ارتفاع معدل الإصابة بأمراض القلب في اليمن.. لماذا¿!



د/الحكيمي:
65% من مرضى السكري يموتون بالسكتة القلبية

د/المترب:
اليمن تشكل أعلى معدل لأمراض القلب بدول المنطقة
د/الحوثي:
لا بد من إشراف حكومي على إعلانات الزيوت للتأكد من خلوها من مادة الكوليسترول

د/ الأديمي:
هناك نوعان من أمراض القلب في اليمن» الحمى الروماتزمية« لصغار السن والذبحة القلبية والدماغية للكبار

تعد أمراض القلب من الأمراض العصرية الفتاكة التي تحصد أرواح ملايين البشر سنوياٍ وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية أن معدل الوفيات السنوي بأمراض القلب قدرت بـ 3 ملايين و300 ألف حالة وفاة منها “80%” في الدول النامية ومنها بلادنا على الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد الوفيات بهذا الداء في بلادنا إلا أن ممثل المؤسسة العالمية لقلب الأطفال في اليمن أشار إلى وفاة 300 طفل يمني سنوياٍ بأمراض القلب الخلقية و5000 طفل بسبب أمراض القلب المكتسبة مرجعاٍ ذلك إلى غياب مراكز القلب الكافية وقلة الكوادر المتخصصة.
وعلى الرغم من وجود مركز القلب بمستشفى الثورة بصنعاء الذي تقدر سعته السريرية بـ130 سريراٍ وإجراء ما بين 1000 – 2000 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة بالإضافة إلى سفر عشرات الآلاف لإجراء عمليات في الخارج الأمر الذي يتطلب وجود عشرات المراكز المتخصصة بعواصم المحافظات لمواجهة أمراض القلب المتزايدة.. ولمعرفة المزيد عن أنواع امراض القلب وأسبابها نستعرضها في سياق التحقيق التالي:
في البداية يحدثنا الدكتور سمير الحكيمي استشاري أمراض القلب عن علاقة الداء السكري بأمراض القلب قائلاٍ: تشير الاحصائيات إلى أن أمراض القلب والسكتة القلبية هي السبب الأول للوفاة والإعاقة ضمن المرضى المصابين بالسكري وأن نحو “%65” من المصابين بالسكري قد يتوفون بأمراض القلب والسكته وخصوصاٍ الأشخاص البالغين من المصابين بالسكري يكونون عرضة للاصابة بأمراض القلب والسكتة أكثر من غير المصابين بهذا الداء بحوالي “3-2” أضعاف.
نسبة الدهون
وبالتالي فإن السكري يعتبر أحد العوامل الستة الأكثر خطورة المسببة لأمراض القلب نظراٍ لتعرض المصابين بهذا الداء بأمراض الجهاز الدوري على الرغم من معالجتهم والتحكم في مستوى الجلكوز في الدم لوجدنا أنه غالباٍ ما يكون السكري مصاحباٍ بواحد أو أكثر من حالات أمراض القلب وهي مستوى الكوليسترول والدهون الثلاثية غير الصحيحة تكون نسبة الكوليسترول المفيدة “HDL” قليلة والضارة ” LDL” مرتفعة بالإضافة إلى زيادة بنسبة الدهون الثلاثية هذا الاختلاف يوضع الدهون بالجسم يحدث لدى المعرضين للإصابة بأمراض القلب المزمنة ولهذا فإن انتظام نسبة الكوليسترول والدهون في النظام الغذائي وتجنب الزيوت الحيوانية والاعتماد على النباتية كزيت الزيتون بالإضافة إلى استخدام العقاقير المنظمة لنسبة الكوليسترول والدهون في الدم.
ضغط انبساطي
ويضيف الدكتور الحكيمي: لدينا إشكالية كبيرة وهي عدم التزام مرض السكري بالمحافظة على المستويات الصحيحة للسكر وعدم استخدام الأدوية الضابطة والمنظمة للسكر ومراقبة السكر التراكمي كل ثلاثة أشهر وعدم الالتزام بالنمط الغذائي المساعد على تخفيف الوزن والذي بدوره يؤدي إلى تقليل من الإصابة بأمراض القلب ويزيد من قابلية الخلايا للانسولين وكما أثبتت الدراسات أن هناك ارتباطاٍ وثيقاٍ بين ارتفاع ضغط الدم ومقاومة الخلايا للأنسولين فعندما يكون السكري مرتبطاٍ بارتفاع ضغط الدم تتضاعف خطورة الإصابة بأمراض القلب والجهاز الدوري ولهذا يجب أن نحافظ على ضغط انبساطي أقل من 80 وانقباضي أقل من 120 .
متابعة دورية
