العالم الرقمي يضخ أفكاراً تشوه عقيدتنا وتاريخنا ورموزنا

قائد الثورة:الهوية الإيمانية جسر نجاتنا وعبور أجيالنا لمستقبل أفضل

 

 

أكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أن لا مستقبل للأمة الإسلامية بدون تجذير الهوية الإيمانية في حياتنا اليومية وأنها الضمانة وجسر العبور إلى بر الأمان وإلى المستقبل الأفضل والسلاح الأمضى في ظل عالم تغيرت فيه وسائل وأساليب السيطرة والاستعمار.
ومن إدراك وفهم عميق لخطر التكنولوجيا الرقمية وآثارها السلبية على الأمة الإسلامية كان اهتمام قائد الثورة والقيادة السياسية وحرصهم ودعوتهم لتأصيل الهوية الإيمانية وترجمتها قولاً وعملاً في سلوك أبناء الأمة المحمدية كواجب ديني وضرورة حياتية للصمود والمقارعة ومن أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
الثورة /جمال الظاهري

الهوية الإيمانية
السيد عبدالملك الحوثي وقبله الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي تطرق وشرح خطورة حالة الاغتراب التي تعانيها المجتمعات المسلمة والأمة بمجموعها وركز على غربة الفرد داخل مجتمعه وبين أمته نتيجة لما تتعرض له هويته الإيمانية بشكل يومي من استهداف ممنهج ومدروس من قبل إمبراطوريات إعلامية وثقافية واقتصادية تسعى لطمس الهويات المحلية واستبدالها بهوية ذات طابع عالمي تمجد الثقافة والسلوك الإمبريالي الغربي دون مراعاة لخصوصيات وثقافات ومعتقدات بقية الشعوب المستهدفة.
السيد عبدالملك وفي إطلالته الأخيرة وخطابه بمناسبة جمعة رجب ركز على موضوع إحياء الهوية الإيمانية واستعرض حال الأمة وتاريخ اليمنيين وانسجام مواقفهم ومبادئهم وقيمهم وتطلعاتهم مع القيم والغايات التي جاء بها الإسلام.
وأكد على ضرورة إحياء الهوية الإيمانية كسلاح تواجه به الأمة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها ثقافة الأمة وتاريخها وحاضرها ومستقبلها.
ذكر بمآثر الشعب اليمني ودوره في نشر الإسلام ومدى ارتباطه بالهوية الإيمانية والتزامه بتعاليم الدين الإسلامي وما رسخ لديه من ثقافة إيمانية متجذرة.
وأكد: إن الشعب اليمني نصير للحق وللأمة وكان اليد الضاربة والقوية للأمة الإسلامية في مواجهة التحديات, وكان إسهامه رئيسياً وكبيراً في مواجهة الإمبراطوريات التي حاربت الإسلام وسعت إلى طمس معالمه ومحوه في ذاك العصر.
مشيراً إلى دور اليمنيين في مواجهة التحديات وفي الفتوحات الإسلامية كانوا الجانب الأبرز والصلب في نواة الجيش الإسلامي الذي أفاد الأمة وهو الشعب الفاتح الذي قوض إمبراطوريات الكفر والطاغوت التي سعت لمحو الإسلام وضرب الأمة الإسلامية وهو الشعب الذي شكل على مدى التاريخ القوة المعتد بها والمحسوب لها حساب كبير.

الانقسام الكبير
وعرج على عدد من المحطات النيرة لليمنيين وارتباطهم الأصيل والمتميز بالإسلام ومواقفهم الأخلاقية الخالدة وتضحياتهم دفاعا عن القيم والتعاليم التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وضرب مثالا لتلك المواقف الخالدة وقال:
وقف الشعب اليمني بمعظم رموزه وقبائله في مرحلة الانقسام الكبير الذي حدث للأمة الموقف الحق إلى جانب الإمام علي – عليه السلام- وكان لهم الموقف البارز والمتميز في نصرة الإمام علي – عليه السلام.
مشيراً إلى الانتصارات التي أبهرت العالم بإمكانياتهم المحدودة قياساً بما يمتلكه العدوان وأدواته ترجمة عملية للتمسك بالهوية الإيمانية وقيم الدين الإسلامي, وهما الدرع الواقي والحصن الحصين اللذان يعززان من وحدة النسيج الاجتماعي, ويقويان أواصر الأخوة الإيمانية بين أبناء الوطن الواحد.
ومفسراً ذلك بالقول: سر الصمود الأسطوري والنجاحات التي يحققها الأبطال في ميادين القتال أن للهوية الإيمانية تأثيرها الفاعل والقوي في ترسيخ وتعزيز العقيدة العسكرية وفي رفع الروح المعنوية لدى المقاتلين.

التمسك بالذات
ركز على ضرورة توعية الشباب بمخاطر الغزو الثقافي في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها ثقافة الأمة الإسلامية من قبل دول الهيمنة والاستكبار وعلى ضرورة تحصين الشباب وتقوية علاقتهم بدينهم وموروث الأمة الفكري والأخلاقي, وأن لا يتركوا عرضة لما تبثه وسائل الاتصال من مياعة وانحلال وتفسخ أخلاقي وقيمي.
لافتا وداعيا إلى الحذر في تعاطي الأمة الإسلامية مع ما تضخه مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات وغيرها من أفكار مسمومة وما تروج له من أفكار وأطروحات تشوه تاريخنا ورموزنا وتتصادم مع ثقافة الأمة وعقيدتها حفاظا على هويتها بعد أن ثبت أن الأعداء قد غيروا أساليب استهدافهم وصاروا يركزون على ضرب الجانب الروحي للأمة.

