الدراسة قدَّمت حلولاً ومعالجات ورؤية قرآنية عن التنمية والاقتصاد بوعي وحكمة ومسؤولية وفق ما تحتاج إليه الأمة

جديد مركز الشهيد الصماد…« التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني»

 

الكتاب يمثِّل منهجية اقتصادية قرآنية شاملة

في ظلِّ الهيمنة الاقتصادية على الأُمَّة العربية، والإسلامية، من قبل دول الاستكبار بقيادة “أمريكا”، وما يتعرض له الشعب اليمني من عدوانٍ ظالمٍ، وحصارٍ اقتصاديٍ جائر، كان من الضروري جداً بيان وتوضيح الرؤية الاقتصادية التي يُقدمها المشروع القرآني، لاسيَّما وأن الشعوب العربية والإسلامية عامة والشعب اليمني خاصة، في أمسّ الحاجة للوعي والبصيرة في مُختلف الجوانب، وخصوصاً الجانب الاقتصادي الذي يرتبط بعزة الأُمَّة وقوتها، صدر حديثاً عن مركز الشهيد الصماد للدراسات والبحوث كتاب “التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني” للباحث أحمد عبدالله يحيى الديلمي، قراءة أولية لدروس من هدي القرآن الكريم للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه”، ويقع الكتاب في (370) صفحة من القطع المتوسط.
وتعد هذه الدراسة، أول دراسة علمية تتناول قضية التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني الذي يُقدِّمه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” الذي كان يصّب جُلّ اهتمامه على الجانب الاقتصادي الذي يرتبط بعزة الأُمَّة وقوتها، ويمتلك قدرةً كبيرةً على استقراء الأحداث وتشخيص أسبابها من منظور قرآني، واستطاع أن يُقدم الرؤية الاقتصادية الواسعة التي تتضمن التشخيص الدقيق لما تعانيه هذه الأُمَّة من الناحية الاقتصادية من انحطاطٍ وهوانٍ وتخلفٍ وتبعِّيةٍ جعلتها أسيرة لهيمنة دول الغرب الاستعمارية، ويُقدم في الوقت نفسه الحلول والمعالجات الناجعة والعملية الكفيلة ببناء الأُمَّة البناء القوي في المجال الاقتصادي، والتي يجب أن تقوم بها الأُمَّة للخروج من واقعها السيئ والمزري.
الثورة/ أمين النهمي

أهميَّة المشروع القرآني
وتبرز أهميَّة المشروع القرآني في أنه يُعيد الأمل للأُمَّة العربية والإسلامية بأنه بإمكانها الخروج من بوتقة التبعِّية والهيمنة الاقتصادية التي تفرضها دول الغرب الاستعمارية، وعلى رأسها أمريكا، وتحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية والمنشودة في جميع المجالات، إذ تتجلى المنهجية العملية في المشروع القرآني في منظومةٍ متكاملةٍ من الأُسّس الرئيسية والخطوات العملية والمتطلبات الضرورية الكفيلة بتحقيق التنمية الاقتصادية في شتى المجالات.

تحليل المحتوى
وكما يشير الباحث الديلمي فإن هذه الدراسة تؤسس أطروحتها بدراسة التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني، في ضوء ما يُقدمه الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه”، وكذلك السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”، حيث اعتمدت الدراسة على منهج تحليل المحتوى كأداة بالغة الأهمَّية في بيان وتوضيح مفهوم التنمية الاقتصادية للأُمَّة العربية والإسلامية.

الأسس الرئيسية للتنمية
تناولت هذه الدراسة التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني ضمن أربعة مباحث، تطرق المبحث الأول إلى المفهوم والأسس الرئيسة لتحقيق التنمية الاقتصادية من خلال تعريف مفهوم التنمية الاقتصادية ومجالات بناء الأمة القوية في الجانب الاقتصادي التي تطرق لها الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي، بالقول: “عندما نتصوَّر مثلا أمة قوية، ما كلمة أمة تعني حاجة واحدة، تتصوَّر قوة واحدة، أليست هكذا؟ تنزل إلى تفاصيل القوى، تقول: يجب أن تكون هناك زراعة، يكون هناك تعليم، تكون هناك صناعة، تكون هناك مراكز علمية، ومراكز أبحاث”.
كما استعرض الباحث الأسس الرئيسية التي يمكن للأمة من خلالها أن تحقق التنمية الاقتصادية في مختلف المجالات، من خلال ما يلي:
أ- التمسك بالقرآن الكريم لما يمثله من منهج إلهي للهداية والتقدم، وبما يقدمه من تقييم دقيق ورؤى مستقيمة.
ب- وجود قيادة تهتم ببناء الأمة.
ج- تبني الأمة المسؤولية الدينية في الصراع مع الأعداء، وذلك من خلال رفع شعار السخط، لما يمثله من عامل مهم في بناء الأمة، حيث يشير الشهيد القائد إلى أبرز المسؤوليات الواجبة على الأمة، ويبين أنه في سبيل أداء مسؤوليتها التي أوجبها الله عز وجل في كتابه الكريم، لا بد أن تعلن الأمة عن وحدة كلمتها في مواجهة أعداء الله (اليهود والنصارى)، وحينها سيبدأ الله عز وجل برحمته لها، وكذلك المقاطعة الاقتصادية وأثرها في تحقيق التنمية الاقتصادية.
فيما تناول المبحث الثاني تحويل التحدِّيات إلى فرص، وبيان أبرز تجارب الشعوب المُختلفة في تحقيق التنمية الاقتصادية، أما المبحث الثالث فقد تناول فيه موضوع التنمية الزراعية، وأهميتها، ومتطلبات تحقيقها، وكذلك المسؤوليات العامة لتحقيقها، في حين تناول المبحث الرابع التنمية العلمية والمعرفية، وتوضيح تشخيص واقع الأُمَّة من الناحية العلمية، والمعرفية، وبيان أبرز أُسّس التنمية العلمية والمعرفية في المشروع القرآني.

