الدهبلي.. الابتسامة التي غابت

 

حسن الوريث

عبدالله الدهبلي بدون مقدمات صاحب الابتسامة الساحرة النقية والبسيطة في ذمة الله بعد معاناة مع مرض الكبد ومع هروب وتجاهل من يفترض أن يكونوا حاضرين معه في مرضه تقديرا لما قدمه للوطن من عطاء في مجال الشباب والرياضة على مدى سنوات عمره التي شهدت جانبا لا بأس به من ذلك العطاء المتميز من منتصف ثمانينات القرن الماضي حيث كنت متابعا جيدا للدوري اليمني عندما كنت طالبا في الثانوية العامة، حيث كان الدهبلي جزءاً أساسياً في تنظيمه وتواجده الدائم في معظم مبارياته.
في حقيقة الأمر ليس هناك أشد قسوة وألماً على الإنسان من أن يسمع نبأ وفاة شخص عزيز عليه خاصةً إذا ما كان هذا الشخص وفياً صادقَ الوعد لهذه الصداقة حتى آخر لحظة قَبل أن يأخذه الموت ولا يمكن وصف تلك اللحظة التي أبلغني فيها الزميل الإعلامي علي الغرباني بوفاة الصديق العزيز صاحب أنقى ابتسامة الأستاذ عبدالله الدهبلي فالخبر جعل الكلمات تعجز والعبارات تهرب من أمامي والحروف تأبى أن تخرج من مخارجها فالمصاب كبير وما زاد الألم هو قصة وفاته التي يجب أن لا تمر مرور الكرام فما تعرض له من عدم قبول المستشفيات لعلاجه ورفضها استقباله والعذاب الذي كابدته يفترض أن تكون ضمن ملفات النيابة العامة لإحالة كل من يثبت هروبه من أداء واجباته الإنسانية إلى التحقيق.
عموماً سأتحدث أنا عن قصتي معه والتي بدأت فعلياً من خلال لقاء بالمصادفة وكنت أتوقعه ساخنا على اعتبار أنني من أكثر الصحفيين الذين انتقدوا أداء وزارة الشباب والرياضة وقطاعاتها المختلفة حيث كان قد شغل أكثر من عمل في الوزارة وتنقل بين قطاعي الرياضة والشباب إلى أن أستقر في الأمانة العامة لجائزة الدولة للشباب ..وعموما عندما ألتقيته كانت تلك الابتسامة الساحرة التي كان يقابل بها كل الناس وكانت أول كلماته لي “رغم أنك أكثر صحفي وإعلامي انتقد أداءنا في الوزارة إلا أنك من أقرب الأشخاص إليَّ وكنت أعتبر نقدك وكلامك حافزاً ودافعاً نستفيد منه ولأننا نعرف أن كلامك ليس له أهداف مبطنة كما يفعل البعض، وأرجو أن تستمر في مواضيعك ونقدك ولا تتوقف”.. فكانت كلماته هذه بالنسبة لي مفاجأة من شخص تعرض منك للنقد لكنه يحتويك بل ويطلب منك المزيد على عكس الكثير من الناس الذين يتخذون مواقف منك بسبب نقدك لهم رغم أن النقد ليس فيه ثمة تجريحاً أو إساءة شخصية أو تشهيراً.
عبدالله الدهبلي صديقي العزيز الذي رحل عن دنيانا بحاجة منا إلى أن نوثق حياته وإنجازاته وتاريخه الرياضي ليكون بمثابة نبراس للأجيال القادمة وهذه دعوة مني لوزارة الشباب والرياضة والأمانة العامة لجائزة الدولة للشباب بأن يعملوا على جمع وتوثيق تاريخه وما قدمه وإصدار كتيب يحكي تلك الفصول الناصعة من حياته وعطائه وهذا أقل ما يمكن تقديمه له وإطلاق اسمه على إحدى دورات جائزة الدولة للشباب إضافة إلى تسمية إحدى الصالات الرياضية أو الملاعب باسمه فهو يستحق الكثير والكثير.
بصراحة لقد عجزت عن الاستمرار في الكتابة عنه لكنني لن أنسى أبدا الصديق العزيز الرياضي والإداري الناجح والإنسان الرائع صاحب تلك الابتسامة الساحرة، وستبقى غصة في قلبي ونفسي أنني لم أتمكن من مساعدتك والوقوف بجانبك في وقت معاناتك ،لكن عزائي أنني لم أعرف بموضوع مرضك وتلك المعانة المريرة إلا بعد وفاتك، لكني أيضا سأقول كما قلت لصديقي الراحل الدكتور فضل الكهالي “على الرّغمِ مِن أنّ الموت حقٌ على كُلِ إنسان إلا أنّ الأقسى والأصعب والأفجَع على النفسِ وفاة صديق وأخ عزيز كريم.. فالموت يأتي فجأة فيسرق منا كل عزيز وغال ويترك لنا أصعب الذكريات التي تملأ قلوبنا وجعاً واشتياقاً.. الموت خطف أعز الأحبة فخيم الحزن والألم على قلبي ولا يبقى سوى تذكُر الذكريات التي كانت تجمعني معه والدعاء له”.
ختاما لن أزيد سوى بالقول: سأفتقدكَ كثيراً يا صديقي العزيز فأنا أتألم بلا ألم وأبكي بلا صوت فهناك نار في صدري بلا لَهب فقد مات صديقي وسَيموتُ غَيرهُ الكثيرون وسَنَموت نحنُ عما قريب أو بعيد وهذه سُنَّة الله تعالى في خلقه أنه لا باقي سواه والكل سيفنى، كما أنها أيضا تعزية من ابني وصديقي الصغير عبدالله الذي كان يحضر بعض اللقاءات مع المرحوم وتأثر كثيراً حين سمع نبأ وفاتك..
رحم الله أخي وصديقي العزيز عبدالله الدهبلي وأسكنه فسيح جناته.. ولا عزاء لكل من تخاذل ولم يقم بواجبه تجاهك أيها الراحل النبيل العزيز صاحب الابتسامة التي غابت لكنها ستبقى في أذهاننا لن ننساها.

قد يعجبك ايضا