المحافظات الجنوبية بين أجندات الأطماع السعودية الإماراتية وصراع الأدوات

الثورة |

تشهد المحافظات الجنوبية المحتلة تحركات عسكرية غير اعتيادية تشير إلى وجود مخططات سعودية إماراتية لتفجير الأوضاع عسكريا في محافظتي عدن وأبين المحتلتين.
ففي الوقت الذي تقول فيه السعودية إنها ترعى حوارا بين ميليشياتها المتمثلة في قوات هادي ومليشيات الإمارات المتمثلة بما يسمى المجلس الانتقالي – في إطار تنفيذ اتفاق الرياض – تشهد محافظتا أبين وعدن تحركات عسكرية للقوات السعودية التي لم تتوقف منذ عدة أيام من إرسال تعزيزات لقوات هادي ومليشيات الإصلاح المتواجدة بمنطقة شقرة في محافظة أبين، والتي تأتي بالتزامن مع وصول مليشيات من فصيل مختلف قامت السعودية بتدريبها داخل أراضيها وتقوم بنقلها جوا إلى مطار عدن الدولي.
التحركات السعودية واستمرار وصول تعزيزاتها لقوات هادي في أبين قوبلت بتصعيد مماثل من قبل مليشيات الإمارات، في الوقت الذي أعلن فيه المجلس الانتقالي التابع للإمارات عن إحراز تقدم في المفاوضات التي تتم برعاية سعودية بينه وبين قوات هادي.. مشيرا إلى وجود ترتيبات سعودية لتشكيل وفد جنوبي للجلوس على طاولة الحوار الشامل، كما وجه الانتقالي قواته وميليشياته بالاستعداد القتالي الكامل، وتجهيز قوات الطوارئ في قيادة ما يسمى بالأحزمة الأمنية في المحافظات الجنوبية.. محذراً من انقلاب وشيك في العاصمة المؤقتة عدن.
وأفادت وثيقة سرية لمليشيات ما يسمى الحزام الأمني تم تسريبها بوجود معلومات تفيد بتحركات لقوى مسلحة داخل عدن ومن جهة الصبيحة تستعد للانقضاض على مدينة عدن.. داعية إلى مواجهة تحركات قوات هادي صوب مدينة زنجبار، وهو ما تم بالفعل إذ قام الانتقالي بإرسال تعزيزات عسكرية لميليشياته المتواجدة في أبين وتصعيد الأوضاع عسكريا.
ليس هذا وحسب بل إن الوثيقة التي تم من خلالها توجيه القيادات العسكرية بالاستعداد القتالي الكامل واستدعاء الأفراد للعودة إلى المعسكرات والنقاط التابعة لها، وتجهيز قوات الطوارئ لمواجهة كل الاحتمالات وخاصة الخلايا النائمة في عدن والصبيحة، أكدت في مضمونها أن “الانتقالي” سيقدم على تنفيذ حملات اعتقالات واسعة في عدن والصبيحة والعديد من المناطق، وسيقوم باستهداف خصومه ومعارضيه السياسيين والعسكريين بتهمة التخطيط للانقلاب المزعوم.
صراع الأدوات
التحركات العسكرية التي تشهدها محافظتا عدن وأبين تشير إلى وجود سيناريوهات سياسية وعسكرية تم الاتفاق عليها بين السعودية والإمارات تسعيان من خلالها لحفظ ماء الوجه لطرفي الصراع في المحافظات الجنوبية (مليشيات السعودية المتمثلة في قوات هادي ومليشيات المجلس الانتقالي التابع للإمارات) وتمكنهما من إيجاد مبررات تجيز لهما تقبل ما حددته السيناريوهات السعودية الإماراتية من نتائج.
وفي وقت تبدو فيه التحركات العسكرية الميدانية لقوات هادي وقوات الانتقالي في أبين وعدن متناقضة مع ما يتم الإعلان عنه من اتفاقات بين الطرفين يرى مراقبون أن التحركات العسكرية التي تشهدها أبين وبقية المحافظات الجنوبية تتصل اتصالا مباشراً، بل وتعد ترجمة فعلية لما تم وسيتم الاتفاق عليه على طاولة الحوار السعودية الإماراتية.
واعتبروا ما تشهده محافظتا أبين وسقطرى حالياً وما تشهده وستشهده مدينة عدن في الأيام المقبلة أمراً متوقعاً أن يتم القيام به من جميع الأطراف، بما في ذلك السعودية والإمارات، ويكشف عن وجود سيناريوهات متعددة لكنها في النهاية ستسفر عن نتيجة واحدة تصب في مصلحة الرياض وأبو ظبي، وتعزز وجودهما وتمنحهما المشروعية في إدارة المشهد السياسي والعسكري في المحافظات الجنوبية.
في حين تقود السعودية حراكاً عسكرياً تظهر من خلاله دعمها ومساندتها لقوات هادي ما ينذر بمواجهات دموية في أبين وعدن، ويشير إلى وجود نوايا لإزاحة أدوات الإمارات “الانتقالي” من المشهد الجنوبي.. هذا وتقود الإمارات – التي تبدو غائبة في عدن وأبين – حراكاً عسكرياً ناعماً في أرخبيل سقطرى يصب في مصلحة “الانتقالي”، ويحقق أهدافه من خلال استهداف أدوات السعودية “مسؤولي حكومة هادي” الذين يتم تأليب الشارع السقطري ضدهم، وكذلك استهداف قواتها التي تتعرض ألويتها لعمليات تمرد من حين لآخر الأمر الذي يؤكد أن الدولتين “السعودية والإمارات” تمارسان ضغوطات على طرفي النزاع في الجنوب لتمرير مشاريعهما وأجنداتهما الخاصة، وهو ما يعنيهما من كل ما يشهده الجنوب من تناقضات.
من ناحية أخرى وبالعودة لقراءة المشهد العسكري في محافظة أبين والعاصمة المؤقتة عدن يؤكد المراقبون أن التحركات العسكرية التي تقوم بها قوات هادي وما يصلها من تعزيزات عسكرية سعودية، وما يقابلها من تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي، تشير إلى أن الوضع العسكري في طريقه للانفجار وأن معركة – متفق عليها – ستندلع في قادم الأيام، ويتم حالياً تهيئة ميدانها وتوفير أدواتها.
لكن وفي وقت يبدو فيه مثل هذا الطرح بعيدا، فإن مجريات الأحداث والتحركات تؤكد أن المحافظات الجنوبية المحتلة ستشهد الكثير من المعارك والأحداث الدموية؛ ليس لأن أطراف الصراع فشلت في التوصل لاتفاقات عبر الحوار السياسي، وإنما ليتم من خلالها ترجمة ما تم التوصل إليه والخروج بمبررات لما قدمه كل طرف من تنازلات وإقناع مقاتلي الخندقين وأنصارهما بأن ما سيتم التوصل إليه حسمته المعارك وفرضته نتائجها، وفي الأول والأخير تبقى الإمارات مسيطرة باسم الانتقالي وتسيطر السعودية باسم حكومة هادي.

قد يعجبك ايضا