مخططات لتمزيق تعز وإقامة دويلة الساحل.. والمخا تحولت إلى منطقة عسكرية مغلقة

مؤامرات لا تنتهي وأطماع تتجاوز الحدود.. المحافظات المحتلة نموذجاً

السعودية والإمارات تتقاسمان السيطرة على المحافظات الجنوبية والشرقية و مايسمى بشرعية الفار هادي توفر الغطاء

شهدت اليمن منذ اندلاع ما يسمى بـ ثورات الربيع العربي الكثير من المتغيرات والأحداث .
ورغم ما كانت تشهده البلاد يدخل في إطار الشأن الداخلي الذي يتوجب على الكيانات السياسية اليمنية التوصل إلى حلول لها, إلا أن التدخلات الخارجية للدول العشر فاقمت الأوضاع وحالت دون التوصل لأي نوع من الحلول, وخاصة بعد ظهور نوايا غير بريئة للوسطاء وفي مقدمتهم السعودية تجلت في توجيه مسار الحلول لخدمة أهداف وأطماع يخفيها الوسطاء ويغلفونها بالكثير من المسميات وتوجيه بعض القوى السياسية لتبنيها والترويج لها كقناعات وخيارات وطنية تصب في مصلحة اليمن أرضا وإنسانا.
عادل العصار

التدخلات الأجنبية في الشأن السياسي اليمني كانت تعد لما بعد فشل الحوار السياسي لذلك لم تتوقف عند فرض أجنداتها على طاولة الحوار وذهبت باليمنيين بعيدا، ولعب الفار هادي والإصلاح دوراً سيئاً من خلال شرعنة التدخل الخارجي والذي بدأ بطلب إدخال اليمن تحت البند السابع والوصاية الدولية, وبهذا الإجراء غير محسوب العواقب تم إدخال اليمن نفقا مظلما منح التدخلات الخارجية المشروعية في التحكم والعبث في الملفات السياسية والحق في التدخل العسكري في اليمن.
مما سبق يمكننا القول إن العدوان الذي شنه ما يسمى بالتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في الـ 26 من مارس 2015م لم يأت نتيجة لما تم الترويج له ولا علاقة له بما شهدته اليمن من أحداث أواخر العام 2014م بقدر ما كان مرتبطا بسيناريوهات ومخططات مسبقة اعدت لما بعد فشل الحوار السياسي وفشل التدخلات السياسية (الوسطاء) من تمرير الأجندات والمخططات التي تستهدف تمزيق اليمن والسيطرة عليه سياسيا واقتصاديا والاستيلاء على أجزاء منه وإلحاقها بدول كالسعودية والإمارات, وأمام مثل هذه الحقائق يمكننا القول إن العدوان والتدخل العسكري الذي شنته قوى العدوان على اليمن واليمنيين قبل خمس سنوات لم يأت لإعادة الشرعية المزعومة وإنما لتحقيق الأهداف والمخططات التي فشلت الشرعية وأدوات دول العدوان من تحقيقها قبل مارس 2015م.. وهو ما سنحاول توضيحه هنا من خلال ما شهدته المحافظات الجنوبية المحتلة من أحداث خلال سنوات العدوان والاحتلال..
اليوم وبعد مرور خمس سنوات على إعلان الرياض وأبوظبي عدوانهما على اليمن تؤكد الأحداث سقوط كل الأقنعة التي حاولت السعودية والإمارات ارتدائها للتغطية على تدخلهما في الشأن اليمني سياسيا وعسكريا وانكشاف السيناريوهات الحقيقية التي تخفي أطماعا وأجندات توسعية، وهي الحقيقة التي تتجلى كل يوم في الممارسات العملية على أرض الواقع للسعودية والإمارات.
وإذا ما وقفنا لقراءة المشهد السياسي والعسكري وما تقوم به السعودية والإمارات من ممارسات فسنجد أن الأيام أماطت اللثام بصورة كبيرة عن مخطط هاتين الدولتين الذي يستهدف فرض السيطرة على اليمن، والانتقال من تقاسم النفوذ في المحافظات الجنوبية المحتلة إلى تقاسم المناطق الغنية بالثروات، من أجل إحكام قبضتهما على مصادر النفط والغاز وغيرهما من الثروات المعدنية، وفي الوقت الذي تتولى الإمارات عمليات الاستيلاء والنهب المنظم في محافظات عدن وشبوة وارخبيل سقطرى، تتولى السعودية أمر محافظات شبوة وحضرموت والمهرة.

