين، وهي بمثابة خارطة طريق يجب على الجميع السير على خطاها بكل اهتمام وجدّية فالسيد يحفظه الله رؤيته بعيدة وطرحه عميق وهدفه كبير ولا يكفي التفاعل الشكلي الآني من قبل الجهات المعنية فقط، لأن الهدف الأساسي فيما يتعلق بهذه الفئة هي استعادة مكانتهم ورد اعتبارهم ودمجهم في المجتمع بشكل لائق من خلال العديد من البرامج والخطط، وتثقيفهم ورفع مستوى تعليمهم وثقافتهم ومشاركتهم في الحياة السياسية وتكاتفهم ضد من يضطهدهم، وغيرها الكثير من الاعتبارات التي قد تكون هدفًا للسيد سلام الله عليه على مستوى العالم.
وقالت: هذه الفئة تعد جزءا لا يتجزأ من أبناء هذا الشعب ودعمها يحتاج إلى برنامج وطني طويل الأمد كما دعا إليه سماحته، تتشارك فيه جميع الجهات ذات العلاقة حتى يتم دمجهم في المجتمع، وبالأخص أن البنية التحتية تعد منعدمة بالنسبة إليهم في جميع المجالات، فيجب تعاون وتشارك الجميع من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة والمجتمع بكل مكوناته حتى ينهضوا نهضة دينية واجتماعية واقتصادية وتعليمية وعلى جميع المستويات، فحاجة الجميع للوعي ملّحة وكذلك الحال بالنسبة إليهم وبالذات التربية الإيمانية المنبثقة من روح القرآن الكريم والثقافة القرآنية فهم وكما أثبتت الوقائع أشدّ حباً لله وتضحية في سبيله وإذا ما تم تدعيم هذا الجانب لديهم فسينطلقون صواريخ في سبيل الله ولن يقف شيء في طريقهم.

