جريمتا بدر والحشحوش ومخطط الدعشنة

عبدالفتاح علي البنوس
كمقدمة للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني البريطاني على بلادنا ، عملت الوهابية السعودية والمليشيات والجماعات التكفيرية الإجرامية على صبغ المشهد اليمني بالدموية ، بعد أن نجحت ثورة 21سبتمبر 2014م في إنهاء مسلسل الاغتيالات والتفجيرات الممنهجة التي كانت قبل الثورة الطاغية على المشهد اليمني ، كنتاج للفوضى والانفلات الأمني الذي كان سائدا ، والذي وصل إلى حد تصفية القيادات والكوادر العسكرية وإسقاط الطائرات فوق الأحياء السكنية للخلاص من الطيارين الوطنيين المعارضين لسياسة العمالة والخيانة والارتهان والوصاية والتبعية للنظام السعودي ، ذهب آل سعود وأدواتهم في الداخل اليمني نحو خلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني ، ونشر الرعب والخوف والقلق في أوساط اليمنيين من خلال التخطيط للقيام بعمليات انتحارية إجرامية وحشية بواسطة عبوات ناسفة تم وضعها داخل جبس يضعه الانتحاريون على أقدامهم بعد تظاهرهم بالمرض ومشيهم بالعكاز ودخولهم إلى المساجد المستهدفة يوم الجمعة بغية الحصول على أكبر عدد ممكن من الضحايا في أوساط المصلين.
جامع بدر بحي الصافية بالعاصمة صنعاء ، وجامع الحشحوش بحي الجراف ، وجامع الإمام الهادي بصعدة ،كانت هي المستهدفة من قبل العناصر الإجرامية ، بنفس الطريقة وفي نفس التوقيت ، ففي 29جمادى الأولى 1436للهجرة ، الموافق 20مارس 2015م ، كان موعد تنفيذ هذه الجريمة في العاصمة صنعاء ومدينة صعدة ، ففي صعدة وفور وصول الانتحاري إلى حاجز التفتيش على مدخل جامع الإمام الهادي عليه السلام لفت حجم الجبس الذي يرتديه الانتحاري نظر الأمنيات بعد اشتباههم فيه ، وقاموا بنقله إلى إدارة البحث الجنائي للتحري بعد أن شاهدوا حجم الجبس كبيراً جدا عن حجم القدم ، وفي غرفة التوقيف بإدارة البحث فجر الانتحاري نفسه لتفشل المهمة التي أوكلت إليه.
أما في العاصمة فقد نجح الانتحاريون من الدخول إلى جامعي بدر والحشحوش أثناء خطبة الجمعة ، فيما كان ينتظر الناجين من التفجيرين داخل المسجدين انتحاريان اثنان مهمتهما الانفجار في أوساط المسعفين والناجين من التفجير الأول ، ففي جامع بدر أدى انفجار العبوة الناسفة التي كانت داخل الجبس الذي كان يضعه على قدمه إلى استشهاد عشرات المصلين ،في مقدمتهم شهيد المنبر الدكتور العلامة المرتضى بن زيد المحطوري وإصابة العشرات في تفجيرين مزدوجين الأول داخل الجامع والثاني في البوابة الخارجية ، وفي جامع الحشحوش سقط عشرات الشهداء والجرحى ونجا خطيب الجامع الدكتور طه المتوكل والذي كان المستهدف الرئيسي ، لتحصد الجريمتان قرابة 45شهيدا وأكثر من 200جريح البعض منهم أصيبوا بإعاقات دائمة.
هذا النوع من الجرائم الدخيلة على مجتمعنا اليمني ، شكلت صدمة شديدة لكل اليمنيين ، فلم يكن يتخيل أي شخص أن تصل الوحشية والنزعة الإجرامية لدى هؤلاء القتلة إلى هذا الحد الذي يدفعهم إلى التعدي على حرمة بيوت الله ، واستهداف المصلين الآمنين وهم يؤدون صلاة الجمعة والمساجد ممتلئة بضيوف الرحمن الذين قدموا إليها لذكر الله استجابة لنداء الخالق جل في علاه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) ، ولذلك شاهدنا كيف عبَّر الشارع اليمني عن إدانته واستنكاره لهذه الجرائم ورفضهم دعشنة اليمن والتعدي على حرمة المساجد ، وتأكيدهم على التمسك بالوسطية والاعتدال والتسامح ورفض ومقت كافة أشكال التطرف والتشدد والتزمت والغلو.
بالمختصر المفيد ،في الذكرى السنوية لجريمتي بدر والحشحوش يتذكر اليمنيون تلكم اللحظات العصيبة التي أعقبتهما والمخطط القذر الذي سعى الأعداء لإنفاذه وتمريره ، ولكن وعي وبصيرة أبناء الشعب اليمني والتفافهم حول قائد الثورة جعل من هاتين الجريمتين هما الأولى والأخيرة من هذا النوع ، فظلت وما تزال بيوت الله آمنة وظل روادها مطمئنين حتى بعد شن العدوان على بلادنا ، حيث أسقط اليمنيون مخطط دعشنة اليمن ، وأفشلوا رهانات الأعداء على تفكيك النسيج الاجتماعي ، وظلت بحمد الله وتوفيقه مساجدنا عامرة بذكر الرحمن وتلاوة القرآن ، وفاز من قتل في تفجيرات بدر والحشوش بالشهادة ، ولم يحصد القتلة ومن يقف خلفهم غير الطرد من رحمة الله والمقام بجهنم وبئس المصير.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا