نقله اليمنيون إلى مجتمعات أخرى

“الشفوت”.. الحضور الرمضاني الدائم

 

 

تضم المائدة الإفطار اليمنية في رمضان عادة صنوفا مختلفة من الأطعمة، لكنها لا تستغني عن “الشفوت”.
“الشفوت” وجبة قوامها “اللحوح” واللبن.. واللحوح خبز طري لين يصنع من دقيق القمح أو الذرة.
وتعتبر وجبة الشفوت إحدى أهم الأكلات الرمضانية المعروفة لدى الشعب اليمني تتواجد على المائدة لدى معظم الأسر من كافة المستويات.
وتعتبر مادة الشّفوت وجبة غذائية شهية تتقدم المائدة اليمنية في شهر رمضان بوجه عام، إذ يتم تناولها مباشرة بعد إفطار الصائمين بالتمر.
والشّفوت، على الرغم من أنه يُصنف اليوم وجبة غذائية شعبية، إلاّ أنه راكم حضوره في المائدة اليمنية عبر الزمن كوجبة مميزة، وتتطلب استعدادات خاصة وقيمة مضافة بالنظر إلى وسائل إعداده والمواد المضافة إليه، مما يجعل منه وجبة غذائية متكاملة من حيث القيمة الغذائية والصحية، ووجبة أثيرة كذلك لدى الأسرة اليمنية على تعدد مستوياتها الاقتصادية.
وللحصول على وجبة الشَّفوت الغذائية الشهية، يتم وضع اللّحُوح في إناء ثم يُضاف إليه اللبن منزوع الدسم، الذي يُطلق عليه اليمنيون اسم “الحقين”، مخلوطا بمزيج سائل من الخضار الحارة، التي تشمل الفلفل الحار، والثوم، والكزبرة، والكرنب، والنعناع، ثم تقدم هذه الخلطة إلى المائدة مقرونةً بأنواعٍ أخرى من الخضار، منها الفجل، والكراث، والبصل الأخضر.
وهناك تغير طرأ على أسلوب تحضير الشَّفوت في الوقت الحاضر، ففي حين كان يُحضَر بطريقة الهرس مع المكونات الأخرى الأساسية، أصبح اليوم يقدم بشكل يومي تقريبا، ولكن بصفته (سلطة الشّفوت) التي تفتح شهية اليمنيين في المناسبات والولائم .
عادات وميزات متنوعة
والشفوت بصيغته الجديدة يتم تحضيره بوضع رقائق اللحوح فوق بعضها، بحيث لا تزيد عن اثنتين، في صحن دائري عريض، ثم تضاف إليها بقية المكونات المعروفة وترتبط برقائق اللحوح بصفتها المكون الأساسي لوجبة الشّفوت عادات وميزات متنوعة على مستوى المناطق اليمنية.
وعُرفت مناطق بعينها بكونها منتجاً أساسياً لرقائق اللحوح على الرغم من أن معظم المحافظات الغربية والوسطى، تتقاسم الاهتمام باللحوح وتعتني بوجبة الشّفوت التي تُحضَّر منها.
ولا تزال المرأة اليمنية، تحرص على إعداد اللحوح من الذرة اليمنية في حين طرأ تغير على مكونات هذا النوع من رقائق الخبز في مناطق أخرى وخصوصاً في المدن حيث يتم استهلاكه على نطاق واسع.
ومن أبرز مظاهر التغير الذي طرأ على النوع من رقائق الخبز (اللحوح) إعداده من دقيق القمح وإنتاجه كرقائق أكثر سماكة واستخدام أدوات غير تقليدية في إعداده.
كما تحرص معظم النساء في الريف اليمني على استخدام أداة دائرية مصنوعة من الخزف، تعرف بـ”الملحّة” في تحضير وإنضاج اللحوح وتعتمد السيدات في المدن على (الصاجات) المصنوعة من المعدن، وخصوصا التي تتميز بخاصية عدم الالتصاق كبديل للملحَّة.
قاسم غذائي مشترك
ويكتسب اللَّحُوح بعده التاريخي، من كونه شكل عبر قرون من الزمن قاسما غذائيا مشتركا مع مجتمعات أخرى وخصوصا في القرن الإفريقي، بما يعكس تأثير اليمنيين على هذا الجزء من العالم، ويؤكد أصالة هذا النوع من رقائق الخبز، وحضوره المبكر في مائدة اليمنيين.
ويتصدر اللحوح المائدة لدى معظم سكان إثيوبيا وإريتريا، ويعرف باسم “الأنجيرا” لكنه لا يقترن بالشفوت بقدر ما يقترن بوجبة الزّجني، وهي وجبة تختلف في أسلوب تحضيرها، حيث تشكل خليطاً من إدام اللحم الممزوج بالبهارات، والخضار الحارة، ويتم تحضيره على النار لفترة طويلة.
وامتد هذا التأثير إلى السودان أيضا، حيث يُحضر هذا النوع من الخبز بقوة في المائدة السودانية، ويعرف بـ”الكسرة”.

قد يعجبك ايضا