النفط والموقع الجيواستراتيجي في صدارة الأطماع

أمريكا وإسرائيل.. الوجه الآخر لتحالف العدوان

 

 

الموقع الجغرافي المطل على البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب الذي يتمتع به اليمن وتواجد الثروات الطبيعية فيه بكثرة من معادن ونفط وغاز كان حافزاً حقيقياً للقوى الاستعمارية كي تدفع أدواتها في الإقليم إلى تبني هذا العدوان والمغامرة في غزو هذا البلد ومحاولة بسط النفوذ عليه وعلى مقدراته والهيمنة عليه، بمساعدة من بعض أبنائه.

الثورة/ محمد الجبري

الولايات المتحدة أعلنت في بداية العدوان أنها أتت من أجل مساندة حلفائها من الدول الخليجية، ولكن ما أثبتته الأيام لاحقاً وسابقاً خصوصاً أن إعلان الحرب على اليمن كان من الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما يؤكد للعيان ودون أي شك انه قرار أمريكي محض ليس لدول الخليج فيه إلا المساندة المالية كبقرة حلوب تغذي التحالف العربي الذي صنعته أمريكا من أجل الحرب على اليمن وكان ذلك بعد أن شعرت الولايات المتحدة أن مصالحها في اليمن في خطر وبدأت في الانهيار.
فقام الطيران الأمريكي بقصف البنية التحتية لليمن، هذا البلد الفقير الذي تم إفقاره عن قصد قبل الحرب كما استشهد الآلاف من اليمنيين، الكثير منهم من الأطفال والنساء والمدنيين الذين ليس لهم دخل في الصراع القائم وأيضا استهدف هذا الشيطان الأكبر المستشفيات وطواقم الإنقاذ التي كانت تحاول إخراج ضحايا القصف والعدوان وهو ما يؤكد دناءة الغازي وحلفائه فقد استهدف الأعراس والمناسبات والمدارس والشوارع والطرقات والجسور ليعيش الإنسان اليمني تحت وطأة العذاب المرير الذي كان سببه كذباً وزراً، وأن من ينكر ذلك ليس إلا أعمى العين والبصيرة وأصم القلب لا الاذن فقط، ولو حاول هذا الشيطان الخبيث إخفاء مآربه فلن يستطيع، فتاريخه في الصراعات والحروب مليء بالكثير من الجرائم السابقة التي لا يضاهيه أحد في ارتكابها، فقد دمر العراق وسوريا وليبيا واليمن وهو من ساعد الاحتلال الإسرائيلي على التوسع واحتلال الأراضي الفلسطينية، فشاشته الهوليودية التي صنعها لنفسه ليغري بها العالم تارة وليروج بأنه هو الوحيد الإنساني والذي يستحق أن يبقى في القمة لمحافظته على هذا الجانب الذي انعدم في جميع دول العالم وفي اليمن التي شارك في غزوها ونيل الحظ الوافر من غنائم تلك الحروب والنزاعات المفبركة في الغرف المغلقة، كل ذلك يدل على أن يديه أصبحتا ملطختين بالدماء بارزتين لكل من أراد أن يرى ذلك دون تضليل أو تعتيم .
وليدرك الغازي اليوم جيداً أن اليمن بلد عصي لا ينصاع لأحد مهما حاك ضده من مؤامرات فقد كانت اليمن عصية على الغزاة السابقين ولازالت كذلك شامخة، ينبذ أبناؤها كل صور العبودية والتبعية مهما حصل فقد علموا أن العزة لا تكون إلا من الله وحده والانقياد لطاعته لا غير، مهما اتجه العدو لاستخدام جميع وسائله القذرة التي خرجت عن المناهج السوية المتعارف عليها في العالم من مبادئ إنسانية أو دينية أو بشرية.
السيطرة على النفط
إن تمكن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على الجوف زاد من مخاوف دول العدوان حيث أن التقارير تؤكد ما أعلنه خبراء عن تواجد أكبر بئر نفطي في محافظة الجوف في اليمن وحتى في العالم اجمع حيث برزت تلك المخاوف من أن سيطرة حكومة صنعاء عليه يجعل منها قوية أمام كل التحديات ويدحض المقولة التي تقول إن اليمن فقير ويحتاج إلى مساعدات ومعونات وقروض لمعالجة أوضاعه المعيشية المصطنعة أصلاً في السابق.
