إبادة جماعية على مرأى ومسمع الأمم المتحدة وبتواطؤها

التجويع والحصار واستهداف العملة وتوقيف المرتبات ومنع وصول الغذاء والدواء أسلحة حرب أمريكية_ بريطانية أدت إلى أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم

 

 

الحصار أثَّر على 85 % من السكان المحتاجين للمساعدات الحيوية كالغذاء والماء والدواء
القرار الأممي «2216» لا يتضمن أي نص يشرعن للتحالف فرض حصار من أي نوع
• منع أكثر من 340 ألف مواطن من مغادرة البلاد لتلقي العلاج

على مدى خمسة أعوام من الحصار لم يكن للعقول اليمنية أن تتوقف عن التفكير، بقدر ما حظيت بأفكار طويلة الأمد وقابلة للاستخدام موجودة ضمن مخازن المفردات وتعبر عن القدرة على الدفاع عن الأرض الغالية وإنسانها الكريم.
الحصار فضح الصور السلبية التي كانت مخفية في رفوف وأدراج الدول المعتدية ناهيك عن توضيح الفرق بين الحق والباطل، وبين الحب الحقيقي للأوطان، والحب المغشوش، بل ووضع الفاصل بين المصداقية والخيانة.
ثنايا السطور التالية تحكى حكاية أبشع حصار فرضته دول تحالف الشر والعدوان السعوإماراتي وأدواته ما من المرتزقة والعملاء.. وما خلَّفه الحصار الظالم والجائر من آثار مدمرة على اليمن أرضا وإنسانا.. فإلى التفاصيل:

الثورة/ يحيى محمد الربيعي

المعاناة بصمت
رغم النتائج السلبية التي خلّفها حصار تحالف الشر لليمن أرضاً وإنساناً، وفي طليعتها الاقتصادية ثم النفسية والاجتماعية، فإن الحصار أوجد معادلات جديدة في حياة اليمنيين.
الحصار حرّك الطاقات المبدعة نحو ابتكار وسائل دفاع متطورة لحماية الوطن، ورفض الانصياع لاغراض الحصار، والتمسك بالمبادئ التي أعلنتها القيادة الثورية والسياسية وحقق صمود المجتمع اليمني على طريق المضي في المنهج القرآني نجاحا نوعيا، إذ أثبت أن ثمة أصولاً ومبادئ وأعرافاً من الواجب الالتزام بها مع الخصوم حتى في زمن الخلاف والصراع، وذلك أننا نحترم أنفسنا قبل كل شيء، وندعو الجميع إلى التزام هذا النهج، وعدم الانزلاق إلى ما لا يليق بالقيم والمبادئ.
بدأ العدوان والحصار الجوي والبري والبحري تحديدا في العام 2015 وانتشرت على إثره مجاعة وصفت بــ«الخطيرة» في اليمن عدا القليل من المساعدات المقدمة من المنظمات الحقوقية والدولية.. ازدادت حدة المجاعة بعد تشديد الحصار من قبل تحالف العدوان بقيادة السعودية التي حاصرت اليمن من البحر والجو والأرض إلى درجة أن الدواء والغذاء ومعظم المساعدات لا تدخل البلد.
ففي العام ذاته لجأ بعض المواطنين إلى العمل في السوق السوداء للغاز والمشتقات النفطية كوسيلة من أجل إطعام أسرهم بسبب العجز الاقتصادي والعدوان الظالم، ونتيجة الحصار حصل نقص حاد في المستلزمات الضرورية مثل الغذاء والماء والوسائل الطبية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر معظم الأطفال في اليمن باتوا عرضة لخطر الإصابة بأمراض فتاكة نتيجة نقص الماء الصالحة للشرب وانتشار الماء والهواء الملوث بالمواد الكيماوية والإشعائية الناتجة عن استخدام العدوان أسلحة محرمة.
