(أوقفني إن كنت تريد استشارة طبية ).. مبادرة إنسانية في زمن كورونا

الدكتور سامي الحاج يتحدث لـ”الثورة”: لا أسعى للشهرة وأشعر بسعادة غامرة عندما أقدّم استشارتي لمن يحتاجها

أطلق عليه مرتادو التواصل الاجتماعي “طبيب الفقراء”
مبــادرة فرديــة أســعى من خلالهــا لتخفيـف معاناة البسطاء من المرضى
الوضع الراهن يتطلب المزيد من المبادرات والتكاتف المجتمعي

أناس بسطاء يحملون الفقر على أكتافهم لا يمتلكون ثمن الدواء لكنهم لا يستطيعون أن يعبّروا عن امتنانهم لما تقدمه لهم، وهذا ما حدث معي بالفعل في مبادرتي وأثناء تجولي في الشوارع أوقفني رجل كبير في السن يستشيرني في حالته التي كانت حرجة ولا تحتمل التأخير قمت بكتابة الفحوصات الضرورية له ونصحته بضرورة الذهاب إلى المستشفى بأسرع وقت وحزنت أن جهودي اقتصرت على تقديم المشورة فقط وعند توديعي له أصرّ عليّ أن أحضر معه لتناول وجبة الغداء امتناناً لما قدمته له، حينها دمعت عيناي حزنا وأنا أرى أمثال هؤلاء الكرماء بأخلاقهم الذين يجودون بما لديهم وإن كانوا لا يملكون شيئاً..
الثورة / افتكار أحمد القاضي

استشعارا منه لمعاناة الناس وضيق حالهم خاصة مع جائحة كورونا يحاول جاهداً الدكتور سامي الحاج المعيد في كلية الطب- جامعة العلوم والتكنولوجيا أن يقف وسط شوارع صنعاء متنقلا هنا وهناك بسيارته التي كتب على زجاجها (أوقفني إن كنت تريد استشارة طبية)، لتقديم استشارته للمارة من المرضى..
يقول الدكتور سامي إن مبادرته هذه هي مبادرة فردية لا يسعى من خلالها لأي غرض مادي أو معنوي وكل همه هو أن يصل الى أكبر عدد من الناس كي يقدم استشارته الطبية لكل شخص يحتاج المساعدة والأهم من ذلك هو الاهتمام بصحة الفقراء والمحتاجين ومن يحتاجون العناية الصحية لأنه وكما نعلم أن كورونا وباء فتاك لا يرحم أحداً والفقراء هم أكثر الطبقات تعرّضاً لأمراض عدة وخاصة كورونا وأنا كان كل هدفي من هذه المبادرة بالدرجة الأولى هو الوصول إلى هذه الطبقة أكثر من غيرها.

تصنيف الحالات
ولكن كورونا (كوفيد 19) لا يمكن التحقق منه إلا بواسطة الفحص فكيف لك أن تتأكد أن هناك أشخاصاً يحملون هذا المرض؟
بالنسبة لهذا الموضوع كنت حريصاً على تصنيف الحالات إلى حالة خضراء وأقوم بكتابة الدواء “مسكِّن،فيتامين،مضاد حيوي للمرضى الذين تكون حالاتهم واضحة ولا تستدعي الذهاب إلى المستشفى كالتهاب الحلق”وحالة صفراء أقوم بإرسالها للمختبر ومتابعة أي طبيب في أي مرفق صحي لأهمية الحالة وكذلك حالة حمراء تستدعي الحجر الصحي والتواصل مع أرقام الوزارة أو أنه يحتاج لمساعدة طبية طارئة.

مسافة آمنة
ألا يتبادر الخوف لديك من أن تصاب بالعدوى من مريض وأنت تقدم له استشارتك الطبية؟
– كنت أحرص على أن تكون هناك بيني وبين الناس الذين أقدِّم لهم المشورة، مسافة آمنة تجنبني العدوى خاصة وأنني لم أكن ألامسهم ، وكل ما أقوم به هو الاستماع إلى شكاواهم المرضية والاطلاع على الفحوصات والتحاليل المخبرية إن كانت لديهم وتقديم الاستشارة الطبية وسبل العلاج.