وبحسب المصادر فقد كشفت دراسات حديثة عن وجود حقول نفطية كبيرة بمحافظة الجوف وقد تصبح اليمن من الدول الكبرى المصدرة للنفط في المنطقة والعالم.
وكانت مصادر حكومية التابعة لحكومة الرياض قد أعلنت في الفترة الماضية عن اكتشاف أربعة آبار نفطية في الحقل 19 وأن الجوف تربض على بحيرة من الغاز، جاء ذلك بناءً على إعلان شركة صافر عن أول اكتشاف غازي بالمحافظة في القطاع الذي يقع بين الجوف ومارب، وأن تلك الثروات الطائلة من النفط والغاز كانت السبب الرئيسي لانطلاق حرب على اليمن.
فبعد ثلاثة أيام من انطلاق العدوان على اليمن -أي يوم الأحد الـ 29 من مارس -قال بوب باير، محلل الشؤون الاستخباراتية لدى شبكة “سي إن إن” والعميل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية، إن الغارات الجوية التي تقودها دول الخليج ضد أنصار الله في اليمن غير فعالة بالقدر المطلوب، وألمح إلى إمكانية أن تضطر أمريكا إلى تنفيذ “خطة كيسنجر” باحتلال منابع النفط بحال امتداد شرارة الحرب للخليج.
واستطرد باير قائلاُ: “هناك خمس أو ست حروب أهلية مندلعة الآن، وبحال امتداد شرارة الأحداث إلى دول الخليج التي تمتلك 60% من احتياطات النفط في العالم فإن الأمور ستنعكس علينا، إلا أن الاحتمالات قائمة بأن نضطر لتطبيق خطة كيسنجر التي تنص على تنفيذ تدخل عسكري لحماية آبار النفط وإنقاذ الاقتصاد العالمي، فمن كان بمقدوره التنبؤ قبل خمسة أعوام بأن الشرق الأوسط سيشهد خمس حروب أهلية كبيرة في وقت واحد”.
إن من استدعى أمريكا لوضع خطة طوارئ ” كيسنجر” لا يمنعها من الاستفادة من الأوضاع الراهنة في اليمن بالسيطرة على منابع النفط اليمنية وهي التي أثبتته الأيام اللاحقة، فتهريب النفط وبيعه في الأسواق السوداء والحصول على الملايين من الدولارات في ظل خنوع وانصياع حكومة فنادق لا حول لها ولا قوة ترضخ للسكوت طمعاً في الاستمرار بالاعتراف بشرعيتها الساقطة من اليوم الأول من العدوان سببا حقيقيا ووجيها بأن يضحي الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي بجنوده في اليمن غير آبه لموت الآلاف من اليمنيين بسبب الجوع يمنع حدوث ما يحلم به الأمريكان في اليمن كالعراق.
ابتزاز الحلفاء
ظلت ولازالت الولايات المتحدة تبتز دول الخليج من أجل أن تدفع لها مقابل حمايتها وقد ظهر ذلك جلياً في بداية تولي محمد بن سلمان منصبه كولي عهد وتم الإنفاق في حينه مئات مليارات التي تم الإعلان عنها وما خفي ربما يكون أعظم ، فالمشاركة كما يقول الأمريكيون في الجانب اللوجيستي في الحرب على اليمن وفي سوريا وفي بعض الملفات الأخرى كان مدفوع الثمن والتي رأت أمريكا الطامع في نيل تلك المبالغ الطائلة خصوصاً أنها عانت من أزمة اقتصادية خانقة في 2009م تحاول واشنطن ألا تعود إليها مرة أخرى مهربا لوضعها الاقتصادي المتردي الذي اعتمد على مص دماء الآخرين.
وكان الموقع البريطاني قد كشف باستخدام بيانات مؤسسة سام، أنَّ الولايات المتحدة وافقت على صفقات أسلحة مع السعودية والإمارات بعد أيام فحسب من ظهور استخدام التحالف قنابل أمريكية لقتل المدنيين في اليمن وأيضاً بعد القتل الوحشي لجمال خاشقجي.