أطماع سعودية
الأطماع التوسعية للسعودية في اليمن لم تعد مبنية على الظن والتخمين فقد ظهرت وثيقة مؤخرًا كشفت عن اعتزام الرياض إنشاء ميناء نفطي في محافظة المهرة جنوب شرقي اليمن، حيث أظهرت الوثيقة رسالة موجهة من شركة متخصصة في الأعمال والإنشاءات البحرية إلى السفير السعودي في اليمن، تشكره فيها على ثقته بالشركة وطلبه منها التقدم بعرض فني ومالي لتصميم وتنفيذ ميناء لتصدير النفط في المهرة.
الأحداث التي شهدتها محافظة المهرة والممارسات الميدانية التي تقوم بها السعودية أثبتت وبما لا يدع مجالا للشك أن التواجد العسكري السعودي لم يكن منعًا للتهريب، كما اعتقد البعض بداية الأمر، بل يحمل أجندات توسعية في المحافظة التي لم يكن من الصعب على سكانها قراءة نوايا وأهداف السعودية، الأمر الذي أدى إلى تأجيج مشاعر الاحتقان والغضب لدى سكان المحافظة، ومن هنا كانت الاعتصامات والاحتجاجات التي عمت مختلف المناطق.
نجحت الضغوط الشعبية في بداية الأمر وأبدت السعودية انصياعا لمطالب المعتصمين الرافضة لهيمنة وسيطرة قوات ومليشيات تتبع الرياض على مواقع سيادية في محافظتهم، وتم ابرام اتفاق بين السلطة المحلية بالمهرة والقوات السعودية الذي جاء فيه الموافقة على معالجة القوة الموجودة في منفذ صرفيت الحدودي مع عُمان واستبدالها بقوة من الأمن العام، مع ممارسة السلطة المحلية في المهرة السيادة على منافذها البرية والبحرية والجوية، وعدم السماح لأي قوة لا تخضع لها بالتدخل في الشؤون الداخلية للمحافظة.
كما شمل الاتفاق وضع آلية لاستيراد البضائع والسلع في المنافذ الجمركية وإعادة فتح مطار الغيضة الدولي للطيران المدني، وأن تكون جميع مكونات المطار تحت إشراف وإدارة هيئة الطيران المدني، وتكون البوابات الرئيسية للمطار تحت حراسة الأمن العام (الأمن المركزي).

استخفاف سعودي بأهالي المهرة
لكن وفي الوقت الذي بدا فيه الإتفاق ناجحا إلا انه لم يدم طويلًا خاصة بعد أن أحاطت الكثير من الشكوك بنوايا الرياض التي تعاملت مع الإتفاق باستخفاف ومن ثم قامت بالانقلاب على بنوده والالتفاف عليه حيث أوعزت للفار هادي إصدار حزمة من القرارات التي أقال بموجبها مسؤولين في المهرة ناصروا مطالب المعتصمين، الأمر الذي دفع السعودية لاستغلال القرارات التي وجدت فيها مبررا للتخلي عن الاتفاق المبرم، والتراجع عن تسليم المنافذ والمطارات لقوات الأمن اليمنية حسب ما هو منصوص عليه، ما يعكس إصرار السعودية على تكريس نفوذ عسكري وأمني مستدامين في هذه المحافظة على وجه التحديد.
الكثير من الشكوك أحاطت بنوايا الرياض خلال إبرام الاتفاق مع سكان المهرة، وهو ما يفسر تعاملها باستخفاف بداية الأمر مع الاحتجاجات من جانب وانقلابها سريعًا على بنود الاتفاق والالتفاف عليه من جانب آخر، فالمملكة تحركها مطامع الوصول إلى بحر العرب وتفادي استخدام مضيق هرمز، خاصة في ظل تقارير إعلامية رسمية باتت تتحدث عن القناة المائية التي تربط الخليج ببحر العرب عبر المهرة.

