نقابة الصحافيين اليمنيين.. غياب الدور الوطني والانحياز إلى العدوان

 

الصعفاني: أي موقف يصدر باسم النقابة حول أي قضية فهو لا يعبر عن الجميع

 

صبري: النقابة مختطفة بيد شلة انتفاعية تسترزق من وراء دورها المشبوه في كل ما يصدر عنها

 

في الوقت الذي احتاج فيه الصحافيون اليمنيون إلى منبر يمثّلهم ويتحدث باسمهم، لم يجدوا غير صفحات قليل من رفقاء الحرف على مواقع التواصل الاجتماعي، تدين ما تعرضوا له من انتهاكات تارةً، وتنادي بحقوق بعضهم المادية والمعنوية تارةً ثانية، وتندّد باستهداف تحالف العدوان لمؤسساتهم ومنازلهم تارة أخرى، فيما ظلت “نقابة الصحافيين اليمنيين” تغض الطرف عن كل ذلك، وانحاز معظم قياداتها إلى طرف واحد يؤيّد الهجمة الشرسة على اليمن، واستمروا في شنّ حملاتٍ وإصدار بياناتٍ لا تخذم سوى أجندة العدوان .
الثورة / عبدالقادر عثمان

لم يعد الكاتب الصحافي عبدالله الصعفاني، وهو أحد أعضاء مجلس النقابة، يتذكر أن هناك نقابة للصحافيين، كما لم يعد يتذكر آخر مرّة دخل فيها مقرها أو حتى موعد انعقاد آخر اجتماع، كلّما يتذكره فقط هو “حقيقة تجدد القول بتفرّق أيدي سبأ على امتداد اليمن الذي كان”، حدّ قوله: إذ يضيف في حديث لـ”الثورة”: “النقابة ماتت وشبعت موتاً، وهنا يصح القول إن الضرب في الميت حرام”.

غياب موقف
خلال سنوات الحرب العدوانية على اليمن، تعرّض الصحافيون والإعلاميون لانتهاكات لا تحصى، فيما وقع البعض ضحية موقفه، فجرى تسريح جزء وهروب آخرين أو انقطاعهم عن أعمالهم في كلً محافظات البلاد، وهو ما شكّل إلى جانب توقّف مرتبات الصحافيين في القطاع العام منذ أواخر العام 2016 وتوقّف إصدار الصحف الأهلية أزمة كبيرة لهؤلاء الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها لا ناصر لهم، فيما اتجه كثير منهم للانخراط في العمل مع التحالف وشرعية هادي المزعومة كطريق للحصول على دخلٍ شهري لإعالة أسرهم، لكن حتى هؤلاء وقعوا ضحية ذلك الخطأ، وباتوا متورطين بالعمالة كما تصفهم السلطات اليمنية.
في السياق ذاته يقول الصعفاني:إنه جمّد عضويّته “بعد أن وجهت رسالة قاسية لمجلس إدارة النقابة الافتراضية في موقفهم من زملائهم في صنعاء تحديداً، الذين تم تصنيفهم بأنهم (حوثيون)ولا يستحقون أي مرتبات أسوة بزملائهم، في عدن وتعز ومناطق أخرى”. ويجيب على سؤال “الثورة” له عن دور النقابة في كل ما يجري لأبناء المهنة، قائلاً: “إذا سألت عن المبنى فلا يزال المقر منتصباً هناك في شارع الزراعة بجانب قسم الجديري، ولا أعرف من يديره أو ما إذا كان مسكونٌ بالفراغ الأجدب، أما إذا كان السؤال عن النقابة المعنى فقد غادر البلاد معظم أعضاء مجلسها في بدايات الأزمة ولم تنعقد اجتماعات حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

صوت وتمترس
من بين كل ما يجري للصحافيين في اليمن، لا يرتفع صوت للنقابة إلا في ما يتعرض له بعض منهم، هم الذين ينتمون إلى المكوّن السياسي الذي يسيطر على قيادتها منذ أكثر من عشر سنوات. عن ذلك يقول رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين، الصحافي عبد الله صبري، إن “النقابة وعلى الرغم من أنها رفعت الصوت بالحق وبالباطل تجاه مزاعم انتهاكات حكومة صنعاء بحق الصحفيين، فإنها غضت البصر تجاه جرائم وانتهاكات تحالف العدوان بحق الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية الوطنية، بل واشتغلت على نحو قذر باتجاه التعتيم على جرائم العدوان والتشويش على مواقف المنظمات الداخلية لدى الجهات الدولية المماثلة والتي تتعامل مع نقابة الصحفيين باعتبارها المعبر الوحيد عن الإعلاميين اليمنيين”.
وبالنسبة للصعفاني فإن موقف النقابة من كل ما جرى يعد انعكاساً واقعيا “لتفرّق أيدي سبأ وتشظي كل شيء، ما جعل كلاً يغني على ليلاه، والأمر لايخلو من ملاحظة للتمترس في المواقف؛ حيث من يمول الصحفي هنا أو هناك هو من يحدد اللحن، وكلمات الأغنية”.

