تحذير الأنام مِمَّن يصدُّ الناس عن بيت الله الحرام

 

العلامة/ عدنان الجنيد

مِن الحقيقة بمكان أن كل مَن يستقرئ كتاب الله تعالى ، فسوف يجد كثيراً من الآياتٍ التي تشير إلى التصدي للظالمين وإيقافهم عند حدهم ، وإن استمروا في ظلمهم ، فيجب ضربهم وإراحة الناس منهم ، ولا يوجد أظلم ممن منع بيوت الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها حسياً ومعنوياً (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا..)[البقرة : 114]، وأعظم هذه البيوت هو بيت الله الحرام(وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ..)[ الأنفال :34]، وهذه الآية الكريمة – وغيرها – تشير إلى وجوب ضرب النظام السعودي الظالم الأرعن عبر جميع الوسائل المتاحة ، وذلك لصده عن المسجد الحرام ، ناهيك عن جرائمه في حق المسلمين والإنسانية وما يرتكبه من مجازر وحشية في حق الشعب اليمني لهو خير شاهد .
إن النظام السعودي استخدم كل وسائله لصد المسلمين عن بيت الله الحرام ، وإليك بعضاً من وسائل ومظاهر صده عن بيت الله الحرام نوردها في الآتي:

1 – العراقيل والصعوبات :
حيث استخدم هذا النظام الأرعن كل الوسائل التي سعوا من خلالها إلى إعاقة الحجاج عن بيت الله الحرام سواء عن طريق فرض رسوم مالية باهظة على الحجاج لا سيما اليمنيين منهم والحيلولة من تفويجهم، أو انتهاكه لحقوق الحجاج خاصة الذين هم من الدول المعادية لسياسته ، أو عن طريق مضايقة الحجاج وهم في طريقهم إلى أرض الحرمين ، أو عن طريق قتلهم، لعلّ مجزرة وادي تنومة في عسير عام1921م التي ذبح فيها أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني فضلاً عن قيامه بقتل الحجاج الإيرانيين قبل عقودٍ من الزمن ستظلان وصمة عارٍ في جبين النظام السعودي إلى قيام الساعة .. .

2 – ترهيب الحجاج وتخويفهم :
إن الله تعالى قد جعل مكة حرماً آمناً لكل من دخلها، حيث جعله آمناً على نفسه وماله وعرضه، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا..)[ العنكبوت :67] ، بل وتوعد الله بالعذاب الأليم كل من يريد أن يظلم أو يعصي الله فيها ، قال تعالى:(..وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[الحج :25]..
فكيف بمن يسفك الدماء فيها ، وقد سفك النظام السعودي الكثير من دماء الحجاج سواء المتعمدة أو التي تحت مبرر حوادث وقعت على الحجاج !!..
فهذه الحوادث التي كانت تكرر كل عام بشكل ملفت للنظر والتي راح ضحيتها المئات من الحجاج لم تكن محض الصدفة بل كانت مقصودة ..
ومن يدرس كل حادثة وقعت للحجاج من جميع حيثياتها ، فسوف يجد صدق ما قلناه ..
والهدف من وراء هذه الحوادث هو إدخال الرعب في قلوب المسلمين لاسيما الذين يريدون تأدية فريضة الحج في الأعوام المقبلة .

3 – استخدام الحج كورقة ضغط سياسي :


لقد منع النظام السعودي شعوباً بأكملها عن أداء فريضة الحج – كالشعب اليمني والشعب القطري وغيرهما – وكذلك فرض حصصاً معينة من حيث العدد على بعض الدول، بينما جعل العدد لبعضها الآخر مفتوحاً على مصراعيه في زيادة الحجاج ..
وهكذا نجد النظام السعودي دوماً يمارس الاستغلال السياسي ، فترى إدارة الحرمين – التابعة له – تقوم بتوزيع تأشيرات على الصحفيين والسياسيين والبرلمانيين المسلمين إضافة إلى منحها الكثير من التأشيرات للكثير من سفراء الدول دعماً لأهدافها وطموحاتها وأغراضها السياسية وسعياً منها لشراء ذممهم طمعاً في وقوفهم إلى جانب الإدارة السعودية في قراراتها السياسية..
إن ما يقوم به هذا النظام الظالم من منع بعض الشعوب عن أداء هذه الفريضة هو في الحقيقة تصفية حسابات مع أنظمة هذه الشعوب التي تعارضها سياسياً ، فضلاً عن كونها رسالة إلى غيرها من الشعوب الأخرى كي تفرض أجندتها السياسية على جميع الدول لعلمها بحاجة المسلمين ودولهم إلى أداء هذه الفريضة .

