الأهداف غير المعلنة للعدوان على اليمن

يشكل موقع اليمن الجغرافي المتميز أهمية بالغة من الناحية الاستراتيجية ومركزا هاما في الشرق الأوسط خصوصا والقوى الاستعمارية وقوى الهيمنة أعطت اليمن اهتماما بالغا بحكم موقعها الجغرافي في ترتيبات نظرية الأمن القومي العربي الشامل.
لذلك فقد كانت المؤامرة على اليمن بحجم ومكانة أهمية موقعه الجرافي المتميز عرضة للأطماع الأجنبية والقوى الاستعمارية المتعددة من البرتغال إلى الانجليز إلى الأمريكيين ثم المعاونين من اذناب قوى الهيمنة الجدد في المنطقة.
الثورة/ قاسم الشاوش

العدوان على اليمن الذي يدخل عامه الخامس بقيادة مملكة الشر وبدعم قوى الهيمنة والاستعمار امريكا لم يأتِ من اجل سواد عيون اليمنيين بل جاء لأطماع ما يختزنه اليمن ونطاقه الجغرافي من ثروات وموارد طبيعية هامة (فوق الأرض وتحتها)، إضافة إلى الإرث الحضاري والثقافي للشعب اليمني الأكثر تميزاً في شبه الجزيرة العربية”.
امتلاكه العديد من الجزر
ومن جانب آخر ينطوي الموقع الجغرافي لليمن على أهمية استراتيجية تتجلى بإشرافه على مضيق باب المندب، الذي يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بالأهمية بعد مضيقي ملقا وهرمز، إضافة إلى امتلاك اليمن العديد من الجزر ذات الموقع الهام والتي تضاعف من الأهمية الاستراتيجية لموقعه البحري، وبخاصة جزيرة سقطرى. هذا، ويعد اليمن البوابة الجنوبية لمنطقة الشرق الأوسط. وبالتالي، فإن السيطرة على هذا الموقع الجغرافي، والتحكم بمضيق باب المندب يعد حاجة استراتيجية لدى الولايات المتحدة الامريكية، وكذلك لدى القوى العالمية الكبرى الصاعدة وفي مقدمتها الصين وروسيا، إضافة إلى حاجته الموضوعية للقوى الإقليمية الكبرى المتنافسة والراغبة في توسيع نفوذها الإقليمي لضمان أمنها الإقليمي والاستراتيجي.
تكونه من جبهتين مائيتين
فالواقع تكمن الأهمية الذهبية لموقع اليمن الجيواستراتيجية في تكونه من جبهتين مائيتين، تمتدان على مسافة وقدرها 2500 كم، الأولى تطل على بحر العرب وخليج عدن جنوبا، والثانية على البحر الأحمر غربا. وضاعف من أهمية موقع اليمن انتشار جزره البحرية في مياهه الإقليمية على امتداد بحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر. كجزيرة بريم المطلة على مضيق باب المندب، والذي زادت أهميته البحرية بعد إنشاء قناة السويس، حيث أصبح بدوره أحد أهم المضائق المائية العالمية، باعتباره يشكل “عنق الزجاجة” بالنسبة للبحر الأحمر، والمتحكم بالطرق التجارية بين الشرق والغرب””.
يتربع على احتياطات نفطية وغازية كبيرة
فغالباً ما تشير وسائل الإعلام الغربية إلى اليمن بأن إنتاجه من الطاقة قليل، لكن حقيقة الأمر أنه البلد الذي يتربع على احتياطات نفطية وغازية كبيرة جداً، ويؤكد العديد من الخبراء أن الإدارات الأمريكية السابقة كانت تدرك ومنذ أمد بعيد أهمية اليمن وما يختزنه من ثروات واحتياطات هائلة من النفط.
وكان موقع ويكليكس قد نشر برقية سرية للسفير الأمريكي السابق لدى اليمن ستيفن سيش عام 2008 جاء فيها: إن محافظات شبوة ومأرب والجوف لديها احتياطات من الغاز بكميات كبيرة أما بالنسبة للنفط فوفقاً لمسح جيولوجي مفصل لشركة (يو إس جي إس) يمتلك اليمن خزانات نفطية بحرية ضخمة، ما يبين أن احتياطات النفط غير المستغلة في اليمن هي أكبر من الاحتياطيات في المنطقة).
تعزيز تواجد قوى الاستعمار العسكري
هذا ما دفع العدوان الغاشم على اليمن إلى تعزيز التواجد العسكري الدولي في المنطقة، حيث توجد قواعد عسكرية من دول مختلفة في المنطقة بهدف حماية مصالحها الاستراتيجية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، إلى جانب انتشار واضح لأساطيل الدول العظمى والإقليمية والقوى الكبرى لمراقبة خليج عدن وحماية الممر المائي من عمليات القرصنة، فضلاً عن تطورات الحرب في اليمن الذي يواجه صراعا وحربا تدور رحاها بين قوى محلية مدعومة بأخرى إقليمية ودولية.