توظيف سياسي
ويرى صبري في حديث إلى “الثورة” أن ذلك الموقف الذي أعلنته وانجرت له النقابة يأتي لكونها “منحازة تماما لتحالف العدوان، حيث عبرت عن مواقف سياسية لا علاقة لها بالمهنية المتعارف عليها، وهو أمر مؤسف، وفوق ذلك، تعد قيادة النقابة منتهية الشرعية منذ ٢٠١١”، ويشير إلى أن “ما تبقى من هذه القيادة استغلت الاضطرابات السياسية لتفرض نفسها على الوسط الصحفي، وقد جاء العدوان السعودي الأمريكي ليكشف عن تواطؤ هذه القيادة وانخراط البعض منهم في أعمال لا صلة لها بحرية الرأي والتعبير، بقدر ما تعبر عن توظيف سياسي رخيص”.
وعن اختطاف النقابة يجيب الصعفاني، إن “الحكاية ببساطة أن النقابة تشظت وصار كل عضو فيها يحدثك من حيث جاء ومن حيث يستلم؛ ولذلك أجزم بأن أي موقف يصدر باسم النقابة حول أي قضية سواء تتعلق بالمهنة وأبنائها أو حول قضايا اليمن فهو لا يعبر عن الجميع، لأنه ليس خلاصة نقاش أو اجتماع أو حتى استئناس بآراء أعضاء المجلس”.

اختطاف
بالنسبة لرئيس اتحاد الإعلاميين فإن “النقابة مختطفة بيد شلة انتفاعية تسترزق من وراء دورها المشبوه في كل ما يصدر عنها” حد قوله، لكن ذلك لا يعني الوقوف دون حراك في انتظار الحل من السماء، فمنذ بدء العدوان على اليمن برزت إلى الساحة نماذج إعلامية وصحافية استطاعت العمل في ظروف أمنية وعسكرية وصحية ومادية صعبة وتغلّبت على كل الظروف، ولديها القدرة على العمل النقابي.
قبل أيام قليلة، أثار مجموعة من الصحافيين اليمنيين جدلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن اختطاف النقابة من قبل أسماء صحافية عفى عليها الزمن، حيث يقول الصحافي صادق الوصابي، في منشور على فيسبوك، إن تلك الأسماء التي عملت في الميدان في ظل هذه الظروف “ساهمت في إنتاج أخبار وتقارير وتحقيقات وقصص صحفية وإعلامية مكتوبة ومرئية وإذاعية لوسائل إعلام محلية وعربية وعالمية وواكبت التقنيات الإعلامية الجديدة والاتجاهات الحديثة وحرصت على صناعة محتوى محترف وصقلت نفسها ذاتياً ولم تتوقف حتى الآن عن العمل الصحفي الحقيقي في الميدان”، لكنه يرى أن من المستحيل أن يتم منحها عضوية نقابة الصحافيين اليمنيين التي ما زال يحتكرها القليل من الأسماء التي لم تعد تمارس العمل الصحفي في اليمن أساساً، وهي نفسها من ترفض منح العضوية للمستحقين فعلاً ممن استكملوا جميع شروط الحصول على العضوية”.

حلول وتكامل
تلك العراقيل بحاجة إلى حلول جذرية، وإن بدت هذه الخطوة متأخرة جداً بالنسبة لصبري، “خاصة وأن غالبية أعضاء النقابة مازالوا متواجدين في العاصمة صنعاء والمحافظات التابعة لحكومتها، ويمكن لهم أن يتداعوا إلى مؤتمر استثنائي بهدف تصحيح مسار النقابة”،كما يقول، لكنه يرى أن “الظروف لا تزال مواتية للقيام بخطوة عملية تبدأ بتشكيل لجنة تحضيرية، مع مخاطبة الاتحاد الدولي للصحفيين وقطع الطريق على الشلة التي تستثمر في النقابة دون رادع أو رقيب”.
وفي الوقت الذي غاب فيه صوت النقابة كان لاتحاد الإعلاميين اليمنيين دور في رصد وتوثيق انتهاكات العدوان بحق الصحافيين والمناداة بصوتهم، لكنه بالنسبة لصبري يعد “جبهة في مواجهة العدوان، لأنه عمل طوال الفترة الماضية على مواجهة الانتهاكات والجرائم بحق قطاع الإعلام، كما كان ولا يزال صوتاً للإعلاميين الأحرار في مواجهة العدوان والحصار وتداعياتهما” كما يؤكد رئيسه، وهذا يعني أنه في حال “نجحت مساعي تصحيح مسار النقابة أن يتكامل عمل الاتحاد معها خاصة وأنه يعتبر مظلة أوسع يتماشى مع تطور وسائل الإعلام بعد أن اقتصر عمل النقابة على تأطير الإعلاميين في الصحافة المكتوبة فحسب”.

قد يعجبك ايضا