وتصل لليمن كمية محدودة من المساعدات عبر سفن التفريغ إلا أن الجزء الأكبر من تلك المساعدات لا يصل إلا نادرا وعبر سفن تجارية.. كما أثَّر هذا الحصار بشكل كبير على اليمنيين وجعلهم يُعانون بصمت في ظل أوضاع أخرى أكثر مأساوية في نفس المنطقة، وعلى الرغم من توسلات المنظمات الدولية وتهديدات المنظمات الحقوقية إلا أن الوضع لا يزال كما هو عليه منذ عام 2015م على الرغم من وعود تحالف الشر الذي تتزعمه السعودية بالاستثمار في مجال الإغاثة الإنسانية لكن شيئا من ذلك لم يحدث تلبية لرغبات أدواته من المرتزقة وحلفاء العدوان.
الدعم اللوجستي
الولايات المتحدة دعمت تحالف الشر وشجعته على خوض العدوان بل وساندته في عملية الحصار على اليمن، فمنذ مارس 2015م وواشنطن تقدم الدعم اللوجستي والاستخباراتي عبر خلية تخطيط مشتركة تم إنشاؤها برفقة السعودية التي تدير وتتزعم العدوان.
في الوقت نفسه ذكرت تقارير منظمات دولية أن الحصار الذي فرضته السعودية بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا قد أثر على حوالي 85 % من السكان الذين هم في حاجة ماسة إلى الأمور الحيوية مثل الغذاء والماء والإمدادات الطبية.. وبدأت المملكة العربية السعودية في تنفيذ ضرباتها الجوية وقد اعتمدت في هذا على تقارير استخباراتية من الولايات المتحدة التي زادت دعمها لحليفتها السعودية من خلال تزويدها بالوقود وبصور الأقمار الصناعية وبكل العتاد الحربي بما في ذلك الأسلحة والطائرات.
ما يجدر ذكره أن أمريكا أرسلت سفنا حربية بهدف تعزيز الحصار، وفي نفس الوقت واصلت مبيعات الأسلحة والمساعدة التقنية.
وكانت منظمة العفو الدولية قد حثت بريطانيا على وقف توريد الأسلحة إلى التحالف الذي تقوده السعودية.. كما اعتبرت نفس المنظمة بريطانيا شريكاً غير مباشر في العدوان وفي الحصار على اليمن وأن السعودية مجرد «أداة لتنفيذ الأوامر» وأن السبب الرئيس في هذا العدوان على اليمن هي الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل.
انتقادات
وقد تلقت بريطانيا انتقادات واسعة بسبب دورها غير المباشر في حرب اليمن؛ حيث تُواصل بيع الأسلحة وتُعتبر اليوم واحدة من أبرز بائعي الأسلحة للمملكة العربية السعودية التي تستعملها في «العدوان على اليمن». بالإضافة إلى ذلك سربت مجموعة من الصحف الكثير من المعلومات السرية حول تدريب الجيش البريطاني القوات السعودية بشكل سري من أجل القتال في اليمن.. في الوقت الحالي هناك 50 مستشارا عسكريا بريطانيا في اليمن يقومون بتوجيه القوات السعودية ودراسة المعركة كما يقومون بتزويد المملكة بكل المعلومات والمهارات التي تحتاجها.
دور سلبي
وتفيد تقارير إعلامية بأن الأمم المتحدة لعبت دورا سلبيا منذ بداية العدوان، فقد سعت إلى تقديم غطاء للعدوان على جرائمه الفظيعة والكبيرة والمشهودة، وفي كثير من الأحيان قدمت توصيفات خجولة وانتقادات متواضعة ومواقف متذبذبة ومتناقضة ومضطربة.. ولم تقف عند هذه السلبية وحسب بل حاولت التقليل من مستوى الجرائم إلى درجة تعمد تقديم أرقام منخفضة.. كما أنها في المفاوضات تتبنى عملية تمثيل غير لائقة بمكانتها المحايدة فتقوم- على سبيل المثال- بأقناع القوى الحرة بالاستسلام وليس السلام، أما فيما يتعلق بالمعونات الإغاثية فقد مارست الخداع، وفي كثير من الحالات كانت تقدم مواد غذائية نفقاتها التشغيلية تزيد بثلاثة أضعاف عن كلفة ما يصل إلى المستفيدين.