مخططات وأهداف
الأطماع السعودية التي ظلت مختبئة وراء الكثير من العناوين والشعارات الخادعة سرعان ما تكشفت وأمام الحقيقة التي تجلت ودحضت مزاعم الرياض وأثبتت أن التدخل العسكري السعودي في اليمن احتلال تسعى من خلاله للاستيلاء على محافظة المهرة، فمطار الغيضة تحول إلى ما يشبه الثكنة، فضلًا عن إقامة القوات السعودية نقاط تفتيش في المحافظة منذ نهاية العام الماضي، وسيطرتها بسرعة على مفاصل المحافظة، فيما يشير محللون إلى أن نكوص الرياض عن تعهداتها سيوسع الهوة مع سكان المهرة، وقد يفتح باب التصعيد الشعبي ضد الوجود العسكري السعودي.
جدير بالذكر أن طموح السعودية في مد نفوذها على الجزء الشرقي لليمن وبالذات المحافظات التي تحيط بها، يأتي من باب ضمان أمان حدودها وأمنها القومي، وإثبات وجودها وفرض سيطرتها وتثبيت قدمها على الأرض كما صنعت الإمارات في محافظات جنوبية اخرى، وهو ما يعني من جانب آخر تهديدًا لسلطنة عمان التي طالما وجهت اتهامات لجارتيها بالتحرش بها طيلة العقود الماضية، ما قد ينعكس على العلاقات بينهما خلال المرحلة المقبلة.
واليوم ترى السعودية في اليمن الذي مزقته الحرب وهي الطرف الرئيس في عدوانها، فرصة مواتية لإنشاء هذه القناة ومد أنبوب لنقل نفطها عبر الأراضي اليمنية بالقوة، بحجة دعم شرعية هادي ، وهو الهدف الذي زعمت أنها تدخلت من أجله، لكنه تغير تماماً بعد أن كشفت طول مدة الحرب عن الأطماع السعودية والإماراتية في اليمن من خلال السيطرة على الموانئ الاستراتيجية اليمنية ومنابع الثروة النفطية وإبقائها تحت سطرتها عبر قواتها ومليشيا تدعمها.
ويرى مراقبون أن بلوغ السعودية لهذا الهدف لن يتم بوجود جيش يمني موحد تحت قيادة موحدة لذا عملت منذ وقت مبكر وعبر حليفتها الرئيسية الإمارات إلى إنشاء قوات مليشاوية تتحكم الرياض وأبوظبي بتوجهاتها وتحركاتها.

الأطماع السعودية في محافظة المهرة لم تعد مجرد افتراضات
كما عملت الرياض في المقابل مؤخرا على تفتيت ميليشيا الشرعية التي كانت قد شكلتها من قبل, كما قامت بإضعاف القوات التي تتواجد في كل من حضرموت والمهرة لصالح المليشيا المدعومة من الإمارات بتوجيه ورضا السعودية، وكثفت وسائل الإعلام المدعومة من الإمارات والسعودية، من حملتها لتشويه صورة القوات المنتشرة في حضرموت والمهرة واعتبرتها “احتلالا شماليا للجنوب” وتحت هذه الذريعة دفعت السعودية والإمارات بقوات عسكرية كبيرة جردت حتى السلطة المحلية والأمنية من قراراتها في تعيين وعزل أي مسؤول يمني في هاتين المحافظتين اليمنيتين.