وكل ما ذكرناه آنفاً إنما يعد بعضاً من مظاهر صدهم عن بيت الله الحرام..
أما اليوم، فنجد أن النظام السعودي قد منع استقبال حجاج بيت الله الحرام بحجة وباء كورونا، مع أنه لا يحق له أن يتفرد بقرار منع الحج إلا باستشارة الدول الإسلامية ، فالحرمان وكل ما يخصهما هما للمسلمين كافة وليسا وقفاً أو حصراً على آل سعود يتحكم فيهما كيفما شاء، قال تعالى :(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ..)[البقرة :125] ، وقال :(جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ..)[ المائدة : 97]
فالله قد جعل البيت الحرام للناس جمعاء وليس لآل سعود ينفردون به ويقررون بإغلاقه أو بفتحه!!..
فلا يجوز منع الناس عن حج بيت الله الحرام ، وقضية كورونا ليست مبرراً للمنع ، فهناك إجراءات وقائية وحجر صحي كان يمكن أن تتم قبل الحج بشهور ، والنظام السعودي- كما هو معلوم- لديه القدرة بما يمتلك من الإمكانات التي تؤهله إلى وقاية الناس من ذلك !!..
والعجيب أن دار السينما والبارات والمراقص والسهرات الليلية قد تم افتتاحها في مكة وجدة وغيرهما من المدن السعودية ، وعملوا لها وسائل وقائية ، بينما الحرمان لا يهمهم أمرهما..
وإذا كان النظام السعودي يزعم بحرصه المسيس على حياة الحجاج من وباء كورونا، فأين حرصه على حياة ملايين من أفراد الشعب اليمني -منذ ستة أعوام- وهو يقوم بضربهم وقصفهم ليل نهار ؟!.. فما من يوم يمر إلا وهو يرتكب أبشع المجازر في حق الشعب اليمني ، حيث استهدف بغاراته الأسواق الشعبية وصالات العزاء والأعراس والمستشفيات والمصانع والمزارع ، وحتى الحيوانات ومزارع الدجاج التي لم يتورع عن استهدافها ، ناهيك عن استهدافه لمنازل المواطنين ليل نهار في يقظتهم وفي منامهم.
وباختصار، استهدف هذا النظام المستبد الإنسان والشجر والحجر ، وحتى (المرتزقة) الذين كانوا يعملون في صفه مؤيدين له لم يتورع عن استهدافهم!! .
إن النظام السعودي لم يكن حريصاً على الحجاج من تفشي وباء كورونا كما يزعم، بل كان حريصاً أشد الحرص على تنفيذ رغبات الصهاينة والأمريكيين الذين باتوا يشعرون بخطورة الحج الذي يُعد عنواناً جلياً لوحدة المسلمين..
وإذا ما ظل الصمت مخيماً على أجواء المسلمين كافة واستمرت عيونهم تغض أطرافها عما يفعله النظام السعودي اليوم من صده عن بيت الله الحرام ، فإنه سيتمادى أكثر في تنفيذ أجندات تخدم رغبات وأهواء أعداء الله..
وإزاء هذا الواقع المخزي والمرير في آنٍ، يجب على الشعوب العربية والإسلامية بمعية أنظمتها أن تستيقظ من سباتها العقيم وتصنع لها موقفاً موحداً ضد هذا النظام السعودي الصهيوأمريكي المستبد بدلاً عن وقوفهم هكذا مكتوفي الأيدي ، فالله تعالى يقول 🙁 وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ..) استفهام إنكاري ، أي لا مانع من تعذيب الله لهم عبر رجال الله الذين لا يخافون في الله لومة لائم ، وكأن الآية تشير إلى النيل منهم لماذا ؟!..( وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.. ) أي وهم يمنعون المسلمين بكل مظاهر الصد والمنع عن بيت الله الحرام ، فلا بد من تغيير هؤلاء الذين استولوا على الحرمين الشريفين المدعين ( وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ.. ) وهذا ردُ عليهم لأنهم يدعون بأنهم خدام الحرمين الشريفين وأنهم ولاة البيت الحرام..
إن هؤلاء لا يصلحون لولاية البيت الحرام لأنهم مجرمون ، وقد والوا أعداء الله ورسوله وعادوا أولياء الله ورسوله وبات ظلمهم وإجرامهم لا يجهله أحد (إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ) ..
وهنا وضح من هم الذين يجب أن يكونوا ولاة البيت وهم المتقون ..
ولاحظ معي أخي القارئ، فقد جاءت الآية مؤكدة بأقوى ألوان التأكيد ونافية كل ولاية على البيت الحرام سوى ولاية المؤمنين..
هذا (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ).

قد يعجبك ايضا