وتشير التقارير إلى أنه- ومن باب ذر الرماد على الأعين- كانت الأمم المتحدة كثيرا ما تدعو تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية مرارا وتكرار إلى ضرورة الوقف والإنهاء الفوري للحصار الذي تفرضه على كامل المناطق اليمنية، أو تمارس الحياد في بعض تقاريرها كإعلان منظمة الصحة العالمية أن مرض الدفتريا بات يُشكل خطرا على السكان في اليمن بعدما انتشر بسرعة «رهيبة» في 13 محافظة.
ليس هذا فقط، بل ووفقا لتقارير الأمم المتحدة نفسها هناك ما يقارب مليون يمني تضرروا بشكل مباشر أو غير مباشر من الكوليرا في حين تُوفي أكثر من 2200 شخص بسبب هذا المرض .. مواقف أممية تحذر التحالف في الظاهر.. فلا يكون رد السعودية إلا أن تقوم بإغلاق كل الممرات البحرية والجوية والبرية، ولم تسمح قوات التحالف بوصول المساعدات الدولية للشعب اليمني عقابا لهم تحت ذريعة الخوف من وصول أسلحة إيرانية الصنع لصنعاء، وكأن التحذير ليس إلا ضوءا أخضر.
حصار الميناء
وعلى الرغم من أن السعودية كانت قد تعهدت برفع جزئي للحصار، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، وعلى أثر تعنت تحالف الشر هذا في إطباق الحصار لم تحصل اليمن على أي معونات أو مساعدات خارجية عبر ميناء الحديدة الذي يعتبر الميناء الرئيسي في اليمن، بل زادت السعودية حصارها فمنعت اليمنيين من الدخول أو الخروج لا برا ولا أرضا ولا حتى جوا.. ورفض المسؤولون السعوديون رفع الحصار المفروض على الحديدة وأكدوا للعالم- في ذات الوقت- أن «ميناء الحديدة سيبقى مفتوحا في وجه المساعدات الإنسانية وإمدادات الإغاثة كما سيُسمح للسفن التجارية بالدخول بما في ذلك تلك المحملة بالوقود والغذاء».. لكن ما حدث هو أن المملكة العربية مارست سياسة تجوبع منعت بموجبها السفن من الدخول للحديدة بما في ذلك تلك المحملة بالمساعدات.
كوارث الحصار
كشف مسؤولون في حكومة الإنقاذ عن وفاة أكثر من 15 ألف مريض بسبب إغلاق تحالف السعودية مطار صنعاء الدولي، وان هناك ما يقارب من 50 ألف عالق في الخارج تقطعت بهم السبل لا يستطيعون العودة للوطن و95 ألف مريض لم يستطيعوا السفر إلى الخارج للعلاج.
وقالوا إن الخسائر الناجمة عن استهداف مقاتلات تحالف السعودية المطارات المدنية اليمنية بلغت أكثر من ملياري دولار و60 % خسائر في الإيرادات.
وفي قطاع النقل البري أفادوا بأن خسائره بلغت ما يقارب 19 مليون دولار كإحصائية أولية.. أما في القطاع البحري فقد أوضح المسؤولون في حكومة الإنقاذ أن حصار تحالف السعودية وقصفها الذي دمر بعض الموانئ البحرية بشكل كلي تسبب في أضرار وخسائر بلغت 900 مليون دولار.
من جهته، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إنه رغم تعهدات التحالف العربي بقيادة السعودية بتخفيف الحصار على اليمن، فإن المساعدات الغذائية والطبية التي وصلت إليه تعتبر «قطرة في بحر» وسط دعوات متزايدة لفتح جميع المنافذ لإغاثة اليمنيين.