وفي الآونة الأخيرة، في 6 ديسمبر، بعد شهرين من تقطيع جثة خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وافقت إدارة ترامب على صفقة تجارية بأكثر من 195.5 مليون دولار من التحديثات لنظام باتريوت للدفاع الصاروخي الذي تملكه السعودية كصفقة تغلق بها السعودية أخطاءها المرتكبة في قتل الأبرياء واستهداف المدنيين والأهداف العشوائية والتي تنتهزها أمريكا ابتزازا لعقد صفقات حتى لا تظهر للعيان.
وفي 9 أغسطس 2018م، ضربت قنبلة تابعة للتحالف حافلة مدرسية في سوق ضحيان بصعدة كانت تحمل أطفالاً في رحلة مدرسية، استشهد على إثرها 54 شخصاً، من بينهم 44 طفلاً. بعد ذلك بأسبوع، جرى إخطار الكونجرس بصفقة تجارية مع الإمارات بقيمة 344.8 مليون دولار مقابل قطع غيار نظام الدفاع الصاروخي باتريوت لتغطية تلك الجريمة وبالطبع استخدم الامريكان الابتزاز مرة أخرى.
وأوردت شبكة CNN الأمريكية بتاريخ 17 أغسطس من نفس العام إنَّ القنبلة المستخدمة في الهجوم على الحافلة المدرسية من صنع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، أكبر صانع للأسلحة في العالم. وبعد 3 أيام من بث تقرير CNN، أبرمت إدارة ترامب صفقة مع الإمارات بقيمة 14.4 مليون دولار مقابل قطع غيار البنادق وهي تابعة لتلك المعالجات السابقة في تغطية وإخفاء جرائمها.
كما قصف طيارو التحالف الذي تقوده السعودية حفل زفاف شمال غرب العاصمة اليمنية صنعاء بتاريخ 22 إبريل 2018م، ما أسفر عن مقتل 33 شخصاً، بما في ذلك العروس. بعد ذلك بأيام أثبتت بلينق كات أنَّ شركة رايثيون صنعت جزءاً من قنبلة عثر عليها في موقع الهجوم، ووافقت إدارة ترامب على صفقة تجارية مع السعوديين بتاريخ 21 يونيو لبيع بنادق وقاذفات مقابل 2.1 مليون دولار وهنا يؤكد استمرار الاستهداف العشوائي الذي تتبعه صفقات مشبوهة لإسكات الدول العظمى في الابتزاز.
وفي 25 أغسطس ، انفجرت قنبلة موجهة بالليزر في منطقة سكنية في صنعاء وقتلت زوجين و5 من أطفالهما الستة، وانتشرت صورة لبثينة البالغة من العمر 5 سنوات والناجية الوحيدة من الأسرة، التقطت بعد وقت قليل من الهجوم صورة بثينة المتورمة والمكدومة جفونها بعيداً لكي ترى، وأثبتت منظمة العفو الدولية بعد شهر من ذلك أنَّ قطعة من القنبلة التي وجدت وسط الحطام صنعتها شركة رايثيون، بعد ذلك بأسابيع، في 6 أكتوبر ، وافقت الولايات المتحدة على صفقة لإرسال نظام صواريخ ثاد الدفاعية بقيمة 15 مليار دولار إلى الرياض وهو ما يؤكد أن يكن الصفقات لم تكن لتمرر إلا تحت ذرائع أن الرياض لا تمتلك سلاحا جيدا ولا بد من امتلاك أسلحة ذكية لا تخطئ أهدافها.
لقد كان الأمريكيون يبتزون حلفاءهم لشراء المزيد من الأسلحة بعد وقوعهم في الفخ ونجح الأمريكان في ذلك رغم الرفض المجتمعي لبيع واشنطن أسلحة للسعودية تلك ظلت الصفقات متوارية عن الأنظار وما خفي منها كان أعظم ليس حبا في الدفاع عن الحلفاء بقدر ما كان الحصول على المال السعودي أولا وتدمير البلاد وإعادة اليمن تحت الوصاية الأمريكية السعودية .