قوة الله
وبينت أن هؤلاء المستضعفين سيكونون قوة الله الضاربة ضد الطواغيت والمستكبرين ليحقق الله على أيديهم إلى جانب إخوتهم الفتح والنصر المبين، فالمؤمنون أخوة ولا فضل لأحد على آخر إلا بمقياس الإيمان والتقوى والجهاد في سبيل الله والعمل على إعلاء كلمته في العالمين.
وعن الحديث عما يمكن للدولة والمجتمع القيام به لأجلهم، قالت الشهاري “يجب في البداية أن تكون لهم جهات رسمية تمثلهم بشكل رسمي وتعبر عنهم وعن آمالهم وآلامهم وطموحاتهم واحتياجاتهم كإنشاء هيئة أو نقابة باسمهم تمارس نشاطًا سياسيًا وتطالب بحقوقهم، وإنشاء جمعيات خيرية لهم تعنى بتحسين وضعهم وتنفيذ مشاريع استثمارية لهم وباسمهم، يجب أن تكون هناك رؤية واضحة فيما يتعلق بدعمهم والاهتمام بهم وعلى رأس ذلك إيجاد المأوى والمسكن المناسبين وبناء مدن سكنية منظمة لهم، ثم يتدرج ذلك ليشمل العديد من البرامج والخطط التنموية، وألّا يغفل الجانب الرسمي مسألة استيعابهم في الوظائف مع الجهات وفي المؤسسات المختلفة بما فيها الجيش والمؤسسة الأمنية وغيرها من الجهات وذلك بعد تأهيلهم والارتقاء بهم في مختلف المستويات وعلى مختلف الأصعدة، فأحفاد بلال لا يقلون شأنا عن غيرهم بل على العكس، فالكثير منهم يمتلكون قدرات ومواهب قد تفوق الكثير من الناس ولها احتياجات، فإذا ما تم بناؤها وتوظيفها ضمن برامج شاملة توعوية وتدريبية وتنموية لرفع القدرات وتنمية المواهب تكون منطلقة من دراسات استراتيجية وكل ذلك يصب في إطار المساواة والعدالة الاجتماعية وفي إطار المسؤولية، وألّا يظلوا فئة مهمشة ومستضعفة وفقيرة، لأن لهم الحق في كل شيء ويجب الوقوف إلى جانبهم حتى يتم مساعدتهم على بناء أنفسهم ومشاركتهم في بناء المجتمع، وأن يأخذوا حقوقهم التي حرموا منها طوال هذه السنين، فلم يثبت من قبل أنه تم من قبلهم الاعتداء على حقوق الآخرين رغم الاضطهاد الذي تم ممارسته عليهم، ولهم الحق الذي كفلته لهم العدالة الإلهية في أن يأخذوا حقوقهم في مجال الصحة والتعليم والسكن والدعم الاقتصادي وغيرها من المجالات وأن يتم إيجاد الحلول بالخطط التنموية الكبيرة على مستوى البلاد فيكونون مجندين لهذا الوطن وإذا ما فتحت أمامهم الآفاق فسيخرج منهم الأطباء والمهندسون والمبدعون في شتى المجالات، وسنذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر بعض المقترحات التي يمكن أخذها بعين الاعتبار في مجال التدريب والتأهيل بالنسبة لهم، كإلزام أطفالهم بعملية التعليم والتكفل بالاحتياجات والمستلزمات التي تساعدهم على ذلك بحيث تكون العملية التعليمية شيئاً أساسياً ومهماً بالنسبة لهم، إضافةً إلى تنفيذ برامج تأهيل حِرفية في كافة الأشغال، مثل عمل دورات في الحرف اليدوية ودعم مشاريع صغيرة لهم، كالخياطة وحياكة المعاوز والمنتجات القطنية وغيرها الكثير من الحرف اليدوية، كذلك بالإمكان توظيفهم في تشجير المدن والمشاريع الزراعية للاستفادة من المساحات الكبيرة كقاع البون وقاع جهران وتهامة وغيرها.
وأضافت : كما أنه من المهم دمجهم في المشاريع المختلفة كمشاريع المنظمات، والسلات الغذائية وغيرها .
وإذا ما تحدثنا عن استيعابهم في مشاريع النظافة على أن يكون ذلك ضمن صندوق التحسين مع رفع مرتباتهم والاهتمام حتى بنظافتهم ومظهرهم وأناقتهم ونظافة وتنظيم الأدوات التي يعملون بها وهم يؤدون عمل النظافة وإشعارهم من المجتمع بأنه عمل راقٍ وعظيم يقومون به، وإنشاء جهات منظمة لعمل النظافة وتحويل العمل فيه إلى متعة وموارد مالية يعود ريعها عليهم، فمثلا يتم مساعدتهم في المنازل في فرز المخلفات (أطعمة ، والبلاستيك ، والحديد والخرداوات) كلاً على حدة وغيرها، بحيث تكون لديهم مؤسسات لإعادة تدوير تلك المخلفات.
وختمت حديثها بالقول : الإحساس بهم، ومعالجة معاناتهم وحل مشكلاتهم هو المهم في الموضوع ومن المعروف حبهم وتفانيهم في الأعمال، فهم يمثلون أيد عاملة مهمة للارتقاء بالبلد في مختلف المجالات مع إعطائهم حقوقهم ومن حقهم أن يتقلدوا المناصب كغيرهم، وليس استغلالهم بسبب فقرهم وعدم إعطائهم حقوقهم كما كان في السابق، وباختصار كما قال قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله أنه برنامج وطني طويل الأمد له أسسه الثابتة ومجالاته المتعددة حتى يُعطي أُكُله ويسعد الجميع بجني ثماره التي لا شك أنها ستكون من أهم مقومات بناء الوطن وازدهاره.