وأكد المسؤول الدولي أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن ما زالت هائلة، لافتا إلى أن المهم بالنسبة للأمم المتحدة هو «وصول كل البضائع الإنسانية والتجارية بدون عوائق إلى موانئ الحديدة والصليف، حتى تلك التي تحمل الوقود، وهذا ليس موجودا في الوقت الحالي».
وقال دوجاريك: مع تراجع مخزون الوقود بسرعة في اليمن والوضع الإنساني المتردي «الذي يدفع ما لا يقل عن سبعة ملايين شخص نحو المجاعة، فمن الضروري أن تصل المساعدات الإنسانية إلى موانئ الحديدة والصليف».. وقال «الوقود ضروري لتشغيل المولدات الكهربائية للمستشفيات ومضخات المياه ووحدات الصرف الصحي، وتسهيل نقل مياه الشرب والأغذية إلى الضعفاء والمحتاجين، وذلك بشكل عاجل».
في ذات السياق كشفت منظمات حقوقية بصنعاء في تقرير خاص عن واقع حقوق الإنسان في اليمن عن جرائمِ وانتهاكات دول تحالف العدوان وأدواتها، حيث أن إجمالي عدد الشهداء والجرحى المدنيين جراء العمليات العسكرية المباشرة لدول العدوان في اليمن تجاوز الـ 50 ألفاً خلال 1800 يوم من العدوان، بينما بلغ عدد الضحايا من المدنيين جراء العمليات العسكرية غير المباشرة 476.197 مدنيا.
وأوضح التقرير أن أكثرَ من 9835 مدنياً أُصيبوا جراء الاستهداف المباشر بإعاقات دائمة ومختلفة بينهم 800 طفل.. مبيناً أن 80 ألف طفل وطفلة مصابون بحالات نفسية وعصبية متعددة نتيجة خمسة أعوام من الحصار والقصف المباشر لمنازل أسرهم وتجمعاتهم.
وأضاف التقرير أن أربعةً وعشرين مليوناً ومائة ألف شخص بحاجة ماسة إلى مساعدات (غذاء، صحة، ماء، إيواء وتعليم)، بينما أكثر من 70 ألف شخص عالقون في الخارج ولم يسمح لهم بالدخول نتيجة إغلاق مطار صنعاء.
وبيّن تقرير حقوق الإنسان أن تحالفَ العدوان منع أكثرَ من 340 ألفَ مواطن من مغادرة البلاد ممن هم بحاجة ماسَّة للسفر للخارج لتلقي العلاج.. وقال التقرير: « أكثرَ من 8 آلاف أُسرة داخلَ مديرية الدريهمي المحاصَرة تحتاج للمواد الغذائية والدوائية الضرورية».. وأكّد ارتفاعَ نسبة الفقر إلى 85 % وارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 65 % مع استمرار العدوان والحصار على اليمن.
وحسب تقارير وزارة الصحة فإن أكثرَ من مائة ألفِ طفلٍ يمني معرضون للموت سنويا بسببِ العدوانِ السعودي الأمريكي والحصار المفروض على الشعب اليمني.
وتؤكد التقارير أن العدوان دمر نحو 50 % من القطاع الصحي اليمني، مشيراً إلى أنَّ 97 % من معَداتِ المستشفياتِ اليمنيةِ تجاوزَت عمرُها الافتراضيُ بسبب الحصار، كما اتهمَت الصحة المنظماتِ الامميةَ بالتواطؤِ مع قوى العدوانِ التي تمنعُ دخولَ أجهزةٍ صحيةٍ بعينِها، ما يُفقدُ الكثيرَ حياتَهم، مطالباً اياها بعدمِ العبَثِ بآليةِ المساعداتِ والالتزامِ بخطةٍ صحيةٍ تمَ اعدادُها وفقَ الاحتياجات.