ويرى الدكتور أن التدخين يشكل خطورة كبيرة للإصابة بأمراض القلب والسكتة القلبية والدماغية سواء عند المصابين بداء السكري أو غيرهم وينصح بالاقلاع عن التدخين والعمل على ممارسة التمارين الرياضية بغرض تخفيف الوزن ومقاومة خلايا الجسم للأنسولين كما ينصح مرضى السكري بضرورة المتابعة الدورية لتلك العوامل مع أحد أفراد القطاع الطبي المختص للتحكم بها والتقليل من مخاطرها.
انسدادات الشرايين
وعن آثار زيوت الطبخ في تزايد حالات أمراض القلب يحدثنا الدكتور محمد علي الحوثي استشاري أمراض باطنية وقلب قائلاٍ: الدهون تعتبر نوعين في الجسم الدهون الثلاثية التي تترسب داخل الشرايين الحاجبية لشرايين القلب وخصوصاٍ وأن معظم الدهون المستوردة حيوانية وغير معروف مصادرها وأما الزيوت الطبيعية فهي قليلة ولكن يتم استهلاكها بكميات كبيرة الأمر الذي يتسبب في ترسبات وانسدادات داخل الشرايين.
صعب احتراقها
وبالتالي نلاحظ بأن السبب الرئيسي للجلطات الدماغية أو القلبية هي عبارة عن انسدادات نسبها مادة الـ”تراي حلسترايد” « T6» والمعروفة بالدهون الثلاثية وهي مادة غير معروفة لدى عامة الناس ونوع من أنواع الدهون المشبعة وأكثر خطورة من مادة الكوليسترول التي تزيد داخل الجسم نتيجة استهلاك الزيوت الحيوانية واللحوم والتي يصعب احتراقها داخل الجسم مما تسبب ترسبات داخل الشرايين.
ضربات القلب
ولهذا أعتقد بأن عدم إشراف وزارتي الصحة والصناعة والتجارة على إعلانات الزيوت من قبل المصنعين والمستوردين بأنها خالية من مادة الكوليسترول سيزيد من تفاقم أمراض القلب كون أصحاب الإعلانات يروجون لتسويق منتجاتهم ولا يكترثون لصحة المستهلك كما أننا نفتقر إلى وجود برامج وطنية شاملة لحصر هذه الأنواع من الأمراض تصلب الشرايين والضغط والداء السكري أنواعها وعددها وبالتالي نجهل معرفة أسبابها الأمر الذي يجعلنا غير قادرين على الوقاية منها خصوصاٍ وأن لدينا مشكلة تعاطي القات والذي يزيد من ضربات القلب عند المرضى بالإضافة إلى ما يحتويه من السموم الناتجة عن الاستخدام العشوائي للمبيدات.
جلطة دماغية
ويضيف الدكتور محمد: نحن أصحاب مقولة الوقاية «خير من العلاج» إلا أننا لا نعمل بهذه المقولة ولا يؤمن الكثير من الناس بضرورة إجراء فحوصات دورية التي بدورها تساعدنا على إظهار الأمراض بمراحلها الأولى وإعطائها جرعات تحد من تطور المرض وعلى سبيل المثال إذا عرفنا بداية ارتفاع الدهون لدى المريض نستطيع إيقافه قبل وصوله إلى مرحلة الجلطة الدماغية أو القلبية أو انسداد الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
التهاب اللوزتين
أما الدكتور أحمد الأديمي رئىس جمعية القلب اليمنية فيقول: هناك العديد من الأسباب لانتشار أمراض القلب في بلادنا وأهمها الحمى الروماتزمية أو الرثوية وتبدأ في سن الطفولة ما بين الخامسة والخامسة عشرة وتأتي نتيجة بالتهاب اللوزتين وعدم وجود جهة معنية للبحث عن المصابين بالتهاب الحلق واللوزتين في سن مبكرة للوقاية من هذا الداء الذي يؤثر تدريجياٍ على صمامات القلب عندما يتقدم الشخص بالعمر.
سميات عالية
كما انتشرت مؤخراٍ أمراض الذبحة الدماغية والقلبية وتصلب الشرايين للقلب وتعددت أسبابها منها أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة وسوء التغذية واستخدام الوجبات السريعة المشبعة بالدهون وأكل اللحوم بإفراط وخاصة اللحوم الحمراء الغنية بالدهون التي تضيق الشرايين التاجية للقلب تصل إلى جلطات متفاوتة قوية وخفيفة.
المشكلة الثانية في زيادة انتشار أمراض القلب في اليمن هي التضخم واعتلال عضلات القلب وذلك وفقا لدراسة حديثة وأبحاث طبية لبعض الزملاء أثبتت أن مسألة تعاطي القات سبب رئيسي في تزايد حالات التضخم واعتلالات عضلات القلب وخصوصا تلك التي تحتوي على سميات عالية من المبيدات المستخدمة التي تعتبر سبباٍ رئيسياٍ في اعتلالات عضلات القلب.
جهود فريدة