وفي هذا الجانب فقد كتب دانيل لارسون كبير المحررين في مجلة ” ذا أمريكان كونسرفيتف” مقالا عن ضرورة إنهاء العدوان على اليمن الذي تبدو عواقبه الإنسانية والإستراتيجية هائلة، حيث أشار الكاتب إلى تصريحات نائب وزير الخارجية الأمريكية الأسبق ويليام بيرنز آن ذاك الذي شدد على ضرورة إنهاء العدوان والدعم الأمريكي للتحالف السعودي، كون لدى أمريكا النفوذ لدفع السعوديين وحلفائهم إلى وقف عدوانهم في حال أرادت إدارة ترامب ذلك.
وتابع: “يجب أن تقف هذه الحرب لأن هذا هو الشيء الصحيح الذي ستفعله أمريكا ويصب في صالحها وصالح الشعب اليمني ومن شأنه أن يخرج أمريكا من حرب فظيعة تورطت فيها بشكل غير قانوني منذ خمس سنوات مما دفع البلاد إلى الهاوية”.
وقال لارسون إن تصريحات بيرنز تخلص إلى أنه في اليمن لن يكون هناك انتصار كبير يحفز دبلوماسية ترامب ولكن إنهاء الحرب هو الشيء الصحيح والذكي الذي يتعين على أمريكا والمنطقة القيام به ويجب أن نغتنم هذه الفرصة.
وأضاف: “نعلم جيدًا أن الرئيس ترامب غير مهتم بعمل الشيء الصحيح والذكي وأنه مصمم على عدم إنهاء تورط الولايات المتحدة ويرفض قطع مبيعات الأسلحة وغيرها من المساعدات العسكرية التي تُبقي الحرب مستمرة”.
الأطماع الجيواستراتيجية
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون عن وصول 450 جندياً من قواتها إلى عدن في مهمة أثارت استياءً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية بشأن الدوافع والأهداف لهذا التدفق العسكري الأمريكي إلى عدن بتنسيق مع الإمارات في تشييد البنية التحتية لقواعد استضافة هذه القوات، على امتداد الساحل الجنوبي لليمن وعدد من الجزر اليمنية وهي بذات الأهداف السابقة التي أبرزها الاستعمار البريطاني سابقاً.
وأضاف المصدر إن القوات التي وصلت إلى عدن تأتي ضمن مساع أمريكية لنشر ثلاثة آلاف جندي أمريكي في الجنوب اليمني تحت مزاعم محاربة الإرهاب وهو ما أكده إعلام مليشيات الانتقالي المدعوم إماراتياً.
إن الموقع الاستراتيجي لليمن جعل منه مطمعاً لمعظم الدول الكبرى خصوصاً الدول المشاركة في العدوان على اليمن كالولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات وبريطانيا وغيرها من الدول وهذا ما أكدته الباحثة بشؤون الشرق الأوسط سابقا لدى وزارة الخارجية الأمريكية والمشاركة في تأليف كتاب “رحلة إلى طهران” هيلاري مان لافيريتإن، مشيرة إلى السياسة الخارجية الأمريكية تعاني من سقوط تام في الفترة الراهنة، محذرة من أن تفرض صراعا إقليميا شاملا على خلفية الأوضاع في اليمن، ورأت أن لأمريكا مشكلة مع حلفائها وخصومها في المنطقة، داعية واشنطن للكف عن لعب دور “الاطفائي”.
وقالت لافيريت، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” حول الأوضاع في اليمن: “نحن نتحدث أولا عن صراع داخلي في اليمن، وهي دولة بالغة الأهمية لأمريكا، ليس لأنها غنية بالنفط والغاز، بل بسبب موقعها الجيواستراتيجي، والجدير بالانتباه في هذه الحرب هي أننا قد نكون أمام بداية صراع إقليمي، فالسعودية تتولى قيادة الحلف وقامت بدعوة دول سنية كبيرة أخرى لمشاركتها القتال، مثل مصر والسودان، رغم أن رئيس السودان نفسه كان عرضة لملاحقة دولية”.
“إسرائيل” بديل عن الإمارات!