وعي اقتصادي قرآني
وبحسب ما أشار إليه باحثون في المشروع القرآني، فإن كتاب (التنمية الاقتصادية في المشروع القرآني) يعتبر خطوة إيجابية بل أساسية ومهمة في غاية الأهمية لما يشتمل عليه من وعي اقتصادي وأعظم وأرقى ما في هذا الكتاب انه قدم الاقتصاد بطريقة قرآنية إيمانية مستوحاة من آيات القرآن الكريم ومن هدي القرآن وفق ما تحدث عنه مؤسس المسيرة القرآنية الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رحمة الله وسلامه عليه.

منهجية اقتصادية إسلامية
ولفتوا إلى أن هذا الكتاب يحوي في مضمونه الكثير من الكلام المهم عن الاقتصاد والتنمية وهو يمثل منهجية اقتصادية إسلامية لم يستثن أي جانب من جوانب الاقتصاد إلا وتحدث عنه بدءاً من مفهوم التنمية ثم الاستيراد والتصدير والصناعة والمنتجات والاستهلاك والإنتاج والزراعة بمختلف أنواعها الحبوب والفواكه والقروض والرأسمالية وغير ذلك مما يتعلق بالتنمية والاقتصاد وأعظم ما في الأمر أنه قدم بطريقة قرآنية ومقتبس من هدي القرآن من دروس ومحاضرات الشهيد القائد والسيد القائد عليهم السلام.

حلول ومعالجات شاملة
ولعل أهم ما ينبغي الإشارة إليه، هو أن هذه الدراسة قدمت حلولاً ومعالجات ورؤية قرآنية شاملة عن التنمية والاقتصاد بوعي وحكمة ومسؤولية وفق ما تحتاج إليه الأمة خصوصا أننا في حالة صراع مع أعداء الإسلام والمسلمين في شتى المجالات وخصوصاً المجال الاقتصادي الذي يعتبر من أهم المجالات بل يمثل ركيزة أساسية للنهوض بالأمة لكي تكون قادرة على مواجهة أعدائها والتصدي لهم وهذا مرهون بالتنمية الاقتصادية والزراعة والصناعة.

أهم مطلب عربي وإسلامي
وتشير مقدمة مركز الشهيد الصماد للدراسات والبحوث، للأستاذ فاضل محسن الشرقي، في تقديمه لهذه الدراسة إلى أن تحقيق التنمية الاقتصادية يعتبر أهم مطلب يواجه الدول العربية والإسلامية ومجتمعاتها، هذه الدول المُتخمة بالثروات التي ابتليت بإدارة سياسية فاشلة وعقيمة، تتوارث وتورث التخلف جيلاً بعد جيل، ويتدنى أداؤها التنموي يوماً بعد آخر كل ما تقدم بنا الزمن والمعرفة والحضارة إلى الأمام، وتنامت قدرات التطور والتكنولوجيا والبحث العلمي، في مقابل التخلف والانحطاط العربي والإسلامي للأسف الشديد، ونظرة عابرة لنظام ومناهج التربية والتعليم في الوطن العربي كفيلة بإحداث صدمة مروعة، حتى تلك التي تدرَّس في المستويات الأكاديمية العليا ليست أكثر من مُجرَّد نسخ لصق دون إجراء أي تعديلات وتحديثات تقود إلى التطور العلمي والحضاري، وتحقق النمو والتنمية والنهضة الشاملة، بحيوية وديناميكية، وفي المقدمة التنمية الاقتصادية في الجانب الزراعي والصناعي، لكسر الحلقة المُفرغة للفقر التي ندور في فلكها من عامٍ لآخر.