احتلال ونهب تحت غطاء المشاريع الإنسانية والإغاثة
تواصل الإمارات والسعودية استخدام غطاء الإغاثة الإنسانية ومشاريع ما يسمى بإعادة الاعمار في ارخبيل سقطرى ومحافظة المهرة من أجل تنفيذ مخططات الهيمنة الاستعمارية على سواحل اليمن الشرقية المطلة على البحر العربي والمحيط الهندي.
وبمراجعة سريعة للأساليب والممارسات التي تتبعها الدولتين المحتلتين استغلالهما للأحداث نجد أن الأعاصير التي تضرب ارخبيل سقطرى وتصل آثارها إلى المهرة بشكل متكرر في السنوات الماضية تقدم خدمة كبيرة لأبوظبي والرياض اللتين تسارعان بعد كل إعصار لتقديم بعض المساعدات للأهالي تحت يافطة الدعم الاغاثي والإنساني والذي تقوم من خلاله بتهريب المزيد من الأسلحة والمرتزقة الأجانب إلى الارخبيل.
تجلت نوايا الإمارات السيئة وأطماعها التوسعية في سقطرى وبدأ تنفيذها على الأرض عقب إعصارين ضربا الجزيرة في أكتوبر 2015، تحت عناوين إنسانية ومن أجل إغاثة السكان, وقد اتخذت دولة الإمارات من الهلال الأحمر ومؤسسة خليفة غطاء لتمددها داخل جزيرة سقطرى والسيطرة عليها وإيجاد نفوذ وسط السكان الفقراء الذين يعتمدون على الصيد وتربية الحيوانات، والقليل من الزراعة.
التوسع والوجود العسكري الإماراتي قابلته تحذيرات تضمنتها تقارير دولية ودراسات من مخطط التغيير الديموغرافي الذي تجريه أبوظبي في سقطرى من خلال تجنيس أغلب سكان الجزيرة ونقل الكثير منهم للعيش في الإمارات وإعادة أبناء الجزيرة المجنسين لإدارتها، ونقل بعض القيادات والجنود الموالين من محافظات جنوبية أخرى للقيام بمهام عسكرية وأمنية فيها.
وتستخدم الإمارات العديد من العناوين والشعارات والوعود الزائفة لتنفيذ أجنداتها في الجزيرة التي تحاول إيهام سكانها خلال عرض مخططات للمشاريع الخدمية والاستثمارية التي ستقوم بتنفيذها وتدعي أنها ستغير معالم الجزيرة وتحولها إلى قبلة العالم السياحية والاقتصادية أو(هونج كونج) أخرى لكسب تعاطف الفقراء من أبناء المحافظات الجنوبية.
بعد أن توقفت الأعاصير بأشهر قليلة على سقطرى عرف أبناء سقطرى مخطط بن زايد الرامي إلى احتلال جزيرتهم فخرجوا في مظاهرات حاشدة أكدوا من خلالها وقوفهم ضد مشاريع جر أبناء المجتمع والقبائل إلى الاقتتال الداخلي وترك الإمارات لبسط نفوذها على الجزيرة المطلة على المحيط الهندي, وابتداء من العام 2018 شهدت جزيرة سقطرى حراكا سياسيا وشعبيا رافضا للمخططات والتواجد الإماراتي في الجزيرة، وهو الحراك الذي كشف وجه الإمارات القبيح المتستر بالغطاء الإنساني لأبناء سقطرى الذين أجمعوا على دعم مشروع الدولة والحفاظ على وحدة الصف السقطري ونسيجه الاجتماعي.
لكن ورغم حالة الرفض الشعبي للوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى إلا إن الإمارات عادت من جديد لاستخدام غطاء.
الإغاثة الإنسانية لتمرير مشاريعها التخريبية عقب تعرض الجزيرة لأضرار كبيرة بسبب العاصفة المدارية بافان التي ضربت سقطرى.
وتطلق الإمارات حملة إعلامية كبيرة عبر مطابخها الإعلامية والعديد من المواقع الإلكترونية المأجورة للترويج لتدخلها الإغاثي وعمليات الإنقاذ التي نفذتها داخل سقطرى من أجل التغطية على جرائمها وانتهاكاتها وممارساتها ضد سيادة اليمن ووحدتها.
وقد اتجهت السعودية هي الأخرى لسلك نفس الطريق الذي تسلكه الإمارات وبدأت بالترويج لتدخلها ومساعيها للسيطرة على محافظة المهرة من أجل تمرير مشروع أنبوب النفط، تحت غطاء العمل الإنساني ومكافحة التهريب.
لكن وفي الوقت الذي تعلن فيه الرياض عن تنفيذ مشاريع تنموية، تشهد محافظة المهرة انتفاضة شعبية منذُ أوائل العام 2018م ضد الوجود السعودي وتطالب برحيل قوات الاحتلال وترك المحافظة للعيش بسلام.

الإمارات تحول المخا إلى مستعمرة
استثمرت الإمارات مشاركتها في تحالف العدوان، الذي تقوده السعودية، لتحقيق أهدافها في السيطرة على المطارات والموانئ اليمنية، دونما اكتراث لما ستخلفه حماقاتها من آثار كارثية على الشعب اليمني وخسائر بشرية واقتصادية يصعب معالجتها والتعافي منها.
وبعد هيمنة قوات ومرتزقة الاحتلال الإماراتي على المخا وتحويلها إلى ثكنة عسكرية تحولت المدينة إلى مدينة “محرمة” يمنع على أبناء محافظة تعز دخولها إلا بتصاريح.. كما منعت الأسر التي تم تشريدها من العودة لمنازلها..
لكن ورغم أن الاحتلال الإماراتي تعمد تحويل مدينة المخا إلى مستوطنة إماراتية، ترفع في مدارسها ومكاتبها الحكومية أعلام الإمارات وصور «أولاد زايد»، إلا أن الإمارات لم تقدم لها أي خدمات، ولم يحصل سكان المخا من الإمارات على شيء غير الخوف والرعب والإهانة.