المنهج القرآني
قبل السيد عبدالملك كان للشهيد السيد حسين بدر الدين وقفة جادة وعملية في ذات الشأن.. وأفرد لقضية التفريط بالهوية وأهمية بعثها من جديد وإحياء ما اندثر من مقوماتها حيزا كبيرا من جهده.
لا أجزم أنه أول من نبه لخطورة استهداف الهوية الإيمانية ولكنه أول من أعطاها الزخم والحراك العملي ونقلها من القُطرية إلى مستوى أعمق وأكثر شمولية حين ركز على هوية الأمة وحدد العدو بالاسم وأشار مباشرة إلى أدواته وعلل سياساتهم وتفريطهم في هوية شعوبهم.
أفرد لذلك دروساً ومحاضرات وأحيا مبدأ (البراء والولاء) حين رفع الشعار المعروف – الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام.
أكد وطالب بإحياء ثقافة وموروث الشعب اليمني والأمة وكانت رؤيته لحال الأمة أعمق وأشمل, فحذر من طغيان ثقافات الدول الاستعمارية وما قد تجلبه على الأمة الإسلامية من ويلات إن لم تتعامل معها بجدية وتعمل على حماية ثقافتها وسلوكها ومعتقداتها وموروثها الحضاري من الأثر السلبي المدمر الذي تضخه التكنولوجيا الرقمية الغربية.
فكان أن تبنى منهجا جامعا غير مستورد من تجارب الآخرين منهجا يرتبط بعقيدة وإيمان الأمة يستقيم ويلتقي مع أصولها وموروثها وعاداتها وتقاليدها, يجمع بين الروحية والعمل, وقال أن ذلك في القرآن الكريم.

عولمة الثقافة؟
تُعرَّف العولمة الثقافية بأنّها محاولة دولة قويّة تعزيز ونشر ثقافتها على بقية دول العالم عن طريق التأثير في النمط السلوكي والفكري والثقافي للناس على حساب مجموعة القيم والعادات التي يؤمنون ويعتزون بها.
لقد احتل موضوع الهوية حيزا كبيرا من اهتمامات الساسة والقادة والفقهاء والكتاب ووسائل التواصل الإعلامي والاجتماعي.

المشترك الذي خرجوا به هو أولاً:
مستقبل الأمم والشعوب مرتبط بمدى نجاحها في تمسكها بهويتها وبموروثها الثقافي وبما تعتقده مناسبا وضروريا لديمومتها ومستقبل أجيالها.
ثانياً: انعدام فضاء المنافسة .. حيث أن الكفة تميل لصالح الثقافة الغربية وعلى وجه الخصوص الأمريكية  التي تمتلك التكنولوجيا الرقمية ويضخ في عصبها المليارات من الدولارات.
ثالثاً: الحفاظ على هويّة وقوة الأمّة، يتطلب إحداث يقظة شاملة، وترسيخ لكلّ مقوّمات الهويّة، وتعزيزها وحمايتها، وهذه مسؤوليّة رسمية – حكومات ودولاً- مجتمعية – أفراداً وشعوباً – على حد سواء، ذلك لأنّ الهويّة إنّما تعبّر عن وجود الأمّة، وكيانها، وحاضرها، ومستقبلها.
رابعاً: الهوية ليست أمرا ترفيا يمكن الاستغناء عنه أو تعديله بل هي ضرورة كي لا نعيش (أزمة الهويّة)  أو أزمة وعي توصلنا إلى الضياع والنهاية الحتمية لأثرنا ووجودنا في الحضارة الإنسانية.
اليوم صار أثر العالم الرقمي وما يسمى بالعولمة على ثقافات الشعوب من المسلّمات بعد أن اتسعت دائرته وتغلغل في مجمل نشاطاتنا ويتحكم في خياراتنا وتطلعاتنا ونظرتنا للمستقبل.
ومن يمتلك مقدرات وتقنيات التكنولوجيا الرقمية معروفون ومعلوم لنا موقفهم من أمتنا وأنهم لا يريدون لها الخير وإن حاولوا إظهار غير ذلك.
(كأس وغانية يفعلان في الأمَّة المحمديَّة فعل ألف مدفع) هذه مقولة لأحد المستشرقين لخص فيها إمكانية هزيمة الأمة الإسلامية دون الحاجة للقتال وتحمل كلفته, بهذه الصورة النمطية يقدم العالم الإسلامي في المجتمعات الغربية.
من هذا المنطلق وللأهمية البالغة التي يجب أن توليها الأمة الإسلامية لهويتها الإيمانية كان اهتمام الشهيد القائد ومن بعده السيد عبدالملك بموضوع الهوية وإيلاؤها الأهمية البالغة وربط التفريط بها بحالة الضعف والهوان التي تعيشها دول وشعوب الأمة الإسلامية.

قد يعجبك ايضا