الحدث الأكثر سخونة في واشنطن

هل ينجح بولتن في نشر كتابه ويهزم ترامب قضائيا؟

 

 

واشنطن / وكالات
قبل ستة أيام من طرحه في الأسواق، أصبح موضوع كتاب جون بولتون هو الحدث الأكثر سخونة في العاصمة الأميركية، رغم جائحة كورونا وما سببته من خسائر بالغة والمظاهرات العارمة وما اكتسبته من زخم وانتشار.
ودخلت قضية نشر كتاب “الغرفة التي حدث فيها ذلك.. مذكرات البيت الأبيض” لمستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون، منعطفا جديدا بعد رفع دعوى من قبل البيت الأبيض تطالب بوقف نشر الكتاب، بدعوى تضمنه أسرارا متعلقة بالأمن القومي يجب ألا تخرج إلى العلن.
وبعد ساعات من رفع إدارة الرئيس دونالد ترامب قضية أمام المحكمة الاتحادية بالعاصمة واشنطن لوقف نشر كتاب جون بولتون، اختار الأخير أن يعيد نشر تغريدة بيان للاتحاد الأميركي للحقوق المدنية، يؤكد فيها على حق بولتون الدستوري طبقا للتعديل الأول في نشر كتاب عن فترة عمله بالبيت الأبيض.
بيد أن الرئيس ترامب لا يتفق مع هذا الرأي، وقال للصحفيين أمس الأول “إن بولتون سينتهك القانون الفدرالي إذا نشر كتابه على شكله الحالي، سوف أعتبر أي محادثة معي كرئيس سرية للغاية”.
وتتهم إدارة ترامب في دعواها بولتون بتهمة “خرق شروط التعاقد”، في خطوة تهدف لعرقلة نشر كتابه الذي تقول الدعوى إنه يحتوي على معلومات سرية يمكن أن تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر.
وأمام المنعطف الجديد الذي دخلته قضية نشر الكتاب، تراجعت قضية تفشي فيروس كورونا في البلاد، كما تراجعت أخبار حركة الاحتجاجات المستمرة وغير المسبوقة التي تظاهر خلالها ملايين الأميركيين ضد عنصرية الشرطة تجاه السود في مئات المدن الأميركية، لتحل محلهما أخبار كتاب بولتون على قمة اهتمامات الإعلام الأميركي المقروء والمرئي.
الكتاب.. توقيت حساس
تقليديا، يرى الديمقراطيون في بولتون داعية حروب وشخصا شديد التطرف، إلا أنه يمثل الآن مصدرا مهما يوفر لهم معلومات ومواقف موثقة تضرّ بموقف ترامب في سباق الانتخابات المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر القادم.
وتحتم قوانين النشر على الموظفين الحكوميين ممن عملوا في قضايا تتعلق بالأمن القومي ولديهم رغبة في نشر كتب عن خبراتهم، تقديم مسوداتها للمراجعة قبل النشر مع جهة العمل السابق، لضمان عدم نشر أي أسرار.
وأكد تشارلز كوبر محامي جون بولتون -في بيان وجهه لوسائل الإعلام الأميركية- أنه “أرسل نسخة الكتاب إلى مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في 30 ديسمبر الماضي لمراجعته والتأكيد على عدم مخالفته قواعد نشر أي أسرار تتعلق بالأمن القومي الأميركي”.
وأشارت الدعوى القضائية التي رفعها البيت الأبيض لتاريخ 27 أبريل الماضي، حين أبلغت مسؤولة في مجلس الأمن القومي محامي بولتون بأن الكتاب تمت مراجعته، وأنهم بصدد اتخاذ قرار بشأنه.
وفي 2 مايو الماضي، أرسل مسؤول الاستخبارات بمجلس الأمن القومي مايكل إليس خطابا لمحامي بولتون، يشير إلى أن الكتاب يحتوي على أسرار يجب عدم نشرها.
وفي الثامن من الشهر الجاري، أرسل محام في مجلس الأمن القومي خطابا لبولتون ولشركة النشر، يؤكد فيه أن الكتاب لا يمكن نشره لأنه مليء بأسرار يضرّ نشرها بأمن الولايات المتحدة القومي.
ورد كوبر قبل أيام بمقال رأي في صحيفة وول ستريت جورنال، أشار فيه إلى سعي ترامب لإسكات صوت بولتون.
وقبل أيام أكدت دار النشر الشهيرة سيمون آند شوستر، أنها شحنت صناديق الكتب إلى مراكز البيع والتوزيع، حيث سيصدر الكتاب يوم 23 من الشهر الجاري.
دفاع ترامب
