رمزية الارياني .. الإنسانة والدبلوماسية والقيادية الفذة



واحدة من قامات الوطن تصدرت ناصية النضال والأدب والسياسة وكانت أول يمنية خاضت العمل الدبلوماسي لتشق الطريق الوعر أمام بنات جنسها في مشاركة أخيها الرجل بتمثيل الوطن دبلوماسيا رمزية عباس الارياني مثلت رمزا لقوة المرأة اليمنية وكفاءتها المقتدرة التي قدمت للعالم نموذجا راقيا للإنسانة اليمنية وأبرزت جانبا مضيئاٍ لأمجاد حفيدات بلقيس وأروى وبرحيلها المفجع فقد الوطن علماٍ من أعلام نساء العرب لكنها تبقى خالدة في ذاكرته الذاكرة .
تستعرض (الثورة ) في هذا البروفايل سيرة حياة الراحلة وألوان وإبداعاتها الأدبية وعطاءها في خدمة الوطن والإنسان وجوانب مما قيل عن فقيدة الوطن.

النشأة
ولدت رمزية عباس محمد الارياني عام 1954 في قرية “اريان “مديرية “القفر” بمحافظة إب من أسرة عرفت بالعلم والقضاء تلقت تعليمها الثانوي في مدينة تعز و وحصلت على بكالاريوس في الفلسفة عام 1977من جامعة القاهرة ثم حصلت على الماجستير في الأدب السياسي من – جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي – الهند1985.
كانت سيرة حياة الفقيدة زاخرة بالعطاء والعمل والانجاز فقد سلكت درب التعليم منذ الصغر وفي مراحل متقدمة كان يشهد فيها الوطن والمواطن حياة قاسية ومراحل صعبة انعكس واقعها على التعليم عموما و الفتاة بشكل خاص بعد ولادة ثورة سبتمبر إلا إن عزيمتها مكنتها من التصدر لما أفرزته الثورة من حراك تنويري ساهم في تمكين المرأة اليمنية وعزز من مستوى مشاركتها في مجالات عدة .
رمزية..شقيقة استثنائية
يعتصر الحزن أخيها الأديب عبد الله الارياني وينعي شقيقته الاستثنائية بطريقة استثنائية عبرت عن ألم الفاجعة يقول :أعزي أصدقاءها ومحبيها من الجنسين وتلاميذها وتلميذاتها. ومن لا ينكرون عطاءها مذ كانت طالبة في المرحلة الثانوية بتعز ومدرسة في المرحلة الابتدائية. طالبة ومدرسة وكاتبة في صحيفة الجمهورية تدعوا لتعليم المرأة وتحررها في أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي. وأول من كتبت القصة القصيرة ورواية ضحية الجشع قبل أن تحصل على الثانوية العامة في عام 1972م. المرأة الاستثنائية بين عشر طالبات الدفعة الأولى من الحاصلات على الثانوية العامة فيما كان يسمى باليمن الشمالي وهي أول دبلوماسية فيما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمن. ولليمن سيرتها الثرية بالأعمال التي خدمت ونفعت المجتمع فهي لليمن وللمرأة اليمنية فمنجزات وخيرات اتحاد نساء اليمن في عهدها انتشرت في جميع محافظات الجمهورية اليمن وسوقطرى. وللمرأة العربية رمزية أمين عام إتحاد نساء العرب.
لكلهم أنعي وفاة الرائدة والمعلمة الحائزة على جوائز عالمية: شقيقتي وزميلتي وصديقتي الحميمة وسيدتي رمزية عباس الإرياني حيث وافاها الأجل المحتوم في أحد مستشفيات ألمانيا يوم الخميس الموافق 14نوفمبر 2013. ماتت صديقة عمري وبلسم جروحي. لم أعش كل هذا لحزن وأشعر بالوحدة حد الجنون كما أنا في هذه اللحظات الموصولة بالساعات التي مرت علي مذ أن أبلغني الهاتف خبر وفاتها فإلى متى¿ غير أن أملي في الله كبير فهو من يعطي وهو من يأخذ. وإنـا لله وإنـا إليه راجعون.