ومع ذلك فهذه مجرد مجهودات فردية لمجموعة من الباحثين ولا توجد احصائية دقيقة ورسمية عن أمراض القلب ما عدا بعض الأبحاث التي قدمت من قبل مجموعة من دول مجلس التعاون الخليجي حول أسباب الحمى الروماتزمية وذلك بالتنسيق مع الجانب اليمني والتي عرفت بالدراسة اليمنية الخليجية والتي حددت نسبة الاصابة بجلطات القلب الحادة في اليمن ما بين (%30-17) معظم صغار السن فيما معدل الاصابة بالحمى الروماتزمية بنحو (%30-20) من اجمالي عدد السكان في اليمن وهي نسبة عالية جدا وتستدعي الوقوف الجاد لمعالجتنا والوقاية منها عبر رفع مستوى الوعي الصحي بين أوساط السكان بضرورة إجراء فحوصات دورية علما بأن هذا الرقم ليس حقيقياٍ وقد يكون أكبر من ذلك بكثير فيما لو وجدت دراسة وطنية دقيقة لهذه الأمراض العصرية.
جمعية القلب اليمنية
وفيما يتعلق بدور جمعية القلب اليمنية فقد عملت على حصر الكوادر المؤهلة في مجال أمراض وجراحة القلب منذ تأسيسها سنة 1995م حتى العام 2002م ثم توقفت لأسباب عديدة وعاودت أنشطتها في العام 2012م ويقدر عدد أعضائها ما بين (140-180) طبيبا بعموم محافظات الجمهورية منهم 100 متخصص بجراحة القلب والباقي يعملون بشهادات الزمالة العربية أو البورد العربي كما عقدت الجمعية 4 مؤتمرات وندوات علمية بالاضافة إلى التحضير للمؤتمر اليمني الثامن لأمراض وجراحة القلب المقرر عقده بشهر سبتمبر الجاري.
جراحة القلب
وعن دور وزارة الصحة في مواجهة أمراض القلب يحدثنا الدكتور أحمد لطف المترب مستشار وزير الصحة قائلا: تسعى وزارة الصحة جاهدة لمعالجة هذه الأمراض العصرية التي انتشرت مؤخرا في بلادنا وذلك من خلال بناء المزيد من المنشآت الصحية المجهزة بالعنايات المركزة وبأحدث الأجهزة الخاصة بجراحة القلب والقسطرة ومنها مركز القلب بمستشفى الثورة بصنعاء والذي يجري عمليات القلب المفتوح بمعدل 800-1000 عملية في السنة وأكثر من 2000 عملية قسطرة قلب وتشخيصية وعلاجية.
أعلى معدل
ويضيف المترب: هذه العمليات قليلة جدا مقارنة بالكم الهائل لأعداد المرضى في اليمن بأمراض القلب المختلفة وفقا للدراسات التي أجريت مؤخرا أن بلادنا تشكل أعلى معدل لأمراض القلب مقارنة بدول الخليج واشارت الدراسة إلى أن %97 من الأمراض هم مدخنون و%87 يتعاطون القات ونظرا لزيادة معدلات الاصابة بأمراض القلب المختلفة فإن قيادة وزارة الصحة ممثلة بمعالي الوزير تسعى جاهدة لإنشاء مزيد من مراكز القلب المتخصصة في عواصم المحافظات كون مركز القلب بمستشفى الثورة بصنعاء لا يستطيع استيعاب الحالات الاسعافية للمدنيين ومركز القلب بالمستشفى العسكري التخصصي لمنتسبي القوات المسلحة فقط.
مخطط جاهز
وبالتالي فإن هناك خطة استراتيجية لدى الوزارة لمواجهة هذا الداء العصري يتمثل في إنشاء المركز الوطني للقلب ولدينا المخطط جاهز ويتم حاليا التواصل مع شركة تركية لتنفيذه كما يحتاج إلى تمويل كافُ وقد تم ضم هذا المشروع الاستراتيجي ضمن تمويلات المانحين لليمن ويولي وزير الصحة هذا المشروع اهتماماٍ بالغاٍ كونه سيوفر على البلاد العملات الصعبة من علاج المرضى بالخارج كما سيساعد محدودي الدخل من العلاج بالمركز داخل الوطن وينقذ حياة كثير من المرضى الذين لا يستطيعون الحصول على العلاج أو إجراء العمليات الجراحية المكلفة التي تفوق قدرات عامة الناس المادية.
شريحتان
ويؤكد الدكتور أحمد بأن هناك نوعين من أمراض القلب في اليمن يشمل شريحتين من المجتمع اليمني الأولى هم صغار السن الذين يصابون بمرض القلب الروماتزمية والشريحة الثانية هم اليافعون الذين يتعرضون للجلطات القلبية وهي القاتل الأول للبشر بالاضافة إلى ارتفاع ضغط الدم والسكري والتي لا تظهر في مراحلها الأولى وبالتالي ننصح المرضى من سن الثلاثين وأكثر بضرورة عمل الفحص الدوري ولو في السنة مرة بهدف معرفة اعراض تلك الامراض والعمل على الوقاية منها قبل ان تصل مراحلها الاخيرة لتوفير الجهد والمال على المريض نفسه.

قد يعجبك ايضا