ويعتمد دفاع ترامب على حماية “سلطات الرئيس التنفيذية” التي على رأسها سرية أحاديثه مع كبار مساعديه، والدفع بأن شهادة بولتون ستضر بسلطات الرئيس الحالية والمستقبلية خاصة عند اتخاذ قرارات مهمة في السياسة الخارجية.
وكان ترامب قد عبّر عن غضبه واتهم بولتون بالسعي “لتحقيق أرباح من مبيعات كتابه”.
وآزره في ذلك نيوت جينجريتش رئيس مجلس النواب السابق وحليف الرئيس ترامب، الذي اتهم بولتون بالخيانة.
وقال جينجريتش “ليس هذا بولتون الذي عرفته لسنوات طويلة، لقد أكد البيت الأبيض أنه لم يلتزم بالإجراءات الواجب اتباعها لنشر كتاب عن رئيس لا يزال في الحكم، وقضايا سياسة خارجية تنخرط فيها البلاد حاليا”.
وترى دعوى البيت الأبيض القضائية أن “منصب بولتون سمح له بالاطلاع على أكثر الأسرار المتعلقة بالأمن القومي خطورة، ولكنه -بعد شهرين فقط من إقالته- وقع عقدا مقابل مليوني دولار لنشر الكتاب، وقدم 500 صفحة للناشر تحتوي على أسرار خطيرة يهدد نشرها مصالح وأمن الولايات المتحدة، وهو ما يمثل مخالفة لاتفاقية الحفاظ على سرية المعلومات التي وقعها قبل بدء عمله في البيت الأبيض”.
دفاع بولتون
وتوقع الكثير من الخبراء الجمهوريين والديمقراطيين أن لا تفلح جهود البيت الأبيض في وقف نشر الكتاب في الموعد المقرر له.
وأشار بن وايزنر مدير مشروع الخطاب والخصوصية والتكنولوجيا في اتحاد الحريات المدنية الأميركي، إلى أنه “وقبل نصف قرن، رفضت المحكمة العليا محاولة مماثلة من إدارة نيكسون لمنع صدور أوراق البنتاغون، ومنذ ذلك الحين، أصبح مترسخا وبشكل ثابت أن أي قيود مسبقة على النشر تعتبر غير دستورية وغير أمريكية”.
واتفق الخبير بشبكة فوكس الإخبارية هاورد كورتز مع رؤية وايزنر، واعتبر أن “على الإدارة الاستعداد لنشر الكتاب، لقد وصلت شحنات منه بالفعل إلى مراكز التوزيع. ربما يكون أكثر ما يحلم ترامب به حقا هو تأجيل نشر الكتاب حتى انتهاء الانتخابات، لكن ذلك أمر صعب للغاية”.
أما خبير الشؤون الإعلامية في شبكة سي إن إن براين ستيلتر، فيرى أن “من الجنون تصور أن كل أحاديث الرئيس مع مساعديه تعدّ من أسرار الأمن القومي الأميركي، ترامب لا يستطيع منع نشر الكتاب هو يستبق أي أضرار قد تنتج عن نشره”.
كيف سيتصرف بولتون؟
تمنح خلفية بولتون كدارس للقانون في جامعة ييل العريقة، وعمله السابق في وزارة العدل أثناء حكم الرئيس رونالد ريغان، وانضمامه لوزارة الخارجية في عهد جورج بوش؛ للرجل معرفة قوية بدهاليز البيروقراطية السياسية الأميركية.
ويمثل ولاء بولتون الحزبي الراسخ للجمهوريين نقطة يصعب معها توقع ما سيقدم عليه، إذا ما كان سيشن حملة ضد الرئيس ترامب في موسم انتخابات رئاسية.
مضامين الكتاب
وبشأن أبرز مضامين الكتاب، قالت دار النشر سيمون آند شوستر -في بيان وزع على الصحفيين- إن الكتاب يوثق مخالفات ارتكبها ترامب تتعدى الضغوط التي مارسها على أوكرانيا للتحقيق مع منافسه الديمقراطي جو بايدن، وأدت إلى اتهامه من قبل الديمقراطيين ومحاكمته في الكونغرس.
ويتوقع أن يوجّه الكتاب كذلك انتقادات للرئيس ترامب على طريقة تعامله مع أزمات متعددة خلال فترة عمل بولتون في البيت الأبيض.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن قضايا السياسة الخارجية الأساسية كأوكرانيا وروسيا والصين وإيران وبريطانيا وفرنسا وكوريا الشمالية، هي محور تركيز الكتاب، وهي القضايا والملفات التي يؤكد بولتون أن كل مواقف وقرارات ترامب حيالها حركتها حسابات إعادة انتخابه لا مصالح الولايات المتحدة الأميركية.
وشغل بولتون منصب مستشار الأمن القومي خلال الفترة من أبريل 2018 إلى سبتمبر 2019، ليكون ثالث شخصية تشغل هذا المنصب في عهد ترامب، ولكنه أقيل من منصبه عقب خلافات حول السياسة الخارجية تجاه الانسحاب من أفغانستان وفكرة دعوة قادة طالبان لزيارة واشنطن.

قد يعجبك ايضا