تهجير السكان
في يوليو من العام 2015 شنت طائرات التحالف غارات استهدفت مدينة العمال السكنية وسط المخا موقعة أكثر من 120 قتيلاً مدنياً وأكثر من 150 جريحاً مدنيًا أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، في حادثة لقيت إدانات دولية وأممية واسعة حتى من قبل الأمم المتحدة، خصوصاً أن الجريمة حدثت في وقت لم تكن المعارك في الساحل الغربي قد بدأت أو اقتربت منه.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قام طيران العدوان بشن سلسلة من الغارات الجوية المكثفة استهدفت مناطق متفرقة من مدينة المخا والتي لم تتوقف عند حدود تدمير البنى التحتية كمحطة الكهرباء والميناء والمصالح الخدمية ووصلت للاستهداف المباشر والمتعمد لتجمعات المواطنين ومخيمات الأعراس، والتي كان أبرزها المجزرة التي ارتكبتها مقاتلات العدوان عندما استهدفت مخيم عرس نسوي في المدينة التي تحولت إلى مدينة أشباح.
مسلسل الجرائم الذي تتعمد الإمارات تنفيذه ضد سكان مدينة المخا لإجبارهم على مغادرة المدينة لم يتوقف باستيلائها على المخا وإنما ازداد إيلاما ووحشية ، إذ شهدت المدينة أكثر من حالة اغتصاب جماعي لنساء وفتيات وأطفال من سكان المدينة من قبل المجاميع التي استقدمتها وشكلتها الإمارات من المرتزقة السودانيين واليمنيين والكثير من شذاذ الآفاق.
لم يكتف الاحتلال الإماراتي بإنشاء المعسكرات وسط المدينة وتحويل ميناء المخا التاريخي إلى معسكر أيضاً، بل قام بتحويل المدينة السكنية الخاصة بموظفي محطة الكهرباء إلى معسكر كبير وسكن لمرتزقتها من جنود الجنجويد السودانيين على حساب تشريد 200 أسرة يمنية كانت تسكنها.
وأمام الممارسات التي يرتكبها المرتزقة السودانيون والمرتزقة المحليون تحولت مدينة المخا الساحلية الهادئة من حالة الاستقرار إلى حالة من عدم الاستقرار، ولم تفقد المدينة الضاربة جذورها في التاريخ ألقها وحسب، بل فقدت أمنها واستقرارها وسكينتها العامة، وأصبحت أشبه بسجن كبير لسكانها، الذين يعيشون تحت رحمة مليشيات متعددة الانتماءات والولاءات.
ومع كل ما جاءت به الإمارات من تناقضات تصاعدت مظاهر الانفلات الأمني وتصاعدت جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والاعتقالات، وأصبح الرعب يسيطر على المدينة وسكانها جراء الاشتباكات المتعددة والمتكررة بين رفاق السلاح من القوات الموالية لأبوظبي، ودخلت المدينة في معاناة لا تنتهي نتيجة صراع النفوذ بين قوات جنوبية وأخرى محلية جمعت تناقضات الشمال والجنوب وتتبع طارق عفاش.

مدينة الرعب
إن ما شهدته وتشهده مدينة المخا لا يمكن وصفه إلا بــ”المخيف” والذي يعكس توجه الإمارات لإدارة المدينة بالرعب والفوضى، فميناء المدينة التاريخي الذي تحول إلى ميناء عسكري يستقبل المزيد من شحنات السلاح المقدمة من دول العدوان للقوات الموالية لأبوظبي، كما حولت شواطئ مدينة المخا وسواحلها إلى محمية إماراتية يمنع اقتراب الصيادين التقليديين منها, ولم تتوقف الممارسات الإماراتية عند حدود تحويل الميناء التاريخي إلى ثكنة عسكرية وغرفة عمليات لقيادة الاحتلال الإماراتية بل حولته إلى منطقة “محرمة” يمنع أبناء المخا من الاقتراب منها وهو ما تسبب في تراجع الحركة التجارية في المدينة إلى أدنى المستويات.

ميناء وثكنة عسكرية
ميناء المخا الذي يعتبر من أقدم وأعرق الموانئ في البحر الأحمر بل وأقدم الموانئ على مستوى العالم، لم يكن بعيدا عن الأطماع والأهداف الإماراتية التي تسعى من خلالها للاستيلاء والسيطرة على الموانئ اليمنية، وهو ما اتجهت لترجمته فعليا منذ الأيام الأولى لانطلاق عاصفة العدوان على اليمن، حيث اتجهت لإخلاء مدينة المخا من سكانها من خلال تعمد استهداف المدنيين في الأحياء السكنية واستهداف المنشآت الحيوية والعاملين فيها لإجبارهم على مغادرة المدينة والنزوح إلى مناطق أخرى بحثا عن الأمان.