يوم تاريخي
ما إن سمع أحفاد بلال دعوة السيد القائد سرعان ما استجابوا وتحركوا إلى محافظة الجوف في يوم تاريخي احتشدوا فيه ليعلنوا النفير العام إلى الجبهات وميادين القتال ، فقد رحب محافظ محافظة الجوف بهم قائلا “أهلا بأحفاد بلال.. أهلا بأشراف وأحرار هذا الشعب العظيم “.
وبعثوا بشكرهم للسيد القائد عبد الملك الحوثي عن لفتته الكريمة بدمجهم في المجتمع، موضحين أن حضورهم إلى الجوف وتحشيدهم للجبهات رسالة شكر مقابل تلك اللفتة الكريمة .
وختموا حديثهم بالقول “أحد أحد” شعار جدنا بلال وشعار السيد حسين بانحملهما ضد أعداء الله”.

أثلج الصدور
ناشطون من أحفاد بلال قالوا إن قرار السيد عبد الملك بدمج أحفاد بلال أثلج صدورهم ووحد صفوفهم وجمع شملهم ورفع رؤوسهم.

مبادرة
وفي خطوة عملية للاستجابة لتوجيهات السيد قامت الهيئة العامة للزكاة ممثلة بالشيخ شمسان أبو نشطان بتزويج 300 معسر من أحفاد بلال .

موروثات مغلوطة
أشارت عدد من الدراسات إلى أن بعض الموروثات الثقافية المغلوطة في اليمن ساعدت على فرز تراتبية اجتماعية على أساس الأصل، والمهنة، والملْكية، فقد كان لها أثر كبير في إزاحة فئة المهمشين إلى أدنى هوامش الحياة.

من أين جاء “المهمشون”؟
تُرجّح بعض المصادر التاريخية أن تواجد المهمشين في البلاد بدأ على خلفية الحروب القديمة بين اليمن والحبشة، غير أن هناك إشارات مهمة إلى دور الهجرة في تدفقهم إلى اليمن، أهمية هذه الإشارات تكمن في كون المهاجرين الأفارقة ما زالوا يتدفقون إلى اليمن من البحر حتى الآن، ويمارسون أعمالاً شبيهة بالتي يمارسها المهمّشون. وإذا ما أخذنا بالاعتبار تطور طبيعة الهجرة عبر العصور، يمكن التفريق بين شروطها قبل ظهور الأوراق الثبوتية والعمل بنظام جواز السفر، وبين شروطها بعد ذلك.
إضافة لذلك، لم تكن المدن الساحلية لليمن بمنأى عن موجات تجارة الرقيق، غير أن تاريخ أحفاد بلال في اليمن لم يسجِّل حالات استعباد رسمي ضمن هذه الفئة، بقدر ما سجّل تمييزاً اجتماعياً شاملاً ومجحفاً بحقهم الإنساني.

تقرير
يشكل المهمّشون ما نسبته 12% من إجمالي سكان اليمن، وفق آخر تعداد سكاني في العام 2004م، أكد هذه الإحصائية رئيس “الاتحاد الوطني للمهمشين في اليمن”، نعمان الحذيفي، في حين يتوزعون على مختلف مناطق البلاد، فهم يتركزون في المناطق الوسطى والجنوبية، القريبة من سواحل البحر العربي والبحر الأحمر: عدن، لحج، أبين، الحُديدة، تعز وإب.
ينطبق على طريقة حياة فئة “أحفاد بلال” وصف جيمس سكوت “المقاومة بالحيلة”، فالأعمال التي يمارسونها كعمال نظافة وصرف صحي، مع عدم اهتمامهم بالنظافة الشخصية، ولا بحصولهم على الخدمات العامة، وقلة الالتزام الديني، وانفتاح العلاقة بين الجنسين أمثلة على مقاومتهم الاستعباد بالحيلة، أما الآن منهم يتمتعون ويعملون ويدرسون كي يتفوقوا، فلهؤلاء ذوي البشرة السوداء مثل ما لإخوانهم ذوي البشرة البيضاء .

قد يعجبك ايضا