الشرارة الأولى لتحقيق التنمية
ويضيف الشرقي بالقول: يعتبر الإنسان مصدر التنمية ومحور ارتكازها واهتمامها وفي المقدمة التنمية الزراعية التي حاجتنا لها اليوم أهم من حاجة المصلي للماء، كما قال الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي “رضوان الله عليه” والتي يجمع كل الخبراء والمختصين على أنها الشرارة الأولى لتحقيق التنمية الاقتصادية والصناعية، حيث تسهم إسهاماً بارزاً في تحقيقها من خلال توفير الاحتياجات الأساسية القومية للتصدير، والتصنيع، والاستهلاك، ورأس المال، والعمالة…..إلخ، وتحقيق النمو المُتسارع الذي تحققه النظرية الاقتصادية – نظرية النمو المتوازن – التي تقوم على أساس كسر نظرية “الحلقة المفرغة للفقر”، من خلال توسيع حجم السوق، وخلق جبهة طويلة وعريضة من الاستثمارات الاستهلاكية، وتطوير جميع القطاعات في آنٍ واحد، مع تحقيق التوازن بين القطاع الصناعي والقطاع الزراعي، حتى لا يمثل تخلف أحدهما عقبة أمام الآخر، ولتحقيق التوازن بين جهتي العرض والطلب، وذلك باعتماد استراتيجية الربط بين التنمية الزراعية والتنمية الاقتصادية، فالقطاع الصناعي يلبي حاجات القطاع الزراعي من مستلزمات الإنتاج المختلفة، وكذلك يمثل سوقاً لاستيعاب مُنتجَات الزراعة، كما أن القطاع الزراعي يوفر الغذاء ومستلزمات الإنتاج الصناعي، وكل واحد منهما يخدم الآخر وﻻ يستغني عنه، وبالتالي فإن أي تطور في القطاع الزراعي ﻻ بُد أن يُصحبه تطور مُماثل في القطاع الصناعي، والعكس صحيح؛ ﻷن تطوير الصناعة دون تطوير الزراعة يؤدي بالصناعة للاصطدام بعقباتٍ ومشاكل كبيرة، وفي نفس الوقت تطوير الزراعة دون تطوير الصناعة ﻻ يخدم عملية التطور في الزراعة التي قد تصطدم هي أيضاً بعقبات ومشاكل مُشابهة، لهذا فإن العلاقة المُتشابكة والوثيقة فيما بين القطاعين تستدعي اتباع استراتيجية الربط فيما بين الصناعة والزراعة لتأمين نجاحهما معا، وتحقيق التنمية الاقتصادية التي أساسها الإنتاج وليس الاستيراد.

التنمية الزراعية
لقد أثبتت تجارب العديد من البلدان التي تقدم جزءاً منها هذه الدراسة أن للزراعة دوراً مهماً في تحقيق التنمية الاقتصادية بشكلٍ عام، والتنمية الصناعية بشكلٍ خاص، وتكمن مساهمة الزراعة في التنمية الاقتصادية من خلال الاستراتيجية المعتمدة على الزراعة- كما يقول الخبراء والمختصون_ في توفير كميات أكبر من المواد الغذائية للسكان، والمساهمة في زيادة الطلب على السلع المُصنَّعة، وتوفير النقد الأجنبي لاستيراد السلع الرأسمالية، وتوفير الموارد المالية لخزينة الدولة، وتوفير العمالة للقطاع الصناعي، وكذا تمويل التنمية الصناعية، وتجهيز المواد الأولية للقطاع الصناعي.
ويضيف الشرقي: من هنا تبرز ضرورة الاهتمام بتحقيق التنمية الشاملة من منظور التنمية الشاملة نفسها، ومتطلبات وضرورة الواقع نفسه، مع الحذر كل الحذر من كل عوامل الانهيار والتدهور الاقتصادي وفي مقدمتها “الربا” الذي أولاه الإسلام اهتماماً خاصاً لما له من تأثيرات وتداعيات سلبية على التنمية الاقتصادية، وأهملته كل الدراسات والمناهج التخصصية الاقتصادية، بسبب اعتمادها على النظريات والرؤى الغربية، ومن هذا المنطلق تأتي هذه الدراسة التي تبحث الرؤية القرآنية التي تبناها الإسلام، وقدمها الشهيد القائد السيد/ حسين بدرالدين الحوثي “رضوان الله عليه” وأخوه السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي “حفظه الله” في الدروس والمحاضرات والخطابات.
ويختم بالقول: إن مركز الشهيد الصماد للدراسات والبحوث يعتز بتقديم هذه الدراسة المُهمة، ويدعو لبذل المزيد من الجهود لتقديم الرؤية القرآنية والنظريات الإسلامية، ويدعو الحكومات أولاً والمجتمعات ثانياً للتفاعل الجاد والمسؤول مع هذه القضية الأساسية، خاصة في ظروف الصراع الكبير مع الغرب والأمريكيين والصهاينة، لتحقيق مقومات الصمود والاقتدار، وخدمة المجتمع وسعادته وأمنه واستقراره وحياته الكريمة.
الجدير ذكره أن الباحث الديلمي، من الباحثين المهتمين بدراسة المشروع القرآني، وله دراسات سابقة ومنشورة في هذا المجال، منها كتاب” الهيمنة الاقتصادية بعباءة التنمية”، ودراسات وأبحاث أخرى تحت الطبع.

قد يعجبك ايضا