أسوأ أزمة
وكشف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن ملايين اليمنيين يواجهون أسوأ أزمة جوع في العالم.. ونقل موقع مركز أنباء الأمم المتحدة عن المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي «إرفيه فيرسول» قوله في مؤتمر صحفي في جنيف «برنامج الأغذية العالمي يخشى من أن ملايين الناس في اليمن سيكافحون الآن لتغطية نفقات معيشتهم»، مشيراً إلى أن هذا يحدث خصوصا مع استمرار الخروقات في الأسابيع الأخيرة في مدينة الحديدة والمناطق المتاخمة لها.
وأضاف فيرسول «نحن اليوم نقدم المساعدات الغذائية لنحو 8 ملايين يمني شهرياً وقد يعاني ثلاثة ملايين ونصف آخرون من انعدام حاد في الغذاء ما يعني أن ما يقارب الـ12 مليون يمني قد يواجهون خطر المجاعة».
من جهتها أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف أن 400 ألف من الأطفال في اليمن مصابون بأكثر أشكال سوء التغذية حدة.
وصرح المتحدث باسم اليونيسيف كريستوف بولياك للصحفيين في جنيف بأن الأطفال في اليمن «يموتون كل يوم بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية وأن هذه الوفيات يمكن الوقاية منها».
وتؤكد التقارير الدولية أن العدوان السعودي المستمر على اليمن منذ مارس 2015م المترافق مع حصار جائر مفروض على الموانئ اليمنية تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة وبانتشار للأمراض والأوبئة في صفوف اليمنيين.
مبادرات مهملة
وبسبب ما يفرضه تحالف الشر والعدوان من حصار مطبق منع بموجبه تزويد الباخرة صافر بمادة المازوت جددت وزارة النفط والمعادن في حكومة الإنقاذ عبر بيان أصدرته في 5 مايو 2019م مطالبة «الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتدخل لمنع دول العدوان من استهداف الباخرة صافر والسماح ببيع النفط الخام الموجود فيها والاستفادة من العائد في إنشاء خزانات نفطية بديلة كون السفينة أصبحت متهالكة وأعمال الصيانة فيها متوقفة بسبب العدوان مما ينذر بكارثة بيئية في المنطقة».
وفي 11 يونيو 2019م سلم وزير الخارجية (هشام شرف) منسق الأمم المتحدة في اليمن (ليز غراندي) رسالة من رئيس المجلس السياسي الأعلى (مهدي المشاط) إلى الأمين العام للأمم المتحدة (انطونيو غوتيريس) وعدد من الرؤساء في الدول الصديقة والشقيقة، تضمنت ملخصا ببيانات وإحصاءات جرائم دول العدوان، و»تحذيرات من تداعيات كارثية نتيجة التأخير في معالجة وضع الخزان العائم صافر».
خلال خمسة أعوام من العدوان والحصار ظل المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ يعرضان مبادرات بحلول ومعالجات لأزمة الخزان العائم لشركة صافر، وكشف رئيس المجلس السياسي الرئيس الشهيد صالح الصماد في مقابلة مع قناة «الميادين» مطلع 2017م أن «الأمم المتحدة لم تلعب دورا في هذا السياق وأنها عجزت عن العمل على السماح بتصدير هذه الكمية وبيعها مقابل أدوية يحتاجها الشعب اليمني في هذه الفترة العصيبة».
كما عرضت رسالة وزير الخارجية هشام شرف في الرابع من نوفمبر 2018م للأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيرس) مبادرة على الأمم المتحدة طالبتها بالضغط من أجل «السماح باستخدام الوقود الموجود في الباخرة “صافر” في رأس عيسى لتوليد الطاقة الكهربائية للمدن اليمنية بما يساهم في التخفيف من الأوضاع الإنسانية وتجنب الكارثة البيئية التي قد يتسبب فيها أي تسرب للخزان المتهالك».
وفي الأول من مايو 2019م أطلق عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي مبادرة جديدة، حيث قال في تغريدة له على «تويتر» : «ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنه نفط خزان صافر العائم مقابل توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي كونها مواد ضرورية للمواطنين، وإعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرف مرتبات الموظفين التابعين لنطاق سيطرتهما».