مخططات لتمزيق تعز وإقامة دويلة الساحل..
يسعى تحالف العدوان لتنفيذ مخطط تقسيم اليمن وتفكيكها إلى كيانات سياسية جغرافية متعددة ، يستطيع من خلالها تحقيق أطماعه السياسية والاقتصادية ، فاليمن الكبير القوي الموحد لن يسمح لقوى العدوان ومن يقف خلفها من قوى الاستعمار القديم والحديث بتحقيق أطماعها، بل وسيعرقل مخططات تلك القوى في الإقليم والمنطقة بشكل عام .
وفقا لتلك الأطماع ، وفي إطار المخطط العام ، فإن معظم محافظات اليمن خصص لها أجندة ومؤامرة مستقلة يجري تنفيذها من قبل تحالف العدوان ضمن خطوات باتت تتكشف بمرور الوقت .
ففي محافظة تعز، يدور أحد أخطر مخططات تحالف العدوان ، وقد أشرفت عليه الإمارات في مراحله الأولى ، قبل أن تتولى السعودية، وبشكل علني عمليات إكمال التنفيذ ، وهو سلخ المخا والشريط الساحلي الممتد من باب المندب إلى المخا عن محافظة تعز ، كخطوة قد يليها ما هو أسوأ ، وهو سلخ تلك المديريات عن اليمن, وتأسيس كيان شبيه بدولة جيبوتي على الضفة الشرقية لمضيق باب المندب .
التحركات التي تدور على الأرض تثير الشكوك والمخاوف ، البعض يرى أنها تهدف كما يبدو إلى فصل تلك المديريات عن المحافظة ، كونها تأتي في ظل رغبة خارجية مشبوهة تهدف الى تشكيل إقليم جنوبي خاضع لدول العدوان ، ويسهّل لها مواصلة احتلال هذه المناطق والمنافذ البحرية الاستراتيجية والتحكم بإدارتها وثرواتها ومواردها ، فيما يذهب آخرون إلى أبعد من ذلك ، لأن الجنوب هو الآخر مستهدف بمخططات متعددة تستهدف تفكيكه إلى كيانات مختلفة .
وقد عملت الإمارات على وضع آليات عدة للتمهيد لخطة تقسيم محافظة تعز، تنطلق من فصل المديريات الساحلية التي تضم إلى جانب المخا ، كلاً من ذوباب وموزع والوازعية ، لتكون ضمن ما بات يروج له باسم « محافظة باب المندب ، أو إقليم المخا الممتد من باب المندب مروراً بذوباب وموزع والوازعية وصولاً إلى مدينة المخا على البحر الأحمر.
كما عملت الإمارات عبر الفصائل المسلحة الموالية لها على فرض واقع جديد، وهو الفصل الجغرافي والعزل الاجتماعي لمناطق الساحل عن المناطق الداخلية في تعز، وهي من تصدر قرارات التعيين في السلطة المحلية وتعيين المسؤولين.
وأصبحت الفصائل المسلحة التي شكلتها الإمارات هي من تدير فعلياً مناطق الساحل , وتفرض عزلة على تلك المناطق من خلال اغلاق الطرقات التي تربطها بالمديريات القريبة منها في محافظة تعز , وأصبح المنفذ الوحيد لأبناء تلك المناطق هو الطريق الجنوبي نحو عدن .
وباتت مديريات الساحل الغربي خاضعة لخليط من التشكيلات تتلقى أوامرها من القوات الإماراتية وتحاول أبوظبي تمكين طارق عفاش من وضع اليد على تلك القوات المشكلة من عسكريين منشقين عن الحرس الجمهوري والأمن المركزي، إلا أن غالبية القوات هي مجندة حديثا من المحافظات الجنوبية وخاصة لحج وشبوة.
وقد بدأ هذا التغيير الديموغرافي في مديريات الساحل التابع لمحافظة تعز منذ العام الأول للعدوان ، حينما استهدفت طائرات التحالف المدينة السكنية للموظفين العاملين في محطة المخا البخارية مساء الجمعة 24 يوليو 2015 . والذي أدى إلى استشهاد نحو 100 من سكان المدينة معظمهم نساء وأطفال . وأدى ذلك إلى إلى نزوح جماعي لسكان المدينة من المخا ، ولم يسمح لهم بالعودة لنقل محتويات مساكنهم التي تركوها على عجل.

قد يعجبك ايضا