الضغوط على التحالف الذي تديره السعودية على اليمن من قبل الكونجرس وتوجيه ضغوط على الإمارات أعلنت على إثرها أبوظبي خروجها من التحالف فسعت الرياض لإقحام الاحتلال الإسرائيلي في التحالف العربي كما ادعت حينها، وعلَّق كاتب وصحفي في موقع أثر الإلكتروني رضا توتنجي قائلاً “قد لا يمكن إيجاد أي بديل لـ “إسرائيل” بعد كل تلك التطورات، وذلك لسببين رئيسيين الأول هو أن سلاح الجو “الإسرائيلي” من أكثر أسلحة الجو تطوراً في المنطقة وبإمكانه سد الثغرة التي تركها سلاح الجو الإماراتي، إلا أن الفارق الوحيد هو زيادة المصاريف على السعودية، فـ”إسرائيل” غير مستعدة لدفع دولار واحد من أجل السعودية بل ستأخذ أجور تلك الطلعات الجوية مع أربحاها العسكرية، أما السبب الثاني وفهو أنه بإمكان “إسرائيل” تغيير موقف الكونجرس الأمريكي بشأن الحرب على اليمن كونها “الطفل المدلل” للولايات المتحدة ولديها نفوذ بمراكز القرار في واشنطن، هذا بخصوص الأهداف والمصالح السعودية، أما الهدف “الإسرائيلي” من هذه المشاركة التي قد يعلن عنها في وقت لاحق فهو تعزيز كذبة “العدو الواحد” بين الدول العربية و”إسرائيل” والمتمثل بـ”إيران” العدو اللدود لأمريكا والكيان الإسرائيلي، خصوصاً وأن تلك التطورات تأتي بعد تأجيل الإعلان عن “صفقة القرن” لأكثر من مرة، والتي قد تكون بانتظار إتمام تلك الخطوات لتعزيز “التعاون” العربي –الإسرائيلي على قتل المزيد من أطفال اليمن”.
مزاعم الاحتلال الإسرائيلي
لم يعلن الاحتلال الإسرائيلي مشاركته العلنية مع التحالف العربي ضد العدوان خوفاً على مصالحه الاستراتيجية في البحرين الأحمر والعربي وسفنه البحرية التي تمر من باب المندب ولكن سرعان ما انكشف الغطاء وبدأ الاحتلال الإسرائيلي يظهر مخاوفه من سيطرة أنصار الله على اليمن بشكل كامل وبعودة مخاوفه السابقة من سيطرة اليمن على البحرين الأحمر والعربي وباب المندب والتي أبداها ً لمستعمر اليمن القديم في جنوب اليمن بريطانيا سابقاً حيث كانت بريطانيا تستعد لمغادرة جنوب اليمن، بما في ذلك الجزر المحتلة ومنها ميون وسقطرى وكمران، وسرعان ما تحركت تل أبيب مطالبةً لندن بالإبقاء على احتلالها لجزيرتي ميون وبريم المشرفتين على مضيق باب المندب.. وتذكر مصادر تاريخية أن بريطانيا استجابت للطلب الإسرائيلي الذي قدم مطلع العام 1967م، ورأت الاحتفاظ ببعض قواتها في جزيرة بريم، بحجة حماية عدن من أي احتلال خارجي.. وبحسب المصادر فإن الكيان الصهيوني أبدى خشيته من تعرض الملاحة الإسرائيلية للخطر في حال خروج القوات البريطانية ورحيلها عن جنوب اليمن.
محاولات السيطرة على باب المندب
إن دخول إسرائيل على الخط الساخن بعد الولايات المتحدة في محاولة السيطرة على ممرات البحرين الأحمر والعربي وباب المندب ليس جديداً فيعود التواجد الإسرائيلي في باب المندب إلى ستينيات القرن الماضي، وتحديداً عندما قررت بريطانيا، وعلى وقع ضربات المقاومة وتوسع حجم العمليات الفدائية الرحيل من عدن ومن المحافظات الجنوبية.. قبل ذلك، كانت إسرائيل قد نسجت خيوط العلاقة مع دولة إثيوبيا، واستفادت منها في إيجاد موطئ قدم لها في منطقة جنوب البحر الأحمر عبر استئجار جزر إثيوبية (قبل استقلال إرتيريا بعقود) أعقبته محاولات التمدد والتوسع للسيطرة على مضيق باب المندب.