مع ذلك قوبلت المبادرة بالرفض من جانب حكومة مرتزقة الرياض التي تصر على مفهومها لاتفاق السويد، وزعم أنه يقضي بانسحاب الجيش واللجان من الحديدة وموانئها بما فيها رأس عيسى، وتسليمها لها لتتولى هي «تصدير النفط واستلام عائداته لتمويل نفقات الدولة بما فيها المرتبات» كما تزعم، رغم أن ذلك لم يحدث مع عائدات نفط وغاز المناطق الخاضعة لتحالف العدوان والمرتزقة والتي تتركز فيها منابع النفط والغاز.
الموقف القانوني
وفقا للقانون الدولي الذي يتعلق بالحصار لدولة/منطقة ما، فإن التدابير التي اتخدت من قبل قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية غير قانونية وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أصدر القرار رقم 2216 في 14 أبريل 2015 وهو القرار الذي لم يتضمن في طياته أي مشروعية في فرض حصار من أي نوع.. وهو ما يعني أن دول التحالف تسببت في مجاعة خانقة أحدثت نقصا في المواد والسلع الضرورية وذلك بسبب التدابير التي اتخدتها قبالة سواحل اليمن وهذا في حد ذاته يُعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي وجريمة حرب منفصلة وكاملة الأركان.
كما يذكر أن الحصار من الأساليب القاسية المتبعة في الحروب، لأنه يستند إلى عزل كامل تقريبًا للمنطقة المحاصرة، وأن استخدامه سينطوي حتمًا على تعارض مع العديد من قواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه، على الأقل عند وجود مدنيين في المنطقة المحاصرة.
وهنا تجدر الاشارة إلى عدد من المحظورات التي قد تقيد استخدام أسلوب الحصار بموجب القانون الدولي الإنساني، وتشتمل على: حظر ترهيب السكان المدنيين المادة (2/51) من البروتوكول الإضافي الأول.. والمادة (2/13) من البروتوكول الإضافي الثاني الإضافي.. ودراسة القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة (2) وحظر العقاب الجماعي المادة (75) من البروتوكول الأول الإضافي.. والمادة (4) من البروتوكول الإضافي الثاني.. ودراسة القانون الدولي الإنساني العرفي القاعدة (103).. وحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية المادة (2/52) من البروتوكول الإضافي الأول.. ودراسة القانون الدولي الإنساني العرفي القاعدة (97).. الحظر الأكثر وضوحًا هو حظر تجويع المدنيين المادة (1/52) من البروتوكول الإضافي الأول المادة (14) من البروتوكول الإضافي الثاني.
وهناك أيضًا تساؤل حول ما إذا كانت قواعد سير الأعمال العدائية ومبدأ التناسب على وجه التحديد بمثابة وسيلة إضافية لتقييد استخدام أسلوب الحصار المادة 5/51(ب) من البروتوكول الإضافي الأول دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي القاعدة (14).. وتركز التدوينة هذه على المحظورين الأخيرين في القانون الدولي الإنساني – حظر تجويع المدنيين، بشكل مقصود أو عرضي، ومبدأ التناسب.
ويحظر القانون الدولي الإنساني الحديث، تجويع المدنيين – أي حرمانهم من الطعام عمدًا – بوصفه أحد أساليب الحرب. ترد هذه القاعدة، المستمدة من مبدأ التمييز المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، للمرة الأولى في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 المادة (1/54) من البروتوكول الإضافي الأول.. والمادة (14) من البروتوكول الإضافي الثاني.. واليوم تعتبر قانونًا عرفيًّا في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية؛ دراسة القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة (53).. وينص نظام روما الأساسي على أن «الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين باعتباره أسلوبًا من أساليب الحرب» يعد جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية «النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 8 (2) (ب)(25)».

قد يعجبك ايضا