عيد المقاومة والتحرير ..عشرون عاماً من زمن الانتصارات

 

د أحمد عبدالله الصعدي

شكَّل الخامس والعشرون من مايو عام 2000م علامة مفصلية في مقاومة الشعوب العربية وفي تصديها للحروب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني عليها، في ذلك اليوم فر من جنوب لبنان ((الجيش الذي لا يقهر)) تاركا ثكناته وتحصيناته الجيدة ، وعملاءه المرتزقة من اللبنانيين لمصيرهم ، كما ترك المعتقلات التي كانت تكتظ بالرجال والنساء المقاومين، فأقبلت الجماهير اللبنانية في ذلك الصباح البهيج تحطم أبواب الزنزانات بصورة أعادت كتابة البيت الشعري الشهير ((وللحرية الحمراء باب، بكل يد مضرجة يدق))، إن الاحتفاء بالذكرى العشرين ليوم المقاومة والتحرير يجب أن يبين للأجيال العربية الفتية التي لم تكن قد خلقت ، والتي كانت في مرحلة الطفولة ولا تدرك مغزى الأحداث من حولها أمورا جوهرية ، من أهمها :
أولا خاضت المقاومة الفلسطينية والجيوش العربية حروبا ، واجترحت بطولات ضد جيش الكيان، منها على سبيل المثال معركة الكرامة وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر وطرد الجيش الصهيوني من بيروت إلى الشريط الحدودي إلا أن انتصار مايو عام 2000م مختلف اختلافا جذريا . فلأول مرة يفر الجيش الصهيوني بدون أية محادثات أو مشاورات مع الطرف العربي المقاوم ، ولأول مرة يرغم على ترك أرض عربية بدون أي اتفاق أو أي نوع من تفاهمات تحقق له مكاسب كما هي عادته .
ثانيا جرت مقاومة الشعب اللبناني ممثلا بحزب الله لجيش الاحتلال في مناخ دولي غير مواتٍ وكانت كل الرياح تأتي بما لا تشتهيه سفن الصهيونية ، ولم تغير مجرى الرياح إلا إرادة القتال لدى المقاومة ودعم حليف لا يتخلى عن حلفائه تحت أي ظرف ، وأعني بالحليف هذا الجمهورية الإسلامية في إيران، فمنذ عام 1990 ، وعلى أثر تفكك الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي بدت أمريكا زعيما متفردا للعالم والكيان الصهيوني هو أهم وأول المستفيدين المدللين من هذا الوضع . بعد حرب إخراج العراق من الكويت بقيادة أمريكا التي شاركت فيها وإن بصورة رمزية دول عربية مما كان يعرف بدول الطوق ، بدأت محادثات سلام بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ، ثم جاءت اتفاقات أوسلو التي زرعت من الأوهام ما أثمر خيبات مريرة حتى لدى أكثر الفلسطينيين والعرب تفاؤلا، وفي هذه الأجواء تم التغني بالسلام والترويج للتطبيع ولنهاية زمن الحروب ، وانخرطت في التودد لأمريكا وربيبتها ((إسرائيل)) أغلب الحكومات العربية بما فيها صنعاء التي كان لها تحركات ورسائل منها استدعاء المغنية شمعة ومبادرة وكالة ((سبأ)) إلى إصدار مجموع اتفاقات ((السلام)) الموقعة بين الفلسطينيين وبعض الدول العربية والكيان الصهيوني، رغم أن اليمن لم تكن طرفا في أي من تلك الاتفاقيات .
ثالثاً يتحجج أنصار التطبيع مع الكيان الصهيوني بأنهم اختاروا هذا الطريق مضطرين، ويزعمون أن الكيان الصهيوني قوة جبارة عسكرية وجاسوسية وتكنولوجية لا سبيل إلى مقاومتها لانتزاع الحقوق العربية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني، ولأن انتصار عام 2000م وانتصار عام 2006م يفضحان كل حجج وأباطيل المتصهينين العرب فإنهم يحشدون كل ما يستطيعون من الإمكانيات والوسائل المادية والمالية والبشرية لتشويه وتسخيف أي نصر حقق على الكيان الصهيوني وبالخصوص إذا كان بطله حزب الله .
انتصار مايو كتب نهاية زمن الهزائم و فتح زمنا جديدا هو زمن الانتصارات كما قال القائد حسن نصرالله ، وكما تقول الأنشودة المعروفة : هنا زمن النصر تجلى ، هنا طاف المجد وصلى ، زمن الهزائم قد ولى .

قد يعجبك ايضا