التباعد الاجتماعي
مرورك في الشوارع العامة هل اقتصر على شوارع معينة أثناء ذهابك إلى العمل والعودة منه أم أنك كنت تغيِّر اتجاه سيرك لتشمل المبادرة الكثير من المارة؟
– المبادرة هذه هي عمل إضافي إلى جانب عملي ولضيق الوقت أخصص لها فترة عندما أمر في شوارع صنعاء ذهاباً وإياباً من العمل وأتعمد أن أمر من وسط الأحياء المزدحمة لكي التقي الكثير من الناس ولكنني كنت أتخوف على المواطنين من الازدحام خاصة أن الكثيرين لا يعوا مسألة أهمية الحرص على التباعد الاجتماعي، حيث كنت أضطر إلى النزول من سيارتي لترتيبهم والحفاظ على التباعد في ما بينهم ومن ثم أبدأ بالاستماع إلى كل واحد منهم على حدة.
وكم هي تلك اللحظات السعيدة التي كنت اشعر بها وأنا أرى الفرحة والسعادة في عيونهم وهم متلهفون للوصول إليّ لأقدم لهم الاستشارة الطبية خاصة أولئك المعدمين والفقراء والذين يجهلون الكثير عن فيروس كورونا وكيفية الوقاية وأساليب العلاج.
هناك من يرى أنك تسعى للشهرة من خلال هذه المبادرة؟
– أبداً لا أسعى إلى الشهرة أو لتحقيق غرض مادي أو معنوي ، كل ما أريده من هذه المبادرة هو الوصول إلى أكبر عدد من الناس الفقراء والمعدمين الذين لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات وهم بأمسّ الحاجة للاستشارة الطبية وتقديم النصح لهم والعمل الإنساني لم يجعلن أتخلى عن أيّ شي وإنما جعلني أقدم خدمة يستفيد منها مجتمعي وأهلي ويكفيني أن أقدم خدمة لشخص قد يتألم وأكون سبباً في ذهاب أوجاعه.

استمرار
هل ستستمر مبادرتك إلى ما بعد كورونا أم أنها وقتية فقط؟
-ستستمر المبادرة حتى بعد انتهاء كورونا وستصبح أكثر توسعاً وستصل لكل من يحتاجون إلى الاستشارة بإذن الله وأفكِّر بتوسيع المبادرة مستقبلاً، حيث أقوم حالياً بالتواصل مع العديد من الأطباء في أرجاء المحافظات المتضررة حتى نكون فريقاً واحدا يعمل على الأرض. وبحيث تتوسع المبادرة لتصل إلى مختلف المحافظات اليمنية ، وخصوصا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ، وفي ظل استمرار تفشي وباء كورونا.

موقف طريف
مواقف طريفة تعرضت لها أثناء تجولك في الشوارع والتقائك بالمرضى؟
– من المواقف الطريفة التي حصلت لي وأنا في طريق سيري أن شخصاً أوقفني وسألني عن ماذا يقدِّم لطفله الذي يحمله والذي يرفض أن يتناول الأكل إلا بعد جهد وعناء، حينها ضحكت لأني كنت أتوقع أنه مصاب بكورونا أو بأيّ مرض آخر يستدعي إيقافي، بعدها نصحته بأن يتعامل معه بلطف وهو سيتقبل الأكل، فقال لي: على يدك يا دكتور حاولت معه وأوقفته عن البكاء وقمت باعطائه «سندويش» لكنه غضب وعاد إلى البكاء ورمى بالسندويش على الأرض ، فطمأنته بأن مثل هذه السلوكيات تحدث لدى بعض الأطفال في هذا السن ، ولا داعي للخوف والقلق ، و تركته، فهناك أشخاص آخرون هم بأمسّ الحاجة لاستشارتي.

قد يعجبك ايضا