فاليمن على مرّ التاريخ تأذّى من الأطماع الاستعمارية؛ لموقعه كنقطة وصل بين أفريقيا وآسيا، حيث تتوسّط العالمَ موانئه التجارية، وأهمها عدن كمحطة وترانزيت للتزوّد بالوقود ومنطقة حرة.
واستغلت الإمارات مشاركتها في هذا العدوان على اليمن وسجّلت حضوراً مشبوهاً بمضيق “باب المندب”، ، من خلال بناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون.
مستقبل اليمن والمضيق
كل هذا الاهتمام من قِبل القوى الاستعمارية الكبرى والإقليمية للسيطرة على مضيق “باب المندب” ما يجعله مرشَّحاً بقوة لأن يتحوّل في الفترة المقبلة إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول، خاصة في ظل التقاطعات والتجاذبات الدولية والإقليمية.
أهمية البحر الأحمر
إلى ذلك يشكل البحر الأحمر أهمية اقتصادية حيوية من خلال إسهامه بشكل كبير في دعم اقتصاديات الدول المتشاطئة عليه، كما لعب دوراً هاماً في حركة التجارة العالمية وخاصة النفط والغاز، وتزداد هذه الأهمية مع ظهور مفهوم الاقتصاد الأزرق الذي يمكن تعريفه على أنه الاستخدام المستدام للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات والنمو الاقتصادي وتحسين سبل المعيشة والوظائف وصحة النظام البيئي. كما يعد البحر الأحمر من الناحية الاستراتيجية ممراً مهماً لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.
الأسباب الخارجية للعدوان
لم تكن اليمن يوماً في معزل عن التأثر والتأثير في محيطها الجغرافي، فقد أدى موقعها الإستراتيجي) دوراً بارزاً في تطوّرها السياسي الداخلي، وحكم علاقاتها بدول الجوار وبالقوى الدولية الكبرى. كما مثل الموقع أحد الأسباب التي أدت لأن تكون البلاد ساحة للصراعات الدولية وتصفية الحسابات الإقليمية، والمجال الحيوّي لحروب الهيمنة وصراع المصالح والنفوذ والاستقطاب في المنطقة والعالم.
ووفقًا لما سبق من بيان حالة العلاقة والتأثر والتأثير، فإن جذور العدوان الذي تقوده مملكة الشر على اليمن وأسبابه الإقليمية والدولية، هي الطموحات المثيرة للقلق التي كان اليمن يرغب في الوصول إليها، والموقع الجغرافي والأهمية الجيوسياسية للموانئ والممرات التي تحكم مصالح القوى الإقليمية والدولية، وموجة رياح التغيير العربي، والمفاهيم السياسية الجديدة، والمتغيرات الجيوسياسية في عمق البحر الاحمر وشرق أفريقيا بما يحويه من ثروات وموانئ، واختلال حالة التوازن السياسية والاستقرار في المنطقة والعالم.
حروب اليهمنة
وثمة أسباب عدِّة للحرب على اليمن، من أبرزها سباق التسلُّح النووي، وانتهاج حروب الهيمنة والسيطرة على الموارد والثروات ومقدرات الشعوب، وإذكاء وصناعة حروب الغير والمصالح (حروب بالوكالة)، وتدافع الاستراتيجيات والتحالفات في المنطقة والعالم الخارجي، والتحوّلات السياسية للدول الكبرى في التعامل مع الدول والأنظمة والحكومات في المنطقة، وصراع النفوذ والتقاسم متعدد الأقطاب في المنطقة والعالم الخارجي.
وتكمن الأسباب الجوهرية وأوضحها في السياق الإقليمي والدولي، في الأطماع الدولية الرامية إلى السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي، والجزر والموانئ، والثروات الطبيعية لليمن، التي منها النفط والغاز، والاستنفار الأمني الدولي لكثير من الدول في بناء القواعد العسكرية في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وقيام اقتصاد الدول على مبيعات الأسلحة وأعمال التهريب والقرصنة في البحر، والمصالح والاستثمارات الأجنبية في القطاعات النفطية وغيرها داخل اليمن، وحاصل التهديدات الماثلة في باب المندب وعمق البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وتعاظم أعمال القرصنة في الصومال والحاجة الماثلة لحماية الشركات العسكرية والاقتصادية، وإدارة الصراع عن طريق الحرب للوصول لأهداف أخرى، والأجندات الدولية الرامية إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية اليمنية.

قد يعجبك ايضا