تربوية فاضلة .
لقد كانت الفقيدة تربوية فاضلة تتلمذت على يدها كثير من النساء خلال عملها في سلك التدريس اثنا عملها مساعد لمدير معهد (سالم الصباح) لإعداد وتعليم الفتيات في العاصمة صنعاء عام 1977 ثم عْينت عام 1398هـ/ 1978م مديرة لإدارة التفتيش المالي والإداري في ديوان وزارة التربية والتعليم,وفي هذا الجانب الهام أكسبها الخبرة لاكتشاف معاناة المرأة وحفزها للنشاط الحقوقي النسوي لخدمة أخواتها اليمنيات .
رمزية الإنسانة
نشطت في قضايا حقوق الإنسان وسخرت نفسها لخدمة المرأة وكافحت من اجل قضاياها وحققت ما استطاعت ان تحقق فكانت خير من حمل صوت المرأة وقادت لواء العمل المدني الحقوقي من خلال اتحاد نساء اليمن مثلتها في محافل دولية ومحلية كرست صورة وانطباعاٍ ايجابياٍ عن اليمنيات وأدوارهن في شتى جوانب الحياة بح صوتها وهي تقف في وجه أشكال العنف والاضطهاد التي واجهته الإنسانة اليمنية زواج الصغيرات رعاية المعنفات وكثيرا من قضايا وأشكال العنف التي تعاني منه المرأة اليمنية وناضلت كثيرا برؤية حكيمة لانتزاع حقوقهن السياسية ” الكوتا” وغيرها من الإعمال التطوعية التي سخرت نفسها من أجلة .
وطنية من الطراز الأول
يفجع الوطن حقيقة ويحن على بنائه العظماء بعد مغادرتهم ويزفر آهات الألم لفراقهم عرفانا تقديرا لما بذله المخلصون في خدمته وإيمانا بما قدمته الراحلة في مسيرة حياتها قضتها لخدمة بلدها نعت الرئاسة الفقيدة بكل عبارات الحزن وفداحة الخسارة لوفاتها وقال نص النعي :” لقد خسر الوطن برحيل الفقيدة واحدة من خيرة نساء اليمن اللائي كرسن حياتهن في سبيل خدمة الوطن في عدة مجالات معتبرها من نساء اليمن الرائدات والمبرزات على الصعيدين الوطني والعربي مشيدا باسهاماتها الوطنية المتميزة في كافة المواقع التي عملت فيها بكل تفاني وإخلاص الى جانب دورها في مناصرة قضايا المرأة اليمنية والعربية والدفاع عنها ومساندة كافة الجهود لتعزيز مشاركة المرأة اليمنية لأخيها الرجل في كافة مواقع العمل والإنتاج.. منوها في ذات الوقت بدور الفقيدة في إثراء المكتبة اليمنية والعربية بمجموعة من المؤلفات والأعمال الأدبية والإبداعية.
عميدة الأديبات اليمنيات
كتبت بإحساسها المرهف أجمل الإبداعات الأدبية وكانت روائية اليمن الأولى حملت قضايا المرأة وقضايا مجتمعها المثقل بالظواهر السلبية وحاولت أن تجد له المعالجات الممكنة عبر ما يفيض من نبع ألقها الشاعري من روايات وقصص أدبية مثل ( القات يسم حياتنا ) و(ضحية الجشع ) و(القانون عروس)أيضا .
أعطت الأم الأديبة لإبنها الطفل أجمل حكاياتها التي أسهمت في توسيع مداركه التثقيفية وتنمي خيالاته والفت ونشرت العديد من الحكايات الجميلة منها مجموعة قصص للأطفال بعنوان” تبارك الذي بيده الملك ,والماجل المسحور وشجرة التولق والعدالة خارج قريتنا” كل ذلك من ابداعات خصت بها الطفل اليمني و اهتمت بأدب الطفل شبه الغائب .
حضور عربي وعالمي
كانت الراحلة حاضرة بقوة في مختلف الفعاليات والمنظمات العربية والدولية ومثلت الوطن بالشكل الذي يليق حيث استطاعت ان تكون عضوا فاعلا تعزز من حضور المرأة اليمنية على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي عبر انضمامها لكثير من المنظمات الدولية من خلال عملها الطوعي في شغل الأمين العام للاتحاد النسائي العربي العام وعضوة في المكتب التنفيذي لمنظمة الأسرة العربية ومقرها تونس والامارات وعضوة في المؤتمر القومي العربي في بيروت وغير ذلك من المشاركات الخارجية التي حصدت عديدا من الدروع والجوائز الدولية في نشاطها الحقوقي والأدبي والسياسي كدرع المرأة العربية المتميزة من الاتحاد النسائي السوري ودرع الشعار الذهبي لاتحاد نساء الصين وشعار وزارة الخارجية والتعاون الدولي في جمهورية فرنسا لدورها المتميز في تمكين المرأة بالإضافة إلى درع الرياده السياسية في الجزيرة العربية.
لا نستطيع أن نختصر حياة إنسانة بحجم رمزية الارياني بمادة صحفية لكن استعرضنا لكم مقتطفات بسيطة لجوانب مضيئة من حياتها العلمية والعملية التي رفعت من خلالها اسم اليمن و عزيمة اليمنيات وقدرتهن في صنع المستحيل .
دبلوماسية وسياسية بارعة
أول يمنية التحقت في العمل الدبلوماسي منذ الثمانينيات وحصلت على درجة “سفير ” واستطاعت ان تمثل بلدها في دول خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية عندما كانت وزير مفوض في السفارة اليمنية بواشنطن عام 97 لتعمل رئيسة دائرة المغرب العربي 1999خدمة طويلة وثمينة قضتها الراحلة من عمرها في المجال الدبلوماسي وتسلمت قيادة عدد من الدوائر في وزارة الخارجية حتى عام 2003 برز فيها حنكة المرأة وقدرتها على القيادة في هذا العمل الهام والكبير وحصدت رصيداٍ كبيراٍ أضاف لعملها الوطني وإسهامها النضالي النابع من حب الوطن والإخلاص له .
وفي المجال السياسي كانت من النساء اللواتي التحقن بقيادة العمل الحزبي عندما كانت عضوا في الامانة العامة للمؤتمر الشعبي الذي وصفها في النعي بالخسارة الكبيرة للوطن اذ اعتبرها أحد أبرز قياداته النسوية الذي خسر برحيلها أحد أهم قياداته وعناصره النسوية الفاعلة التي ساهمت في الارتقاء بمستوى العمل النسوي في المؤتمر الشعبي العام وتعزيز قدرات عضوات ونصيرات المؤتمر الشعبي العام نحو ما يْمكنهن من أداء دورهن التنظيمي الفاعلوواكبت كل أنشطته وفعالياته التنظيمية من خلال موقعها عضواٍ في اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام.
رحيلها كان فاجعة لليمن وفعالياته وأحزابه وتنظيماته السياسية وقطاع المرأة حيث ان الراحلة تركت بصمات واضحة وادواراٍ مشهودة على الصعد الشخصية والتنظيمية والسياسية والمجتمعية والثقافية والحقوقية حيث كان التميز والإبداع السمة التي لازمتها منذ نعومة أظافرها عبر تميزها في مسيرتها العلمية والبحثية ومشوار عملها السياسي والمدني والتطوعي.. ونبوغها الثقافي والأدبي.

قد يعجبك ايضا