فاليمن تتمتع بموقع متميز حبتها الطبيعة به منذ عصور سحيقة، وقد تأثر الإنسان اليمني تاريخاً وثقافة ومعيشة بهذا الموقع المعبر عن شخصية الإنسان وعبقرية المكان.
وتمتلك اليمن ساحلًا بحريًّا طويلًا يحتل أجزاء من سواحل ثلاثة مسطّحات مائية هي: البحر الأحمر، وخليج عدن، وبحر العرب؛ حيث يبلغ طول الساحل اليمني على هذه المسطّحات المائية 2500 كيلومتر، وقد أعطى هذا الساحل الطويل لليمن الفرصة لامتلاك الكثير من الجزر والمسطّحات الاستراتيجية، كما أنه أسال لعاب الأنظمة القرصانية لالتهام هذه الوجبة الدسمة والتي منها أمريكا والاحتلال الإسرائيلي .
ففي السابق في القرن الماضي شهدت اليمن في تلك الفترة تحركات للدبلوماسية الغربية، وعلى رأسها البريطانية تحاول تدويل قضية باب المندب، وتضغط في أروقة الأمم المتحدة بتحويل المضيق إلى مضيق دولي ووضعه تحت الإدارة الدولية، وفي تلك الأثناء كانت بريطانيا تتفاوض مع الثوار في جنوب اليمن من أجل ترتيب خروجها من عدن، الأمر الذي دفع اليمن إلى رفض التحركات البريطانية الهادفة إلى وضع المضيق وجزيرة بريم تحت الإدارة الدولية، واعتبرت اليمن الشمالي وقتها أن تلك المحاولات تمثل انتهاكاً صريحاً لمبادئ القانون الدولي وخرقاً لميثاق الأمم المتحدة، وجاء في تصريح الحكومة اليمنية (22 يوليو 1967م) أنها تؤكد للرأي العالم العربي والعالمي أنها ستقاوم بشدة وصلابة كل محاولة تهدف إلى تدويل جزيرة بريم، وتستخدم حقها المطلق في الدفاع الشرعي عن أراضيها وسلامتها من التجزؤ والانتقاص.
وتحركت اليمن وقتها لدى الجامعة العربية مطالبةً بموقف عربي حازم وموحد تجاه ما توارد من معلومات بشأن التواجد العسكري الإسرائيلي في منطقة جنوب البحر الأحمر، بل والتلويح باحتلال جزر يمنية، إلا أن الدول العربية كانت تعيش مرحلة ما بعد نكسة حزيران 1967م، ولم تجد التحركات اليمنية أي تفاعل من قبل الدول العربية.. حينها كانت إسرائيل قد استكملت تواجدها العسكري في جزر إثيوبية (على الضفة الغربية من جنوب البحر الأحمر)، وكانت التقارير الإستخبارية قد وصلت عدداً من الدول العربية حول ذلك التواجد، وقامت بعض الدول كالسودان بنقل تلك المعلومات إلى الجامعة العربية.
لا بد أن يدرك اليمنيون أن الدول لن تقدم مساعدة لأي دولة بدون مقابل وأن من يزعم أنه حريص على اليمن في الحفاظ عليه من حكومة فنادق وشرعية مترامية الأطراف فاشلة في إيجاد أبسط الحقوق لمن هم تحت سيطرتها تؤكد لنا أننا نمضي على الطريق الصحيح .
كيف نرضى بمحتل غاز أخرق عدو خان من استدعاهم أن نثق بهم، لا بد أن ندرك أن التصرف كالسابقين خير لنا من الخوض في ما لا نعرف.. إن رفض أبطالنا من الرجال الثوار على حد سواء في الشمال أو الجنوب في الماضي لأية وصاية دولية في وقت كان فيه اليمن اضعف من اليوم بكثير، هو القرار الصائب ولا بد أن نعرف أن من يوزع التدمير والفشل عدة مرات يجب أن لا نثق به، فالإسرائيليون والأمريكان أعداء لدودون للعرب والمسلمين، فقد دمروا العراق وفلسطين وسوريا وليبيا ويحاولون في اليمن فلا خير فيهم.

قد يعجبك ايضا